أطلقت شبكة التواصل الاجتماعي إنستجرام ميزةً جديدةً تُطلق عليها Reels، وهي ببساطة تقليد ما يفعله تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة تيك توك. تتيح الميزة الجديدة في إنستجرام تسجيل مقاطع فيديو مدتها 15 ثانية، واختيار مقاطع الموسيقى عليها، ثم مشاركتها كقصة على الشبكة الاجتماعية المملوكة لشركة فيسبوك، كما يمكن أيضًا العثور على ميزة Reels في قسم خاص من علامة التبويب Explore داخل التطبيق.

في كل الوظائف تقريبًا، تعتبر ميزة Reels هي نفسها تطبيق تيك توك، ولكنها مدمجة داخل تطبيق إنستجرام. ببساطة، إذا قامت شركة فيسبوك بشراء تطبيق تيك توك من الشركة الأم ByteDance، وقامت بدمجه في إنستجرام كما هو، فسيكون هو هذا المنتج الجديد.

لحظة، أليس تيك توك معروضًا للبيع في السوق الآن؟ نعم هذا حقيقي، لكن بالطبع لا يمكن لشركة فيسبوك التفكير في الاستحواذ على تطبيق اجتماعي ناشئ آخر، وهي تتعرض حاليًا للتحقيق حول نفس تلك الممارسات مع تطبيقات اجتماعية أخرى.

لذلك، ومع صعوبة عملية الشراء، قامت فيسبوك بما تقوم به في حال فشل عملية الشراء. نعم، تفعيل وضع التقليد والتدمير لهذا التطبيق. ولكي نكون منصفين، هناك فرق واحد، فبدلًا من الخوف من الاحتمال القائم بأن تجمع حكومة الصين بياناتك، سوف تكون على يقين من أن فيسبوك تجمعها كما هو المعتاد.

إنستجرام Reels ليست المحاولة الأولى!

Reels Instagram

توقيت إطلاق ميزة Reels عالميًا كان مهمًا للغاية، بالنظر إلى مستقبل تطبيق تيك توك غير المؤكد في الولايات المتحدة، حيث تدرس إدارة ترامب إما حظر التطبيق، المملوك للشركة الصينية، بالكامل أو إجباره على بيع عملياته لشركة أمريكية. ومع ذلك، كانت خطط فيسبوك للرد على تهديدات تطبيق تيك توك تجري منذ بعض الوقت.

في أواخر عام 2018، أصدرت فيسبوك نسخة مشابهة لتطبيق مشاركة الفيديو الشهير تيك توك أطلقت عليها Lasso، لكن لم ينطلق التطبيق وتم إيقاف تشغيله هذا العام. وبالرغم من عدم نجاحه كمنتج مستقل، إلا أن تطبيق Lasso يمثل قدرة شركة فيسبوك على تشغيل اختبارات بيتا واسعة النطاق والتي لا تأتي بأي أرباح، لتسمح للشركة بجمع كمية ضخمة من بيانات سلوك المستخدم، والتي يمكن استخدامها عند إنشاء ميزات جديدة لتطبيقاتها الرئيسية، مثلما تفعل مع ميزة Reels في إنستجرام.

وبعد إجراء اختبارات تطبيق Lasso، تم إصدار ميزة Reels في البرازيل في نوفمبر 2019، حيث كان يُطلق عليها Cenas، لمعرفة كيف سيستجيب مستخدمو تطبيق إنستجرام لنوع مختلف من تجربة الفيديو على الهاتف المحمول. ثم توسعت هذه الاختبارات خارج الولايات المتحدة إلى أسواق مثل الهند وأجزاء من أوروبا خلال هذا العام.

فيسبوك وتضخم الإحساس بجنون العظمة!

بعيدًا عن السخرية من هذا الموقف العبثي بأكمله، ولكن يبدو أن خارطة طريق تطوير منتجات شركة فيسبوك تركز أكثر على دعم وتعزيز نفسها ضد منافس أصغر وأكثر ذكاءً، بدلًا من تقديم أي نوع من الميزات الجديدة حقًا أو المبتكرة فعلًا. حسنًا، متى كانت آخر مرة تتذكر فيها شركة فيسبوك وهي تقدم لنا ميزة مبتكرة؟ بل متى كانت آخر مرة نجح فيها تطبيق أو ميزة مقلدة من فيسبوك؟ ربما كانت ميزة نشر القصص في إنستجرام، آه لحظة من فضلك، هذه أيضًا نسخة مقلدة من ميزة سناب شات تُسمى أيضًا، للمصادفة، القصص.

ليس المقصود بهذا أن ميزة Reels سوف تفشل أو أنها سيئة، فإذا اختفى تطبيق تيك توك غدًا، فسوف يجد مستخدموه بديلًا مألوفًا وقابل للاستخدام من شبكة يعرفونها جيدًا وهي إنستجرام. المشكلة هنا هي أن التقليد يختلف تمامًا عن الابتكار، ويبدو أن شركة فيسبوك قلقةً للغاية بشأن وضعها داخل عالم التواصل الاجتماعي، بحيث يصعب تذكر آخر مرة قدمت فيها الشركة أي تطوير أو ميزة جديدة مبتكرة بطريقة مفيدة داخل هذا العالم.

على أرض الواقع، يحدث هذا لكل عمل تجاري في مرحلة ما. العمل ينمو، ثم يجد مستوى من النجاح، ويحاول البقاء في هذا المستوى، وبالتأكيد لن يستطيع أحد أن ينفي أن فيسبوك حققت نجاحًا هائلًا في عالم التواصل الاجتماعي، ولكن المشكلة أنه مع تضخم هذا النجاح، يتضخم الإحساس بالذات، وتزداد محاولات فرض السيطرة أكثر وأكثر على السوق وعلى المنافسين، وتزداد محاولة تقليدهم وسحقهم تمامًا، ثم يتضخم إحساسًا متزايدًا بجنون العظمة، يصعب معه التفكير في ميزات أو حلول مبتكرة.

هل يمكن أن تقلّد فيسبوك "الخلطة السرية" لتطبيق تيك توك؟

Reels Instagram

بالتأكيد ميزة Reels لم تكلف الشركة أي حاجة إلى التفكير، ولم يتطلب أي بحث عن المنتج أو السوق تقريبًا. وبالتأكيد ليس من الصعب على فريق من المهندسين الموهوبين، مثل أولئك الذين يعملون في فيسبوك، نسخ تطبيق يملكونه بالفعل على هواتفهم الخاصة.

ولكن هل هذا حقًا أفضل ما يمكن أن تقدمه شركة بحجم فيسبوك الآن؟ هل تكتفي بنسخ وتقليد تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى فحسب؟

ثم هناك حقيقة أن الشيء الذي يجعل تطبيق تيك توك بمثل هذه الشهرة ليس فقط واجهة التطبيق المميزة، نعم من السهل جدًا تسجيل الفيديو وتحريره وتحميله داخل التطبيق. لكن الخلطة السرية الحقيقية للتطبيق توجد داخل الخوارزمية الخاصة به، هذا هو المكان الذي يحدث فيه كل السحر، تلك الخوارزمية التي تجعل المستخدم يلتصق بالهاتف داخل التطبيق لساعات وساعات دون أن يشعر.

من جهة أخرى، وبالنسبة إلى فيسبوك، فإن الخوارزمية هي المكان الذي يبدأ فيه الصداع. لأن عملية الهندسة العكسية للخوارزمية تعتبر أكثر تعقيدًا بكثير من هندسة واجهة المستخدم وكود التطبيق نفسه، ولهذا يمكن أن يُطلق عليها "الخلطة السرية"، وهذا ما يجعلها مختلفة.

السؤال المطروح على فيسبوك هو ما الذي يجعلها مختلفةً تمامًا عن البقية، بصرف النظر عن حجم الشركة الهائل؟ الجزء الأول من السؤال، "ما يجعلها مختلفةً"، هو نفس السؤال الذي يحتاج كل عمل تجاري للإجابة عليه.

وعلى النقيض، إذا كنت تقضي كل وقتك في محاولة القضاء على منافسيك من خلال تقليد ميزاتهم، فمن السهل أن تخسر الابتكار. في نهاية المطاف، الابتكار هو وسيلة أفضل بكثير لإسعاد عملائك بدلًا من تقديم خدمة حصلوا عليها بالفعل في مكان آخر وبشكل أفضل.