
آبل تطور تطبيقًا داخليًا باسم «فيريتاس» لإعادة بناء سيري بدون ChatGPT
- آبل تطور تطبيق فيريتاس الداخلي لإعادة بناء سيري بشكل أكثر ذكاءً ومرونة.
- فيريتاس وفر مختبرًا لتجارب الذكاء الاصطناعي وتحسين البحث السياقي للمساعد الصوتي.
- إخفاقات وتأجيلات سابقة دفعت آبل لإعادة هيكلة فريق سيري.
- المنافسة مع أليكسا وجوجل زادت من إصرار آبل على تطوير سيري.
شهد المساعد الصوتي «سيري» منذ إطلاقه مسيرة مليئة بالتقلبات داخل آبل. فقد دخل «سيري» عالم الهواتف الذكية كواحد من أوائل المساعدين الصوتيين الذين جذبوا اهتمام المستخدمين، لكنه مع مرور الوقت لم يحافظ على الزخم نفسه الذي صنعه في البداية.
عانت آبل من تعثرات متتالية وتأجيلات متكررة، ما جعل كثيرين يرون أن الشركة فقدت السباق أمام منافسين مثل أليكسا من أمازون ومساعد جوجل. ومع ذلك، لم تتخل آبل عن طموحها، بل أعادت التفكير في مستقبل المساعد عبر مشروع جديد حمل اسمًا لافتًا هو «فيريتاس».
فيريتاس كبديل عن ChatGPT
عملت آبل خلال الأشهر الماضية على نموذج ChatGPT، لكنها كانت تهدف إلى التركيز على ابتكار بديل داخلي يلبي احتياجات منظومة آبل.
وقد مثَّل «فيريتاس» هذا البديل الذي أرادت الشركة من خلاله اختبار قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في بيئة مغلقة، مع ضمان مستويات أعلى من الخصوصية وتكامل أعمق مع أجهزتها وخدماتها.
ومن هنا ظهر المشروع كخطوة استراتيجية لتقليل الاعتماد على حلول خارجية وتطوير تجربة محادثة خاصة بآبل.
ولادة «فيريتاس» كأداة سرية
طورت فرق الذكاء الاصطناعي في آبل تطبيقًا داخليًا يشبه تطبيقات المحادثة الحديثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي. حمل التطبيق الاسم الرمزي «فيريتاس»، وهي كلمة لاتينية تعني الحقيقة.
لم يكن الهدف من إطلاقه الوصول إلى السوق مباشرة، بل استخدامه كأداة اختبار لتجارب متنوعة تساعد على إعادة تشكيل «سيري» من الصفر. وقد تميز «فيريتاس» بقدرته على محاكاة المحادثات الطويلة، والاحتفاظ بسياق الحوار، والإجابة بطريقة تتجاوز الأوامر البسيطة التقليدية.
السعي نحو قدرات احترافية
ركزت التجارب في «فيريتاس» على تطوير ميزة البحث الاحترافي، بحيث يتمكن المساعد من الوصول إلى بيانات شخصية مثل الرسائل النصية والبريد الإلكتروني ومواعيد التقويم، ليقدم نتائج مخصصة أكثر دقة للمستخدم.
وقد منح هذا التوجه آبل فرصة لاختبار كيف يمكن لسيري أن يتحول من مجرد منفذ للأوامر الصوتية إلى مساعد حقيقي يعرف اهتمامات صاحبه ويتفاعل معها. وتميزت هذه الخطوة بكونها تحولًا جذريًا في طبيعة المساعد الصوتي، حيث أصبحت المحادثة أعمق وأكثر واقعية.
إخفاقات شكلت الدافع
واجه مشروع Apple Intelligence، الذي أطلقته آبل لتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل أجهزتها، سلسلة من التحديات.
ظهرت المشكلات منذ البداية عندما تعثرت ميزة تلخيص الإشعارات، ما أجبر الشركة على تعطيلها جزئيًا في مطلع عام 2025. وقد شعر المستخدمون حينها أن الطموحات الكبيرة التي وعدت بها آبل لم تتحقق، خاصة أن المنافسين أطلقوا بالفعل خدمات قوية وموثوقة.
مواعيد مؤجلة وأمل مؤجل
أعلنت آبل نيتها تقديم نسخة مطورة من «سيري» مع تحديث iOS 18.4 في مارس 2025. انتظر المستخدمون وصول المساعد الجديد، لكن التحديث لم يتضمنه رغم أنه جلب بعض قدرات Apple Intelligence الأخرى.
ازدادت خيبة الأمل حين أعلنت الشركة في أبريل عن تأجيل إطلاق سيري المتطور إلى أجل غير محدد، ما أثار تساؤلات واسعة حول مستقبل المشروع، بل ودفع البعض إلى الاعتقاد أن الشركة قد تتراجع عن فكرة المساعد الصوتي برمتها.
إعادة هيكلة القيادة
اتخذت آبل خطوة إدارية مهمة عبر إعادة هيكلة الفريق المسؤول عن «سيري». فقد خرج جون جياناندريا من المشهد، وتولى مايك روكويل قيادة الفريق بعد أن كان يقود جهود تطوير جهاز آبل فيجن برو.
حمل هذا القرار رسالة واضحة مفادها أن الشركة تبحث عن قيادة أكثر قدرة على تنفيذ التحولات المعقدة؛ إذ استفادت آبل من خبرة روكويل الذي أثبت نجاحه في مشروع فيجن برو، وهو ما أعاد الأمل بأن المساعد الصوتي يمكن أن يستعيد مكانته.
فيريتاس كمساحة للتجريب
أصبح «فيريتاس» بمثابة مختبر مرن يمنح فرق التطوير حرية واسعة في تجربة أفكار جديدة دون القلق من ردود الفعل المباشرة من المستخدمين. كما أتاح التطبيق للشركة تسريع وتيرة التطوير، وتجربة أدوات متقدمة في بيئة داخلية مغلقة.
هذه الإستراتيجية سمحت باختبار سيناريوهات متعددة وإصلاح المشكلات بسرعة، الأمر الذي مهد الطريق لتصور نسخة أكثر نضجًا من «سيري».
مقارنة مع المنافسين
بينما كانت آبل تخوض هذه التحديات، واصل المنافسون تقدمهم. فأليكسا من أمازون نجح في ترسيخ مكانته داخل المنازل الذكية عبر تكامله مع آلاف الأجهزة، بينما واصل مساعد جوجل تعزيز قوته من خلال البحث الذكي والدمج العميق مع خدمات جوجل.
وقد جعل هذا المشهد مهمة آبل أكثر صعوبة، لكنه في الوقت نفسه زاد من إصرارها على تقديم تجربة مختلفة تستفيد من نقاط قوتها، خصوصًا تكاملها العميق بين العتاد والبرمجيات.
أفق جديد ينتظر سيري
أصبح عام 2026 هو الموعد الجديد الذي تعلق عليه آبل آمالها لإطلاق نسخة معاد تصورها من «سيري»، حيث حمل «فيريتاس» وعودًا كبيرة بقدرته على تحويل المساعد إلى تجربة شخصية أذكى وأكثر مرونة، تقوم على المحادثة الطبيعية وتوظيف البيانات الخاصة بطريقة تحافظ على الخصوصية وتزيد من الفائدة.
ومع أن الطريق لم يكن سهلاً، فإن المشروع كشف عن رغبة آبل في إعادة بناء ثقة المستخدم، وتأكيد أن «سيري» ما زال حاضرًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
?xml>