أعلنت AMD في وقت سابق هذا الشهر عن معالجاتها الجديدة من سلسلة RYZEN 4000 المحمولة لتعلن مرة أخرى التحدي والحرب على غريمها التقليدي والأبدي Intel . ولمن لا يعلم فإن سوق الحواسيب المحمولة بالنسبة لكل من AMD و Intel لا تقل أهمية على الاطلاق عن سوق الحواسيب المكتبية بل يرى البعض أنها أكثر أهمية على الأقل من ناحية الأرباح وكميات المنتجات المباعة ، لتصبح هذه السوق - طبقاً لمراقبات السوق الأخيرة - أحد أكثر الأسواق ازدهاراً ونمواً لدى المعسكر الأحمر ، فكان ذلك بالتالي نقطة للتحرك نحو محاولة الريادة في هذه السوق أيضاً .

RYZEN 4000 AMD Intel cpu gpu معالج بروسيسور

كان التحدي بين كلاً من AMD و Intel ولوقت طويل قائماً على سوق واحدة في الأساس وهي سوق الأجهزة الاحترافية للحواسيب المكتبية ، حتى في أكثر عصور AMD تطوراً ومنافسة لم تهتم الشركة كثيراً بسوق الحواسيب المحمولة ، وهو ما ترك المجال لانتل لأن توص وتجول في هذه السوق بجانب سوق الخوادم أيضاً ، وجعل دخول AMD لمثل تلك الأسواق شبيها بدخول المحتل بلداً لا يملكها ، أمراً يحتاج قوة كبيرة وإقناع عظيم . فالكل مستكن ومستريح في هذه السوق ، الشركات المصنعة للحواسيب المحمولة تعرف من هي الشركات التي تتعامل معها وماهي الشرائح وماهي البطاقات الرسومية ومن أين ستأتي بها ، المستخدمين أيضاً يعرفون اختياراتهم بسهولتها وبساطتها التي تعمد على القوة فحسب فليس هناك الكثير من الخيارات المتاحة .

ولكن مع انطلاق معالجات RYZEN من AMD التي أبهرت مجتمع العتاد والكمبيوتر بشكل عام ، وكانت كقنبلة انفجرت في وجه انتل التي كانت تسترخي في جزر المالديف ، بدأ التوتر يعلو أوجه المسؤولين في الشركة ، فانتل ليست مستعدة لمنافس مفاجئ هكذا على ما يبدو . ليس هناك سلاح ردع يقوم بإخماد نار ذلك القادم الجديد قبل ظهوره ليعيده لمكانه . وهذا بالتحديد ما أرادته AMD ، "عنصر المفاجأة" .

ولكن المختلف هذه المرة أن AMD لم تقف عند المعالجات المركزية في هذا الهجوم، فهذا هجوم شامل كامل يهدف عمل بلبلة في جميع الأسواق على حد سواء ، فامتدّت المنافسة للأسواق الأخرى لتطول معماريتها الجديدة جميع الأسواق المختلفة مثل أسواق الخوادم والسيرفرات ، بالإضافة الى أسواق الحواسيب المحمولة هي الأخرى.

معالجات Ryzen APU ستضم معالج رسومي مدمج Vega بذاكرة DDR4 بدلاً من HBM2!

 فبعد أن أطلقت الشركة معمارية RYZEN للأجهزة المكتبية ، قامت بإطلاق الجيل الأول من معالجاتها المحمولة المبنية على معمارية RYZEN من المعالجات المسرّعة تحت مسمى Raven Ridge ، والتي قامت بتقديم بداية منافسة معقولة لما تقدمه انتل في سوق الأجهزة المحمولة ، ولكنها لم تكن كافية اطلاقاً في ذلك الوقت خاصّة أن أقوى معالج كانت تملكه الشركة في ذلك الوقت كان يعمل بأربعة أنوية فحسب.

قامت الشركة بعد ذلك بإطلاق جيل أخر من المعالجات المسرّعة أو APU مبنية على الجيل الثاني (معمارية ZEN المحدّثة ZEN+) من معمارية RYZEN وهي معالجاتPicasso  بدقة تصنيع 12nm ، مقابل 14 نانومتر للجيل الأسبق. وقد قدت هذه المعالجات المسرعة الجديدة قفزة لا بأس بها في الأداء تقدّر بحوالي 3% للتعليمات في الدورة الواحدة IPC ، كما وفرت ترددات أعلى لكل نواة حتى 300mhz ، بجانب توفير بعض المميزات الأخرى مثل أزمنة تأخير أٌقل وحصولها على أنوية رسومية أفضل من معمارية Vega نفسها.

نمو كبير في سوق الحواسيب المحمولة

هذه التدابير السريعة والمتعاقبة والتطور السريع والملحوظ في أجيال المعالجات الخاصة بالحواسيب المحمولة دفعت العديد من الشركات والمؤسسات البحثية لعمل تقارير مالية أو استطلاعات للسوق. فقد قامت مؤسسة Mercury Research البحثية المتخصصة في مجال البحوث والاحصائيات الخاصة بسوق المعالجات المركزية والشرائح الرسومية الخاصة بالحواسيب بنشر نتائجها السوقية الخاصة بمعالجات x86 المركزية الخاصة بنهاية عام 2019. وقد سجلت شركة AMD في هذه الفترة نمواً في جميع الأقسام الخاصة بها، ماعدا قسميّ انترنت الأشياء وقسم الشرائح المخصصة .

الأمر الذي ذكره التقرير والذي في الحقيقة يثير الإعجاب هو حصّة AMD السوقية من سوق المعالجات الخاصة بالحواسيب المحمولة، حيث أن تقرير الشركة يشير الى سيطرة AMD على 16.2% من الحصّة السوقية الاجمالية لسوق المعالجات الخاصّة بالحواسيب المحمولة القائمة على نواة x86، وهي نسبة قريبة جداً من تلك الخاصة بالمعالجات المكتبية للشركة. هذا التقدم الواضح لهذا السوق الواعد قد يكون ناتجاً بشكل كبير عن تواجد معالجات AMD APU من جيل Ryzen بجانب المعالجات المركزية منخفضة الاستهلاك، حيث أن الشركة توفر مجموعة من المنتجات منخفضة الاستهلاك للطاقة وأيضاً منخفضة التكلفة وهو الأمر الذي يتناسب مع العديد من المستخدمين.

الجدير بالذكر أن AMD تتحرك بوتيرة أكثر سرعة في سوق الأجهزة المحمولة عن تلك الخاصّة بالأجهزة المكتبية وذلك يظهر على هيئة معدل النمو الأكبر. حيث يصل معدل النمو الخاص بالمعالجات المحمولة 1.5% مقارنة بالربع الثالث من نفس العام، و 4% مقارنة بالعام السابق 2018. هذه الأرقام لم تتواجد أيضاً على خريطة الشركة السوقية منذ الربع الثاني من عام 2013 أيضاً، كل هذه الأرقام تواجدت في العام السابق فحسب قبل اطلاق الشركة معالجات Ryzen 4000 “Renoir” المحمولة الجديدة ، والتي في حد ذاتها جلبت الكثير من التطور في معدلات IPC أو التعليمات في الدورة الحسابية بجانب قدومها مع معالجات رسومية مدمجة مطورة من Vega .

تنوع كبير في المنتجات لتوفير حلول لجميع أنواع المستخدمين

ظهر هذا الشهر كما أشرنا الجيل الجديد من AMD ليقدم دفعة كبيرة للأمام لسوق الأجهزة المحمولة "المتنامي في الأساس" وقدمت هذه المعالجات الكثير من التطور مقارنة بالأجيال الماضية ليس فقط من ناحية الأداء ولكن من ناحية استهلاك الطاقة أيضاً ، كنتيجة لدقة التصنيع الأفضل التي تأتي بها أنوية Zen 2 المعتمدة على دقة تصنيع 7nm وأيضاً أنوية Vega الرسومية المطورة التي تعمل على نفس دقة التصنيع ، مما يعني المزيد من التوفير في استهلاك الطاقة .

الجيل الجديد من المعالجات أيضاً يأتي مع مجموعة واسعة من المنتجات للفئات المختلفة من المستخدمين ، فمثلاً معالجيRyzen 7 4800U  و Ryzen 9 4900HS  يأتيان من سلسلتين مختلفتين من الأجهزة ، فهناك المعالجات التي تأتي مخصصة لتوفير الطاقة من سلسلة RYZEN 4000 U التي تستهلك فقط 15 واط وتأتي موجهة للاستخدامات التقليدية وتبدأ بأربعة أنوية مع أربعة خيوط معالجة وتنتهي بثمانية أنوية مع 16 خط معالجة للفئة العليا . السلسلة الأخرى RYZEN 4000 H هي السلسلة عالية الأداء وتستهلك طاقة أكثر (45 واط للمعالجات H و 35 واط للمعالجات من سلسلة HS) و تستهدف فئة اللاعبين والمصممين ، وتأتي بترددات أعلى مع ستة أنوية أو 8 أنوية مع دعم تعدد خيوط المعالجة في الحالتين بالطبع .

هذان المعالجان يأتيان بالعديد من التشابهات مثل عدد الأنوية الرسومية (ثمانية انوية في كلا المعالجين) مع تردد 1750Mhz للنواة الرسومية ، المعالجان يأتيان من نفس دقة التصنيع ونفس عدد الأنوية ونفس الذاكرة المخبأة من المستوى الثالث التي بحجم 8MB أيضاً . الاختلاف الوحيد بينهما هو تردد الأنوية ، حيث يأتي المعالج الأولRyzen 7 4800U  للأجهزة منخفضة الاستهلاك ونحيفة الحجم ولذلك يتوفر بترددات 1.8Ghz قياسية و 4.2Ghz في حالة التعزيز . المعالج الآخر وهوRyzen 9 4900HS يأتي للأجهزة المحمولة عالية الأداء منخفضة السماكة (سماكة أٌقل من 20 ملم) والتي يتطلب تركيبها في الحواسيب المحمولة مجموعة من المعايير المحددة (تشبه الى حد ما مشروح Project Athena من انتل) ، يأتي هذا المعالج مع تردد قياسي 3.0Ghz و تردد معزز 4.30Ghz .

أداء قوي للغاية يصل لأداء بعض المعالجات المكتبية ، مع توفير كبير للطاقة

الأمر المميز في هذا الجيل الجديد من المعالجات ، وهو أمر تحدثنا عنه بالتفصيل في عدة مواضيع مختلفة سابقة بشكل أكثر تفصيلاً هو أنها لا توفر فقط القدرة على الوصول لأداء حوسبي من القوة ما يجعله يتساوى مع بل ويتغلب في الكثير من الأحيان على الكثير من الحواسيب المكتبية ، ولكن أنها أيضاً بفضل الاستهلاك المنخفض للطاقة الرائع لها لا تضحي بالأداء على الإطلاق . ولعل هذه النقطة تحديداً ما يهم الشركات والمستخدمين على حد سواء ، فطبقاً للتقارير معالجات سلسلة U تستطيع أن تعمل على البطارية لمدة 10 ساعات (مع تطبيقات عرض الفيديو) .

هذا ليس كل شيء أيضاً ، فهذا التوفير الكبير للطاقة يعطي الفرصة للشركات المصنعة لوضع المزيد من الميزات الأخرى في الحواسيب ، مثل ذواكر بترددات أعلى على سبيل المثال ، أو أقراص تخزين أكبر أو بطاقات رسومية أكثر قوة وما الى ذلك . لنأخذ ذلك المعالجRyzen 7 4800U  على سبيل المثال ، استطاع المعالج الوصول الى نتيجة 3268 نقطة على تطبيق 3D Mark Firestrike كما يظهر في الصورة المرفقة .

هذه النتيجة تأتي مع ذاكرة وصول عشوائي من نوعLPDDR4x  وبتردد 4,266 MHz والتي بكل تأكيد ترددات لم نكن نراها في أجهزة محمولة من قبل ، وهو ما يثبت النقطة التي أشرت اليها سابقاً وهي القدرة على دمج عتاد أكثر قوة مع هذه المعالجات الموفرة للطاقة .

أما معالج RYZEN 9 4900HS فقط استطاع الوصول الى نتيجة 21289 نقطة في الاختبار الفيزيائي و 4085 في نتيجة الرسوميات مقبل 16171 و 3543 للمعالج الأصغر والأقل استهلاكاً للطاقة RYZEN 7 4800U ، أي زيادة تصل الى تقريباً 31% على الأقل على تطبيق 3D Mark Firestrike .

لماذا تعتبر اذاً معالجات RYZEN 4000 صفقة رابحة ؟

هناك الكثير والكثير من الكلام والنقاش الذي يمكن أن يُقال في الجيل الجديد من معالجات AMD المحمولة المبنية على معمارية RYZEN الثورية . فهذه المعالجات الجديدة (وهنا أنا أتحدث عن جيل RYZEN 4000) توفر الكثير من المعايير المميزة التي يحتاجها أي حاسوب محمول ، والتي انتظرها الكثيرين (وأنا واحد منهم في الحقيقة) في أجهزة اللاب توب . فمنذ الأزل كانت مشكلة أجهزة اللاب توب الأكثر ازعاجاً هي استهلاك الطاقة . وقد يتعجب البعض هنا قائلاً "أنت تقصد الأداء اليس كذلك ؟!" . أنا في الحقيقة لن أناقش هنا هل الأداء هو المشكلة الأكبر أم استهلاك الطاقة ، ولكن سأوضح الأن لما يعد استهلاك الطاقة المشكلة الأكبر .

بشكل عام أجهزة اللاب توب هي أجهزة متنقلة بديلة لأجهزة الحاسب الشخصي ، لذلك فيجب أن يتوافر فيها هذا العامل المهم للغاية ، وهو قابلية النقل السهلة والبسيطة والا فما الفائدة منها ؟! . ومن أجل تحقيق هذه النقطة يجب أن يتوافر في هذا اللاب توب مجموعة من العوامل المختلفة والمتنوعة مثل الأداء الجيد واستهلاك الطاقة الممتد (طول عمر البطارية أقصد) مع توفير المميزات التقنية الأخرى المتعددة والأخذ في الاعتبار عامل الحرارة وحجم الجهاز ووزنه .

هذه قائمة طويلة من المعايير المتشابكة والتي تعتمد في الحقيقة على بعضها البعض ، فلتحصل على أداء قوي وخاصة في الألعاب والتطبيقات الشرهة ستحتاج لبطاقة رسومية ومعالج قوي ، وهو أمر لكي توفره سيزيد حجم الجهاز ويزيد استهلاك الطاقة ووزن الجهاز وتختل المعادلة . لذلك كان كل ذلك يتم بحرص شديد ، لنرى في النهاية أجهزة تفتقد الى أحد هذه العناصر ، أو على الأقل لا يؤدي في جانبها كما يجب أن يكون . فتجد جهازاً يوفر قوة كبيرة ، ولكن يعاني من وزن ثقيل أو سعر مبالغ فيه ، أو يتم التضحية بقوة المعالج أو في حال وجدت كل ذلك ستجد حرارة مرتفعة واستهلاك طاقة شره للغاية .

ولذلك فالحصول على الحاسب المحمول المثالي كانت عملية معقدة للغاية واستمر التطوير فيها لفترات طويلة للغاية ، بل يمكننا القول هو السبب الرئيسي وراء تواجد المعالجات المسرعة من الأساس APU . وعلى الرغم من ان كلاً من AMD و Intel حاولتا كثيراً في السابق ، الا أننا لم نرى هذا المعيار بشكل كامل ، لم نرى أجهزة تستوفي كل تلك الشروط المزعجة ، حتى ظهرت لنا معالجات RYZEN 4000 الجديدة من AMD .

يمكننا الأن بسهولة النظر الى الشركات التي بدأت تتوالى على المارد الأحمر واحدة تلو الأخرى ، ليقوموا بضم هذه المعالجات المميزة في أجهزتها الجديدة ، بل ولتصبح أقوى النسخ من الأجهزة المحمولة تحمل معالجات من AMD . فهي توفر الأداء الأفضل ، استهلاك  الطاقة و الحرارة الأفضل مع معالجات رسومية تستطيع أن تقدم أداء معقول للغاية وتوفر المزيد من الطاقة لتوفر بذلك تلك الأجهزة عمراً أطول للبطاريات . وفي الأغلب وكما عودتنا AMD ستتوفر بأسعار أقل من Intel .

معالجات RYZEN 4000 ، الخطوة الأولى نحو تفوق AMD في سوق الأجهزة المحمولة !!

عند وضع كل تلك العوامل جنباً الى جنب ومطالعة السوق الخاصة بالحواسيب المحمولة واللوحية ، وأيضاً تلك النتائج التي وضعناها في الأعلى والتي توضح بكل تأكيد تعافي AMD من ناحية الحصة السوقية للأجهزة المحمولة ، والتي لم تكن شهدت بعد تلك النقلة النوعية التي توفرها معالجات RYZEN 4000 . يمكننا بكل تأكيد توقع ان هذه المعالجات الجديدة ستوفر - في حال لم تستجيب انتل بقوة كبيرة - بكل تأكيد قفزة أكبر للعملاق الأحمر في سوق الأجهزة المحمولة ، لتقترب شيئاً فشيئاً من غريمها التقليدية Intel ، بل ولن أبالغ في القول ان انتل قد تخسر تلك الحرب من الأساس في حال استمر الوضع والتقدم التقني لAMD  على هذا المنوال مع الأجيال القادمة من المعالجات المحمولة التي تشهد جيلاً بعد جيل قفزات كبيرة في الأداء أكثر من تلك التي توفرها انتل مع منتجاتها المحمولة بكل تأكيد ...