بعد دخول أمازون السوق المصري منذ أيام توقع الكثيرون أن السوق سينقلب رأساً على عقب، وأن الشركة الأمريكية ستفرض أسعاراً جديدة على المنتجات ليحظى المستهلك المصري بتجربة أفضل ترتقي لما يحصل عليه المستخدمون في الأسواق الأخرى.

هذه الفكرة ربما فكرة طامحة ولكنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة، للأسف الأمور لا تسري بهذه الطريقة على منصات التجارة الإلكترونية. انتشار تعليقات تؤمن بهذه الفكرة في منشوراتنا التي تحدثنا فيها عن تحول سوق إلى أمازون دعتنا للتفكير في أن نشرح لكم كيف تعمل منصات التجارة الإلكترونية، ليس فقط من منطلق أننا نمتلك متجر إلكتروني خاص بنا بل ولأننا نعرض بعض المنتجات على أمازون مصر أو سوق.كوم سابقاً.

كيف تعمل إذاً منصات التجارة الإلكترونية؟

دعونا نبدأ بتعريف ما هي منصات التجارة الإلكترونية، مثل أمازون، ونون، وجوميا، وعلي بابا، Walmart وغيرها، تلك المنصات هي المماثل الإلكتروني للأسواق التجارية الضخمة، فبدلاً من أن تمتلك مبنى مكون من مئات المحلات تقوم بتأجيره إلى أشخاص أو مؤسسات مختلفة، تقوم منصات التجارة الإلكترونية باستضافة البائعين لعرض منتجاتهم وبيعها في مقابل الحصول على عمولة تختلف بحسب عوامل كثيرة سنناقشها فيما بعد بالتفصيل.

Amazon Jumia Noon Alibaba

السطور السابقة تؤكد لك أن المنصة ليس لها سلطة على المنتجات المعروضة ما دامت مطابقة للمواصفات القانونية في البلد الذي يتم فيها تقديم الخدمة وما دامت مطابقة للمواصفات التي يعلنها البائع.

كيف تربح منصات التجارة الإلكترونية؟

الرسوم والعمولات

كما ذكرنا تربح منصات التجارة الإلكترونية بواسطة الحصول على عمولات من عمليات البيع على منصتها، فما هي هذه العمولات؟

أولا تحصل المنصة على نسبة من المنتجات المباعة. أمازون مثلاً تحصل 4% من ثمن بيع الهواتف علي موقعها في مصر، 10% على الأجهزة الإلكترونية، 3% على أجهزة التلفاز، 6% على أجهزة الكومبيوتر الخ.. هذه الرسوم ليست الوحيدة التي تتحصل عليها أمازون، وهناك رسوم أخرى.

عندما تقرر أنت كبائع عرض منتجاتك على أمازون يسألك أمازون سؤال هاماً: هل تريد أن تتم عملية الشحن من خلالنا أم من خلالك أنت؟ إذا اخترت أن تتم عملية الشحن بواسطة أمازون فهذا يعني أنك كبائع ستدفع لأمازون رسوم لشحن بضاعتك من مخزنك أو من مقر شركتك إلى مخازن أمازون. بقاء البضاعة في مخازن أمازون يتطلب أيضاً دفع رسوم التي تتوقف على حجم ونوع هذه البضاعة ومن ثم شحن البضاعة إلى العميل.

قد يرى البعض أن البائع يفضل الشحن مباشرة من مخازنه إلى المشتري ولكن من وجهة نظر العميل فإن الأخير يفضل شراء المنتجات المضمونة التي تزيد ضمانتها إذا كانت المنصة وسيط في هذه العملية.

بيع المنتجات

ثاني طريقة تحصل بها منصات التجارة الإلكترونية هي بيع المنتجات بنفسها بدلاً من كونها وسيط في هذه العملية. في هذه الحالة تقوم المنصة نفسها بإجراء التعاقدات وكأنها بائع كباقي الباعة، لكن حتى في هذه النقطة لن تتمكن المنصة من تقليل الأسعار، وفي الغالب ستبيع بأسعار السوق الحالية.

بيع البيانات

كأي خدمة إلكترونية في وقتنا هذا تقوم منصات التجارة الإلكترونية باستغلال بيانات المستخدمين إما بواسطة استهدافهم بإعلانات بناء على البيانات المجمعة أو باستغلال هذه البيانات في تحسين أنظمتها. تتم أيضاً عمليات بيع لهذه البيانات ولكن لا توجد إعلانات رسمية عن هذه العمليات.

منتجات Amazon Basics

تمتلك أمازون مصدر إضافي خاص بها وهو منتجات Amazon Basics. تبيع الشركة بعض المنتجات التي تصنعها تحت علامتها التجارية مثل الأجهزة والملحقات الإلكترونية.

اقرأ أيضاً: 5 أشياء سيستفيد منها المستخدم بعد تحول سوق.كوم إلى أمازون مصر

التسعير والخصومات

أهم جزء في حديثنا اليوم هو الجزء الخاص بالتسعير والخصومات. لا تجبر الشركات البائع على أسعار معينة للمنتجات بل للبائع الحرية التامة في اختيار سعر المنتج الذي يبيعه. أمر كهذا قد لاحظته بالتأكيد عند تصفح تلك المنصات حيث تجد نفس المنتج بأكثر من سعر مختلف.

تدخل المنصة هنا لا يأتي بصورة مباشرة عبر فرض السعر ولكن خوارزميات أي موقع يكون الهدف منها هو المكسب بالتأكيد التي تفضل المنتجات ذات السعر الأقل في حال تساوى منتجان في أغلب نقاط المقارنة.

في وقت الخصومات والعروض الكبرى لا تتدخل أي منصة في فرض خصومات على المنتجات التي لا تبيعها بنفسها، بل يبادر البائعون بالمشاركة. يبادر البائعون لسببين: الأول هو أنهم يستفيدون من الحملة الترويجية الضخمة التي تجريها المنصة دون دفع أي أموال إضافية. هذه الضجة ومع تقليل سعر المنتج سيفتح لهم الباب أمام بيع كميات كبيرة من منتجاتهم تعوض انخفاض السعر الذي قدموه. في نفس الوقت بقاء منتجاتهم دون خصومات يعني أنهم سيقفون بخطوة وراء المنتجات التي تبيعها المنصة وهو ما لا يرغب في أي بائع بالتأكيد.

في النهاية تظل أزمة الأسعار في مصر أزمة معقدة تتشابك فيها عدة أطراف. رسوم جمركية مرتفعة، واحتكار الوكلاء، ومبالغة أسعار بعض التجار، بالإضافة إلى تفرق المستخدمين، واختفاء وعيهم بحقوقهم واختفاء أي بوادر لوجود بدائل محلية ولو بسيطة.

السوق المصري

دخول أمازون للسوق المصري لم ولن يحل هذه المشاكل، ففي النهاية هي مؤسسة ترغب في الربح والظروف الحالية تخدمها، أما فيما يخص سمعة الشركة فإن أسعارها ليست جزء من هذه السمعة، بل جودة الخدمة المقدمة التي تعدّ الشيء الوحيد الذي يمكن أن نتأكد أنه قد يتحسن خلال الفترة المقبلة.