فرض العملاق الكوري الجنوبي، شركة سامسونج، قرارًا على مستوى الشركة لمد أيام العمل إلى ستة أيام أسبوعيًا، وذلك بالنسبة للقيادات التنفيذية؛ مُعللة ذلك بأنه "لخلق حالة من الشعور بالأزمة". تأتي هذه السياسة الجديدة في أعقاب النتائج المالية المخيبة لشركة سامسونج العام الماضي، إلى جانب المخاوف الاقتصادية الأوسع على المستوى الداخلي؛ مثل ارتفاع تكاليف الاقتراض، وأسعار النفط، وانخفاض قيمة العملة الكورية السريع.

ومن المتوقع أن يشمل تطبيق نظام العمل الجديد مسؤولين تنفيذيين رفيعي المستوى في شركات مثل سامسونج Display و Samsung Electro-Mechanics و Samsung SDS. وصرح مسؤول تنفيذي بمجموعة سامسونج؛ بأن أداء الوحدات الرئيسية للشركة جاء أقل من التوقعات، لذا طُبق نظام العمل لمدة ستة أيام في الأسبوع للمديرين التنفيذيين، وذلك لخلق حالة من الشعور بالأزمة وجعلهم يبذلون قصارى جهدهم للتغلب عليها.

أزمة الرقائق تهدد العملاق الكوري

قابل العملاق الكوري العديد من الصعوبات بدايةً من العام الماضي 2023، إذ كان عامًا مليئًا بالتحديات ما أدى إلى نتائج مخيبة للآمال بالنسبة للشركة؛ لعل أبرز هذه التحديات هو النجاح الثوري للذكاء الاصطناعي الذي دفع عمالقة التكنولوجيا للإقبال على شراء الرقائق والاستثمار بها.

رقائق الذكاء الاصطناعي

وأتى الاحتياج الضخم للرقائق في عامٍ كانت تواجه سامسونج الأزمة العالمية في صناعة أشباه الموصلات بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ يعتمد العملاق الكوري على روسيا و أوكرانيا في  توريد بعض المواد الخام الأساسية لتصنيع الرقائق الإلكترونية، مثل غاز النيون والبلاديوم؛ كما أثرت هذه الأزمة على إنتاج سامسونج لأجهزتها الإلكترونية؛ مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، ما أدى إلى زيادة تكاليف التصنيع وتأخيرات في التسليم بسبب تعطل الإنتاج.

طالع أيضًأ: الحرب الروسية على أوكرانيا: لأن زيادة الأسعار الحالية ليست كافية!

سامسونج تُحارب على جبهات متعددة

تواجه سامسونج أيضًا منافسة شرسة على جميع الأصعدة، إذ تواجه منافسة متزايدة مع شركة SK Hynix الكورية في إنتاج شرائح الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي والمطلوبة لحوسبة الذكاء الاصطناعي، والتي تعتبر سامسونج الأولى عالميًا في إنتاجها حتى الآن.

وتتصاعد نيران المنافسة كذلك بشكلٍ مُلفت مع ازدياد شعبية هواتف الشركات الصينية مثل هواوي وشاومي، والتي تقدم هواتف ذكية بأسعار مغرية ومواصفات قوية تُنافس أجهزة سامسونج. ذلك بالإضافة إلى شركات التقنية العملاقة مثل أبل وجوجل؛ التي تركز بشكلٍ كبير على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أجهزتها، ما يشكل تهديدًا على سامسونج في هذا المجال.

وأدى الذكاء الاصطناعي إلى التأثير على سلوك المسهتلكين أيضًا، إذ كان أكثر جاذبية للمستهلك التوجه إلى الأجهزة التي تقدم وعودًا بدمج الذكاء الاصطناعي في انظمتها وتطويره  وهو ما لم تتمكن سامسونج من مواكبته؛ ما أدى إلى فقدانها جزء من حصتها في السوق. وأدت الحرب الروسية - الأوكرانية أيضًا إلى انخفاض الطلب على السلع الإلكترونية لسامسونج في أوروبا وروسيا، وذلك لعدة أسباب لوجيستية واقتصادية وأمنية في كِلا المنطقتين.

إنّ المستقبل أمام سامسونج مليء بالتحديات، إذ مازالت تواجه الكثير من العقبات المستمرة معها منذ العام الماضي. ولكن تتمتع الشركة بقدراتٍ هائلةٍ وخبراتٍ واسعةٍ تُمكنها من تجاوز هذه العقبات وتحقيق النجاح؛ إذ يبدو مستقبلها وافِرٌ بالفرص.

و يبقى الوقت هو الفيصل لمعرفة ما إذا كانت سامسونج ستتمكن من التغلب على الصعوبات التي تواجهها في عالم التكنولوجيا أم ستخسر مكانتها لصالح منافسيها.