من أكثر الأشياء المُنفّرة في متصفحات الإنترنت استهلاكها للرام. فقد تكون مُندمجًا في مهمةٍ ما وتُفاجأ - دون أي مقدمات - أن كل ما أحرزته من تقدمٍ قد ضاع أو قد تُصدَم بتجمّد المتصفح وتُضطر للدخول إلى "مدير المهام Task Manager" لإغلاقه، وأيضًا سيذهب كلُ ما حققته هدرًا! منذ بضع سنوات، لم تكن المتصفحات تستهلك هذا القدر من الرام، أما اليوم، وبسبب الاعتماد على تقنيات متقدمة ومتعددة العمليات (multi-process architecture)، أصبح الوضع مختلفًا.

فحتى إذا كنت لا تفعل شيئًا على المتصفح، ستلاحظ أنه يأكل الرام! مما يضعنا أمام حلين لا ثالث لهما: إما زيادة سعة الرام أو الحل الأسهل هو استخدام متصفحات تراعي أجهزتنا المتواضعة ذات 8 جيجابايت رام فيما أقل. في هذا المقال سنستعرض شيئين؛ الأول: هو ترتيب المتصفحات الأشهر من حيث الأقل استهلاكًا للرام فالأعلى، والثاني: هو اقتراح بضعة متصفحات تناسب الأجهزة الضعيفة.

ترتيب المتصفحات الشهيرة من حيث استهلاك الرام

المصدر: PC World

قبل أن نبدأ، نود التنويه بأن استهلاك المتصفح للرام يعتمد على عدة عوامل منها عدد التبويبات المفتوحة، والإضافات المُثبتة، والمحتوى المعروض، وغيرهم من العوامل الأخرى. فإذا كنت تستخدم متصفحًا من القائمة الآتية، وهذا وارد، وكان يستهلك قدرًا كبيرًا من الرام، فهذا ليس لتطلّبه في المقام الأول، وإنما لطبيعة استخدامك غالبًا. لذا حاول إغلاق التبويبات غير المُستخدمة، وأزل الإضافات غير الضرورية، واستخدم إضافات وميزات لتوفير الذاكرة وإدارة التبويبات مثل "The Great Suspender".

1. Microsoft Edge

المصدر: Microsoft

كمتصفحٍ طورته شركة Microsoft نفسها، فإنه يُتوقَّع أن يستهلك أقل قدر من الرام؛ وصدق أو لا تصدق، هو كذلك بالفعل. على الرغم من أنه مبني على نواة كروميوم (نفس نواة جوجل كروم)، فإنه يستهلك ذاكرةً أقل بفضل تقنيات تحسين إدارة الذاكرة والتكامل الأفضل مع أنظمة التشغيل، خاصةً مع الويندوز كما أسلفنا الذكر.

على الماك، يستهلك Microsoft Edge أقل من 800 ميجابايت فقط عند فتح 10 تبويبات في الوقت نفسه، وعند مضاعفة هذا الرقم، لا يتجاوز الاستهلاك 1.2 جيجابايت رام! وهذه أرقامٌ مذهلة مقارنةً بأي متصفح تقريبًا.

من أبرز ميزات Microsoft Edge التي تسهم في تقليل استهلاك الذاكرة خاصية Sleeping Tabs. فرغم أنها ليست حصرية له، فإنه يستخدمها بكفاءة كبيرة. تسمح هذه الميزة للمتصفح بوضع علامات التبويب غير النشطة في وضع السكون تلقائيًا إذا لم تُستخدم خلال ساعة. ويمكنك تخصيص هذه المدة لتتراوح بين 30 ثانية و12 ساعة حسب رغبتك. كلما كانت المدة أقصر، قلّ استهلاك المتصفح للموارد، مما يجعله أكثر ملاءمة للأجهزة محدودة الأداء.

2. Opera

المصدر: Opera

على الرغم من تراجع شعبيته، التي تفجّرت في 2015 مثلًا، فإنه لا يزال الخيار المفضل لدى الكثير من مستخدمي الأجهزة المتواضعة. ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها أنه متصفح خفيف لا يُشكّل عبئًا على النظام.

فواحدة من أبرز نقاط قوة Opera، بعيدًا عن تصميمه الذي يعجبني للغاية، أنه لا يجورُ على موارد الجهاز، حيث يستهلك 900 ميجابايت رام تقريبًا عند فتح 10 تبويبات، وهذا رقم جيد جدًا، خاصةً وأنه لا يتضاعف بمضاعفة عدد التبويبات، حيث لا يكسر حاجز 1.5 جيجابايت عند فتح 20 تبويبًا. صحيحٌ، أنه قد لا يكون الأفضل من حيث سرعة الاستجابة (يظل سريعًا لا تقلق)، لكن الميزات المذكورة، بالإضافة إلى امتلاكه لأدوات مفيدة مثل مانع الإعلانات وVPN، تجعله جديرًا بالتواجد في هذه القائمة.

3. Brave

المصدر: Microsoft Stre

أحد أحدث المتصفحات على الساحة (أُطلق في 2019)، وهو مبني على نواة كروميوم، ويتميز بتركيزه الكبير على الخصوصية. المتصفح يحظر الإعلانات وأدوات تتبع المستخدمين تلقائيًا، كما يتميز بسرعة استجابته وواجهته البسيطة والأنيقة التي أحبها أيضًا، لكن الأهم من كل ذلك الآن أنه يستهلك حوالي 920 ميجابايت رام فقط عند فتح 10 تبويبات، وهذا رقمٌ مناسب للغاية قياسًا على المميزات الأخرى التي يقدمها.

جدير بالذكر أن صفحة الإعدادات في متصفح Brave ثرية للغاية، ومن المميزات التي تُعجبني وأستفيد بها شخصيًا، هي ميزة Wayback Machine المُدمجة، التي تتيح عرض نسخة أرشيفية من صفحات الويب المحذوفة مما يمكنك من الاطلاع على المحتوى بغض النظر عن سبب اختفائه.

4. Mozilla Firefox

المصدر: Mozilla

يتمتع Firefox بمميزات جمة، بدايةً من إمكانية تخصيص الواجهة عبر الثيمات المختلفة وحتى ميزات الخصوصية على غرار متصفح Brave، لكن الفرق أنه أكثر شهرة. على عكس جميع المتصفحات المذكورة حتى الآن، لا يعتمد Firefox على نواة كروميوم، وإنما على نواةٍ Gecko المستقلة التي تلتزم بشكلٍ صارم بمعايير الويب، وتحترم الخصوصية لدرجة قف.

رُغم مميزات Firefox الكثيرة، فإنه لا يُعد ضيفًا خفيفًا على الرام، حيث يستهلك نحو 960 ميجابايت تقريبًا عند فتح 10 تبويبات، وهو ما يضعه في مرتبةٍ قريبة للغاية مع المتصفح الأشهر Google Chrome من حيث استهلاك الرام. عند فتح 20 تبويبة، يصل الرقم إلى 1.6 جيجابايت، وإذا كنت تستخدم إضافات كثيرة وتستخدم مواقع تمتلئ بالإعلانات والفيديوهات، فالاستهلاك سيتجاوز هذا الرقم بكثير.

5. Google Chrome

المصدر: PC World

نختم حديثنا بالمتصفح الأكثر شعبية على الإطلاق، والذي يستحوذ على 60% تقريبًا من الحصة السوقية لمتصفحات الحاسوب في الولايات المتحدة. من بين المتصفحات المذكورة في هذه القائمة، يُعتبر كروم الأكثر نهمًا للرام، لكنه في نفس الوقت مظلومٌ بشكلٍ أو بآخر، وذلك لأن معظم الساخطين عليه يُهلكونه بالتبويبات والإضافات العديدة ومن ثم يشتكون استهلاكه للرام.

يستهلك كروم 1 جيجابايت رام تقريبًا عن كل 10 تبويبات مفتوحة، وعند مضاعفة عدد التبويبات يتضاعف الرقم تقريبًا، والأسوأ من ذلك أن كروم لا يستهلك الرامات فقط، بل يُنهك المعالج أيضًا مما قد يؤثر على تجربة المستخدم خصوصًا لو كان جهازه ضعيفًا بالأساس.

أفضل المتصفحات للأجهزة الضعيفة

في الجزء الثاني من المقال، الذي سنتحدث فيه عن أقل المتصفحات استهلاكًا للرام، أو بصيغة أخرى: أفضل المتصفحات للأجهزة الضعيفة، سنتحدث عن ثلاثة متصفحات بالكاد تتطلب وجود رامات أساسًا!

1. K-Meleon  

المصدر: K-Meleon  

من أفضل الخيارات لأصحاب الأجهزة الضعيفة (يعمل على الويندوز فقط)، وذلك بفضل واجهته الخفيفة وسرعته العالية في الأداء. يعتمد المتصفح على نواة Gecko (نفس نواة Firefox، لكن بمميزات أقل)، وهو ما يُمكّنه من استخدام أقل قدر ممكن من الرام، حيث يستهلك نحو 20 ميجابايت فقط لكل تبويب مفتوح. يتميز K-Meleon بكونه مفتوح المصدر، ويدعم أنظمة تشغيل قديمة مثل Windows XP وVista، ويُعد خيارًا ممتازًا لمن لا يستطيع ترقية جهازه إلى أنظمة أحدث.

من أبرز ميزاته دعمه للتخصيص بدرجة كبيرة، حيث يمكنك تغيير الواجهة وتعديل القوائم والاختصارات وحتى شريط الأدوات حسب رغبتك. كما يدعم مجموعة كبيرة من الإضافات لتعويض الميزات غير المُضمَّنة افتراضيًا، ويحتوي على أدوات تحمي الخصوصية، مثل مانع الإعلانات الخفيف وإمكانية استخدام البروكسيات.

2. UR Browser

المصدر: UR Browser

خيار آخر مثالي للأجهزة الضعيفة، حيث يجمع بين الواجهة الأنيقة وسهولة الاستخدام والأداء الجيد. يتميّز هذا المتصفح بتركيزه الكبير على الخصوصية، إذ يحظر الإعلانات، وملفات تعريف الارتباط (الكوكيز)، وأدوات التتبع، ويوفر ثلاثة مستويات مختلفة من الخصوصية (منخفض، متوسط، عالٍ)، ما يسمح للمستخدم بضبط الإعدادات حسب كل موقع يزوره.

يتميز UR Browser أيضًا بسرعة تحميل الصفحات، ويعد من بين أسرع المتصفحات المتوفرة حاليًا. كما يحتوي على أداة مدمجة لرصد الفيروسات، ويتيح للمستخدمين اختيار أدوات الحماية التي يرغبون باستخدامها. المتصفح مدعوم على كلٍ من الويندوز والماك ليغطي معظم مستخدمي الحاسوب.

3. Midori

المصدر: Wkipedia

متصفح لطيف يعمل على كلٍ من Windows، وLinux، وMac، بالإضافة إلى أجهزة الأندرويد. يتميز بمرونته الكبيرة، وإمكانية التخصيص العالية، فضلًا عن وجود مميزات كثيرة مُدمجة فيه. على سبيل المثال، يوفر المتصفح مساحة تخزين سحابية تصل إلى 5 جيجابايت مجانًا، كما يعمل مطوروه في الوقت الراهن على تطوير VPN مجاني يدعم عددًا جيدًا من الدول. المشكلة الوحيدة في هذا المتصفح التي قد تُحَل قريبًا، أنه قد لا يتكامل جيدًا مع بعض خدمات جوجل، ناهيك عن عدم انتظام التحديثات، لكنه بالمجمل من حيث التوفير في استهلاك موارد الجهاز فهو جديرٌ بثقتك!

في النهاية، هناك متصفحات أخرى خفيفة تستهلك قدرًا ضئيلًا للغاية من موارد الجهاز أقل حتى من المتصفحات المذكورة أخيرًا، لكنها بدائية جدًا من حيث المميزات. من أبرز هذه المتصفحات Lynx مثلًا، وهو متصفح قديم موجود من التسعينيات، لكنه متصفح نصي بالكامل، أي لا يعرض الصور أو العناصر الرسومية إطلاقًا!