يحتفل موقع فيس بوك بمرور 15 عاماً على إطلاقه والذي يوافق مع يوم 4 فبراير من عام 2004 والذي أسسه Mark Zuckerberg مع عدة زملائه في جامعة هارفارد الأمريكية ليصل الآن إلى أكبر موقع تواصل اجتماعي على الساحة. خلال تلك الفترة الطويلة شهد الموقع الكثير من التطور بداية من اسمه الذي كان Thefacebook مروراً بسبب تطويره وصولاً بطريقته في جنى الأرباح وسياسته للخصوصية. تغيرات كثيرة حدثت خلال 15 عام وأراء كثيرة تغيرت خلال تلك الفترة بين مؤيدٍ ومعارض للموقع ولاستخدامه في الأساس, لذا نناقش معكم اليوم أبرز العلامات في تاريخ فيس بوك وأبرز المواقف الجدلية التي حدثت خلال عمر الموقع.

تأسيس فيس بوك

[caption id="attachment_232153" align="aligncenter" width="620"]فيس بوك تسجيل الدخول لموقع فيس بوك عندما كان حصرياً لطلبة جامعة هارفارد[/caption]

كان الظهور الأول لفيس بوك وكما ذكرنا يوم 4 فبراير من عام 2004 حيث ظهر نتيجة تطوير لمؤسس الموقع Mark Zuckerberg ومجموعة من زملاءه في جامعة هارفارد تحت اسم thefacebook. الموقع الوليد حينها thefacebook كان موجه لإنشاء مجتمع موجهة لطلبة جامعة هارفارد للتواصل الاجتماعي حيث كان إنشاء الحسابات عليه أمر حصري لطلبة الجامعة قبل أن يتم السماح لطلاب الجامعات الأخرى بإنشاء حسابات والانضمام إليه. قدرات الموقع حينها كانت محدودة للغاية حيث كان يمكنك البحث عن أصدقاءك في الجامعة مع تطور الأمر لمشاركة الصور والروابط بشكل بدائي مقارنة بالآن ولكنه كان تطوراً في الموقع حينها.

لم يستمر الوضع كما هو للموقع الجديد لفترة طويلة حيث انتقلت من غرفة سكن مؤسسه إلى بالو ألتو بمدينة كاليفورنيا الأمريكية لسرعان ما يغير الموقع اسمه إلى facebook بعد استثمارات كبيرة من عدة مستثمرين مكنته من شراء facebook.com بمبلغ 200 ألف دولار أمريكي. استمر نمو الموقع بوتيرة سريعة مع سعى المزيد من المستثمرين في ضخ أموالهم في التجربة الجديدة حتى يصل الموقع إلى إطلاقته العالمية.

الانطلاق العالمي

[caption id="attachment_232152" align="aligncenter" width="1920"]فيس بوك واجهة تسجيل فيس بوك عند انطلاقه عالمياً والتي لم تتغير حتى يومنا هذا[/caption]

شهد يوم 26 سبتمبر من عام 2006 الإطلاق العالمي لموقع فيس بوك حيث أتاح الموقع لأي شخص ذو 13 عاماً فاكثر من الانضمام للموقع فقط من خلال امتلاكه لحساب بريد الكتروني فعال. ليبدأ الموقع في سلسلة متواصلة من النجاحات بدأت بشراء مايكروسوفت 1.6% من أسهم الشركة بمبلغ 240 مليون دولار واستمرت مع وجود 100 ألف صفحة لمؤسسات وشركات تسوق لنفسها وتعرض منتجاتها وإعلاناتها من خلال الوقع, ليصل عدد الحسابات بحلول منتصف 2010 إلى مليار حساب مع وجود قرابة 500 مليون مستخدم يومي نشط بقرابة 34 دقيقة ووجود 150 مليون منهم من مستخدمي نسخة الهاتف من الموقع أو تطبيقاته للهواتف حينها.

السيطرة والنفوذ

[caption id="attachment_232154" align="aligncenter" width="630"]فيس بوك فيس بوك يصل إلى مليار مستخدم شهري نشط[/caption]

شهدت الفترة بين عامي 2011 و 2012 بداية انتشار فيس بوك بصورة ضخمة مع زيادة طموحات الشركة في الوصول لعدد أكبر من المستخدمين خاصة مع نشأة عدد مواقع منافسة أبرزها تويتر و Google Plus إلا أن شعبية فيس بوك الجارفة لم تمكنهم من سرقة الأضواء منه, الموقع تمكن خلال تلك الفترة للوصول إلى مليار مستخدم شهري من بينهم 600 مليون مستخدم لتطبيقات الموقع للهواتف الذكية لتنتهي تلك الفترة بالاستحواذ على Instagram.

وامتدت سياسية فيس بوك في التوسع لأكبر من ذلك حيث تمكن من الاستحواذ في 2014 على تطبيق المحادثة الشهير WhatsApp بمبلغ 19 مليار دولار في صفقة قياسية, فيس بوك بحثت أيضاً عن التوسع في مجالات أخرى أبرزها كان الذكاء الافتراضي والواقع المعزز وكان ذلك من خلال مشروع Oculus Rift والذي انطلق في عام 2015 بطرح فيس بوك لنظرتها للواقع الافتراضي.

بداية الإخفاقات

15 عام على تأسيس فيس بوك, بين الانطلاقة القوية والإخفاقات المتتالية

استمرت مسيرة فيس بوك الناجحة والملهمة للكثيرين حتى نهاية عام 2015 حين بدأ الاتهامات توجه للموقع حول انتهاكه المستمر للخصوصية, فإعلانات الموقع بدأت تعتمد في ذلك الوقت على نظام أقوي من أي وقت مضي يعتمد على المعلومات التي يجمعها عنك الموقع وتطبيقاته المختلفة ليقدم لك الإعلان المناسب لك. شهدت نهاية هذا العام ومطلع 2016 ازدياد الإعلانات الموجهة بشكل لم يكن لأحد أي يتخيله فأي عملية بحث على حاسبك الشخصي أو على هاتفك الذكي ستجد إعلان بخصوصه فور استخدامك لفيس بوك الأمر وصل إلى تتبع تحركات المستخدمين واقتراح الأصدقاء الذي لم يعد مبني على الأصدقاء المتشاركين أو على أماكن العمل والدراسة بل على الأماكن التي تردد بها لتجد أُناس لا تربطك بهم أي صلة في أعلى قائمة أصدقائك المقترحين فقط لأنكم تترددون على نفس الأماكن.

استغلال البيانات والانتخابات الرئاسية الأمريكية

نجاح فيس بوك المستمر في تلك الفترة غطي بصورة ما على تلك الاتهامات المستمرة مع تستر الموقع على انتهاكه لخصوصية مستخدميه خلف حجة تحسين تجربة المستخدم وشروط وسياسية الموقع التي كانت تؤكد جمعه للمعلومات ولكن فقط من أجل تحسين تجربة المستخدم. وبرغم تخطي فيس بوك لتلك الاتهامات إلا أنه تعرضت لعدة ضربات موجعة جعلته يخسر الكثير, الضربة الأولى كانت الانتخابات الأمريكية والتي أشارت تقارير عدة إلى أنه تم استغلال الموقع من قبل الحكومة الروسية بصورة غير مباشرة لتضليل وتوجه الناخبين والتأثير على آرائهم. كان رد الموقع حينها أنه سيعمل على محاربة الأخبار والحسابات المزيفة والموجهة كما أنه سيعمل على أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم تكرار تلك الأزمة مرة أخرى.

فضيحة Cambridge Analytica

[caption id="attachment_230253" align="aligncenter" width="740"]فيس بوك التحقيق مع Mark Zuckerberg مؤسس فيس بوك في الكونجرس الأمريكي[/caption]

لم تكن الإخفاقات السابقة بالإخفاقات المدوية فيمكننا أن نصفها بإنها تعثرات بسيطة كما يحدث مع أي مؤسسة أخرى إلا أن فضيحة Cambridge Analytica كانت وما زالت علامة فاصلة في تاريخ الموقع رسخت مفهوم انعدام الأمان والخصوصية على الموقع. ولمن لا يعلم ففي يوم 17 مارس 2018 نشرت كل من جريدتي The Guardian و The New York Times تقرير يتهم فيسبوك بإن مؤسسة Cambridge Analytica تمكنت من جمع معلومات وبيانات من حوالى 87 مليون مستخدم دون علمهم ودون أذن مسبق مع اختفاء دور فيس بوك في إيقافهم, التقرير استند لمستندات موثوق منها كما استند إلى عدة تقارير سابقة نُشرت بداية من ديسمبر 2015 مع استمرار عمليات التحقيق حتى موعد نشر التقرير النهائي. أغلب المستخدمين الذين تم سرقة بياناتهم كانوا من الولايات المتحدة الأمريكية والذين يقدر عددهم 70 مليون مستخدم لتُستغل تلك المعلومات فيما بعد في حملات سياسية واسعة كان أبرزها الانتخابات الأمريكية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. تلك الفضيحة لم تتوقف عند الضجة الإعلامية الهائلة التي حدثت حينها بل امتدت إلى انتشار حملة DeleteFacebook التي طالب المشاركين فيها إغلاق حساباتهم والتي شارك فيها الكثير من المشاهير عالمياً, الأمر امتد أيضاً إلى أن مؤسس الموقع ومدير شركة فيس بوك Mark Zuckerberg تعرض لتحقيق أمام الكونجرس الأمريكية والذي تمكن من الهروب فيه من أي مسائلة قانونية ولكنه أكد لمشرعي القوانين الأمريكية أنه يجب أن يبقوا أنظراهم تجاهه.

تسريب بيانات 30 مليون مستخدم

لم يكن عام 2018 هو الأفضل في تاريخ فيس بوك, فبعد 6 أشهر فقط من الفضيحة السابقة تظهر من جديد أزمة جديدة حول تسريب بيانات 30 مليون من مستخدميه. ففي شهر سبتمبر الماضي لاحظ ما يقرب من 80 مليون من مستخدمي الموقع تسجيل الخروج من حساباتهم المفعلة على تطبيق الموقع على الهواتف الذكية, ما أثار حيرة كبيرة حينها حول هذا الحدث الغير عادي. فيس بوك بررت أنها اتخذت إجراء كهذا لضمان سلامة حسابات المستخدمين إثر اكتشاف ثغرة في خاصية View As اتاحة لقراصنة الاستيلاء على بيانات ومعلومات هامة عن 30 مليون مستخدم خلال فترة 6 أشهر ما دفعها لتسجيل الخروج من حسابات كل من استخدموا تلك الخاصية في تطبيقات الهواتف الذكية.

إتاحة الوصول على رسائل المستخدمين

لم تنته بعد مشاكل فيس بوك في عام 2018 لينتهي العام بضربة جديدة وكأن الضربات السابقة والتي نالت ليس فقط من سمعة الموقع بل ومن أرباح وقيمة شركة فيس بوك لم تكن كافية. تقرير جديد ولكن هذه المرة فيس بوك متهم مباشر ليس بالتقصير ولكن بتسهيل الوصول لمحادثات مستخدميها. التقرير أشار إلى أن فيس بوك اتاحة لنظم عدة خدمات أبرزها خدمات البث مثل Netflix في عام 2015 بالوصول إلى محدثات المستخدمين مستغلين تلك البيانات في توجيه الإعلانات حول اهتماماتهم وهو ما يشتكي منه مستخدمي الموقع منذ أكثر من 3 سنوات.

الاستمرار في النجاح أم إخفاقات جديدة؟

يمتلك فيس بوك الآن 2 مليار مستخدم شهري نشط للموقع وتطبيقاته على مختلف الأجهزة لينفرد وحيداً بعيداً عن منافسه تويتر الذي يملك فقط 300 مليون مستخدم شهري نشط, ولكن ومع هذا العدد الهائل من المستخدمين ما زالت الكثير من الشكوك والسمعة السيئة تحوم حول الموقع فهل ينجح موقع التواصل الشهير في تخطي تلك العقبات والاستمرار في نجاحاته أم أن الفضائح المتكررة قد تنعطف به إلى طريق آخر؟