انطلق مؤتمر Intel Innovation 2023 رسميًا اليوم، بحضور واسع من وسائل الإعلام والمحللين وشركاء إنتل من جميع أنحاء العالم. وكما هو الحال دائمًا، بدأ الحدث بكلمة رئيسية ألقاها بات جيلسنجر، الرئيس التنفيذي لشركة Intel. والموضوع الرئيسي لهذا العام هو بلا شك الذكاء الاصطناعي، حيث تضع شركة Intel نفسها كشركة رائدة في قطاع الحوسبة سريع النمو هذا. 



 

طبقاً لخطّة الشركة، تريد Intel تزويد المطورين بالأدوات اللازمة لإنشاء تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يتم تشغيلها محلّياً على أجهزة المستخدمين الشخصية، لتعزيز خصوصية المستخدم وتمهيد الطريق لتحسينات الذكاء الاصطناعي لجميع أنواع حالات الاستخدام.

الطريف في الأمر أن جيلسنجر افتتح كلمته الرئيسية بعبارة جديدة ابتكرتها إنتل وهي "Siliconomy". حيث ترى شركة إنتل، أن صناعة السيليكون هي المُحرّك القادم للاقتصاد العالمي. فعلى مدار السنوات الخمس الماضية، كانت هناك زيادة بمقدار 4 أضعاف في عدد الأجهزة المتصلة، وعلى مدى السنوات العشر القادمة، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 15 ضعفًا.


هذا بدوره يفتح فرصًا جديدة للمطورين للنمو، مع وجود قاعدة عملاء ضخمة لتقديم ابتكارات برمجية جديدة لهم. وتأمل إنتل أن تكون أجهزتها وأدواتها في قلب كل ذلك.

الذكاء الاصطناعي والمُستقبل

لا شك أن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، حيث أصبحت صناعة التكنولوجيا بشكل عام تُركّز بشكل أساسي حالياً على الاستفادة من التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتعزيز عدد كبير من الصناعات. وقد تم عرض عدد قليل من الاستخدامات الجديدة للذكاء الاصطناعي على المسرح اليوم.

شركة Deep Render ومساحات أصغر لملفّات الفيديو

العرض الأول جاء من شركة Deep Render، الحائزة على جائزة Intel Ignite لهذا العام، وهي شركة تعمل على تكنولوجيا ضغط الملفّات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. أتاحت خوارزمية Deep Render أحجامًا أصغر لملفات الفيديو بمقدار خمسة أضعاف، لكنهم يريدون زيادة هذا إلى خمسين ضعفاً.


تم عرض فيديو لقدرات البرنامج نرى فيه مقطع فيديو صغير يعمل بنظام H.264 مقارنة بحل Deep Render وكانت النتائج مثيرة للإعجاب، حيث قدّم حل الشركة صورة أكثر وضوحًا بشكل ملحوظ مع عدد أقل من الشوائب، بمساحة أصغر بمقدار 5 مرات من نظام ضغط H.264، والذي أظهر الكثير من الشوائب في الصورة.

بالطبع هذه التقنية الجديدة ستُتيح حالات استخدام عديدة، مع القدرة على تقليص أحجام التنزيلات، خدمات البث وأرشيفات الوسائط، مما يقلل من استخدام النطاق الترددي بسبب أحجام الملفات الأصغر، مع توفير المساحة في مراكز البيانات أيضًا. كما أنه في حالة الألعاب مثلاً، فقد نبدأ في رؤية مساحات الألعاب التي وصلت إلى 150 جيجابايت. 

المساعد الرقمي Rewind

بعد ذلك تم عرض تطبيق جديد يُسمى Rewind، وهو عبارة عن مساعد رقمي يعمل بالذكاء الاصطناعي، قادر على تحليل شاشتك وصوتك لمساعدتك في العثور على المعلومات، استعادة البيانات، نسخ الكلام وكتابة رسائل البريد الإلكتروني. الميزة الأساسية فيه أنه يعمل محليًا على جهاز المُستخدم، بدلاً من الاعتماد على الحوسبة السحابية مما يزيد من الخصوصية. 

ركزت Intel أيضًا قليلاً على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين الحواس البشرية. في أحد الأمثلة، رأينا تطبيقًا يتحكم في أداة مساعدة سمعية ذكية، حيث يسمح لها بالضبط بين الوضع المركز حيث يمكن حجب المزيد من الضوضاء في الخلفية لسماع المحادثته بشكل أفضل، أو الوضع المحيطي حيث يمكنه التكيف ديناميكيًا مع البيئة المحيطة إذا كان شخص ما يحاول جذب انتباهك. 

ويتصور جيلسنجر مستقبلًا حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الحواس الأخرى أيضًا، كالنظارات المُدعّمة بالواقع المعزز مثلاً.

عصر الكمبيوتر الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي

تتطلع إنتل إلى الدخول في عصر الكمبيوتر الشخصي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، مع شرائح فعالة يمكنها تشغيل التطبيقات المحلية (على أجهزة المستخدمين نفسها دون الحاجة للشبكة) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في وقت لاحق من هذا العام مع أول معالجات Intel Core Ultra، التي ستصل في ديسمبر المُقبل.


ستكون هذه هي الشريحة الأولى التي تستخدم عقدة تصنيع Intel 4، ونظام الطباعة الحجرية EUV، مع نظام تغليف foveros، وتسريع الذكاء الاصطناعي، وWiFi 7، وبنية هجينة من أنوية P وE الجديدة.


في العرض التوضيحي، صعد أحد ممثلي شركة Acer على المسرح ومعه أحد أجهزة الكمبيوتر المحمولة الأولى التي تعمل بمعمارية Intel Core Ultra. وباستخدام تطبيق يستفيد من نظام OpenVINO، تمكّن اللاب توب من إنشاء صورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل فوري تقريبًا.

معمارية Lunar Lake

ولكن طبقاً لإنتل، فإن معمارية Intel Core Ultra (المُعتمدة على بنية Meteor Lake) هي مُجرّد البداية. حيث أعطتنا الشركة نظرة أوليّة على معمارية Lunar Lake، والتي لا تزال بعيدة جدًا في خارطة التصنيع، إلا أن Intel لديها بالفعل أنظمة تعمل بهذه الرقائق.

في عرض توضيحي باستخدام Audacity، تمكن النظام الذي يعمل بمعمارية Lunar Lake من إنشاء أغنية بسرعة "تحمل أسلوب" المُغنّية Taylor Swift. كانت الكلمات غير مفهومة بشكل واضح، ولكن نظراً إلى كونها تجربة أوليّة تستخدم أجهزة المستخدم وليس قوّة الشبكة، فقد كان العرض مقبولاً كتجربة أوليّة.

بعد ذلك انتقلنا مع Lunar Lake إلى تجربة تحويل النص إلى صورة، مع الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من خلال Gimp وOpenVINO لإنشاء أعمال فنية بنقرة زر واحدة.


وبالحديث عن المعماريات الجديدة، فإن معالجات Intel Arrow Lake التي تستخدم العقدة Intel 20A تسير على الطريق الصحيح، كما أننا في عام 2025، سنرى Panther Lake، التي تستخدم عقدة تصنيع Intel 18A، لتُكمل الشركة خارطتها المُتمثّلة في خمس عقد تصنيع في أربع سنوات.

معالجات Intel Xeon الجديدة!

على صعيدٍ آخر، دعونا ننتقل إلى أجهزة الخوادم ومعمارية Xeon، حيث أعلنت الشركة أن معالجات Emerald Rapids المُرتقبة ستكون معنا في غضون أشهر قليلة. حيث سيتم إطلاق الجيل الجديد من شرائح Xeon في منتصف شهر ديسمبر. ولكن ما تنتظره شركة Intel بالفعل هو ترقية Xeon التي سنراها في العام المقبل 2024، والتي تحمل الاسم الرمزي Sierra Forest، التي ستجلب تصميماً بأنوية هجينة جديدة. ويبدو أن التطوير يتقدم قبل الموعد المحدد.


في السابق، سمعنا أن معمارية Sierra Forest ستوفر 144 نواة، لكن Intel رفعت هذا العدد منذ ذلك الحين إلى 288، وهو رقم مُثير للدهشة في الواقع. ولكن أنتل ستُحقّق ذلك من خلال تصنيع المعالجات على هيئة قالبين في عُبوّة واحدة. لذلك فمن المُتوقّع أن تكون المعالجات كبيرة، عالية الأداء ومُكلّفة بشكلٍ ملحوظ.

مسابك إنتل تعود للمنافسة

كما نعلم، بدأت شركة Intel في التراجع في سباق المسابك وعُقد التصنيع مُنذ بضع سنوات مضت، نتيجة للعديد من المشاكل التصنيعية والمالية آنذاك. ومنذ ذلك الحين والشركة تعمل بجد لتصحيح هذا الوضع وشق طريقها مرة أخرى إلى موقع القيادة. لذا فالشركة لديها أيضاً مجموعة من الخطط لمستقبل المسابك وعمليات التصنيع الخاصة بها، حيث تُخطّط إنتل لتقديم أول جيل من أجهزة HI NA، والتي ستحل محل أجهزة الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية EUV.

هذا التحوّل إلى استخدام الركائز الزجاجية، سيُمكّن إنتل من بناء شرائح أكثر كفاءة وكثافة في الأجيال القادمة. فحاليًا، تستثمر Intel 100 مليار دولار في مرافق التصنيع الخاصة بها، وكما رأينا مع إطلاق خدمات Intel Foundry Services، تتطلع الشركة إلى توسعة رُقعة الإنتاج لتشمل مُنتجاتها الخاصة ومُنتجات للعملاء في جميع أنحاء الصناعة أيضًا. 

التعاون بين NVIDIA و Intel ونظرة للمُستقبل!

في سؤال وجواب بعد الكلمة الرئيسية، أشار جيلسنجر إلى أنه بينما تتنافس Intel وNvidia في بعض المجالات، مثل مسرع Gaudi AI من Intel مقابل H100 من Nvidia، إلا أنهما لا يزالان متعاونين وشركاء متحمسين في مجالات أخرى. 

ويأمل جيلسنجر أن تصبح Nvidia في النهاية أحد عملاء مسابك إنتل وأن تتبنى تصميم شرائح UCIe العالمي، والذي يحظى بدعم أكثر من 120 شركة حول العالم.

وبالطبع، لا يمكننا الحديث عن المُستقبل دون التطرّق إلى الحديث عن الحوسبة الكمومية. وهو المجال الذي تعمل فيه شركة Intel منذ فترة طويلة، ولكنها أيضاً تُحدث فيه شيئاً من التطوّر، حيث تستخدم Intel وحدات qbits من السيليكون وهي حاليًا الشركة الوحيدة التي تقوم بذلك. ولا شك أنهم إذا تمكنوا من تحقيق هذا الهدف، فيمكن لشركة إنتل أن توفر الرقائق التي تعمل بالطاقة الكمومية للجماهير بفضل قدرتها على إنتاج شرائح السيليكون على نطاق واسع. 

ومع ذلك، لا يزال أمامنا بضع سنوات حتى ترى تلك التقنية النور بشكلٍ واقعي، حيث تتوقع شركة Intel التحوّل إلى السيادة الكُمومية في ثلاثينيات القرن الحالي، ومع الذكاء الاصطناعي في المُعادلة، فنحن أمام مُتقبلٍ فريد من نوعه حقّاً...