يُجادل الجميع منذ بداية ثورة الذكاء الاصطناعي بسؤال هام للغاية؛ هل يمكن أن يمتلك الذكاء الاصطناعي وعيًا؟ بالتالي هل يُمكن أن تمتلك الروبوتات الفيزيائية وعيًا هي الأخرى؟ الإجابة على هذا السؤال مُعقدة للغاية وتشمل جانبًا فلسفيًا يختلف فيه المُجادلين عن إمكانية حدوث الأمر واستحالته.

يعتقد بعض العلماء أن الوعي مرتبط بشكل أساسي بالتركيب المادي للدماغ البشري، لذا؛ لا يمكن تحقيقه في الآلات ويشمل ذلك الاعتراض أن الحواسيب لا يمكن أن تمتلك صفات إنسانية مثل الإبداع والعواطف والإرادة الحرة، لأنها تعمل وفق برمجتها؛ ما يعني أنها لا تستطيع الخروج عن السياق.

ويعتقد علماء أخرون أن الوعي يمكن تحقيقه في أي نظام قادر على محاكاة وتنفيذ نفس الوظائف والعمليات التي يجريها الدماغ البشري، بغض النظر عن التركيب المادي. وتسبب ذلك الجدل في ارتفاع توقعات الجميع عند تفسير أي حادث تدميري لروبوت يوجد به خلل تقني فقط! وفي حادث غريب؛ عُثر على موظف آلي حكومي في مجلس مدينة جومي بكوريا الجنوبية معطلًا بعد ما يبدو أنه سقوط متعمد من درج يبلغ ارتفاعه مترين!

أحد الموظفين يضع مستندات داخل المكان المٌخصص في الروبوت لنقلها

الموظف المثالي الآلي المُنتحر

صرح مسؤول بمجلس المدينة أن الروبوت كان يعمل بجد؛ إذ كان يتولى إيصال المستندات اليومية و الدعاية للمدينة لتحسين صورتها وجعلها جذابة للسكان والزوار والمستثمرين، بالإضافة إلى نشر المعلومات بين السكان المحليين. وأفادت شهادة الشهود أنهم رأوا الروبوت يدور في بقعة واحدة كما لو أن شيئ ما حدث! وكان تصرف الروبوت الغريب ذلك قبل الحادثة بوقتٍ قصير؛ ما أثار تكهنات حول سبب سقوطه من على الدرج.

واقترح بعض نشطاء التواصل الاجتماعي أن الروبوت ربما قد تعرض "لانهيار عاطفي" بسبب ضغط العمل! بينما يعتقد البعض الآخر أن السبب كان خلل فني. وقال المسؤول أنهم جمعوا قطع الروبوت وسيعمل الفنيون على تحليلها ومعرفة سبب سقوط الروبوت الحقيقي؛ ويرجع سبب التحقيق إلى أن روبوت مجلس مدينة جومي يمكنه استدعاء المصعد والانتقال بين الطوابق بشكل مستقل.

صورة للروبوت مع العاملين بمجلس المدينة

وصُنع الروبوت "المُنتحر" بواسطة Bear Robotics، وهي شركة ناشئة لصناعة الروبوتات النادلة ومقرها كاليفورنيا؛ وكان يعمل من الساعة 9 صباحًا حتى الساعة 6 مساءً وكان لديه بطاقة موظف حكومي خاصة به. وعُين الروبوت في أغسطس 2023؛ والذي يُعد من أوائل الروبوتات المُستخدمة في تلك الوظيفة بالمدينة.

أطلقت وسائل الإعلام المحلية ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على الحادثة "أول حالة انتحار لآلي" في البلاد. واشتهر الروبوت، الذي يُعرف باسم "المُشرف الآلي"، بأنه موظف مثالي منذ تعيينه. وقال أحد المسؤولين أن الروبوت كان جزءًا رسميًا من مبنى البلدية، ووصفه بأنه كان واحد منهم.

حالة من الحزن والسخرية على الروبوت المسكين

أثار الحادث موجه من الحزن والفضول والسخرية أيضًا في جميع أنحاء البلاد؛ وتساءلت الصحف المحلية الكورية الجنوبية عن انتحار الروبوت. وتسائلت الصحف عدة أسئلة مثل؛ لماذا يفعل موظف مدني مجتهد ذلك؟ وهل كان العمل شاقًا جدًا عليه؟ وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بردود أفعال تراوحت بين التعازي المؤثرة للروبوت المنهار، ومناقشات جادة حول الآثار الأخلاقية لوعي الذكاء الاصطناعي وإمكانية شعوره بالمعاناة.

وتفاعل مستخدمو الإنترنت على أسئلة الصحف بتعليقات ساخرة مثل؛ إذا كان عبء العمل مفرطًا، هل كان يدور لفترة طويلة ثم يندفع إلى الدرج؛ ما يشير إلى أن الروبوت تعطل بسبب العمل الزائد، والذي تسبب بدوره للتصرف بشكل غير طبيعي. فيما أضاف آخر بأنه يصلي بأن ترقد بقايا المعدن في سلام!

تعليقات ساخرة آخرى عن الروبوت المُنتحر على ريديت

تتمتع كوريا الجنوبية بأعلى كثافة للربوتات في العالم؛ بمُعدل روبوت واحد لكل عشرة موظفين؛ ولجأت الدولة إلى الأتمتة في قطاعات مختلفة، بدايةً من الصناعة إلى الخدمة العامة. وأثار الحادث تساؤلات حول الآثار الأخلاقية لهذا الاندماج الآلي واسع النطاق؛ خاصةً في الأدوار التي يشغلها البشر في الطبيعي.

وتسائل البعض حول مدى تحمل الروبوتات لأعباء العمل الزائدة؛ وإذا كان ذلك يؤثر على أدائها وكفائتها. وأشار العديد إلى أهمية الاهتمام بالحالة التشغيلية للروبوتات وضمان عملها بشكلٍ سليم. وجاء رد فعل مجلس مدينة جومي بأنهم لن يُعينوا مشرف روبوتي آخر في الوقت الحالي.