نحن الآن نعيش عصر الإنترنت بلا منازع حيث تطورت تقنيات الشبكة العنكبوتية بشكل لا يمكن استيعابه خلال العشر سنوات الماضية، وبفضل هذا التطور الكبير في الإنترنت أصبحت كل أوجه الحياة تعتمد عليه بشكل محوري وأساسي وبالطبع صناعة الألعاب كان لها نصيب كبير جدا من هذا التطور.

عندما أتذكر طفولتي استرجع العديد من الذكريات المتعلقة بالإنترنت وكيف تطور عبر السنين بداية من بطاقات الإنترنت الداخلية و اتصال المودم ومرورا ببداية عهد الـ DSL بسرعات محدودة حتى وصلنا الآن إلى تقنيات اتصال فائقة السرعة.

كما ذكرت في مطلع الحديث صناعة الألعاب استخدمت التطور في الإنترنت لأقصى درجة وتمكنت بفضل الإنترنت من حل مشكلات عديدة كانت تواجهها وتهددها لعل أبرزها ظاهرة الألعاب المقرصنة حيث قامت الشركات بربط معظم محتوى اللعب بإتصال الإنترنت الأمر الذي حول النسخة المقرصنة إلى نسخة عديمة القديمة والأهمية لا تقدم سوى تجربة محدودة جدا وناقصة.

أيضا ظهرت أطوار اللعب الجماعية وانتشرت الألعاب المجانية التي تعتمد على عمليات الشراء عبر الإنترنت وهو أمر مفيد للطرفين اللاعب والشركات الناشرة على حد سواء.

اتصال الألعاب بالإنترنت

مشكلة مفاجئة!

شخصياً كنت من أشد المعجبين بتوجه شركات الألعاب بربط المحتوى بالإنترنت وتحدثت عن هذا الأمر في مقال مفصل تعلق بأزمة القرصنة وكيف تغلبت عليها الشركات، ولكن في حقيقة الأمر من الواضح أني كنت أنظر إلى الأمر برمته من وجهة نظر واحدة.

خلال الأيام الماضية تعرضت لمشكلة مفاجئة جعلتني أنظر للأمر مرة أخرى، حيث تعطل اتصال الإنترنت الخاص بالمنزل لعدة أيام لوجود عطل من قبل مزود الخدمة وبدأت ألجأ إلى اتصال إنترنت هوائي مثل الموجود على الهواتف ولكن هذا الاتصال لم يحل المشكلة لأنه تعرض للعديد من الانقطاعات وعدم الثبات والاستقرار بسبب سوء جودة الشبكة.

وبهذا الشكل وجدت نفسي في لحظة غير قادر على لعب عدد كبير من الألعاب التي أمتلكها أصلاً وقمت بدفع قيمتها بشكل كامل، العلاقة يجب أن تكون أبسط الآن دفعت أموال مقابل لعبة إذن يجب أن أكون قادر على الوصول لها في أي وقت.

تشدد غير مقبول.

لقد ذكرت أنني بسبب انقطاع الإنترنت وجدت نفسي غير قادر على الوصول لعدد كبير من الألعاب وليس كلها، هذا لأنه يجد مجموعة أخرى من الألعاب مكنتني من تشغيلها حتى وإن كان لا يوجد اتصال بالإنترنت وكان محتوى الأونلاين فقط غير متاح مثل لعبة Star Wars Squadrons و Horizon Zero Dawn PC Version.

الأمر كان مقبولاً قليلاً لهذه الألعاب لأنني مازلت قادر على لعب أطوار القصة والتي هي أساسية بالمناسبة في هذه الألعاب فنحن لا نتحدث عن ألعاب أونلاين بالكامل مثل ألعاب الباتل رويال الشهيرة.

الأمر الغير مقبول كان في ألعاب أخرى لم أتمكن من فتحها أصلاً على الرغم من كونها تمتلك طور قصة يمكنني لعبه بشكل محلي تماماً ولا يحتاج لأي اتصال بالإنترنت.

لماذا تلجأ الشركات إلى هذا الإجراء المتشدد؟

من الواضح أن الشركات وجدت نفسها تغلبت على أزمة القرصنة بشكل كبير جداً فبدأت تحارب من يشتري اللعبة ويقوم بإعطائها لصديق له أو قريب على سبيل المثال، لأنه إذا كانت اللعبة تقوم بتشغيل طور القصة بدون إتصال بالإنترنت فهذا معناه أنه يمكن لعدد كبير من الأشخاص استخدام نفس القصة بحيث يلعب أكثر من شخص طور القصة والشخص المتصل بالإنترنت يكون أمامه الفرصة للعب الأونلاين والقصة أيضاً. لكن هل هذا الفعل غير أخلاقي أصلاً؟

في حقيقة الأمر الإجابة لا وهي لا مطلقة ليست قابلة للنقاش على الأقل بالنسبة لوجهة نظري لأنك تقوم بشراء اللعبة ومن حقك استخدامها على أكثر من جهاز، والآن قد يقول لي أحدهم أنك عندما تشتري اللعبة فأنت تشتريها لك فقط وبالمنطق الذي تتحدث به يمكن شراء نسخة واحدة ليلعبها 100 فرد.

حسنا الرد بسيط جداً، أولاً بالفعل من حق أي شخص يقوم بشراء لعب أن يعطيها لـ 100 فرد ولكن لا يحق له أن يجعل الـ 100 فرد يلعبون في نفس الوقت وهذا أمر اعتقد أننا جميعاً متفقون عليه.

الاختلاف هنا يكمن في فكرة تزامن اللعب ووجود أكثر من شخص يلعب في نفس الوقت، ولكن يا عزيزي القارئ الأمر تم حله بالفعل من البداية فأنت عندما تلعب بدون اتصال بالإنترنت تفقد محتوى الاونلاين الموجود في اللعبة وهو أصبح محوري وضروري في كل لعبة تقريباً.

لنأخذ على سبيل المثال لعبة Star Wars Squadrons، نحن نتحدث هنا عن لعبة تقدم طور قصة يصل إلى 7 أو 8 ساعات تقريبلاً فقط بعد ذلك تركز اللعبة على طور اللعب الجماعي الموجود بها وهو الطور الذي يحتاج إلى اتصال بالإنترنت، وهذا الامر يعود بنا إلى أرض مشتركة من جديد حيث يُفرض على اللاعب سيناريوهات معينة الأول هو أن يشتري كل لاعب نسخته الخاصة بحيث يتمتع كل منهم بطور الأونلاين في نفس الوقت، والسيناريو الثاني هو أن يقوم اللاعبون بتقسيم الوقت بينهم للتمتع بهذا الطور.

الأمر محلول تماماً ولا يحتاج إلى كل هذا التشدد الغريب، أنت ضمنت بنسبة كبيرة أن كل شخص سيحاول شراء النسخة الأصلية من اللعبة بالفعل وبدلا من أن تفكر في تشديد الأمر يجب على الناشر التفكير في القضاء على القرصنة تماماً بشكل يخدم اللاعب مثل وضع تسعيرات محلية للألعاب.

الاستغلال في أبهى صورة.

إذا كنت تعتقد أني متحامل على شركات الألعاب أو تعتقد أن الأمر غير مقصود من الشركات وأن كل هذا الحديث هو حديث شخص غاضب لم يتمكن من الولوج إلى لعبته المفضلة بسبب مشكلة في الإنترنت فإليك دليل أخر على صحة كلامي.

الدليل هو ملفات الحفظ، لسبب غير معلوم ظاهريا بعض الألعاب لا تقدم أكثر من ملف حفظ أي أنه عندما تبدأ اللعبة تقوم بإدخالك في الأحداث بشكل مباشر وتستمر اللعبة على نفس ملف الحفظ من البداية للنهاية بالطبع يمكنك في أي مرحلة من اللعبة تصدير الحفظ على ملف أخر ولكن تظل بداية اللعبة موجودة على ملف واحد.

بكل بساطة هذا يعني أنه لن يتمكن شخصان من التمتع بنسخة واحدة في بعض الأحيان لأن كل شخص يريد تجربة اللعبة بشكل كامل وبما أنه يوجد ملف حفظ واحد فهذا يعني أن التجربة ستكون مدمرة.

هنا الشركات تفرض على اللاعب حظر غير مقبول تماما فهي حتى تمنعه من مشاركة اللعبة مع صديق بالتناوب، بل في بعض الأوقات يكون الأمر مستفز جدا لأن اللاعب يريد بداية اللعبة من جديد في مرحلة ما مع الاحتفاظ بتقدمه الحالي ليلعب بشكل متوازي على ملفين الحفظ ولا يكون قادر على القيام بهذا الأمر.

 الخلاصة.

للأسف الشديد الشركات تسخر قدراتها الفكرية في اتجاه خاطئ تماما، في مرحلة ما كان ربط الألعاب الإنترنت في مصلحتنا لأنه يقضي على ظاهرة القرصنة مما يؤدي إلى ربحية أكبر وفي نهاية المطاف ألعاب أكثر جودة.

لكن الآن أصبح الأمر إجبار واستغلال بشكل واضح في حين أن الحل موجود أصلا وهو التسعيرة المحلية.

لنكن صرحاء، فئة كبيرة في مجتمعاتنا لن تتمكن من شراء الألعاب بشكل منفرد وتلجأ للعديد من الطرق مثل المشاركة أو تبديل الألعاب وإعادة بيعها وهذا بسبب السعر الغالي جدا لعدم وجود تسعيرة تتناسب مع ظروف المنطقة الاقتصادية.

نحن نتحدث عن شريحة كبيرة جدا مهملة لن تنخرط في السوق وعمليات الشراء إلا إذا كانت مقبولة ومنطقية وهذه الشريحة هي الأكبر من حيث العدد وستُضاعف الربحية إذا بدأت في شراء الألعاب بشكل قانوني، وهذا هو الحل في وجهة نظري بدلا من تضييق الخناق على اللاعبين بوسائل غير مباشرة.

أخيرا لا تنسى عزيزي القارئ أن تشاركنا رأيك في هذا الموضوع وهل تعاني من حتمية اتصال الإنترنت بالألعاب أم لا؟