• الصين فتحت تحقيقًا احتكاريًا ضد كوالكوم بعد استحواذها على شركة Autotalks الإسرائيلية.
  • أسهم كوالكوم تراجعت 4٪ عقب إعلان التحقيق في صفقة الاستحواذ.
  • التحقيق يأتي وسط تصاعد التوتر التجاري بين بكين وواشنطن.
  • المحللون توقعوا تأثيرًا سلبيًا على صناعة الرقائق العالمية.

اشتدت حدة التوتر بين الصين والولايات المتحدة بعد أن أعلنت هيئة تنظيم السوق الصينية عن فتح تحقيق رسمي ضد شركة كوالكوم الأمريكية، بتهمة انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار في البلاد.

جاء القرار بعد استحواذ كوالكوم على شركة Autotalks الإسرائيلية المتخصصة في رقائق السيارات الذكية، في صفقة أُغلقت رسميًا في يونيو الماضي بعد انتظار دام أكثر من عامين منذ الإعلان الأول عنها.

انخفضت أسهم كوالكوم بنحو 4 في المئة عقب صدور البيان، ما عكس مخاوف المستثمرين من أن يؤثر التحقيق الجديد على أعمال الشركة داخل السوق الصينية، التي تُعد واحدة من أهم أسواقها العالمية.

تفاصيل التحقيق وبيان كوالكوم

أوضحت الإدارة الصينية لتنظيم السوق (SAMR) في بيان موجز أن كوالكوم يُشتبه في مخالفتها لقانون مكافحة الاحتكار في ما يتعلق بصفقة الاستحواذ على Autotalks.

وأكدت الهيئة أنها بدأت فعليا إجراءات التحقيق، دون أن تكشف تفاصيل إضافية حول طبيعة المخالفات المحتملة أو المدى الزمني للعملية. ومن جهتها، أصدرت كوالكوم بيانًا مقتضبًا أعلنت فيه تعاونها الكامل مع السلطات الصينية، مؤكدة التزامها بدعم تطور ونمو عملائها وشركائها في الصين.

وأشارت الشركة إلى أنها ستواصل توفير تقنياتها لعملائها المحليين الذين يعتمدون بشكل كبير على شرائحها في الهواتف الذكية.

الصين تفتح تحقيق احتكاري في صفقة استحواذ كوالكوم على شركة إسرائيلية

علاقة كوالكوم بالسوق الصينية

تُعد الصين من أكبر أسواق كوالكوم، إذ تعتمد شركات الهواتف الكبرى مثل شاومي وأوبو وفيفو على معالجاتها لتشغيل أجهزتها. ومع تزايد القيود الأمريكية على تصدير الرقائق إلى الصين، اكتسبت علاقات كوالكوم هناك بعدًا استراتيجيا بالغ الأهمية.

ويخشى محللون من أن يؤدي التحقيق الحالي إلى تقليص التعاون بين الشركة الأمريكية ومصنعي الأجهزة الصينيين، في وقت يتجه فيه هؤلاء إلى تطوير بدائل محلية للرقائق الأجنبية.

خلفية صفقات كوالكوم والتحقيقات السابقة

لم يكن التحقيق في صفقة كوالكوم حالة معزولة، إذ سبق أن أعلنت الإدارة الصينية في سبتمبر الماضي عن اتهامات مشابهة ضد شركة NVIDIA الأمريكية، مشيرة إلى مخالفات محتملة في صفقة استحواذها على Mellanox وبعض الاتفاقيات التابعة لها.

كما كشفت تقارير إعلامية عن أن بكين شجعت الشركات المحلية على تقليل اعتمادها على معالجات NVIDIA، في خطوة فسرها مراقبون بأنها جزء من سياسة الرد المتبادل في الحرب التكنولوجية بين القوتين.

تشديد القيود على المعادن

في الوقت ذاته، شددت الصين خلال الأسبوع الماضي القيود المفروضة على تصدير المعادن النادرة وبعض التقنيات المرتبطة بها، وهي عناصر أساسية في صناعة الرقائق الإلكترونية والمعدات الدفاعية والسيارات الكهربائية.

واعتُبر القرار إشارة واضحة إلى أن بكين تستخدم أدواتها الاقتصادية الاستراتيجية للضغط في مواجهة القيود الأمريكية المفروضة على قطاعها التكنولوجي.

تُعد العناصر النادرة مكونًا حيويًا في تصنيع الشرائح الدقيقة والمكونات الإلكترونية عالية الكفاءة، ما يجعل أي تقييد لتصديرها عاملًا مؤثرًا في سلاسل التوريد العالمية. وأدى هذا القرار إلى ارتفاع المخاوف في أسواق التكنولوجيا من اضطرابات محتملة في إنتاج الرقائق خلال الأشهر المقبلة.

لقاء مرتقب بين ترامب والرئيس الصيني

يأتي التحقيق في وقت حساس سياسيًا، إذ من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ نهاية أكتوبر الجاري، على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في مدينة غيونغجو الكورية الجنوبية.

ويُتوقع أن تكون قضايا التكنولوجيا والتجارة على رأس جدول أعمال اللقاء. إضافة إلى ذلك، يرى محللون أن الإعلان عن التحقيق ضد كوالكوم قبل هذا الاجتماع بأيام يحمل دلالات سياسية واضحة، إذ ترغب بكين في تأكيد قدرتها على الرد على الضغوط الأمريكية التي تستهدف قطاعها التقني.

كما يُشير إلى أن الحرب الباردة التكنولوجية بين البلدين تجاوزت حدود الرسوم الجمركية لتصل إلى ميدان التنظيمات والصفقات الدولية.

الصين تفتح تحقيق احتكاري في صفقة استحواذ كوالكوم على شركة إسرائيلية

انعكاسات التحقيق على صناعة الرقائق

أثار قرار الصين قلقًا واسعًا في أسواق التكنولوجيا العالمية، إذ يعتمد قطاع واسع من الشركات على الرقائق التي تطورها كوالكوم لتشغيل الهواتف والأجهزة الذكية وشبكات الاتصال.

ورجح خبراء أن يؤدي استمرار التحقيق أو اتساع نطاقه إلى تأخير بعض الصفقات المستقبلية في آسيا، وربما يدفع الشركات الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التوسعية داخل الصين.

ومع أن كوالكوم واجهت سابقًا اتهامات مشابهة في الصين عام 2015 انتهت بتسوية مالية ضخمة، إلا أن السياق الحالي أكثر تعقيدًا، خاصة مع تصاعد القيود الأمريكية على شركات التكنولوجيا الصينية مثل هواوي.

وهذا يجعل أي إجراء ضد كوالكوم يُفهم ضمن توازن الردع بين القوتين في ميدان التكنولوجيا المتقدمة.

إشارات إلى تصعيد جديد

أظهر هذا التحقيق أن الصراع بين بكين وواشنطن قد بات يشمل أدوات قانونية وتنظيمية تؤثر في عمق الصناعة التقنية. وبينما تسعى الصين إلى حماية مصالحها وتعزيز استقلالها الرقمي، تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها في مجال أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.

ويبدو أن الأشهر المقبلة ستشهد فصولا جديدة من هذا التنافس المحتدم، حيث تتحول كل صفقة أو استحواذ إلى ساحة مواجهة غير معلنة بين عملاقي الاقتصاد العالمي.