فكرة إصدار لعبة كنسخة Early Access ليست بفكرة جديدة أو نظام مستحدث ولكنها أكثر شيوعا في الألعاب المستقلة، الأفكار الجديدة وبعض ألعاب الأونلاين لكن خلال العام الجاري تابعنا إصدار أكثر من لعبة AAA كنسخة Early Access وهو أمر غريب قليلا لأننا نتوقع دائما أن الألعاب الكبيرة يجب أن تصدر بشكل كامل ونهائي.

أول أمس تابعنا تأجيل لعبة Cyberpunk 2077 مرة أخرى ومن الواضح أن فريق Cd Projekt يرفض تماما أن يصدر اللعبة بشكل ناقص ويرفض حتى إصدارها كنسخة Early Access يتم تطويرها مع مرور الوقت كما حدث مع الكثير من العناوين خلال العام الجاري.

أيضا عام 2020 حتى الآن لا يقدم الكثير من العناوين الجيدة ولا يمكننا أن نعتبر ألعاب الـ Early Access من قبيل ألعاب 2020 التي تدخل التقييم لأن هذه النسخ دائما ما يكون لها تقييم خاص مربوط بحجم المحتوى التي تقدمه في الوقت الراهن وكذلك لا يلتفت إلى العديد من المشاكل التقنية الموجودة داخلها.

بكل تأكيد نسخ الـ Early Access تؤثر بشكل ما على صناعة الألعاب ولكن السؤال هنا هل هذا التأثير إيجابي أم سلبي؟

في حقيقة الأمر لكي نجاوب على هذا التساؤل يجب علينا أن نستعرض أبرز الألعاب التي اتبعت هذا النهج خلال العام الجاري ونرى تقييمها ومدى تأثيرها وهو ما سنفعله في هذه المناقشة عزيز القارئ.

Early Access Games

ما هي النسخ الـ Early Access.

يمكننا اعتبار هذه النسخ أنها ألعاب غير كاملة فهي عبارة عن نسخة مبدئية من لعبة وصلت إلى مرحلة تطوير متقدمة وأصبحت صالحة للعب بشكل ما.

هذه النسخ تتعامل مع اللعبة بشكل فريد جدا لأنها قابلة للتغير في كل نواحي اللعبة تقريبا حتى أسلوب اللعب نفسه يمكن أن يتغير عند إصدار النسخة النهائية من اللعبة.

كذلك مستوى الرسوم وأحداث القصة قابلة للتعديل أو حتى الحذف والإضافة وبهذه الطريقة يمكن أن تختلف تجربة اللعب في كل النواحي عند إصدار النسخة النهائية.

قد يعتقد البعض أن هذه النسخ هي مجرد ألعاب كاملة ولكن مازال بها بعض المشكلات التقنية التي يتم معالجتها مع الوقت ولكن الفكرة أن هذه النسخ لا تقتصر فقط على المشاكل التقنية كما أوضحنا بل تمتد لكل نواحي وعناصر اللعبة.

المشكلة الأكبر أننا لا نعلم التاريخ النهائي لإصدار النسخة النهائية فاللعبة تصدر كإصدار مبكر ويبدأ المطور في العمل عليها وتحديثها بشكل مستمر حتى يشعر أنه انتهى بشكل كامل من العنوان وعندها سيقوم بإصدار النسخة النهائية لذلك في بعض الأحيان نجد أن اللعبة تستمر كنسخة إصدار مُبكر لعدة أعوام.

أبرز نسخ الـ Early Access خلال عام 2020.

كما ذكرنا خلال العام الجاري شاهدنا إطلاق مجموعة كبيرة من نسخ الإطلاق المبكر سواء كانت عناوين صغيرة ومستقلة أو عناوين كبيرة وهامة وفي هذه النقطة نكتفي بذكر أبرز الأمثلة أو العناوين الكبيرة فقط.

لعبة Mount and Blade Bannerlord.

هذه اللعبة كانت منتظرة بشكل كبير جدا من عشاقها لأنها أخذت فترة طويلة جدا أثناء عملية التطوير وتم تأجيلها أكثر من مرة لدرجة أننا بدأنا نفقد الأمل في رؤيتها.

بعد ذلك تم الإعلان عن إصدار اللعبة خلال العام الجاري ولكن نسخة إطلاق مبكر وهو أمر كان محبط للبعض وحماسي للبعض الأخر الذي لا يستطيع الانتظار أكثر من ذلك.

مع إطلاق اللعبة ظهرت أهمية هذا العنوان حيث حظت اللعبة بأفضل انطلاق على متجر Steam خلال العام الجاري وقتها.

بالمناسبة شخصيا اعتبر من أكثر العاشقين لهذه السلسلة وكنت انتظر اللعبة على أحر من الجمر بأي شكل حتى وإن كانت نسخة ألفا وعندما صدرت اللعبة قمت بتجربتها بشكل فوري ومراجعتها.

للأسف الشديد عند تجربتي للعبة وجدت أنها ممتعة جدا ومسلية ولكنا لا تصلح لأي شخص لا يعرف السلسلة اصلا لأن اللعبة كانت مليئة بالمشاكل التقنية ومشاكل البناء لدرجة اعتقد لن تكون مقبولة إلا لشخص عاشق لهذه اللعبة بالفعل.

بدون النظر إلى المشاكل التقنية الموجودة في اللعبة، للأسف عانت من مشاكل كبيرة في البناء الرئيسي بشكل قد يخرب التجربة.

على سبيل المثال الممالك الموجودة في اللعبة كانت مختلفة في القوة بشكل كبير وأحداث اللعبة تجري بشكل أسرع من اللازم لدرجة أنه بعد مرور عدة ساعات فقط تجد ممالك اختفت تماما من على الخريطة وأصبحت قلاعها ومُدنها في قبضة الممالك الأخرى وهذا يجب أن لا يحدث لأن اللعبة تنتمي إلى نوعية ألعاب من المفترض أن تمتد لفترة طويلة جدا.

كذلك النظام الاقتصادي الخاص بها كان ركيك وسطحي وببساطة شديدة تجد نفسك تمتلك أموال يمكنها شراء كل الخريطة وأفضل العتاد والأسلحة.

بعد ذلك بدأ المطور في إصدار تحديثات كثيرة متعاقبة منها الكبير والهام ومنها الصغير الذي يعمل على حل بعض المشكلات البسيطة والآن اللعبة أصبحت قابلة للعب بشكل كامل وستعجب أي شخص يجربها حتى وأن كان جديد على السلسلة فمثلا تم حل مشكلة الممالك سابقة الذكر ولكن بالطبع مازال يوجد بعض المشاكل التي يعمل عليها المطور في الوقت الحالي.

لعبة Baldur's Gate III.

واحدة من أهم ألعاب تقلد الأدوار التي صدرت العام الجاري واللعبة كانت منتظرة بشكل كبير جدا لأنها تنتمي إلى سلسلة هي الأعرق والأهم في هذه النوعية من الألعاب والاهتمام ازداد بعد أن عرفنا أنها قادمة من تطوير فريق Larian Studios وهو الفريق الذي قدم لنا لعبة Divinity Original Sin 2 والتي تعتبر واحدة من أفضل تجارب تقلد الأدوار خلال الجيل الحالي.

عندما قمت بتجربة اللعبة وجدت أنها تقدم تجربة تقلد الأدوار الأعمق حتى الآن خلال العام الجاري كما أنها تمتلك نظام حواري لا غبار عليه ينخرط من اللعبة وأحداثها بشكل كامل.

لكن للأسف اللعبة تعاني بشكل كبير بالنسبة لحركة الشفاة والتصاميم الرسومية غير المكتملة على الإطلاق، كل هذا ليس مشكلة ويمكن التعامل معه ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في عدم اكتمال القصة أصلا لأن قصة اللعبة تم تقسيمها على ثلاث فصول ونسخة الإطلاق تحتوي على الفصل الأول فقط وهو يحتاج إلى 30 ساعة لعب تقريبا.

بعدما انتهيت من الفصل الأول أصبحت معلقا بشكل كبير فأنا احتاج إلى تكملة القصة خصوصا وأنها رائعة ولكن للأسف يجب على الانتظار الآن حتى يصدر الفصل الثاني والثالث وهو أمر قد يستغرق من المطور عام كامل حسب تصريحاتهم الرسمية.

الأيام تأخذنا وأخشى عندما يصدر الفصل الثاني والثالث لأكون قد نسيت اللعبة أصلا أو لم تعد تصيح على قائمة اهتمماتي وهو أمر حزين جدا وشخصيا كنت أفضل أن تصدر هذه اللعبة عام 2021 أو حتى 2022 ولكن بشكل كامل وبدون أي نقصان لأن هذه اللعبة أذا كانت صدرت بشكلها النهائى كان من الممكن أن تكون من أفضل الألعاب خلال العام الجاري.

جدوى النسخ الـ Early Access.

حتى الآن نسخ الإطلاق المبكر التي صدرت خلال عام 2020 أخذت من الألعاب أكثر مما قدمت فجميع الألعاب ناقصة بشكل كبير جدا والمشكلة هنا أن الانطباع الأول يدوم وأيضا يتم إصدار العديد من العناوين الأخرى التي قد تشغل اللاعب وتجعله ينسى متابعة الألعاب القديمة وتحديثاتها.

في أغلب الأحوال يكون إصدار نسخ الإطلاق المبكر الهدف منه دفع ميزانية المطور والناشر للأمام حيث يكون تم إنفاق العديد من الأموال خلال عملية التطوير بدون عائد مادي حقيقي بسبب عدم إصدار اللعبة.

أيضا في بعض الأحوال يكون الإصدار المُبكر بسبب ضغط القاعدة الجماهيرية على المطور والناشر ورغبتهم في تجربة اللعبة وهذا الوضع يعود إلى الخطط الزمنية الخاطئة التي تضعها الشركات أو الكشف المُبكر عن اللعبة

الشكل الأمثل لنسخ الـ Early Access.

يجب وضع معايير لهذه النسخ حتى لا تدمر الكثير من العناوين الهامة والجيدة ولعل أبرز هذه المعايير هو ضرورة إنهاء اللعبة بشكل تقني محكوم ودقيق، يجب أن تصدر الألعاب مع أقل عدد من المشاكل والأعطال التقنية وهو للأسف أمر أصبحنا لا نراه كثيرا حتى مع النسخ النهائية حيث يعتمد المطورعلى إطلاق تحديثات تحسن من هذه المشاكل التقنية.

إذا أرادت الشركات أن تصدر نسخة محدودة من اللعبة يجب أن تكون محدودة بشكل معين على سبيل المثال إصدار اللعبة بطورها الرئيسي فقط على أن يتم إضافة باقي أطوار اللعب وأطوار الأونلاين في وقت لاحق.

كذلك يمكن إصدار اللعبة بعدد محدود من الشخصيات والأدوات كافي لإنهاء اللعبة بدون مشاكل وعندما تصدر باقي الشخصيات القابلة للعب يكون للاعب مطلق الحرية في تجربتها مرة أخرى أو يكتفي فقط بالتجربة الأولى.

الخلاصة.

يجب على الشركات الاهتمام بتقديم ألعاب كاملة خصوصا إذا كانت العناوين كبيرة أو منتظرة بترقب ضخم وشخصيا احترمت جدا موقف CD Projekt Red عندما أعلن عن تأجيل لعبته الهامة جدا Cyberpunk لأن الأهم من إصدار اللعبة هو نجاحها وأن تتسق مع توقعات الجماهير.

أما بالنسبة لنا كلاعبين فلا أنصح أي شخص بشراء لعب Early Access خصوصا مع فهم المطور الخاطئ لهذه النوعية من الألعاب، لذلك يجب على الأقل أن ننتظر حتى نقرأ مراجعة من مكان موثوق ومحايد حول هذه النسخ حتى نعرف حجم التجربة التي سنحصل عليها.

هذا الإجراء ليس الغرض الوحيد منه الحفاظ على المال ولكن أيضا للحفاظ على مستوى الحماس تجاه اللعبة التي ننتظرها.

أخيرا لا تنسى عزيزي القارئ أن تشاركنا رأيك حول هذا الموضوع الشائك وهل ترى نسخ الإطلاق المُبكر في مصلحة اللاعب واللعبة أم لا؟