
هل قررت TSMC/Sharp/Foxconn/Seagate إغلاق مصانعها في الصين؟
قبل وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسدة الحكم كان دائماً ما يلمح خلال حملته الانتخابية الى تحسين الحالة الاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية من خلال سحب المصانع من الصين وجعلها تعمل في أمريكا لتحسين العجلة الاقتصادية وذلك لتقليل عدد العاطلين عن العمل وبنفس الوقت منافسة الصين والتأثير عليها اقتصادياً. فكما نعلم أن عدد المصانع في الصين كبير وعدد المسابك الضخمة لشركات تصنيع الرقاقات مثل TSMC/Sharp/Foxconn/Seagate تقع في الصين وبهذه الخطوة قد نشهد تأثر سوق الهاردوير لمختلف الشركات.
ماهي الأسباب وراء هذا القرار الاستراتيجي من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟
لن يكون حديثنا في هذا المقال سياسي فنحن موقع تقني ? ولكن حتى نفهم أسباب هذا القرار لابد لنا من التطرق ولو بشكل طفيف الى الأمر السياسي بين الولايات المتحدة والصين. كما تعلمون تمر الولايات المتحدة الامريكية في أسوء فترة لها من ناحية الحالة الاقتصادية بغض النظر عن حديث المحللين الاقتصاديين المقربين من الحكومة الذين يفضلون عدم قول الحقيقة كما هي, فالصين تعتبر المساعد الرئيسي لاستمرار الحالة المادية لأمريكا بشكل مستقر من خلال سندات الخزينة الأمريكية.
فسندات الخزانة الأمريكية تعتبر التمويل الأهم للحكومة للحصول على رأس المال اللازم للنمو والتطوير والمنافسة، وتغطية ديونها القصيرة الأجل التي تسبب لها تكالف هائلة تقدر بمليارات الدولارت, والصين تستحوذ على ما قيمته 1.1 تريليون دولار من الأوراق المالية الأمريكية الحكومية لتصبح أكبر حامل لسندات الخزانة لأمريكا. أضف الى أمر أخر أن الصين تستفيد من ذلك أيضاً للحفاظ على عملتها نظراً لحاجتها للأوراق النقدية بشكل كبير.
الملفت أن الصين بدأت تعتمد على نفسها في مجال تصنيع قطع الهاردوير خاصة على صعيد رقاقات الحاسوب, فتخيل أنها قامت ببناء أقوى حاسوب خارق في العالم يعمل من خلال رقاقات معالج مركزي مصنوعة بالكامل بخبرة صينية, فسابقاً كانت تعتمد على إنتل في أخذ تلك المعالجات ووضعها في الحواسب الخارقة التي تقدر بمئات المعالجات. أما اليوم فنحن نشهد انتقال الصين الى مرحلة جديدة تعتمد فيها على نفسها.
فالحاسوب الخارق Sunway TaihuLight يستخدم معالجات مصنعة ومصممة محليا! نعم هذا صحيح فوداعاً للمعالجات المصنعة من قبل إنتل و AMD لأن معالج Sunway SW26010 260C أصبح البديل الأقوى ولايستخدم تقنية معالج تقليدية من NVIDIA/Intel/AMD أو IBM فالمعالج الموجود في مركز الحوسبة الفائقة الوطنية في ووكسي، غرب شانغهاي-الصين، يستخدم معالجات Sunway المطورة في الصين. الحاسوب الخارق Sunway TaihuLight ليس أسرع بشكل طفيف من الحواسب الفائقة التي تليه بل هو يعرض أداء مضاعف عن كل تلك الحواسب الخارقة فهو قادر على تحقيق 93 كوادريليون عملية حسابية في الثانية!
هذا يضعنا في صورة كبيرة تؤكد أن هناك منافسة شرسة بين أمريكا والصين في المجال الاقتصادي وكلاً منهما يعتمد على الأخر ولكن الصين بشكل واضح تعتبر منقذ للسوق المالي الأمريكي خاصة لو تم حساب حجم الديون التي على عاتق أمريكا والتي تدين فيها للصين..رقم ضخم جداً قدر في عام 2016 بمبلغ 1.1 تريليون دولار تقريباً.
وبعد ترشيح دونالد ترامب الشخصية المثيرة للجدل لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كان قد تحدث مراراً عن الحاجة الى قرار يعيد كل تلك المصانع من الصين الى الولايات المتحدة الأمريكية, وبعد استلامه للحكم بشكل رسمي بدأنا نلاحظ وكأن هذا القرار بدء بتنفيذه قبل أشهر من وصول لسدة الحكم. فكبرى شركات أشباه الموصلات لتنصيع الرقاقات في مختلف مجالات مثل TSMC/Sharp/Foxconn/Seagate بدأت فعلياً بالترحيب بهذه الخطوة.
ماهي الشركات التي أغلقت فعلياً مصانعها في الصين؟
لن نبالغ ونقول أن كل الشركات أغلقت مصانعها في الصين, فالأمر مستحيل أن يحدث بهذه السرعة فهو يحتاج الى سنوات من العمل حتى يتم توفير بديل لأنه في حالة إغلاق المصنع بشكل سريع دون بديل فإن ذلك سيؤدي الى حدوث نقص حاد في كمية الإنتاج وطلب هائل من قبل شركات دون إمكانية تلبية تلك الطلبات ليؤدي بالنتيجة الى الاعتماد على شركة أخرى وخسارة ملايين الدولارات.
مع ذلك تبدو المشاورات التي قام بها الرئيس المنتخب دونالد ترامب مع العديد من الشركات بما فيها مطالبه لشركة أبل بأن تصنع الأيفون في الولايات المتحدة قد أثارت الكثير من الجدل حول هدفها, بالتأكيد من يفهم في الامور الاقتصادية سيعرف ماهو الهدف الرئيسي من خطوة ترامب وهي تعزيز الاقتصادي الأمريكي.
ربما الشركة الأولى التي رحبت بهذه الفكرة هي شركة Foxconn أحد موردي شركة أبل, فهذا الترحيب تم من خلال لقاء مع رئيس مجموعة Softbank السيد ماسايوشي سون الذي قابل ترامب في نيويورك بجانب Foxconn ليكون هناك وعد مباشر لشخص ترامب بأنهما سيفكرون باستثمارات في الولايات المتحدة وذلك كمحاولة لخلق المزيد من الوظائف من أجل تحسين عجلة الاقتصاد. ووصل الأمر الى شركة كبرى وهي Sharp التي أبدت بشكل مبدئي إعجابها بالفكرة دون أي توضيحات أخرى.
طبعاً ليس هناك أي تفاصيل لهذه المصانع الافتراضية المقرر صنعها في الولايات المتحدة الامريكية مع ذلك Foxconn تفكر ببناء مصنع جديد لها في أمريكا والسبب يعود الى امتلاك الولايات المتحدة سوق كبير لأجهزة التلفاز وغيرها من الأجهزة. المشكلة تبقى بالمبلغ المطروح لبناء ذلك المصنع الضخم المشابه للمصنع الذي تم صنعه في الصين والمخصص لشاشات LCD من قبل Foxconn و Sharp في السنة الماضية. والمتوقع أن يكلف حوالي 8 مليار دولار تقريباً.
إذا كلاً من شركة Foxconn و Sharp ترحب بفكرة بناء مصانع لها في الولايات المتحدة الأمريكية مما يعني منطقياً إغلاق مصانعها في الصين بعد إيجاد البديل لها وهذا يعني الحاجة الى عدة سنوات للوصول الى تلك المرحلة. ماذا عن TSMC؟ هي كذلك رحبت بفكرة بناء مصانع لها في الولايات المتحدة الأمريكية لكنها ذكرت وفقاً لتصريح السيد تشينغ المدير التنفيذي للشركة أن الأمر بحاجة الى المزيد من الوقت لانها حالياً لا تعتبرها خطوة إيجابية لصالح الشركة وعملائها وهذا يعدينا الى ما ذكرنها أن الامر إن تم بشكل مستعجل دون دراسة فإنه سيؤثر بشكل مباشر على كل تلك الشركات ومصالحها الخاصة ليؤثر بشكل أكبر لاحقاً على متطلبات الأسواق, فلا يمكن إغلاق تلك المصانع الضخمة دون استراتيجية ذكية.
هل أغلقت شركة Seagate أكبر مصانعها في الصين؟
أما شركة Seagate فلقد تركناها لأخر شيء والسبب في ذلك هو لتحليل وضعها الخاص الذي يبدو لنا غير جيد. في البداية وجواباً على السؤال فنعم هي قررت إغلاق أكبر مصنع لها في الصين, لكن لماذا؟ هل هو مرتبط بقرار الرئيس الأمريكي؟ منطقياً لا, فلم يأتي هذا القرار نتيجة رغبة الرئيس الأمريكي فهو اتى كجزء من جهود تخفيض التكلفة لشركة Seagate.
بعد هذا القرار بإغلاق مصنعها لتصنيع أقراص HDD في شوزو, الصين فنحن حتماً سنشهد هبوط في كمية الأقراص المنتجة من قبلها والسبب أن هذا المصنع هو أحد أكبر أصول الإنتاج للشركة ومنشأة التجميع الأكبر للأقراص وإغلاقه سوف يقلل بشكل كبير من ناتج الشركة من أقراص HDD. يجدر الذكر أن الشركة قد حصلت على ذلك المصنع من ماكستور، حينما استحوذت عليه في عام 2006.
للأسف جهود شركة Seagate لتخفيض وتقليل التكلفة المالية لم يقف عند ذلك الحد بل تم فصل 2200 موظف وآخر الموظفين قد تم فصلهم بالضبط في 18 يناير 2017. ، لكن من الغير واضح بعد ماتنوي فعله بالمنشأة التي تملكها. فتلك المنشأة ضخمة والكبيرة بمساحة 1.1 مليون قدم مربع حتماً في حالة بيعها ستستفيد من ذلك مالياً لتصبه في خزينتها. إن عدنا للمصنع المذكور فهو يجمع الأقراص الصلبة ويجري عليها الاختبارات النهائية قبل عملية الشحن للأسواق أي أن المصنع لا ينتج أو يطبق التجميعات الثانوية لأقراص HDD.
من خلال إطلاعنا على معلومات التي نشرت في عام 2016 تبين لنا أن الشركة فعلاً سرحت حوالي 8000 موظف من عدة مواقع من مصانعها المنتشرة حول العالم وهي تبدو كخطوات مخططة بشكل مسبق لعملية تخفيض تكاليف الانتاج, لكن بنظرنا الشخصي إغلاق مصنعها الكبير في شوزو، الصين سيقلل من قدرتها على إنتاج الأقراص بشكل واضح وبما لا يدعم مجال للشك.
رغم سلبية النتائج التي نشاهدها للشركة إلا أننا نرى بعض النقاط الإيجابية. فمع امتلاك منشأتي إنتاج HDD متكاملة في كلاً من وكسي ، الصين وكورات ، تايلند, فإن كلا المصنعين دورهم يكمن في التجميعات الثانوية لمنتجات الأقراص HDD، بالتالي باستخدام هذين المصنعين فقط لن تضطر إلى نقل التجميعات الثانوية إلى مصنعها في شوزو بعد الأن وهذا تخفيض مهم لتكاليف التصنيع للقرص الواحد.
أيضاً الأمر الإيجابي أن شحنات أقراص HDD انخفضت خلال السنوات الماضية لكن سعاتها المتوسطة زادت خاصة في سعات أقراص HDD لمراكز البيانات بسبب المطلب القوي من قبل الأسواق. بالتالي هذا يصب في صالح Seagate لأنها لا تحتاج الى إنتاج المزيد من الأقراص بل تحتاج إلى تجهيز حوالي نفس الكمية من الرؤوس والاسطوانات في كمية أقراصها HDD الحالية.
يبقى التساؤل القائم حالياً حول المصنع الضخم في شوزو, الصين وماذا سيحدث له, فهو فعلاً مسبك ضخم للغاية ولايبدو بأن كل معداته قابلة لإعادة تعيينها في منشآت أخرى. علاوة على ذلك، البناء بحد ذاته ذو حجم هائل, فهل سيتم بعيه لشركة أخرى؟ نتوقع ذلك بنسبة كبيرة. وفي عودة لتساؤلنا هل ستنضم Seagate الى نقل كبرى مصانعها لاحقاً الى الولايات المتحدة الأمريكية؟ عليك أن تعلم أنها تمتلك 3 مصانع في أمريكا واحد في كاليفورنيا, وأخر في كولورادو, وأخر في مينيسوتا, بينما في الصين لم يعد هناك سوى مصنع وحيد في وكسي.
برأينا بالمجمل وبغض النظر عن السبب وراء إغلاق ذلك المصنع الضخم في الصين إلا انه يصب في المحصلة نحو نظرة ترامب للنقلة الاقتصادية التي يبحث عنها, مع ذلك نعتقد أن العوائق التي سوف تكون مواكبة لعملية افتتاح مصانع جديدة في أمريكا كثيرة منها الضرائب والقوانين المزعجة التي دائماً ما تجعل الشركات الكبرى تفتح مصانعها خارج الولايات المتحدة الأمريكية لتحقق الربح الأكبر بعيداً عن دفع تكاليف كثيرة, فكما نعلم حقوق اليد العاملة في الصين ليست كما في أمريكا.