كان يا مكان منذ سنوات كثيرة، قبل الآيفون بوقت طويل، لم يكن أحد بحاجة إلى فني محترف لتبديل بطارية الهاتف. يمكنك بكل بساطة فتح غطاء الجهاز الخلفي واستبدال البطارية وتم إنجاز المهمة. لقد غيّر أول جهاز آيفون كل شيء. الآن قد تحتاج إلى مفك براغي وأدوات تنظيف من النايلون ومقبض وملقاط ومكواة لحام وربما 40 دقيقة من وقت الفراغ وكل هذا لإستبدال جزء بسيط بجهازك، وبسبب كل هذا التعقيد، يرى العديد من مالكي أجهزة الآيفون أن الترقية ربما تكون أسهل من استبدال البطارية ومع ذلك، يبدو أن هناك بصيص أمل في نهاية النفق حيث أعلنت أبل ولأول مرة عن برنامجها الجديد للإصلاح الذاتي والذي سوف يسمح للمستخدم العادي بإصلاح الآيفون بكل سهولة، لنتعرف على القصة وسبب تغيير استراتيجية أبل ولماذا تخلت عن عنادها الآن؟

استراتيجية الإصلاح لأبل

بعد عناد طويل.. لماذا غيرت أبل رأيها وسمحت لغيرها بإصلاح أجهزتها

سابقا كانت هناك العقبات (ذكرناها في الأعلى) والتي تنتظر مستخدمي الآيفون في حالة قرر أحدهم تغيير أي شيء بالجهاز، أعلنت أبل أنها سوف تمنح المستخدمين خيارًا جديدًا وبدءًا من العام المقبل سوف يُسمح لهم بالوصول إلى أجزاء وأدوات أبل الأصلية لمعالجة الإصلاحات الأكثر شيوعًا مثل استبدال البطارية والشاشة، بالطبع هذا قرار هائل سوف يعكس معارضة الشركة طويلة الأمد للإصلاح الذاتي ويوسع خيارات المستخدم ويقلل من الانبعاثات الضارة ويحتمل أن يمهد الطريق لثورة في تصميم المنتج الملائم للإصلاح.

وقديما، كان المستخدمون يشترون منتجات معمرة باهظة الثمن مع توقع إمكانية الإصلاح. إذا لم يتمكنوا من إصلاح أجهزتهم في المنزل فعادةً ما يمكن لمتجر قريب القيام بهذه المهمة. كانت متاجر الإصلاح الموجودة في كل زاوية شائعة في معظم المدن خلال السنوات الماضية، لم يصلحوا أجهزة التلفزيون فقط بل العديد من الأجهزة المختلفة وساعدوا في الحفاظ على الاستثمار الكبير الذي تمثله هذه المنتجات.

فرصة سانحة

بعد عناد طويل.. لماذا غيرت أبل رأيها وسمحت لغيرها بإصلاح أجهزتها

عدة عوامل غيرت هذه الديناميكية. أولاً، بفضل سلاسل التوريد العالمية والتصنيع، فإن التكلفة الحقيقية للسلع المعمرة مثل أجهزة التلفزيون تنخفض منذ عقود. بالنسبة للعديد من المستهلكين، أصبح الآن من الأسهل والأرخص التخلص من الشاشة والترقية بدلاً من محاولة الإصلاح. نتيجة لذلك، لم يكن لدى الشركات المصنعة أسباب قليلة لبناء سلاسل توريد قطع الغيار باهظة الثمن.

على الرغم من أن منتجات أبل كانت بالكاد يمكن التخلص منها إلا أنها حدت من الوصول إلى الأجزاء والأدوات المتخصصة وجعلتها حصريًا لمحلات الإصلاح المعتمدة.وأدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الإصلاحات ودفع المستهلكين إلى شراء أجهزة آيفون جديدة بدلاً من الحفاظ على ما لديهم. وفي عام 2019، اعترف الرئيس التنفيذي تيم كوك بأن الإيرادات قد تراجعت عندما بدأ المستهلكون في اختيار استبدال بطاريات الشركة بدلاً من شراء أجهزة الآيفون الجديدة.

لماذا لا تسمح أبل لغيرها بإصلاح أجهزتها الإلكترونية؟

بعد عناد طويل.. لماذا غيرت أبل رأيها وسمحت لغيرها بإصلاح أجهزتها

وطوال الوقت، حاربت أبل بقوة التشريعات التي تهدف إلى منع مثل هذه الممارسات بحجة أن الإصلاح الذاتي يعرض المستخدمين للخطر ويهدد الملكية الفكرية ويحرض الهاكرز ويتيح لهم البحث عن ثغرات بالآيفون، ومع ذلك، كانت لهذه القرارات عواقب. لم يكن لدى المستخدمين خيارات كثيرة بشأن من يمكنه اصلاح أجهزة الآيفون الخاصة بهم وكثيراً ما دفعوا أكثر نتيجة لذلك، وفي الأسواق الناشئة، أدى نقص مراكز الإصلاح المعتمدة إلى صعوبة صيانة الأجهزة بشكل خاص كما أنها تسعى للحفاظ على إمبراطوريتها الضخمة والمتعلقة بخدمات الصيانة والإصلاح التي تقوم بها والتي تجلب لها مليارات الدولارات بشكل سنوي وأخيرا، أدى تحيز أبل ضد الإصلاح إلى تقويض التزامها بالاستدامة حيث وجدت الشركة نفسها أن هناك أكثر من 80٪ من انبعاثات الكربون المرتبطة بأجهزة الآيفون أثناء مرحلة التصنيع (يمثل الاستخدام الفعلي 16٪) والإصلاح يعني انبعاثات أقل.

بعد عناد طويل.. لماذا غيرت أبل رأيها وسمحت لغيرها بإصلاح أجهزتها

لذا، كان تغيير أبل غير متوقع لكن كان له منطق واضح. لأكثر من عقد من الزمن، كان نشطاء ومؤيدي مشروع "الحق في الإصلاح" يضغطون على المجالس التشريعية للولايات والمسؤولين الفيدراليين لحظر ممارسات مكافحة الإصلاح وفي مارس حقق هؤلاء النشطاء نصرا كبيرا عندما أصدر الرئيس جو بايدن أمرا تنفيذيا يدعو إلى إنهاء إصلاح الاحتكارات وبالنسبة لشركة أبل كان هناك خيارين: توسيع خيارات الإصلاح من تلقاء نفسها أو العناد وخوض معركة خاسرة وإجبارها على ذلك في النهاية.

تأثير أبل

بعد عناد طويل.. لماذا غيرت أبل رأيها وسمحت لغيرها بإصلاح أجهزتها

لم يتم تصميم منتجات أبل لكي يتعامل معها المستخدمين العاديين والهواة ولهذا كانت العقبات أمام عملية الإصلاح في المنزل كبيرة حيث يحتاج المستخدم من أجل عملية الإصلاح أشياء كثيرة ومعقدة بدءًا من البطاريات المُلصقة إلى البراغي التي تتطلب رؤوس مفكات خاصة والآن سيحتاج مصممو منتجات أبل إلى أخذ غير المتخصصين في الاعتبار ويجب أن يؤدي ذلك إلى منتجات يمكن إصلاحها بسهولة أكبر وربما حتى البطارية ستكون عملية تبديلها وإخراجها سلسة حيث آخر ما تريده أبل هو أن يشتكي المستخدمين من السعر المبالغ فيه لحقيبة الإصلاحات والأدوات.

ولايقتصر الأمر على مالكي الآيفون فقط، إن تأثير أبل على تكنولوجيا المستهلك واسع جدًا لدرجة أنه من المحتمل أن يُحاكي قرارها الآخرون، مما يعزز "قابلية الإصلاح" كميزة للجهاز. وفي الوقت نفسه، من المفترض أن يشهد السوق العالمي المزدهر للأجهزة المستعملة تدفقًا للأجهزة التي تم إصلاحها أو يمكن إصلاحها وفي المقابل، يمكن أن يستفيد المستهلكون في الأسواق الناشئة بشكل كبير. والأهم من ذلك، أن كل هذه التطورات ستساعد البيئة بشكل كبير.

apple - آبل

بطبيعة الحال، قرار شركة أبل الحالي لا ينبع من تعاطفها وقلبها الحنون مع الآخرين بل يرجع لأسباب أخرى وتشمل الضغط المشترك من قبل المستهلكين والمنظمين والمساهمين والذي ساهم في تغيّر تفكيرها وإستراتيجيتها كما أن هناك ضغط أخر قادم من داخل الشركة حيث لم يرغب الكثير في أن يكونوا معاديين للإصلاح بالطريقة التي كانت عليها أبل سابقا ولا يمكن أن نغفل عن التدقيق والرقابة الحكومية التي يمكن أن تكون قد ساعدت في قيادة التغيير الذي نلحظه في قرارات صانع الآيفون.

أخيرا، بالنسبة للمتاجر التي ترغب في الإنضمام كمراكز معتمدة في برنامج الإصلاح التابع للشركة، يجب أن يجتازوا شروط أبل الصارمة ومع ذلك، قرار الشركة بالغ الأهمية وخاصة أن المستخدمين لا يتمتعون حتى الآن بالحق العالمي في إصلاح أغراضهم، لكن بفضل هذا التغيير بالطبع أصبحوا لديهم الآن خطوة للأمام لكي يكونوا قادرين على اصلاح أجهزتهم بأنفسهم بكل سهولة وبالطبع كعادتهم، وكما حدث من قبل في أمور كثيرة مثل مقبس السماعة والشاحن في العلبة، سوف تقوم شركات التكنولوجيا وتصنيع الهواتف الذكية الأخرى بالسير على خطى أبل وتوفير خيارات من أجل أن يستطيع المستخدمين إصلاح أجهزتهم ولهذا يمكن أن أعتبر قرار أبل خطوة رائعة ومهمة جدا للمستخدم بالرغم من الإنتظار الكثير ولكن كما يقولون، أن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي على الإطلاق.