عند الحديث عن المنافسة الموجودة بين انتل و AMD يتبادر الى ذهننا دائما المعالجات المركزية الخاصة بالحواسيب المكتبية، فلطالما كان التحدي قائماً بينهما في هذه السوق الأزلية، على الرغم من أن انتل تفوقت لفترة كبيرة من الزمن. ولكن المتابع الجيد لسوق التقنية والذي يحب قراءة التاريخ سيعلم أن انتل لم تكن دائما هناك في القمة، فلقد كانت شركة AMD هناك بضع مرات هي الأخرى، وها هي الأن مرة أخرى تعود لزيارة هذه البقعة المميزة في ريادة القوة الحوسبيّة في مجال المعالجات المركزية بعد اطلاق جيل RYZEN الثوريّ، هذه الريادة لم تطُل فقط سوقاً واحداً كما كان الأمر مراراً وتكراراً، هذه المرة قد أعلنت AMD الحرب الشاملة على انتل على كافة الأصعدة ، وفي كافة الأسواق التي تتواجد فيها انتل.

وبالرغم من أن جيل Ryzen3000 الأخير كان بمثابة صفعة قوية للمنافس في سوق المعالجات بشكل عام، إلا أنه كان يعيبه أمر واحد فحسب. لقد كان أداء النواة الواحدة الأقل قليلاً من المنافس، والذي كان ذريعة للكثيرين للتباهي بأفضلية انتل مع الألعاب. ولكن ومع انطلاق جيل  معالجات Ryzen 5000 تلاشت هذه الإدعاءات تماماً. فهل انتهي عصر ازدهار انتل وقيادتها أخيراً ؟ّ أم أن لها كلام أخر ! .

ما الذي حدث تحديداً ؟

بعد أن كانت شركة Intel هي المُسيطر الأول والوحيد على سوق الألعاب ، فقد إقتربت شركة AMD كثيراً مع الجيل الثالث من معمارية Ryzen ومعالجات Ryzen 3000 المميزة ، والتي قامت بعمل دفعة قوية للغاية للشركة في سوق المستخدمين والمحترفين بل والشركات . فقد استطاعت الشركة أن تستقطب الكثير من المستخدمين والشركات على حد سواء ، حيث أنها وفرت مع الجيل الماضي ليس فقط أداء أفضل في حالات تعدد الأنوية ، بل وفرت أيضاً استهلاك أقل للطاقة وحرارة أفضل وأيضاً أنوية أكبر مع السعر المنافس للغاية مقابل عروض Intel في ذلك الوقت . وهو ما جعل الكثيرين يجزمون كُلياً بتفوق شركة AMD من ناحية الأداء مقابل السعر. وبالرغم من ذلك فقد كانت هناك بعض الأصوات التي لا تزال تعترض على أداء الألعاب وتفضل عروض شركة Intel لتفوقها في هذه النقطة …

ومع مرور الوقت، وإقتراب AMD من إصدارها معالجات الجيل الرابع والمعروفة باسم Ryzen 5000 كان الجميع في الأواسط التقنية على أهُبّة الإستعداد لإستقبال هذا المولود الجديد. وفي الحقيقة كان الجميع يعرف مُسبقاً أن هذه المعالجات الجديدة ستتفوق على نظيراتها من انتل في جميع الأصعدة كما هو الحال مع سابقتها. ولكن كان هناك سؤال واحد ينتظر الجميع الإجابة عنه، " هل تستطيع هذه المعالجات الجديدة تحقيق أداء أفضل للنواة الواحدة ؟" وهو ما يعني بالتالي أداء أفضل مع الألعاب، أم لا ؟. وقد كانت الإجابة واضحة وضوح الشمس !!.

سلسلة معالجات Ryyzen 5000 ما الذي قدمته على الساحة ؟

لعل أفضل ما يميز المعالجات الجديدة من معمارية Ryzen 5000 الجديدة هو الأداء الخاص بها عبر جميع فئات المستخدمين، وهو ما يجعلها المعالجات الأفضل للكثير من سيناريوهات العمل المختلفة. فسواء كنت تريد إستخدام هذه المعالجات في التصميم أو بث المحتوى أو في اللعب فستوفر لك السلسلة الجديدة من معالجات Ryzen بالفعل ما تصبوا إليه كمستخدم بدون أي قلق من عدم التوافق او التقصير في جانب ما على حساب جانب آخر. فدعونا نرى كيف يتم تحقيق ذلك فعلاً على أرض الواقع ؟!.

دفع أداء النواة الواحدة

لم تعد المشكلة التي تم ملاحظتها مع الجيل الأول من معالجات Ryzen 1000 و Ryzen 2000 حتى Ryzen 3000 موجودة بعد الأن، فلقد استطاعت معالجات Ryzen 5000 من معمارية Zen 3 حل هذه المعضلة لتحسن من أداء النواة الواحدة مع مختلف التطبيقات..والأرقام خير دليل على ذلك.

فإن أخذنا مثال مع اختبارنا الخاص مع لعبة FarCry: New Dawn الذي تظهر فيه قوة النواة الواحدة حيث أن معالج مثل R9 3900X مثلاً يتأخر كثيراً حتى مقارنة بمعالجات الجيل الثامن من انتل مثل I7 8700K سيتبين لنا أن معالج Ryzen 5 5900X يتصدر القائمة بكل سهولة، متجاوز جميع معالجات المنافس خصمه i9 10900K بسهولة بفارق 7% تقريباً كما أن معالج Ryzen 5 5600X يتفوق على i5 10600K بنسبة تقترب من 5% تقريباً. وهو ما يتكرر مع معظم الألعاب بنسب متفاوته أيضاً. وهذا يحدث مع كل دقات العرض تقريباً (يمكنك الرجوع لمراجعات هذه المعالجات).

بالطبع قد يقول أحدهم، ولكن هذا التفوق ليس كبيراً للغاية. والإجابة على هذا التعجب بسيطة للغاية، فنحن هنا نُقارن اداء النواة الواحدة فحسب، والتي تظهر أيضاً بشكل جلي مع التطبيقات المخصصة للإختبارات. هذا الأداء الخاص بالنواة الواحدة كان متأخراً بشكل واضح مع معالجات الجيل الماضي Ryzen 3000، والتي كانت متأخرة عن الجيل التاسع حتى من انتل مع الألعاب. فلك أن تتخيل أن جيلاً واحداً تفوق ليس فقط على الفارق الموجود مقابل الجيل التاسع فحسب، بل تعدّى ذلك ليتفوق على الجيل العاشر بفارق 5-10% بل وأكثر. هذا بدون الأخذ في الإعتبار عدد الأنوية الأكبر الذي سيفيد المستخدم مع الألعاب التي تستفيد من تعدد الأنوية اصلاً. هذا مع إستهلاك طاقة اقل بفضل تقنية التصنيع الأحدث لمعالجات الجيل الجديد، وهي ميزة في حد ذاتها مع هذا المستوى من الأداء.

ما السبب في هذا التفوق وما هو تأثيره على أرض الواقع ؟

هذا التفوق في أداء النواة الواحدة سيكون أمر مفيد في التطبيقات التي تعتمد على قوة النواة الواحدة مثل المتصفحات وتحرير الصور وغيرها من التطبيقات التي تعول كثيراً على قوة أداء النواة الواحدة وهو ما كانت تعجز AMD عن فعله في الأجيال السابقة، وبالطبع فإن أحد أهم التطبيقات التي تعتمد على أداء النواة الواحدة في الأساس هي الألعاب. فإن كنت تمتلك إحدى معالجات Ryzen السابقة من الاجيال القديمة سوف تلحظ هذا التحسن بكل تأكيد وكل ذلك يعود بالفضل لمعمارية Zen 3 التي حصلت على تحسينات مهمة في بنية تصميمها. وهو ما جعل معالجات Ryzen 5000 تنفرد بهذا التفوق.

وفي الحقيقة، فهذا التفوق في أداء النواة الواحدة يرجع بشكل رئيسي لعدة عوامل كما أشرنا مُسبقاً مثل الترددات الأعلى للمعالجات، ودقة التصنيع الأحدث بجانب معدل التعليمات الأعلى بنسبة 19% في معدل IPC مقارنة بالجيل السابق، لذا فإن معمارية Zen 3 تدفع بأداء الألعاب وإنشاء المحتوى إلى مستوى جديد وغير مسبوق, الذكاء من قبل مهندسي AMD سمح لهم بدفع معمارية Zen 3 على التقليل من زمن الانتقال بين خطوط الاتصالات الأساسية للأنوية والذاكرة المخبأة المتسارعة, مع مضاعفة ذاكرة التخزين المخبأة من المستوى الثالث التي يمكن الوصول إليها مباشرةً لكل نواة من الانوية المتوفرة ضمن قالب الرقاقة لتعرض لنا بالمجمل أداء يصل إلى 2.8 مرة أفضل لكل واط مقارنة بالمنافس و 2.4 مرة مقارنة بالجيل الاول من معمارية Zen .

نظرة على التحسينات المعمارية

لن نتحدث هنا عن كامل التفاصيل التقنية الخاصة ببنية المعمارية الجديدة فقد ذكرناها في المراجعات الخاصة بالمعالجات الجديدة من قبل أكثر من مرة. ولكننا سننوه على بعض التغيرات التي أدّت لهذا التفوق. فأحد أبرز ما قامت به الشركة هو إعادة تصميم الانوية في معمارية Zen 3 التي حصلت على إعادة تصميم شامل مقارنة بتصميم النواة المستخدمة في معمارية Zen 2، فلقد كان التركيز واضح على الانتقال من بنية تصميم نواة CCX التي تضم مجموعتين من 4 انوية ليكون المجمل 8 أنوية ، إلى تصميم جديد كلياً من خلال شريحة chiplet واحدة تضم 8 انوية مع معمارية Zen 3 .

حيث أن هذه المعالجات الجديدة تعتمد على تصميم chiplet بثمانية أنوية، وهو ما يعني أنها مع معالجات Ryzen 5 و Ryzen 7 تعتمد على شريحة chiplet واحدة نظراً لأنها تضم 6 انوية أو 8 أنوية ، بينما تحتوي معالجات Ryzen 9 على شريحتي chiplet كل واحدة بثمانية أنوية أو كل واحدة بستة انوية، حسب العدد الإجمالي للأنوية. الجيد أن هذا النوع من التصميم سمح بتحقيق اتصال ذاكرة التخزين المخبأة من المستوى الثالث لكل من الشريحتين بوقت واحد لتقلل من زمن الانتقال من خلال السماح بتخزين المزيد من البيانات قبل الوصول إلى الذاكرة الرئيسية الأبطأ .

وكما ذكرت لكم الفائدة كانت بوصول كل الأنوية الثمانية للذاكرة المخبأة من المستوى الثالث بحجم 32MB بشكل مباشر وتقليل فعال لزمن انتقال الذاكرة واستجابتها مع الانوية, كما تم رفع الحجم من 16MB مع التصميم القديم للنواة إلى 32MB وذلك لمنع حدوث تراجع في مستوى الأداء ، لان النواة حالما تتجاوز حاجتها من الذاكرة المخبأة بحجم 16MB ستلجئ إلى الذاكرة الرئيسية التي تعرف بأنها أبطئ مما ينعكس بشكل سلبي على الأداء.

الأداء مع الألعاب

دعونا في البداية نُلقي نظرة على أداء الجيل الجديد مع الألعاب. فما هو المميز مع الجيل الجديد فعلاً في هذا الجانب ؟.

لعل أحد أهم العوامل التي ساعدت على أن تطفوا معالجات Ryzen من الجيل الجديد فوق معالجات انتل مع جيلها الجديد هو أداء الألعاب الخاص بها. فلأول مرة منذ ظهور معالجات Ryzen نفسها، ومنذ فترة طويلة بالنظر لعمر المنافسة بين الشركتين، تتصدر معالجات AMD ساحة المعركة بالنسبة للأداء مع الألعاب. والسبب هنا في الحقيقة يعود لعدة عوامل يمكننا القول أنها كانت غير موجودة أو حتى موجودة بشكل نسبي مع معالجات الجيل الماضي Ryzen 3000 ، ولكنه تم التركيز عليها مع الجيل الحالي من المعالجات.

يمكنك مراجعة النتائج الكاملة للجيل الجديد أمام عروض الجيل الحادي عشر من انتل من هذه المراجعة...

الأداء مع تطبيقات العمل الإحترافية ومنشئي المحتوى

وذلك بفضل رفع مستوى النواة الواحدة المرتفع مع رفع مستوى أداء تعدد المسارات ليُصبح أفضل مما كان.

فعلى سبيل المثال، لا شك أن كل التطبيقات التي تستفيد من تعدد المسارات سوف تستغل قوة معالج مثل Ryzen 5 5600X لتدفع مستوى الأداء نحو مرحلة تتجاوز فيها ما كنت قادر على تحقيقه مع Ryzen 5 3000/2000/1000. من هذه التطبيقات التي ستعطيك الدفعة الإضافية عند تشغيلها مع هكذا معالج: تطبيقات المونتاج والتصميم لتسريع عمليات التصيير الرسومي ثلاثية الأبعاد, بجانب تطبيقات محطات العمل, أضف إلى المهام المتعددة لتكون قادر على إنجازها بوقت واحد مثل اللعب والبث المباشر.

فعلى سبيل المثال، وإن بدأنا مع اختبار CineBench 15 الذي يتم فيه اختبار قوة النواة الواحدة سيتبين لنا أن معالج Ryzen 5 5600X يستطيع تجاوز خصمه i5 10600K بسهولة بفارق يصل إلى 22% تقريباً كما أنه يتفوق على i9 10900K بنسبة 13% تقريباً. بينما مع اختبار CineBench 20 كانت النتائج أيضاً جيدة حيث حقق معالج Ryzen 5 5600X أداء افضل من خصمه i5 10600K بنسبة 19%  تقريباً كما يتفوق على i9 10900K بنسبة 13% أيضاً.

حتى عند الحديث عن سرعة ضغط الملفات ستجد أن معدل السرعة في تنفيذ تلك المهام مع هذا المعالج أسرع من الخصم بشكل واضح مما يجعلها الخيار الأول للمهام المتعددة دون القلق من حصول أي اختناق في عمليات المعالجة الكثيفة وهو ما كان يلاحظ مع الاجيال السابقة او كما أحب أن اوصفها بعدم استغلال إمكانيات تلك المسارات بالشكل المطلوب بسبب بعض نقاط الضعف في تصميم المعماريات السابقة. فحتى مع الالعاب ستسفيد منها بشكل أكثر من جيد, نعم الفائدة الأكبر ستكون نحو مع التطبيقات ولكن مع الألعاب ستكون سعيد بتحقيق تجربة جيدة أيضاً.

النتيجة النهائية ؟

حسناً، لا شك أن الأرقام والكلام الكثير الذي تناقلناه اليوم يحتاج لمُلخّص سريع لهؤلاء الذي لا يحبون الدخول في التفاصيل التقنية المُعقّدة. والإجابة ببساطة على سؤالنا الذي سألناه في البداية هو "نعم". فطبقاً لما رأيناه من تحسينات معمارية قدمتها الشركة مع معالجاتها الجديدة من الجيل الرابع من Ryzen ، ومقارنة ذلك بما توفره عروض Intel من الجيل العاشر التي كانت مواجهة لمعالجات الجيل الرابع من الأساس، بل ولمعالجات الجيل الحادي عشر حتى، سنجد أن معالجات AMD تتفوق في أداء النواة الواحدة بالفعل.

amd ryzen 5000

والحديث هُنا عام للغاية، فنحن هنا لا ننظر للاداء الخاص بالنواة الواحدة مع تطبيق أو اثنين أو لعبة أو لعبتين، ولكننا نتحدث عن الأداء الشامل لهذه الفئة مقارنة للفئة المقارنة، آخذين في الإعتبار ما نُسمّيه أداء الأنوية عند نفس التردد، وهو الأداء المتقابل للمعالجات عند نفس الترددات. فمعالجات انتل كما نعلم هي الأعلى من ناحية الترددات النهائية -بغض النظر عن التضحية باستهلاك الطاقة الأكبر- وهذا التردد الأعلى قد يجعلها تتفوق في بعض السيناريوهات القليلة فحسب. ولكن المجموع العام للنتائج سيجعلنا نرى الأفضلية لمعالجات Ryzen في أداء النواة الواحدة بشكل واضح أمام الجيل العاشر، وبفارق أقل أمام الجيل الحادي عشر الأحدث.

وبالرغم من أن الفارق في أداء النواة الواحدة حالياً يتفوق على عروض Intel بإجمالي نسبة 3.6% أمام عروض الجيل الحالي، إلا أن الفارق يتسع للغاية في حالات تعدد الانوية. ولكن هذا ليس محور حديثنا اليوم. ويبقى هنا سؤال واحد، "إذا كان هذا هو أداء الجيل الحالي من معالجات Ryzen، والذي استطاعت به الشركة تعويض فارق كبير في أداء النواة الواحدة ليتفوق على معالجات الجيل العاشر التي كانت هي المنافس، بل وتفوقت بفارق بسيط أمام معالجات الجيل الحادي عشر من انتل، فكيف سيكون وضع العملاق الأزرق أمام الجيل القادم من Ryzen ؟....

لا أحد يستطيع الإجابة عن هذا السؤال، إلا الزمن....!!!