الذكاء الاصطناعي AI جملة يتم تداولها بشكل مكثف خلال الأيام الماضية، خصوصًا بعد أن ظهرت العديد من التطبيقات في كل المجالات تقريبًا تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي.

 لكن على الرغم من انتشار المصطلح كثيرًا في الآونة الكثير إلا أن الكثير لا يفهم المعنى الحقيقي للذكاء الاصطناعي AI.

يمكن وضع تعريف بسيط عن الذكاء الاصطناعي بأنه سلوك برمجي يحاكي الذكاء البشري والعمليات العقلية التي يقوم بها الإنسان، وفي نفس الوقت لا يمكننا الاعتماد على هذا التعريف بشكل علمي دقيقة لافتقاده للعديد من الأسس التعريفية الأساسية، فهذا التعريف هو مجرد تعريف لتبسيط الفكرة ليس أكثر.

من التعريف السابق نجد أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تعتمد على المحاكاة، فهي تأخذ معطيات بشرية متنوعة لتخرج لنا نتائج معينة، وهذا الأمر موجود مُنذ سنوات عديدة ويتم تطبيقه في الألعاب عمومًا.

عندما نقوم بمراجعة أحد الألعاب نضع في عين الاعتبار الذكاء الاصطناعي الموجود بها، وكان يتم تطبيق الأمر عن طريق عدد من المعطيات التي يعطيها المبرمج لبرنامج الذكاء الاصطناعي الموجود في اللعبة.

لنأخذ مثال

إذا أراد المطور تطوير لعبة تسلل فيجب أن يضع برمجيات للذكاء الاصطناعي الخاص بالأعداء، هنا المطور لا يقوم بتصميم حركة كل عدو ولنعتبره حارس منشأة معينة.

في هذه الحالة يقوم المطور بوضع بعض المعطيات التي يتحرك في إطارها الحارس مثل مدى رؤية الحارس ومدى حركته وسرعته وحتى درجة استماعه للصوت من حوله.

بعد ذلك نجد الحراس يتحركون في إطار هذه المعطيات، وعندما تكون المعطيات كثيفة ومتشابكة تنتج محاكاة جيدة للتصرفات البشرية، وإذا أهمل المطور هذه المعطيات نجد أن الذكاء في اللعبة ضعيف وغير واقعي.

ثورة الذكاء الاصطناعي الجديدة

خلال الفترة الماضية بدأ الذكاء الاصطناعي في أخذ قفزات عملاقة والمفتاح كان سلوكيات التعلم.

نعم برامج الذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة الآن على التعلم واستخدام المعطيات بشكل واسع جدًا وعدم حصرها في نطاق معين.

بسبب هذه الأفكار أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على القيام بعمليات كبيرة جدًا عن طريق المعطيات وبسهولة تامة وسرعة فائقة.

لذلك أصبحنا نرى صور يتم صناعتها من الصفر عن طريق الذكاء الاصطناعي خلال ثواني حرفيًا، لأن البرنامج قادر على الفهم والتعلم بشكل أكبر بكثير من الماضي.

الألعاب ستكون فائز كبير

صناعة الألعاب بالتحديد قد تعتمد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير جدًا، لأن هذه التطبيقات يمكنها القيام بعمليات مجهدة جدًا خلال فترة زمنية قصيرة جدًا.

على سبيل المثال عملية تصميم عالم اللعبة قد تتم عن طريق هذه التطبيقات خلال فترة زمنية قصيرة جدًا وبدون مجهود.

كل ما على المطور إعطاء معطيات دقيقة لهذه البرامج عن تصور العالم وشكله ومن ثم يقوم التطبيق برسم العالم.

شاهدنا بالفعل بعض التطبيقات لهذه التقنيات في مجال الصور بالتحديد وبعض الأفكار الأخرى.

حتى أن بعض شركات التطوير بدأت باستبدال المبرمجين بتطبيقات من هذا النوع لأنها أسهل وأقل تكلفة وتختصر الوقت.

ماذا نريد كجيمرز من هذه التطبيقات

في الحقيقة نحن هنا لنتحدث عن الأمر من منظورنا كجيمرز، فنحن في النهاية لا نريد سوى ألعاب مصقولة وممتعة بغض النظر عن طريقة تطويرها والآلية التي تمت بها العملية.

شخصيًا أتمنى تطبيق عدد كبير من الأفكار المعتمدة على هذه التطبيقات وفي نفس الوقت يوجد العديد من الأفكار التي لا أتمنى تطبيقها في الألعاب أو أي عمل فني تقريبًا.

عالم حي أكثر

أحد أبرز الإضافات التي أرغب بتطبيقها عن طريق الذكاء الاصطناعي هو محاكاة فيزيائيات عالم اللعبة.

الفيزيائيات تلعب دورًا هامًا جدًا في دب الحياة داخل عالم اللعبة، ولكن هذه البرمجيات مجهدة جدًا لذلك لا يتم تطبيقها بشكل جيد في معظم الألعاب.

في الكثير من الأحيان نجد ألعاب برسوم مبهرة ولكن عالم اللعب ميت لا يمكن التفاعل معه، وهنا لنا مثال في لعبة سايبر بأنك التي قدمت رسوم مبهرة ولكن العالم نفسه جاف مجرد شكل لا أكثر.

جرب التحرك وسط أكياس القمامة داخل لعبة سايبر بأنك ستجد أن هذه الأكياس صلبة جدًا ولا تحاكي الواقع بأي شكل من الأشكال.

على الجانب الآخر لدينا لعبة مثل GTA V التي قدم فيزيائيات رائعة وقتها جعلتنا نشعر بطفرة تطويرية.

أتمنى أن يتم استخدام هذه التقنيات والبرمجيات الجديدة في محاكاة فيزيائيات واقعية ولا حصر لها في الألعاب.

شخصيات غير قابلة للعب أكثر ذكاء

في كل الألعاب يتم تصميم الشخصيات الغير قابلة للعب بشكل خطي تمامًا، فهم يقومون بأفعال معينة في أوقات محددة.

السكان في لعبة GTA V يتحركون بشكل معين ويتلفظون بجمل معينة في لحظات محددة.

إذا تم تطبيق الذكاء الاصطناعي في الألعاب قد نجد شخصيات غير قابلة للعب تتصرف بشكل طبيعي وتتحرك طبقا للمواقف بشكل إنساني كبير.

تم تطبيق الأمر في نمط خاص بلعبة Skyrim حيث تم دمج ChatGpt في اللعبة وأصبحت هذه الشخصيات قادرة على التحدث مع اللاعب في أي موضوع تقريبًا.

أصوات أكثر تنوعًا

نفس الأمر في الأصوات يمكن تطبيقه بحيث تتمكن هذه الشخصيات من التحدث بنبرات صوت عديدة وليست مكررة كما هو الحال في الألعاب الموجودة حاليًا.

مهام جانبية عشوائية

أحد أكثر التطبيقات التي أرغب في رؤيتها يتعلق بالمهام الجانبية، لأن الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث مهام جديدة جانبية ومستمرة داخل عالم اللعبة طبقًا للظروف وطريقة اللعب نفسها.

هذه الأفكار يمكنها تطوير ألعاب حية ينتج عنها تجارب لعب مختلفة ومتفردة لكل لاعب.

ما نخاف منه

في الحقيقة أخاف كثيرًا من دخول الذكاء الاصطناعي في أي عنصر متعلق بالإبداع الفني.

مهما تطورت هذه التقنيات ستكون قاصرة ولا تحاكي العقل البشري وإذا تطرقت هذه التطبيقات إلى الجوانب الفنية في الألعاب سينتج عنها ألعاب مكررة ونسخ بالكربون.

هذه التطبيقات لها طريقة تحليل وفهم للمعطيات ومهما تطورت لن تكون قادرة على إفراد أفكار فنية جديدة أو توجهات عامة.

مُنذ عدة سنوات ظهرت ألعاب الباتل رويال وهذه الفكرة لم تكن موجودة من قبل ومن قبلها ظهرت ألعاب الموبا.

هذه الأفكار كانت نتيجة إبداع إنساني خالص لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاته، الذكاء الاصطناعي قادر على التطوير في إطار المتاح له ولن يكون قادرًا على إفراد أفكار جديدة.

كل ما تراه وتنبهر به في الوقت الحالي هو نتيجة المعطيات التي يأخذها التطبيق ليس أكثر، ولذلك نشعر بالتكرار في صور الذكاء الاصطناعي، حتى إن اخترت مدارس معينة.

يمكنك أن تطلب من تطبيق الذكاء الاصطناعي تصميم صورة للملك المصري رمسيس على طريقة سلفادور دالي، وسيتمكن البرنامج من تصميم الصورة.

لكن إذا لم يوجد سلفادور دالي أصلًا فلن يتمكن أي تطبيق من تصور هذه الصورة اصلًا.

خلال الأيام الماضية قمت بتجربة لعبة Diablo IV وتعلقت جدًا بتصميم شخصية ليليث الشريرة في اللعبة.

تصميم الشخصية فيه عبقرية فنية تمكنت من تذوقها والاستمتاع بها، تصميم الشخصية ورسمها جمع بين الشر والحقد وفي نفس الوقت الملامح بها حنان ورقة.

نتحدث هنا عن شيطانة تعشق الدماء ومع ذلك ملامحها جميلة بشكل كبير وجسدها مثير، والفنان هنا تمكن من تقديم الشخصية بشكل أثر فيه فكرة فنية مميزة جدًا.

الذكاء الاصطناعي قادر هو الأخر على تصور ليليث وقد تخرج الصورة بشكل رائع، ولكن لن يوجد بها هذه اللمسة الفنية المتفردة.

يوجد العديد من التصورات للشخصية ويمكن لهذه التطبيقات الاعتماد على هذه التصورات لتقديم نموذج جديد تمامًا، لكنها لن تكون فنية لأن الإبداع البشري لا يمكن استبداله.

خلاصة القول

تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكنها دعم صناعة الألعاب بشكل كبير جدًا وتقديم أفكار وتجارب لعب لم نرى لها مثيل، يمكن تقديم ألعاب بطريقة لعب بها حرية تامة وتجارب مختلفة لكل لاعب داخل نفس اللعبة مع فيزيائيات تحاكي الواقع بشكل كبير جدًا.

لكن في نفس الوقت الذكاء الاصطناعي في وجهة نظري لا يمكن استبدال الإبداع الإنساني الخالص، ولا يمكن تطوير لعبة من الصفر بتوجهاتها الفنية اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي فقط.