هل تتحول مايكروسوفت لنموذج جديد من جوجل؟
تقدم مايكروسوفت ومنذ نشأتها نموذجها الخاص لشركات التقنية والمتمثل في مجموعة من المنتجات المتصلة ببعضها البعض بداية من أنظمة التشغيل وصولاً للبرامج, الأجهزة والإضافات. هذا النموذج الذي مكن الشركة من البقاء على القمة لسنوات واهلم الكثيرين لاتباعه يبدوا أنه يتغير خطوة بخطوة وبالتحديد منذ تولي Satya Nadella المدير التنفيذي للشركة مقاليد الأمور في فبراير 2014.
النموذج الجديد الذي تنتجه مايكروسوفت هو نموذج مماثل لنموذج جوجل حيث الاهتمام بالخدمات في المقام الأول ومن ثم المنتجات, نموذج تتخلص فيه الشركة من السياسة الاحتكارية المباشرة وتتجه لمشاركة منافسيها بغرض الوصول لأكبر عدد ممكن من المستخدمين واستغلال بياناتهم في تحسين خدماتها ليكون احتكارها فيما بعد يأتي من ضرورية الاعتماد عليها وليس من احتكراها المباشر.
قد تختلف معي في هذا الرأي نظراً لعدم وضوح هذا التحول خلال هذه الفترة ولكن وفي السطور التالية سأستعرض معكم بعض الخطوات التي اتخذتها الشركة لتبدأ رحلة تحولها معتمدة على نفس المقومات التي اعتمدت عليها جوجل منذ سنوات.
التخلص من نظام Windows Phone
كان أول قرار من مايكروسوفت نحو طريقها الجديد هو التخلص من نظامها للهواتف الذكية الذي لم يكن قادراً على إثبات نفسه والتواجد في السوق. هذه المشكلة وكما يعلم الجميع كانت بسبب الفقر الشديد الذي يعاني منه متجر التطبيقات مقارنة بنظامي Android و iOS. حرمان جوجل للنظام من خدماتها كان من أهم أسباب فشله فتخيل أنك تمتلك هاتف لا يحتوي على يوتيوب, خرائط جوجل, بريد Gmail خدمات G Suite وكل ما يعتلق بجوجل بخلاف فقر باقي المتجر كما ذكرنا والنسخ المشوهة من تطبيقات فيس بوك كان تطبيق موقع التواصل الاجتماعي, Messenger, Instagram أو حتى WhatsApp.
أدركت مايكروسوفت عند قرارها بالتخلص من النظام أن فشلها نبع من فقر الخدمات وليس نظام التشغيل فمن استخدم Windows Phone يعلم جيداً أن النظام أكثر سلاسة من الاندرويد ويستغل موارد أقل بفارق كبير. خدمات مايكروسوفت نفسها مثل Outlook, محرك Bing للبحث, تطبيقات Office إلخ لم تكن بنفس المستوى الذي تقدمه خدمات جوجل على الأقل بالنسبة لعامة المستخدمين كما أن أغلبها يحتاج لاشتراكات مدفوعة على عكس ما تقدمه جوجل.
جمع البيانات بأي طريقة
أكثر شيء ساعد جوجل وفيس بوك على تطوير برمجياتهم هو جمع أكبر قدر ممكن من البيانات عبر التلصص على بيانات المستخدمين والاحتفاظ بها, تارة بموافقتهم وتارة أخرى دون أن يعلموا. هذه السياسة والتي واجهت نقداً لاذعاً للشركتين في الكثير من الأحيان كانت مخالفة تماماً لسياسة مايكروسوفت ولكن هذا الأمر لم يعد كما هو فالشركة اتجهت عبر عدة خطوات للتحول إلى هذه السياسة بمبدأ " لا خدمة بدون مقابل".
أولاً ومع إطلاق مايكروسوفت لنظام ويندوز 10 قدمت لنا الشركة سياسة خصوصية جديدة تعتمد بشكل أساسي على تتبع استخدام النظام والتي واجهت انتقادات كثيرة حينها قبل أن توفر الشركة إمكانية إيقاف جمع أي بيانات عن استخدام النظام ومستخدميه. الشركة وبالنسابة تعتبر هذا الأمر أحد أهم طرقها للاستفادة من Windows 10 ويمكنكم التعرف أكثر حول هذه النقطة من خلال موضوعنا: كيف تربح مايكروسوفت من Windows 10 إذا لم يكن شرائه إجبارياً ؟
ثانياً وفي نفس الفترة التي بدأت فيها مايكروسوفت في تغيير سياستها في ويندوز قامت الشركة بالاستحواذ على أكبر منصة للعمل LinkedIn. هذا الاستحواذ وضع بيانات مئات الملايين من المستخدمين تحت أيديها بموقع يتمتع بسياسة خصوصية لا تختلف كثيراً عن مواقع التواصل الأخرى. لست بحاجة أن أخبركم كيف تستخدم مايكروسوفت هذه البيانات فتجارب منافسيها السابقة كافية لتعلموا كيف تُستخدم.
ثالثاً غيرت ميكروسوفت من سياستها المالية في خدماتها فمثلاً خدمات Office التي كان من الضروري الاشتراك في إحدى باقاتها للاستفادة منها أصبحت مجانية على الهواتف عبر تطبيق Office الجديد وكذلك نسخة الويب من بعض تطبيقاتها. مايكروسوفت وعند استخدام تطبيق Office الجديد للهواتف الذكية تنوه على مستخدميه أن التطبيق يمتلك سياسة خصوصية مختلفة عن تطبيقات Office الأخرى مؤكدة أنه وبمجرد الموافقة على شروط الاستخدام سيعطيها الحق في جمع بيانات عن استخدام التطبيق وكل ما يتعلق به.
الانتشار مهما كان الثمن
منذ أن أوقفت مايكروسوفت Windows Phone اهتمت الشركة الأمريكية بإطلاق خدماتها وتطبيقاتها على نظامي Android و iOS. هذا الاهتمام تبعه أكبر تغير في سياسة الشركة عندما كشفت عن جهازي Surface Duo و Surface Neo أول أجهزتها بنظام الاندرويد والتي تلتهما بعد أسابيع بإطلاق متصفح Edge الجديد المبني على نواة Chromium من جوجل.
جهازي الشركة الجديدان وكذلك المتصفح هم أول منتجات الشركة المبنية على برمجيات من خارج مايكروسوفت بشكل واضح وصريح ولكن عند استخدامهم لن تشعر بهذا الأمر فواجهة كل منهما هي واجهة تطبيقات مايكروسوفت المعروفة ولكن متخفية عبر برمجيات جوجل لتخطي العقبات التي فشلت مايكروسوفت في تخطيها.
مايكروسوفت وإن كانت تعلم أن هذه الخطوة ستثير الكثير من الانتقادات للشركة وسيستقبلها الكثيرون بمفهوم الخسارة أمام جوجل إلا أن مكاسب الشركة منها تفوق كل هذا. الانتشار الذي ستجنيه مايكروسوفت جراء هذه الخطوة سيساعدها في جمع أضعاف المعلومات التي تجعها حالياً كما أن اعتياد المستخدمين على واجهة خدماتها سيسهل عليها الأمر مستقبلاً عند إطلاقها لنظامها الجديد المتوقع أن يعمل على كافة الأجهزة بنفس الكود البرمجي وألا يحتاج مطوريه إلا لكتابة التطبيق سوي مرة واحدة ليعمل على كافة الأجهزة.