إصدار منصة PlayStation 3 في 2006 لم يكن الأفضل، فبغض النظر عن الأسعار المرتفعة التي صدر بها الجهاز، إلا أن شبكة الأونلاين لم تكن الأفضل بأي حال حيث وجد الكثيرين أن خدمات الأونلاين في PS3 سيئة للغاية مقارنةً بما قدمته Microsoft في جهاز Xbox المنافس. وعلى الرغم من أن سوني حاولت تحسين الشبكة في الأعوام التي تلت إطلاق المنصة، إلا أن الشركة لم تعلم أن تغاضيها عن بعض تلك المشاكل سيؤدي إلى انتهاك شامل يؤثر على كل خدماتها لمدة تقترب من شهر. إليكم قصة اختراق خوادم PlayStation وتسريب بيانات ملايين المستخدمين!

بداية المشكلة كانت في عام 2010!

في مارس 2010، أصدرت شركة Sony تحديثًا لنظام PlayStation 3 والذي احتوى على وظائف تجعل النظام غير قادرًا على استخدام أنظمة تشغيل تابعة لجهات خارجية مثل Linux، وقد تسبب هذا في غضب مجتمع التعديل، حيث تم استخدام أنظمة تشغيل الطرف الثالث بشكل متكرر في عمليات التعديل المختلفة!

بعدها في يناير 2011 نجح المُعدل الشهير George Hotz في كسر حماية البرامج الثابتة لنظام PlayStation 3، وبدأ في نشر أسلوب كسر الحماية عبر الإنترنت على منتديات ومجتمعات التعديل، مما أدى إلى قيام Sony برفع قضية عليه في 11 يناير لنشر برامج قادرة على اختراق نظام منصة PS3.

الأمر لم يعجب مجتمع التعديل بالطبع، وفي 2 أبريل 2011 قام مجموعة من المخترقين بفرقة Anonymous الشهيرة ببدء عملية تُسمى Operation Sony للثأر من أجل George Hotz، مما إلى قيام سوني بالتنازل عن القضية في خوفًا مما سيحدث لهم من هذه المجموعة!

[quote تهانينا يا سوني، لقد تلقيتم الآن الاهتمام الكامل من Anonymous. الإجراءات القانونية التي اتخذتموها مؤخرًا ضد زملائنا المخترقين لم تزعجنا فقط، بل اعتبرناها  أمرًا لا يغتفر على الإطلاق. المعرفة مجانية. نحن Anonymous. نحن الفيلق. نحن لا نسامح. نحن لا ننسى. توقعونا.]

لكن التنازل عن القضية لم يوقف فرقة Anonymous، والإعلان عن Operation Sony كان مجرد البداية…

اختراق خوادم PlayStation 3 في أبريل 2011

في الفترة بين 4 و 7 أبريل 2011 قامت مجموعة Anonymous بمجموعة من الهجمات المتتالية على شبكة PlayStation للثأر من أجل المخترقين الذين تم رفع قضايا عليهم، ولكن تلك الضربات لم تؤثر فقط على Sony PlayStation، بل أثرت أيضًا بشكل رئيسي على مجتمع اللاعبين وجعلتهم غير قادرين على الاستمتاع بالألعاب أو القيام بأي شئ عبر شبكة Sony.

 في النهاية قررت Anonymous التوقف عن الهجمات على شبكة PlayStation وأوضحت المجموعة أنهم يقفون في صف اللاعبين، ولا يريدون حدوث أي شيء يؤدي لضرر مجتمع الجيمرز على PlayStation 3. وبعد مرور أسبوعين بدون أي مشاكل على الإطلاق في الشبكة، استيقظ اللاعبين صباح يوم 20 أبريل 2011 ليجدوا خوادم PlayStation مُعطلة. لا يستطيعون اللعب أونلاين مع أصدقائهم، ولا يستطيعون القيام بأي شيء عبر شبكة Sony، ما الذي يحدث هنا؟!!

بعد يومين على هذا الوضع، خرجت Sony PlayStation لتؤكد حدوث "تدخل خارجي" على شبكتها في الفترة بين 17 و 19 أبريل 2011، ثم في 20 أبريل قررت الشركة إغلاق الخوادم بشكلٍ كامل من أجل العمل على حل تلك المشاكل. الخدمات ستظل مُغلقة ولن تعود حتى تضمن PlayStation أن كل المشاكل قد تم حلها، وأنها قد تخلصت تمامًا من هذا "التدخل الخارجي".

سوني لم تحافظ على الشفافية مع اللاعبين

منذ بداية الأمر و Sony كانت تعلم أن بيانات أكثر من 75 مليون مُستخدم قد تم اختراقها. تلك البيانات تضم الايميلات، الباسوردات، عناوين المنازل، بيانات البطاقات الائتمانية، وأي معلومات أخرى تخص تلك المستخدمين. كل تلك البيانات أصبحت الآن في يد المجموعة التي اخترقت شبكة Sony، ولكن PlayStation لم تخرج وقتها لتؤكد هذا الأمر!

بل خرجت الشركة في 26 أبريل لتُحذر اللاعبين من هذا الشأن مؤكدة أن كل اللاعبين يجب عليهم الآن أن يأخذوا حذرهم من الأمر ويقوموا بتغيير الباسوردات المُشابهة وأي شيء يتعلق ببياناتهم التي تم وضعها على الشبكة. السؤال هنا، لماذا لم تُخبرنا PlayStation منذ بداية الأمر بأن كل تلك البيانات قد تم اختراقها؟ 

أطلقت الشركة Blog Post في 27 أبريل الغرض الرئيسي منه هو "السيطرة على الضرر" مؤكدة أنها لم تعلم بأن تلك البيانات قد تم تسريبها إلا في 26 أبريل، ولكن كلنا نعلم أن تلك ليست الحقيقة، وأن الشركة كانت تعلم بمدى خطورة الأمر منذ يوم 20 أبريل عندما أغلقت خوادمها تمامًا عن العمل.

لكن المشكلة لم تقف عند ذلك الحد، حيث أكدت مواقع التعديل بالإضافة إلى مجموعة من المخترقين الصغار أن شبكة PlayStation كان بها الكثير من نقاط الضعف والتي كانت تعلمها Sony من البداية وقررت التغاضي عنها وتركها كما هي بدون أي تركيز على تصليح هذه المشاكل، وهنا تحولت Sony من المجني عليه إلى الجاني في نظر اللاعبين، لأن كل ما يحدث الآن سببه الرئيسي إهمال الشركة في البداية.

ما زاد من غضب اللاعبين هو التعليق الساذج من رئيس Sony آنذاك Howard Stringer حيث قال:

[quote إذا تعرض منزلك لعملية سرقة، فيجب أن تتأكد أولاً إذا تمت سرقتك قبل أن تتصل بالشرطة.]

اعتذار Sony PlayStation وتعويض اللاعبين

في 1 مايو 2011، عقدت Sony مؤتمرًا صحفيًا في طوكيو، اليابان من أجل الاعتذار من مجتمع اللاعبين وتوضيح الخطوات التالية لإصلاح ما حدث. أكدت الشركة أنها كانت تمتلك 3 طبقات من الحماية وتم اختراقها جميعًا، وأوضحت أيضًا أنها كانت تعلم بمجموعة من نقاط الضعف المتواجدة بالشبكة، والتي ساعدت المخترقين في هذا الاختراق العملاق.

في النهاية أوضحت PlayStation أنها ستعمل على حل المشكلة خلال هذا الأسبوع، وأنها ستُضيف طبقة حماية جديدة رابعة من أجل التأكد من عدم حدوث هذا الأمر مُجددًا، مع تعيين مجموعة خبراء جدد لضمان سلامة شبكة PlayStation في المستقبل القريب أو البعيد. ضفّ على ذلك أن كل اللاعبين الذين يستخدمون منصة PlayStation 3 سيحصلون على Welcome Back Package تضم اشتراك لمدة شهر بشكل مجاني في PlayStation Plus، مع لعبتين مجانيتين من اختيار اللاعبين كتعويض على انقطاع الخدمة طوال تلك الفترة التي استمرت لحوالي أسبوعين وقتها. لكن للأسف، سرعان ما ازدادت الأمور سوءًا…

اختراق آخر على شبكة Sony نفسها!

بعد يوم واحد فقط من المؤتمر الصحفي الذي تم عقده في اليابان، تم التأكيد على أن سوني واجهت اختراق آخر ولكن هذه المرة ليس على شبكة PlayStation، بل على شبكة Sony نفسها، مما أدى إلى تسريب بيانات أكثر من 25 مليون مستخدم تقريبًا، مع التأكيد على تسريب كافة البيانات المتعلقة بـ 12 ألف بطاقة ائتمانية!

على الرغم من أن الأمر ليس له علاقة مباشرة بإختراق شبكة PlayStation، إلا أن الشركة قررت تأجيل استرجاع خدمات PlayStation مرةً أخرى للتأكد أولاً مما يحدث مع شبكة Sony نفسها. يُذكر أن شركة Sony وجدت شعارات We Are Legion و Anonymous داخل شبكتها بعد الاختراق، إلا أن فرقة المخترقين Anonymous خرجت لتؤكد أنها كانت مسؤولة فقط على اختراقات يوم 7 أبريل، ولم تخترق شبكة PlayStation ولا شبكة Sony، وأوضحت أن فرقة اختراق أخرى تحاول تلفيق التهمة لهم!

عودة خدمات PlayStation والأضرار التي حلت بالشركة

بدايةً من 14 مايو 2011، تم حل معظم المشاكل وبدأت خدمات Sony و PlayStation في العودة إلى الوضع الطبيعي في الولايات المتحدة، أوروبا، اليابان، وبعدها في كل المناطق حول العالم. تمكن اللاعبين أخيرًا من العودة إلى ألعابهم المُفضلة مع أصدقائهم، وحصلوا على الهدايا المجانية التي ذكرتها بالأعلى.

بعد انتهاء كل تلك الأمور، تم التأكيد على أن خسائر Sony PlayStation في فترة الاختراق بين 20 أبريل و 14 مايو (24 يوم تقريبًا) قد وصلت لأكثر من 170 مليون دولار، وتلك خسائر فادحة لأي شركة في صناعة الألعاب خاصةً في تلك الفترة البسيطة. اضطرت أيضًا الشركة دفع مئات الآلاف في مجموعة من القضايا التي تم رفعها عليها بسبب نظام الحماية الضعيف الخاص بهم. لحسن الحظ، فقد تعلمت Sony PlayStation من خطأها ولم يتم تكرار أي اختراق بهذا الشكل مرةً أخرى. حاليًا شبكة PlayStation لا تعاني من أي مشاكل منذ سنواتٍ كثيرة، ونتمنى أن يستمر الوضع على ما هو عليه!

في النهاية، وحتى يومنا هذا، نحن لا نعلم من الفريق المسؤول عن عملية الاختراق، ولعلنا لن نعلم أبدًا، ولكن ما حدث مع Sony PlayStation كان درسًا قاسيًا لها ولكل الشركات التي تستهين بالحماية الخاصة بها، وعدم دفع الأموال اللازمة لتقديم حماية أفضل أدى في النهاية إلى خسائر فادحة تخطت المئة مليون دولار.