مستثمر كبير يبيع نصف أسهم آبل وسط خسائر تكنولوجية بـ3 تريليون دولار!
تعتبر شركة Berkshire Hathaway من أكبر الشركات في الولايات المتحدة وواحدة من أعلى الشركات عالميًا من ناحية سعر السهم. تمتلك الشركة محفظة استثمارية متنوعة تضم حصصًا في العديد من الشركات الكبرى، مع التركيز على الأسهم الممتازة. يقود هذه الشركة العملاقة وارن بافيت، واحد من أنجح المستثمرين في العالم، ويحتل المرتبة العاشرة في قائمة أغنى أشخاص العالم بثروة تقدر بـ 128.9 مليار دولار في وقت كتابة الخبر.
نظرًا لمكانة بافيت المرموقة، أصبحت قراراته الاستثمارية محط أنظار المستثمرين والشركات على حد سواء. تتركز محفظة بيركشاير هاثاواي بشكلٍ كبير؛ أي أنها ليست متنوعة؛ إذ تمثل خمس حيازات نحو ثلاثة أرباع قيمة محفظة الأسهم الأمريكية للشركة. من بين هذه الحيازات، تبرز شركة آبل التكنولوجية كأحد الاستثمارات الرئيسية، وقد عبر بافيت مرارًا عن تفضيله لها.
في الربع الأول من عام 2024؛ باع بافيت جزء 13% من أسهم آبل، مبررًا ذلك بأسباب ضريبية. ورغم هذا البيع، طمأن المساهمين خلال الاجتماع السنوي بأن حبه للشركة لم يتغير. لكن المفاجأة جاءت في تقرير أرباح الربع الثاني؛ إذ كشفت بيركشاير هاثاواي عن انخفاض قيمة حصتها في آبل إلى 84.2 مليار دولار؛ ما يشير إلى بيع أكثر من 49% من حصتها في الشركة التقنية.
رغم هذا البيع الكبير، تظل آبل أكبر استثمار في محفظة بيركشاير هاثاواي بفارق كبير. ومع ذلك، أثار هذا التحرك تساؤلات وتكهنات في أوساط المستثمرين، خاصةً وأن بافيت معروف بتفضيله للمحافظ الاستثمارية المركزة. في الواقع، صرح بافيت سابقًا بأن "التنويع ليس له معنى كبير لأي شخص يعرف ما يفعله"؛ ما يزيد من أهمية مراقبة تحركاته الاستثمارية المستقبلية.
هل مستقبل آبل في خطر؟
لم تكن آبل وحدها في قائمة الشركات التي خرجت من محفظة بيركشاير هاثاواي. فقد جاء بيع أسهمها ضمن استراتيجية أوسع نفذها وارن بافيت في الربع الثاني من العام الحالي. خلال هذه الفترة؛ باعت بيركشاير أسهمًا بقيمة تتجاوز 75 مليار دولار؛ ما أدى إلى ارتفاع احتياطياتها النقدية إلى مستوى قياسي بلغ 277 مليار دولار.
لكن واجهت آبل تحديات عديدة هذا العام؛ إذ شهدت انخفاضًا في مبيعاتها بالسوق الصيني، وهو من أهم أسواقها، بينما ارتفعت مبيعات الشركات الصينية المنافسة مثل هواوي. كما تراجعت أسهم الشركة في بداية العام؛ ما أدى إلى فقدانها المركز الأول كأعلى شركة من ناحية القيمة السوقية لصالح ميكروسوفت. كان هذا التراجع مدفوعًا بالمخاوف من تأخرها في مجال الابتكار في الذكاء الاصطناعي.
لكن الأمور تغيرت بعد إعلان آبل عن Apple Intelligence وتعاونها مع شركة OpenAI؛ إذ أدت هذه الخطوة إلى قفزة في أسهم الشركة بنسبة 23% في الربع الثاني؛ ما أعادها إلى مكانتها السابقة كالشركة الأعلى قيمة في العالم. وساهم في تلك القفزة تقديم آبل المزيد من التفاصيل للمستثمرين حول خططها المستقبلية في مجال الذكاء الاصطناعي.
لا يزال السبب الدقيق وراء تقليص بافيت لحصة بيركشاير في آبل غير واضح. قد يكون ذلك لأسباب تتعلق بأداء الشركة، أو تقييم السوق، أو ربما بسبب مخاوف تتعلق بإدارة المحفظة. من المعروف أن بافيت لا يفضل أن تشكل حصة واحدة جزءًا كبيرًا جدًا من محفظته. في هذه الحالة، كانت حصة آبل تشكل نحو نصف محفظة بيركشاير من الأسهم، وهو ما قد يكون دفعه لاتخاذ هذا القرار.
أسهم الشركات التكنولوجية تتعرض لخسائر فادحة
في ظل هذه التحولات في سوق الأسهم، شهد يوم 2 أغسطس 2024 حدثًا مثيرًا للقلق في عالم التكنولوجيا والمال. فقد خسرت الأسهم التكنولوجية نحو 3 تريليون دولار في يوم واحد؛ ما أدى إلى اضطرابات كبيرة وحيرة في الأسواق المالية العالمية.
كان هذا التراجع الحاد مفاجئًا للكثيرين، خاصةً أن أسهم شركات التكنولوجيا كانت تُعتبر تقليديًا ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي. لكن يبدو أن هذه الاستراتيجية الاستثمارية لم تعد موثوقة كما كانت في السابق. فقد ارتفعت أسهم الشركات التكنولوجية نفسها بشكلٍ كبير ومثير للقلق، مدفوعةً بالحماس الاستثماري المفرط حول تطورات الذكاء الاصطناعي.
انقسم المحللون في تفسير هذه التقلبات الحادة. فبينما يرى البعض أنها جزء من نمط موسمي معتاد في أسواق الأسهم، يعتقد آخرون أن هناك مخاطر حقيقية لحدوث تباطؤ اقتصادي أو حتى ركود. ومن المحتمل أن يكون وارن بافيت من بين هؤلاء المتشككين، وهو ما قد يفسر جزئيًا قراره بتقليص حصة بيركشاير هاثاواي في أسهم آبل وغيرها من الشركات التكنولوجية.
هذه التطورات تضيف بُعدًا جديدًا لفهم تحركات بافيت الأخيرة في سوق الأسهم. فبينما كان قراره ببيع جزء من أسهم آبل مثيرًا للتساؤلات، يبدو الآن أنه قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع للتحوط ضد المخاطر المحتملة في قطاع التكنولوجيا والاقتصاد ككل.
?xml>