لطالما سمعنا جملة "وقعة الشاطر بألف"، ورنت تلك الجملة في مجتمع العاب الفيديو وذاع صيتها حين انسحبت شركة Sega من أسواق منصات المنزل أو كونسول في عام 2001. جاء هذا السقوط المدوي….لا، لم يكن مدوي. لأنها لم تقع من إرتفع عالٍ في أخر أيامها، بل كانت فترة إضطراب مليئة بالصراعات مع Nintendo والتي كانت ناجحة بالنسبة لـ Sega وكانت أيضاً مليئة بالغلطات التي لن تسامح نفسها عليها ولو بعد مرور قرون وعقود من الزمن، فتلك لم تكن فترة سنة أو سنتين في مجال أجهزة العاب المنزل، بل كانت 72 سنة من التاريخ. ألا يذكرك بهذا بالحرب القائمة بين Sony و Microsoft في نفس المجال؟

بدأت اللعنة في تسعينيات القرن الماضي، جاءت اللعنة كناتج للاستهتار والغرور. الاستهتار بقدرات الخصم والغرور الذي تملك القائمين على الشركة بسبب مبيعاتها وقوتها التي لم تكن هينة في سوق أجهزة العاب الفيديو وخاصة أجهزة " كونسول " بشكل عام.

ظهور Sega في ظل هيمنة Nintendo:

العاب Sony Sega Nintendo كونسول

في مطلع التسعينيات لم نرى إلا إثنين منافسين على هذا العرش -كما رأينا بين Sony و Microsoft - وهما Nintendo و Sega . بعد تبادل الضربات مع Nintendo، صارت الشركة هي رقم واحد وبدون أي منازع يستطيع الوقوف في طريقها، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا. وعاد هذا لقوتها في التسويق والبيع الذكي في شتى مجالاتها. لكن في النهاية، دوام الحال من المحال...لكن ما توقعه الجميع كان حقيقي، فجاء هذا السقوط في أواخر تسعينيات القرن الماضي بعد سوء السمعة الذي لاحق الشركة مع سقوط مبيعاتها أيضاً.

جيش من رجل واحد يسعفك في أزمة أمام الألاف:

الألعاب الكونسول SEGA

سنتحدث عن Tom Kalinske وهو أحد أسباب سطوع نجم Sega في عالم أجهزة المنزل أو كونسول -إن لم يكن السبب الرئيسي- والذي كان رئيساً لشركة Sega في الولايات المتحدة الأمريكية في عصرها الذهبي والذي جاء بعد صدور منصة Genesis. تلك المنصة التي كانت السبب في الظهور القوي للشركة والذي نسمع إسمه إلى الآن. لكن لا نعلم إن كان هذا بسبب خطة ذكية محكمة، أم تهور Kalinske الذي عرف به طوال حياته، فبالطبع له الفضل في هذا الظهور الذي لم نرى مثله من قبل. كانت Sega الأشهر في عالم أجهزة كونسول و العاب المنزل في أمريكا بسببه مثلما كان مارادونا مشهور في الأرجنتين في وقتها.

لكن ما سيفأجئك هو معرفة إحتمالات نجاح Sega في السوق وقتها، ووقتها ستدرك كيف كان من السهل أن لم تكن ناجحة من الأساس….

صناعة أجهزة الكونسول أو مجال العاب الفيديو بشكل لم يكن له طابع معروف وضعه بشكل إقتصادي في التسعينيات، على عكس وقتنا الحالي. فأنا وأنت نعلم ما يقدمه جهاز X من إمكانيات تجعله متفوقاً على جهاز Y وكيف يستطيع جهاز Z التغلب على الإثنين، ونعلم أيضاً أن إمتلاكك لحاسب قوي يستطيع أن يغنيك عن أي جهاز أخر. لكن وقتها لم يعلم العالم إلا Nintendo. ثلاثون مليون جهاز من NES تم بيعهم في الولايات المتحدة في خمس سنوات فقط، مما يعني ثلث بيوت الولايات المتحدة كانت تمتلك هذا الجهاز موصل بالتلفاز الخاص بهم. ولطالما إحتاجت العديد من الشركات لرجل مثل Kalinske وأولهم هي Microsoft في حربها أمام Sony على سبيل المثال.

صناعة خاصة بـ Nintendo تساوي 5 مليار دولار؟ Kalinske! حان وقت العمل يا صديقي لتأخذ حصتك الآن.

تهور محارب أفشل المخضرم:

كمحارب اسبرطي في ساحة قتال أمام سبارتاكوس، محارب لا يعرف عنه أحد. ينظر له الجميع بشفقة لأنه على الأغلب سيسحق أمام الجميع، وكان Kalinske هو هذا المحارب. محارب ذكي، عليه أن يتخذ خطوة للأمام مع معرفته بأنه على الأغلب لن يتغلب على من أمامه بسهولة. لكنه كان ذكياً، بدأ باللعب على نقطة الإختلاف مع Nintendo من جميع الجهات.

بدأ بأيقونة جديدة وهي Sonic، والذي ظل مرتبطاً بالشركة إلى وقتنا هذا. وضع جهاز Genesis في المقدمة، هذا الجهاز صاحب اللون الأسود الأنيق والذي جاء بشكل محدث للغاية على عكس الشكل الأبيض الكلاسيكي الخاص بـ Nintendo. مما جعل تصميم الأخير عبارة عن مزحة بين أطفال الصف السادس.

بدأ Kalinske باللعب على الشباب، بدأ بالتجول الحر في جميع أنحاء الولايات ليقوم بإصطياد الشباب وإعطائهم أجهزته وألعابه بالمجان لكي يبدأ الترويج لجهازه، ففي النهاية سيجلسون جميعهم في مدارسهم ليقولو "جهاز Genesis أفضل من لعبة الأطفال التي تمتلكها." مروجين لجهاز كونسول الجديد من شركته في وقت لم تكن أجهزة Sony بدأت بالظهور وكان السوق مقتصراً فقط على Nintendo .

العاب Sony Sega Nintendo كونسول

بدأ بلفت الأنظار حين قام بنشر ألعاب مثيرة للجدل، ألعاب مثل Mortal Kombat و Night Trap بعد أن تم إصدارها لأجهزة الـ Arcade وأجهزة أخرى من Sega قبل ظهور أجهزة Sony أو Microsoft. ليبدأ الجميع بالحديث عن ألعاب الفيديو العنيفة التي تصدر على جهاز Genesis. فالسمعة لم تهمه في تلك اللحظة، همه الوحيد كان كلمة Genesis التي ستصدر في نهاية كل حديث صحفي أو مقابلة تليفزيونية فبدأ أيضاً بمهاجمة Nintendo في كل مرة سنحت له الفرصة، أخذ وضع الهجوم تجاهها وبدأ في الكلام عن قوة جهازه من الناحية التقنية، زاعماً أنه أفضل في السرعة والأداء التقني الذي لم يكترث له الكثير لكنها كانت جملة تتردد في كل الأوقات.

بعد سنتين من الكفاح مع Sega في أمريكا، ضاعف مبيعات الشركة أربعة مرات لتصل لنصف مليار دولار، وقام بتوسيع العمالة فيها لتصل لألف عامل نشط عوضاً عن عشرين. ففي تلك الأحيان تظن أنك تملك كل شيء، وخاصة إن كنت قمت بالسيطرة على أكثر من نصف سوق الكونسول….تاركة 40 في المئة فقط لشركة Nintendo. بدأت الشركة بهزيمة Nintendo كل يوم عمل، حتى وصلت حالة السوق لمرحلة تجعلنا جميعاً قائلين: هنيئاً لـ Sega ، لقد فازت.

الغرور يقتل، والتسرع لا ينفع في جميع الأحيان:

العاب Sony Sega Nintendo كونسول

مثل شعبي يقول "من نسى أصله تاه"، تاهت Sega في اليابان لمصير مجهول بسبب غياب...لا ليس غياب، بل عدم وجود Kalinske في اليابان من الأساس. لم تكن كلمات Kalinske سهلة على اليابان. لكن في أحاديثه كان لطالما يقول:

"لم يستطيعو تحقيق نفس ما حققته أنا في الولايات المتحدة. لم يستطيعيو أخذ نفس القرارات العصيبة التي إتخذتها لجعل الشركة ما هي عليه. ويعود هذا لسياسة الدولة المحافظة أيضاً، فهم لا يملكون أي إبداع في قرارات التسويق مثلنا في أمريكا."

لطالما إعتاد Kalinske على الحروب، حروب يومية تحدث بين الشركات وبعضها...لكنه دخل حرب جديدة مع الشركة الأم في دولة اليابان. كل هذا بسبب الإختلاف الثقافي بين الدولتين، فتوجد العديد من السياسات التي يجب أن تتبعها أثناء تصميم لعبة حتى لا تفشل في مكان وتنجح في أخر. يجب أن تنجح بين جميع الأماكن والأعراق، ولم تتفهم هذا اليابان على حسب ما قال Kalinske الذي كان يضطر إلى شرح لماذا لا يمكن وضع علامة النازية في ألعاب الفيديو إلى ممثلي الشركة الأم.

بداية اللعنة:

العاب Sony Sega Nintendo كونسول

كانت العلاقة جيدة جداً بين الشركة الأمريكية والشركة الأم، وهذا شيء من المفترض أن يكون طبيعي جداً مثل علاقة Sony بشركاتها في جميع أنحاء العالم. لكن تغير الأمر في أخر أيامها بعد أخر مقابلة لـ Nakayam رئيس الشركة مع المسئولين عن التسويق في اليابان والتي رمى عليهم اللوم لعدم قدرتهم على التسويق مثل Kalinske، حتى كرهه الجميع في الشركة الأم.

لكن خطط Kalinske بدأت هنا بالوقوع بعدما بدأت اليابان التحكم بشكل أكبر في خيارات الشركة الأمريكية، وكسرو القاعدة التي عمل عليها Kalinske والتي كانت تطرح جهاز واحد بسعر جيد حتى يستطيع بيع العديد من الوحدات بسهولة، حتى قامو بتصنيع جهازين كونسول جدد؛ 32x و Sega CD. وكانت تلك الأجهزة من أفشل الأجهزة في فئة كونسول و العاب الفيديو بشكل عام على صعيد المبيعات والمراجعات.

تتابعت الكوارث وراء بعضها البعض، من تعددها وكثرها قد نتحدث أيام وأيام عنها في أمل أن نوصلها لك عزيز القاريء، فدعنا لا نتعجل في سرد تلك الرواية كلها حتى نعلم ما حدث. يمكننا أن تقول أننا نقوم بتشويقك، نعم. لكننا لن نطيل عليك!

تابعونا لتروا ما حدث بعد تلك الأزمة التي ضغطت على زناد مسدس الفشل لتصيب Sega في جميع أنحاء العالم!