مارك زوكربيرج غيّر اسم الشركة لكنه نسي أن يُغير اسمه!
منذ أيام خرج علينا مارك زوكربيرج معلناً تغيير اسم شركة فيسبوك إلى ميتا، معتقداً بذلك أنه يودع عصر من عدم الثقة والمشكلات، لكنه غفل كونه جزءاً من أسباب انهيار ثقة الناس في شركته.
لا شك أن عرض الميتافيرس ووعود زوكربيرج بعيدة المنال، لعالم افتراضي متكامل تستطيع أن تتحكم فيه كٌلياً وقادر على إشباع جميع رغباتك وتقديم تجارب الحياة إليك وانت مكانك، سلب عقول الملايين، لكنه كسحر كهنة "كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ".
من تابع خلال الأسابيع الماضية أزمات فيسبوك "شركة ميتا" وفضائحها التي انكشفت للعلن يمكن أن يفهم ما يحاول مارك زوكربيرج الوصول إليه بحديثه عن الميتافيرس وتغييره اسم الشركة ومحاولة خلق "ترند" لمصلحته بعدما كانت عناوين الأخبار حول العالم تتحدث عن أسراره التي انكشفت، وهذا ليس جديد على شخص زوكربيرج، فهو شخص انتهازي ومٌتلاعب لأقصى درجة ويمكن أن يفعل أي شيء ليحافظ على قلعته الزرقاء وضواحيها.
تاريخ مارك زوكربيرج وفيسبوك مع التلاعب
في بداية منصة فيسبوك رُوَّج لفكر عالم جديد مع تواصل غير محدود بين البشر عبر منصة مجانية و ستظل مجانية حسب شعار الموقع قبل سنوات، ثم رفع شعار الخصوصية وحماية المٌستخدمين، لكن ماذا يقدم فيسبوك الآن، مجرد قفص كبير يضم ما يقرب من 3 مليار إنسان تجمع عنهم الشركة ما تريد من البيانات وتستهدفهم بالإعلانات وتبيع معلوماتهم للشركات الأخرى، هل هكذا تكون الخدمة المجانية أو الخصوصية؟
وفي السنوات الأخيرة أتحفنا زوكربيرج بحديثه عن منع انتشار المعلومات المُضللة وتعيين موظفين مختصين لمراجعة المشاركات على فيسبوك، لكن في النهاية اكتشفنا أن خوارزميات فيسبوك تروج للرسائل المتطرفة على الرسائل المحايدة، وتزيد ظهور المعلومات المُضللة مادام أنها تُزيد التفاعل.
ولا ننس الحقائق لاتي كشفت عنها فرانسيس هواجين حول ترويج شركة ميا "فيسبوك سابقاً" للتطبيقات المملوكة لها لا سيما انستجرام وتعمد اخفاء حقيقة أنه يمثل خطراً على صغار السن.
أجزاء صغيرة نلمسها بأيدينا من التلاعب بالمستخدمين وتقديم الربح وصورة مارك زوكربيرج على كل شيء.
ولم يكتف زوكربيرج وشركته بالتلاعب بمستخدميه فقط، لكنه أيضاً عمد إلى تشويه وتدمير منافسيه ومعارضيه، في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام 2018، تكشف لنا الصحيفة عن بعض أساليب زوكربيرج الملتوية، ومن ضمنها أنه وظف شركة "Definers Public Affairs" للدفع إلى شبكة NTK، التي تطلق على نفسها "موقعًا إخباريًا فريدًا يجمع نقاط البيانات من جميع المنصات، لترويج القصص السلبية والمٌزيفة عن منافسي فيسبوك.
حتى أنها سعت أيضاً لتشويه صورة جمعية "Freedom from Facebook" وهي جمعية غير ربحية معارضة لفيسبوك داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ويكشف تقرير نيويورك تايمز أيضاً رفض شركة فيسبوك "سابقاً" الامتثال إلى التحقيق في قضية التدخل في انتخابات 2016 المعروفة باسم فضيحة كامبريدج أناللتيكا. قال السناتور "مارك وارنر"، الديموقراطي عن ولاية فرجينيا، واصفاً رد فعل مارك على الإمتثال أمام الكونجرس: "كان رد الفعل الأولي رافضًا تمامًا".
و لتهدئة النقاد في الكونجرس، اعتمدت فيسبوك على السناتور "تشارلز شومر"، ديمقراطي من نيويورك، الذي تعمل ابنته في الشركة.
كذلك استخدمت الشركة أساليب ملتوية للضغط على مجلس الشيوخ لإيقاف مشروع قانون جديد من شأنه أن يوسع اللوائح الفيدرالية بشأن الإعلانات السياسية عبر الإنترنت.
ويثير تقرير نيويورك تايمز الذي نُشر منذ ثلاث سنوات تساؤلاً حول ما إذا كان يجب أن يظل زوكربيرج على رأس الشركة.
والآن ما زال زوكربيرج يُحدثنا عن المستقبل والميتافيرس تحت قيادته!
مستقبل ميتا لا يتفق مع مارك
نرجسية زوكربيرج التي تجلت في حديثه الأخير عن الميتافيرس عمت عينه عن حقيقه ارتباطه هو شخصياً باسم فيسبوك، وإذا أراد أن يُغير اسم شركته عليه أن يستبدل نفسه أيضاً.
وفقاً للإعلان الأخير ستكون شركة ميتا شركة أم تضم شركتين هُما فيسبوك التي ستضم تطبيقات ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والثانية هي Reality Labs التي ستركز أعمالها على تطوير منتجات الواقع الافتراضي والواقع المُعزز أو الميتافيرس بالشكل الذي يروج له مارك.
والحقيقة أن ميتا ستظل يٌشار إليها باسم فيسبوك كُلما ظهر مارك زوكربيرج للحديث باسم الشركة. وسيظل مستقبل ميتا مرتبط بفيسبوك.
يتفق رأيي هذا مع تقرير نشره موقع Business Insider يستعرض فيه أراء مجموعة من خبراء التسويق، الذي يتفقون جميعاً على أن مارك زوكربيرج هو أكبر عقبة في مستقبل شركة ميتا.
حيث ترى "هيلين إدواردز"، الخبيرة في العلامات التجارية والمؤسس المشارك لشركة التسويق Passionbrand، أن استمرار وجود زوكربيرج كرئيس تنفيذي سيجعل من الصعب على ميتا فصل ماضي الشركة عن مستقبلها.
وقالت في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى Insider: "مارك زوكربيرج نفسه هو إلى حد بعيد وجه الشركة - سواء كانت ميتا أو فيسبوك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي ستعود إليه وليس للعلامات التجارية".
وأضافت: "إنه مرتبط بشدة بكليهما - لإعطاء ميتا أفضل صورة، قد يحتاج إلى التراجع كوجه للشركة والعثور على أشخاص آخرين لتمثيل العلامة التجارية".
أيضاً اتفق "جيم بريور"، الرئيس التنفيذي في وكالة العلامات التجارية Superunion، على أن العلامة التجارية الشخصية لزوكربيرج يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على ميتا.
"مع أي علامة تجارية لشركة، هناك رابط قوي حتمي بسمعة وشخصية وأداء قائدها - وهذا هو الحال بشكل خاص في الشركات التي يقودها المؤسس. لذلك، نعم، سيتم ربط العلامة التجارية الشخصية لزوكربيرج مع ميتا وأي نقد أو سلبي خبرته ستؤثر على العلامة التجارية للشركة."
على الجانب الآخر، قال زوكربيرج في مقابلة مع The Information، أنه ليس لديه خطط للتراجع عن دوره كرئيس تنفيذي للشركة. وقال زوكربيرج لصحيفة The Information: "إنني أدير الشركة بشكل يومي".
وخلال حديثه في العرض التقديمي لمفهوم الميتافيرس الذي استمر 77 دقيقة ظل يتحدث عن الخطط والمستقبل بشكل يجلعه جزء من هذا المستقبل.
هل الميتافيرس حقيقة أم مجرد حيلة؟
صرح زوكربيرج مؤخراً لموقع The Verge أنه من "السخف" أن يعتقد الناس أن إعادة تسمية العلامة التجارية كان رداً على هجوم الصحافة الأخير على شركته.
وبالرغم من عدم اقتناعي الشخصي بهذا التصريح، إلا أنني سأحاول تصديقه وأنتظر أن أرى إنجازات شركة ميتا وتقديمها عالم ميتافيرس سحري كما عرضه علينا زوكربيرج في البث المٌباشر يوم الخميس.
لكن الانتظار سيطول، فمن المستحيل حاليًا جعل الجميع يعيشون في واقع يحاكي الواقع الحالي، وتجربة الميتافيرس السلسة التي يتحدث عنها مارك تطلب من كل الشركات والمطورين العمل مع ميتا وتحت مظلتها، أو أن تصنع ميتا كل البرمجيات فهل ستسمح شركات التكنولوجيا حول العالم لمارك وشركة ميتا أن تعلوها؟
أيضاً ماذا عن محاكاة المشاعر الإنسانية واللمس والتفاعل؟ أنت تتحدث هُنا عن تركي أجهزة متصلة مباشرة مع العقل وقادرة على التحكم فيه، من مجنون يمكن أن يسمح لشركة أو شخص بالتحكم في عقله بهذا القدر؟ ربما كان مارك متأثراً بجرعة زائدة من الأفلام.
والسؤال الأهم من هذا كله، من يثق في مارك حتى يتركه يتحكم في عقله إلى هذا الحد؟
?xml>