في يوم شديد الحرارة وعلى غير العادة، إستقلّيت سيارتي كما كُلٌ يومٍ وإتجهت بها قاصداً مقر شركة عرب هاردوير حيث أعمل. وللأسف، كان ذلك اليوم وعلى ما يبدو ليس يوماً لطيفاً للغاية. كانت جميع المؤشرات تُشير لكونه يوماً تقليديّاً، ولكن مع إضافة بعض العقبات غير السارّة مثل الحرارة الحارقة، والزحام الشديد..ولكن ما زاد الطين بلّة، هو أنني لاحظت في طريقي تدهور مؤشر الوقود وإندلاع ذلك الضوء -برتقالي اللون- والذي يُنبّئ بخطر قرب نفاذ الوقود من السيّارة. لذا فقد هرعت لأقرب محطّة للوقود بالطبع لأتزود بالوقود، ولكن ولأني تعيس الحظ، فقد كانت المحطّة الوحيدة التي وجدتها في طريقي شاغرة بالعديد من السيارات، وهو ما يعني تأخّري عن العمل أكثر مما كُنت متأخر أصلاً !!.

وبعد الكثير من المعاناة، إستطعت انتشال بعض الوقود بدون الوقوف في الصف المُدجج بالناس، وهرعت مرة أُخرى للعمل ولم أستطع أن أُخفي ابتسامة ارتسمت على وجهي لتُشير الى سعادتي بهذا الإنتصار الصغير في بداية يومي....لم تمض إلّا ثوانٍ معدود على تلك الإبتسامة التي سُرعان ما تلاشت أدراج الرياح لأجد مصطفى الفقي يتّصل بي بشكل مُتكرر فأرد وعلى وجهي علامات القلق، وفي قرارة نفسي أقول "حسناً لا يمكن أن يسوء اليوم أكثر من ذلك". ولكن ولحسن الحظ فقد كانت المكاملة على عكس توقعي تماماً، فبالرغم من أني كُنت أستعد لوابل من التوبيخات لأني تأخرت كثيراً عن يوم تقليدي جديد في العمل، إلا أنها كانت في الحقيقة مكالمة مُبهجة للغاية...

يقول عُلماء علم النفس أن الانسان قد ينسى بعض المعلومات المهمة للغاية في حالة كان رأسه شديد الإنشغال بالعديد من المشاكل الصغيرة المتراكمة. ولا أعلم هل السبب هو الحرارة الحارقة، أم تأخرى عن العمل، أو تلك المشكلة الخاصة بالوقود. ولكن أيّاً كان السبب، فالحقيقة المُؤلمة كانت أنني نسيت أمراً في غاية الأهمية كان سيحدث في ذلك اليوم. وكما أشرت، قُمت بالرد -وأنا تعلو نبرة صوتي علامات القلق- لأقول لمصطفى أنني في الطريق وأنه لا داعي للقلق على تأخري. ولكني وجدته يقول لي " يا أخي لا مشكلة، ولكن حاول أن تُسرع فلقد وَصَلت أخيراً !!".

أنهى مصطفى المكالمة بسرعة كبيرة لأجد نفسى ترتسم على وجهي علامات التعجب، فأنا مازلت لم أفهم ما الذي وصل تحديداً، ويبدو  أن الأحداث في ذلك اليوم أثّرت على تركيزي بشكل كبير...كنت في الحقيقة قد وصلت تقريباً لمقر الشركة في مدينة السادس من أكتوبر، فقمت كالعادة بركن سيارتي سريعاً وتوجهت على عجل لباب الشركة لأجد مصطفى واقفاً أمام الباب وعلى وجهه ابتسامة عريضة تُعرِب عن سعادة عارمة. وفي الحقيقة لم تكن تلك الابتسامة هي ما لفت إنتباهي بشكل كبير، فمصطفى كثيراً ما يبتسم أصلاً. ولكن ما لفت إنتباهي حقاً كان هذا الصندوق البرتقالي الذي يحمله في يده، والذي إستطعت بصعوبة - بالرغم من أن أشعة الشمس جعلتني لا أستطيع تمييز ما يحمله الصندوق تحديداً - أن أُميّز ثلاثة حروف مرسومة عليه والتي أعرفها جيداً.

وحينها ارتفع مؤشّر الأدرينالين في جسدي للحد الأقصى، لأجد قشعريرة شديدة تسري فيه. فقد تذكّرت أخيراً ذلك الأمر الهام، وسرعان ما تلاشت علامات القلق التي كانت تعلوا وجهي، لتتبدل بمشاعر الفرحة مرة أُخرى. فالآن فقط علمت سبب فرحة مصطفى العارمة. فبعد طول إنتظار، أخيراً وصلت، إنها معالجات شركة AMD الجديدة، معالجات Ryzen ...!!

5Years Earlier !!

قبل هذا الحدث السريع، الملئ بمزيج بين الدراما والواقع، وفي مكان ما في وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية، حدث أمر مهم للغاية في عالم الهاردوير والتقنية بشكل عام. فكما تحدثنا في مقالنا السابق، كانت شركة AMD تُعاني الأمرّين بسبب سلسلة القرارات الخاطئة والإخفاقات المتسلسلة التي مرت بها. ومع عدم بقاء أي شيء للبيع وعدم وجود أي علامة على وجود استثمارات كبيرة قد تظهر فجأة لإنقاذهم ، لم يكن بوسع AMD سوى القيام بشيء واحد فحسب : أن يخففوا من تواجدهم بشكل ما وأن يقوموا بإعادة الهيكلة.

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

لذا وفي عام 2012 ، اختارت الشركة شخصين سيأتيان بعد ذلك للعب أدوار حيوية في إعادة إحياء شركة أشباه الموصلات العتيقة .

فقد عاد أخيراً المُهندس Jim Keller ، المهندس الرئيسي السابق لمجموعة K8 ، بعد غياب ظل 13 عامًا وشرع في تولي مشروعين أساسيين في ذلك الوقت : أحد هذه المشاريع كان تصميم معالجات جديدة قائمة على معمارية ARM لأسواق الخوادم ، والآخر بهندسة قياسية x86 ، وكان ذلك بصحبة المًهندس Mike Clark (المهندس الرئيسي مصمم معمارية البلدوزر) كونه المهندس الرئيسي في ذلك الوقت . انضمت إليه في ذلك الوقت المُهندسة ليزا سو ، التي كانت نائب الرئيس الأول والمدير العام في شركة Freescale Semiconductors. والتي شغلت نفس المنصب في AMD ويُنسب إليها عمومًا ، جنبًا إلى جنب مع الرئيس آنذاك روري ريد ، كونها وراء انتقال الشركة إلى الأسواق خارج أجهزة الكمبيوتر ، وخاصة منصات الألعاب المنزلية .

وبعد عامين من استعادة كيلر في قسم البحث والتطوير بشركة AMD ، استقال الرئيس التنفيذي روري ريد من منصبه وتحرك نائب الرئيس الأول للرئيس لشغل هذا المنصب. ومع حصولها على درجة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وإمتلاكها بحثًا في وحدات MOSFETS SOI (السيليكون على العازل) ، كان لدى Su الخلفية الأكاديمية والخبرة الصناعية اللازمة لإعادة AMD إلى أيام مجدها. لكن لا شيء يحدث بين عشية وضحاها في عالم المعالجات الكبيرة - حيث تستغرق تصميمات الرقائق عدة سنوات ، في أحسن الأحوال ، قبل أن تصبح جاهزة للسوق. لذا سيتعين على AMD ركوب العاصفة حتى تؤتي هذه الخطط ثمارها، وقد كان !!.

محاولة البقاء

فبينما استمرت AMD في النضال والكفاح للحفاظ فقط على وجود إسمها في السوق بالرغم من تلطخه بدماء العار والفشل، انتقلت Intel من قوة إلى قوة. فلقد نضجت عُقد عمليات التصنيع والبنية الأساسية الخاصة بها بشكل جيد ، وفي نهاية عام 2016 ، سجلت الشركة عائدات تقارب 60 مليار دولار. ولعدد من السنوات ، كانت إنتل تتبع نهج "tick-tock" لتطوير المعالجات الخاصة بها : بحيث تكون الخطوة "tick" تُعبّر عن بنية معمارية جديدة للمعالجات، في حين أن "tock" ستكون عملية تنقيح لما هو موجود بالفعل في السوق، ولكن عادةً مع دقة أو عقدة تصنيع أصغر .

مشاكل تصنيعية

ومع ذلك ، لم يكن كل شيء وراء الكواليس ، فعلى الرغم من الأرباح الضخمة والسيطرة شبه الكاملة على السوق. في عام 2012 ، توقعت شركة إنتل أن تطلق وحدات معالجة مركزية جديدة على عقدة تصنيع 10 نانومتر متطورة خلال 3 سنوات من ذلك الوقت، ولكن ولسوء حظها فلم تحدث هذا الخطوة أبدًا . وذلك حيث ظهرت أول وحدة معالجة مركزية بدقة 14 نانومتر ، باستخدام هندسة برودويل Broadwell ، في عام 2015 وظلت الشركة تستخدم نفس عقدة التصنيع والتصميم الأساسي للمعمارية في معالجاتها لمدة نصف عقد من الزمن .

معالجات Intel Broadwell-E

عانى المهندسون في المسابك مرارًا وتكرارًا من مشكلات في الإنتاجية باستخدام دقة تصنيع 10 نانومتر ، مما أجبر شركة Intel على تحسين العمليات القديمة والهندسة المعمارية الخاصة بها كل عام. ارتفعت ترددات الأنوية واستهلاك الطاقة أكثر من أي وقت مضى ، ولكن لم تكن هناك تصميمات جديدة وشيكة في الأفق؛ وهو ما بدى كصدى لأيام Netburst الأليمة . ولأنها كانت بالرغم من ذلك هي الأقوى في تلك الفترة، فقد كانت سياسة الإحتكار والبقاء للأقوى هي عنوان الشركة. فقد تم ترك عملاء الكمبيوتر الشخصي أمام خيارات محبطة : اختر شيئًا من خط Core القوي ، ولكن ادفع ثمنًا باهظًا ، أو اختر سلسلة FX / A الأضعف والأرخص . ولكن ولأن الزمن لا يتنصر أحد على طول الخط، فقد كانت شركة AMD تبني بهدوء مجموعة جديدة من المعالجات، أو يمكننا القول بطاقتها الأخيرة نظراً لوضعها المادي في تلك الفترة. وقد لعبت هذه المعالجات الجديدة دورها في فبراير من العام 2016 ، وتحديداً في حدث E3 السنوي .

شعاع الأمل يلوح في الأفق !!

باستخدام لعبة Doom التي عادت للحياة بعد طول انتظار كمنصة للإعلان عن منتجاتها الجديدة، تم الكشف وأخيراً عن بنية Zen الجديدة تمامًا للجمهور. في ذلك الوقت، لم يُذكر سوى القليل جدًا عن التصميم الجديد إلى جانب عبارات مثل "مؤشرات الترابط المتعددة المتزامنة simultaneous multithreading" و "ذاكرة التخزين المؤقت ذات النطاق الترددي العالي high bandwidth cache" و "تصميم finFET الموفر للطاقة energy efficient finFET design". وبعد ذلك تم تقديم المزيد من التفاصيل خلال معرض Computex 2016 ، بما في ذلك هدف تحسين هندسة Excavator بنسبة 40٪ .

https://youtu.be/-IyrR8KsSfQ

إذا قلنا أن خطة AMD في هذه الفترة طموحة، فسيكون ذلك بخسًا بما كان وضع الشركة آنذاك، لا سيما في ضوء حقيقة أن AMD قد قدمت زيادات متواضعة بنسبة 10 ٪ مع كل نسخة جديدة من معمارية البلدوزر ، في أحسن الأحوال. وقد كان متبقى على ظهور المعالجات الجديدة 12 شهرًا أخرى قبل ظهور الشريحة الجديدة فعليًا ، ولكن عندما حدث ذلك ، كانت خطة AMD طويلة الأمد واضحة أخيرًا .

بشكل عام، يحتاج أي تصميم جديد للأجهزة والعتاد إلى البرامج والعتاد المناسبة لبيعه ، ولكن وحدات المعالجة المركزية متعددة الخيوط كانت تواجه معركة شاقة في تلك الفترة في الحقيقة. فعلى الرغم من أن منصات الألعاب المنزلية كانت تحتوي على وحدات معالجة مركزية ذات 8 أنوية ، إلا أن معظم الألعاب كانت لا تزال جيدة تمامًا مع 4 فقط . ويمكننا القول أن أحد الأسباب الرئيسية هي هيمنة إنتل على السوق وتصميم شريحة AMD في Xbox One و PlayStation 4 . فلقد أطلق الأول (المقصود هنا انتل طبعاً) أول وحدة معالجة مركزية سداسية النواة في عام 2010 ، ولكنها كانت باهظة الثمن (حوالي 1100 دولار) . وقد ظهرت بعد ذلك تتاليات من المعالجات الأُخرى بسرعة ، ولكن استغرق الأمر سبع سنوات أخرى قبل أن تقدم إنتل فعلياً معالجًا سداسي النواة بسعر معقول حقًا للمستخدمين ، وهو معالج Core i5-8400 ، بسعر أقل من 200 دولار.

وعلى الجانب الأخر، كانت المشكلة مع معالجات منصات الألعاب هي أن تخطيط وحدة المعالجة المركزية الذي يتكون من وحدتي CPU رباعية الأنوية في نفس القالب ، وكان هناك زمن انتقال مرتفع بين قسمي الشريحة. لذلك ، مال مطورو الألعاب إلى إبقاء محركات الألعاب تستخدم الخيوط الموجودة في أحد الأقسام ، واستخدام النصف الآخر فقط لعمليات الخلفية العامة للمنصة . لذا ففي تلك الفترة، كان فقط عالم محطات العمل والخوادم ، هو المكان الوحيد الذي قد تظهر فيه الحاجة إلى وحدات معالجة مركزية متعددة الخيوط - أو على الأقل حتى قررت AMD خلاف ذلك .

معالجات النهضة !!

وعلى كل حال إنقضى عام 2016 بطيئاً للغاية بين أواسط المتحمسين في عالم الهاردوير. ولا أُخفيك سراً أن معسكرات المحبين للشركتين كانت متأججة بالمعارك الدامية، ما بين الساخرين من قدرة AMD على العودة (قياساً على ما حدث مع معمارية البلدوزر) ، وبين الطموحين في أن تُنقذهم AMD من سيطرة وهيمنة Intel ، التي كانت تتعامل مع المستخدمين بمنطق (ده الموجود !!) . وعلى كل حال، وفي مارس من عام 2017 شهد عالم الهاردوير والحواسيب ويمكننا القول عالم التقنية بشكل عام تحولاً سيشكل مرحلة جديدة من المنافسة، بل وسيُسطّر عصراً جديداً من الحواسيب والمعالجات فيما بعد. فقد أصبح بإمكان مستخدمي الحواسيب المكتبية أخيراً ترقية أنظمتهم بواحد من المعالجات المركزية ذات الـ 8 أنوية حقيقة و 16 خيط للمعالجة.

وكطائر العنقاء الذي يفرد جناحية ليُحلّق في السماء، عادت شركة AMD أخيراً من سباتها العميق، لتُعلن للجميع أنها تستطيع المنافسة والتفوق مرة أخرى مع معالجات النهضة الخاصة بها، أو معالجات Ryzen الثورية...!!!

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

بات من الواضح للجميع بما فيهم AMD نفسها، أن الهندسة المعمارية الجديدة تمامًا تستحق اسمًا جديدًا بالكامل أيضاً، لذا فقد ألغيت الشركة إسميّ AMD Phenom و FX اللذان يُذكرانها دائما بفترة هي الأكثر صعوبة في تاريخخها تقريباً لتعطينا إسماً جديداً يدل على آمال الشركة فيما بعد، فقد كانت هذه المعالجات بمثابة المعالجات التي ستقوم برفع وصعود AMD مرة أُخرى من رماد الهزيمة لزهوة النصر، ومن هُنا أتى إسم المعالجات الجديدة ليُعبّر عن صعود الشركة AMD Rising مرة أُخرى، أو كما أسمتها الشركة AMD Ryzen .

وعلى عكس ما قامت به الشركة لفترة من الزمن كونها لا تستطيع تقديم الأفضل، فتقوم بالإكتفاء بالأرخص، لم تكن أي من وحدات المعالجة المركزية الجديدة رخيصة بشكل خاص : فقد تم بيع معالج Ryzen 7 1800X الذي يعمل بسرعة 3.6 جيجاهرتز (4 جيجاهرتز في حالة التعزيز) بسعر 500 دولار ، مع بيع معالج 1700X الأبطأ بمعدل 0.2 جيجاهرتز مقابل 100 دولار أقل من ذلك. لذا فجزئيًا ، كانت AMD حريصة على إيقاف تصور كونها خيار الميزانية الأقل، ولكن كان ذلك في الغالب لأن Intel كانت تتقاضى أكثر من 1000 دولار مقابل عرضها ثماني النواة في تلك الفترة وهو معالج Core i7-6900K .

من كُلِّ بُستانٍ زهرة

أخذت معمارية Zen أفضل ما في التصميمات السابقة ودمجه في هيكل يركز على إبقاء خطوط الأنابيب مشغولة قدر الإمكان ؛ وللقيام بذلك ، تطلب الأمر إدخال تحسينات كبيرة على أنظمة خطوط الأنابيب وذاكرة التخزين المؤقت الخاصة بالمعالج. أسقط التصميم الجديد مشاركة الذاكرة المخبئية L1 / L2 ، كما هو مستخدم في معالجات البلدوزر ، وأصبحت كل نواة الآن مستقلًا تمامًا ، مع المزيد من خطوط الأنابيب ، وتنبؤ أفضل للفروع ، ونطاق ترددي أكبر لذاكرة التخزين المؤقت. وكما هو الحال مع الرقاقة التي تدعم منة مايكروسوفت وسوني ، كانت وحدة المعالجة المركزية Ryzen أيضًا تُعتبر نظامًا كاملاً على شريحة (system on chip) ؛ الشيء الوحيد الذي كان يفتقر إليه المعالج الجديد هو المعالج الرسومي المُدمج (وهو ما تم ضمه بعد ذلك في طرازات Ryzen ذات الميزانية الأقل مع معالجات GCN الرسومية المُدمجة) .

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

تم تقسيم القوالب إلى ما يسمى مجمعات وحدة المعالجة المركزية (CCX) ، كل منها مكون من 4 أنوية و 8 خيوط للمعالجة. كما تم وضع معالج Southbridge في القالب - حيث قدمت وحدة المعالجة المركزية وحدات تحكم ووصلات لـ PCI Express و SATA و USB . وهذا يعني (على الورق على أقل تقدير) أن اللوحات الأم ، من الناحية النظرية ، يمكن تصنيعها بدون الجسر الجنوبي SB ولكن جميعها تقريبًا فعلت ذلك، فقط لتوسيع عدد اتصالات الأجهزة الممكنة. كل هذا لن يكون بلا جدوى إذا لم تتمكن Ryzen من توفير الأداء المنافس بالطبع. ولقد لحسن الحظ هذه المرة، فقد كان لدى معالجات AMD الكثير لإثباته في هذا المجال بعد سنوات من لعب دور التابع لما تُقدّمه شركة Intel ...

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

لم يكن معالجيّ 1800X و 1700 X مثاليين : فقد كانا أفضل من أي شيء تمتلكه Intel للتطبيقات الاحترافية ، ولكنها أبطأ في الألعاب . ولكن ولحسن الحظ كان لدى AMD بطاقات أخرى لتلعبها : فبعد شهر من ظهور معالجات Ryzen الأولى في السوق ، ظهرت طرازات Ryzen 5 ذات الـ 6 أنوية و 4 أنوية ، تليها بعد شهرين شرائح Ryzen 3 رباعية الأنوية . لقد أداؤوا مقابل عروض Intel بنفس طريقة أداء إخوانهم الأكبر ، لكنهم كانوا أكثر فعالية من حيث التكلفة.

لم يمضي الكثير من الوقت بعد ذلك حتى أعلنتها AMD مدوية - فعلى ما يبدو AMD كانت لا تزال تملك كرتها الأقوى. لذا فقد أعلنت الشركة عن معالج Ryzen Threadripper 1950X المكون من 16 نواة و 32 خيطًا للمعالجة (بسعر 1000 دولار) . ومعالج EPYC المكون من 32 نواة و 64 خيطًا للخوادم . تتألف هذه العمالقة من شريحتين وأربع شرائح Ryzen 7 1800X ، على التوالي ، في نفس الحزمة . باستخدام نظام الربط البيني Infinity Fabric الجديد لتحويل البيانات بين الرقائق. وفي غضون ستة أشهر فقط، أظهرت AMD أنها كانت تستهدف بشكل فعال كل أسواق أجهزة الكمبيوتر المكتبية التي تعمل بمعمارية x86 ، بتصميم واحد يناسب الجميع.

AMD Ryzen Threadripper 1950X 1920X

وبعد مرور عام واحد من هذه المفاجأة، تم تحديث البنية إلى ما سمته الشركة ببنية Zen + . والتي تتكون من تعديلات في نظام ذاكرة التخزين المؤقت والتبديل من عملية تصنيع 14LPP الموقرة لشركة GlobalFoundries - وهي عقدة كانت تابعة لشركة Samsung - إلى نظام 12LP المُحدّث والأكثر كثافة. وقد ظلت قوالب وحدات المعالجة المركزية بنفس الحجم ، لكن طريقة التصنيع الجديدة سمحت للمعالجات بالعمل بسرعات أعلى وترددات أكبر من السابق .

المرحة الثانية Zen 2

على عكس ما حدث مع معالجات البلدوزر، فقد حظت معالجات Ryzen بالكثير من الثناء من قبل الجميع. فهذه المرة، المعالجات الجديدة تستطيع بالفعل المنافسة، أنت تتحدث عن ضعف عدد الأنوية التي توفرها انتل مع نفس السعر تقريباً. بل وبأسعار أقل حتى مع بعض التخفيضات كل فترة. ويمكننا القول أن MD في هذه الفترة تعلمت كثيراً من جميع أخطائها السابقة، سواء تسويقية أو تصنيعية. لذا وبعد 12 شهرًا أُخرى ، وفي صيف عام 2019 ، أطلقت الشركة معمارية AMD Zen 2 الجديدة . هذه المرة كانت التغييرات أكثر أهمية وأصبح مصطلح chiplet منتشرًا بين الجميع...

وبدلاً من اتباع بنية متجانسة (monolithic) ، حيث يكون كل جزء من وحدة المعالجة المركزية في نفس قطعة السيليكون (وهو النهج الذي سلكته معالجات Zen و Zen +) . قام المهندسون بفصل المجمعات الأساسية للأنوية أو الـ Core Complexes عن نظام التوصيل البيني بين الأجزاء . وقد تم بناء الأول بواسطة مسابك TSMC هذه المرة، باستخدام عملية تصنيع N7 الخاصة بهم . لتُصبح هذه المجموعة هي شريحة في حد ذاتها - ومن هنا جاء الاسم ، Core Complex Die (CCD) .

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

وفي المقابل، تم إنشاء بنية الإدخال / الإخراج بواسطة GlobalFoundries ، مع نماذج Ryzen المكتبية لتستخدم عملية تصنيع 12LP . في حين تستخدم معالجات Threadripper و EPYC عمليات تصنيع أكبر 14 نانومتر..

الجدير بالذكر أيضاً أن ما حققته AMD مع معمارية Zen في غضون 8 سنوات لهو ثورة بحق. فقد انتقلت البنية من ورقة فارغة إلى مجموعة شاملة من المنتجات ، التي تحتوي على معالجات بسعر 99 دولارًا من عروض الميزانية المكونة من 4 أنوية و 8 خيوط حتى معالجات بأسعار تصل إلى 4000 دولار مع ما يزيد عن + 64 نواة ، ووحدات المعالجة المركزية للخوادم التي تتمتع بما يصل إلى 128 خيط للمعالجة. لذا فلقد تغيرت الشؤون المالية لشركة AMD بشكل كبير أيضًا : فقد إنتقلت الشركة من وابل مستمر من الخسائر والديون التي تصل إلى المليارات ، لتسير AMD الآن على المسار الصحيح لتصفية قروضها ونشر دخل تشغيلي يزيد عن 600 مليون دولار ، خلال عام 2020، وأرباح تصل إلى 2.8 مليار دولار في الربع الرابع من نفس العام .

القسم الرسومي

وفي حين أن Zen قد لا يكون العامل الوحيد في الانتعاش المالي للشركة ، فقد ساعد بشكل كبير. سواء من ناحية المبيعات وأيضاً من ناحية المصداقية والشعبية. وفي المقابل، فقد شهد قسم الرسوميات في AMD أيضاً تغييرات مماثلة في الثروة . ففي عام 2015 ، تم منح القسم استقلالية كاملة ، ليُعرف وقتها باسم Radeon Technologies Group (RTG). وقد جاء أهم تطوير من مهندسيهم على شكل معمارية رسومية جديدة هي معمارية RDNA . والتي كانت في إصدارها الأول كإعادة صياغة مهمة لمعمارية GCN الأقدم للشركة.

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

أدت التغييرات التي تم إجراؤها على بنية ذاكرة التخزين المؤقت ، إلى جانب التعديلات التي تم إجراؤها على حجم وحدات الحوسبة وتجميعها ، إلى تحويل تركيز البنية مباشرة نحو الألعاب. وقد أظهرت النماذج الأولى التي استخدمت هذه البنية الجديدة ، مع سلسلة بطاقات Radeon RX 5700 ، الإمكانات الجادة للتصميم الجديد . ولم يتم تنفيذ تلك المعمارية على أجهزة Microsoft و Sony اللتان ستصدران بعد ذلك. حيث اختار كلاهما كُلاً من معمارية Zen 2 و RDNA 2 المحدثة لتشغيل منصات الألعاب المنزلية Xbox و PlayStation 5 الجديدة التي جاءت بعد ذلك في عام 2020 . وعلى الرغم من أن مجموعة Radeon Group لم تتمتع بنفس مستوى النجاح الذي يتمتع به قسم وحدات المعالجة المركزية . وربما لا يزال يُنظر إلى بطاقات الرسومات الخاصة بها على أنها "خيار القيمة" . إلا أن AMD عادت إلى ما كانت عليه في عصر Athlon 64 يومًا من حيث التركيز على التطوير والابتكار التكنولوجي.

شبح Athlon 64 وآمال Ryzen

وبالرغم من وضع AMD الأفضل حالياً بعد طرحها معالجات الجيل الثالث من Zen 3 والتي على أرض الواقع هي معالجات الجيل الرابع من Ryzen 5000، بجانب طرحها معالجاتها الرسومية من معمارية RDNA 2 التي حظت بالكثير من القوة مقابل عروض NVIDIA، لتُناطحها من ناحية الأداء أخيراً (بعيداً عن أداء تتبع الأشعة المتواضع). فلا زال هناك سؤال يطرح نفسه حول وضع AMD المستقبلي . هل -بعد كل هذا النجاح والتفوق- يمكن أن تعود الشركة مرة أُخرى إلى الأيام المظلمة للمنتجات الكئيبة أو الوضع بدون نقود؟ . فحتى لو ثبت أن عام 2021 كان عامًا ممتازًا لشركة AMD وأظهرت النتائج المالية الإيجابية تحسنًا عن الأعوام السابقة ، فإن عائدات الشركة لا تزال تتخلف عن Nvidia وIntel. كما أن هذه الأخيرة بالرغم من تأخرها، فمازال لديها مجموعة كبيرة من المنتجات. أكبر بكثير مما لدى AMD ، ومسابكه الخاصة ، وجبال من الفائض المالي الذي تستطيع الشركة العودة من خلاله مرة أُخرى.

حكاوي رمضان : انتنفاضة معالجات Ryzen وعودة AMD للمنافسة من جديد

لذا فمن الواضح أن كلاً من الإيرادات والدخل التشغيلي بحاجة إلى النمو ، من أجل تحقيق الاستقرار الكامل لمستقبل AMD . فكيف يمكن تحقيق ذلك؟...لعل ذلك يحتاج إلى مقال خاص به، فقد أنهينا لتونا مجموعة من المقالات التاريخية الخاصة بتاريخ الشركة. ولا أظن أن أحداً يُريد الدخول الآن في حصة تقنية أليس كذلك ؟!...ولكن وعلى كل حال، وبالنظر إلى ما قامت به الشركة في السنوات الثلاثة الأخيرة. ونهجها التوسعي في العديد من الأسواق التي بدأت بالفعل تُسيطر فيها على الحصة السوقية الأكبر. كل هذا يجعلنا نرى جليَاً أن شركة AMD قد تعلمت الدرس جيداً جداً. ذلك الدرس القاسي الذي إنهال على رأسها بعد Athlon 64 والذي كان أن يودى بالشركة بالكامل في طي النسيان....!!