في كل مرة أمسك هاتفا نحيفًا أو صغيرًا أشعر أن هذا هو الطبيعي للهواتف، فهو أكثر ما يستخدمه الناس في حياتهم اليومية ومن المنطقي أن يكون مريحًا في التعامل والاستخدام. لا أزال أذكر حجم Galaxy S4 mini الذي كان يعتبر من أصغر الهواتف في وقته وكيف أنني كنت أجد حجمه مثاليًا في هذا الوقت مقارنة بالاتجاه العام للهواتف لتكبير أحجام الهواتف. نفس الشعور يراودني عندما أمسك هاتفًا نحيفًا، فالنحافة تنعكس طرديًا على وزن الهاتف، فأجده خفيفًا مريحًا في الاستخدام والحمل لفترات طويلة.
تحاول شركات التقنية جاهدة إنتاج أجهزة مريحة للمستخدمين، حيث تقدم بعض الشركات عتادًا قويًا للغاية أو كاميرات مبهرة أو تصاميم جذابة أو تصاميم نحيفة وخفيفة، وكل هذا من أجل الوصول لشريحة أكبر من المستخدمين. ولكن الوصول إلى توليفة متكاملة يعد من المستحيلات.
بداية ظهور الهواتف النحيفة وأسباب ظهورها
من الحماقة أن نحدد بداية صدور هذا الاتجاه من الشركات لتنحيف الهواتف، حيث أن الهواتف المحمولة صنعت لهذا الغرض بالأساس، هواتف صنعت لتسهيل التواصل على المستخدمين وإتاحة التواصل بين الناس في شتى الأماكن والأوقات. ولكنها تطورت عبر الزمن ومع تطور التقنية، زادت قدرة المصنعين على إنتاج هواتف قوية في أحجام أصغر وأنحف.
iPhone: الهاتف الذي شكل تاريخ الهواتف
بعد أن فاجأت Apple الجميع بإطلاق iPhone كأول هاتف ذكي يعمل باللمس، تغيّرت قواعد اللعبة والمنافسة، إذ أحدث الهاتف ضجة هائلة قادت إلى نجاح استثنائي للشركة، بعدما نال إعجاب المستخدمين ورفع من قيمتها حتى اليوم، ليصبح أكثر منتجاتها نجاحًا.
أدى إطلاق آبل للآيفون باشتعال المنافسة بينها وبين مصنعي الهواتف الأخرى، خصوصا عند صدور نظام أندرويد الذي ترتب عليه زيادة الخيارات أمام المستخدمين من هذا التصميم الجديد المريح للهواتف. على الجانب الآخر، رفضت بعض الشركات التكيف مع التغيير، مما أدى إلى فشلها وسقوطها مثل بلاكبيري، ونوكيا.
هذا الاتجاه الجديد في شكل الهواتف أتاح خصائص كثيرة أمام المستخدمين حيث تطورت الوظائف التي يمكن للهاتف القيام بها، وأصبح قادرًا على تشغيل ألعاب أكثر تعقيدًا وتشغيل تطبيقات متطورة مثل تطبيقات تعديل الصور والفيديو.
- اقرأ أيضا: الآيفون | قصة الهاتف الذي غير صناعة الهواتف الذكية 📱
زيادة نحافة الأجهزة مع الوقت
كان سمك iPhone الأصلي كبيرًا جدًا بمقاييس اليوم، إذ بلغ 11.6 ملم. ومع ذلك، سارعت الشركات لاحقًا إلى تقليل سماكة هواتفها ووزنها لجعلها أكثر راحة في الحمل والاستخدام. على سبيل المثال، قبل صدور Galaxy S3 انتشرت تسريبات تشير إلى أنه سيأتي بسماكة 7 ملم - وهو رقم كان يُعد من الأنحف آنذاك - لكنه في الواقع صدر بسماكة 8.6 ملم، والتي كانت تُعد نحيفة أيضًا بمعايير ذلك الوقت.
والمثير للإعجاب أن Huawei أطلقت في الفترة نفسها هاتف Ascend P1s بسماكة 6.68 ملم، وهو رقم لا يزال يُعد نحيفًا حتى بمقاييس اليوم.
آيفون 6: وصمة عار للتفاحة
استمرت الشركات بمحاولة تقليل السماكة إلى أن وصلنا لعام 2014، العام الذي أطلقت فيه آبل آيفون 6 الذي أثار الجدل بتصميمه ومتانته، حيث أتى بسماكة 6.9 مم الذي كان يعد من أنحف الهواتف في هذا الوقت. ولكن عانى الهاتف من مشاكل حرجة في المتانة؛ كان بإمكانك ثني الهاتف بتعريض الجهاز لبعض الضغط بيدك!
لكن Apple حاولت تدارك الموقف لاحقًا بإطلاق iPhone 6s بسماكة 7.1 ملم - أي أكثر قليلًا من سابقه - لكنه جاء بهيكل أكثر متانة وصلابة. والمثير للإعجاب أن الشركة الصينية Vivo قدّمت في الفترة نفسها هاتف Vivo X5 Max، الذي تميّز بسماكة لا تتجاوز 4.75 ملم، ليُسجّل حتى اليوم واحدًا من أنحف الهواتف الذكية التي أُنتجت على الإطلاق.

التحديات التي تواجه الشركات في إصدار هواتف نحيفة
إذا لاحظنا تاريخ صناعة الهواتف فسندرك ندرة الهواتف التي يروج لها بأنها نحيفة للغاية، حيث إن إصدار أجهزة بالغة النحافة يتطلب الكثير بالنسبة للشركات. بداية، أكبر تحدي يواجه الهواتف النحيفة هو الحرارة؛ لأن تقليل سماكة الجهاز قد تؤدي إلى إزالة نظام التبريد مما يؤدي لدرجات حرارة أعلى مقارنة بباقي الهواتف، مما قد يدفع الشركات أن تقلل من أداء الأجهزة عمدًا لتجنب درجات الحرارة التي قد تؤذي المكونات الداخلية للهاتف ولتجنب إزعاج المستخدمين.
تعد البطارية أيضًا من أكبر التحديات في صناعة هاتف نحيف، عادة لا تأتي هذه الهواتف ببطارية جيدة؛ حيث إن حجم الهاتف لا يسمح لإضافة بطارية بسعة كبيرة، كما أن مشكلات الحرارة تؤثر أيضًا على أداء البطارية وكفاءتها مع الزمن.
يؤثر الحجم أيضًا على أداء الجهاز في المجمل، وتلجأ الشركات لتقليل عتاد الأجهزة النحيفة لتوفير مساحة للبطارية أو لتقليل سمك الهاتف في العموم، مما يجعل الأجهزة النحيفة أقل أداء من الهواتف في نفس فئتها السعرية.
ولكن التحدي الأكثر أهمية في هذه الهواتف هو المتانة؛ حيث إن إنتاج هاتف نحيف ذو متانة عالية أهم من كل العيوب السابقة لأنه يحدد مدى قابلية الجهاز لتحمل سنوات من الاستخدام. وبالفعل، بعد بروز هذا العيب في آيفون 6 تتجنب الشركات الوقوع في هذا الخطأ الحرج مرة أخرى.
ابتعاد تركيز الشركات على نحافة الهواتف
بعد تطور بطاريات الهواتف وظهور الاتجاه لتكبير شاشات الأجهزة، لم نعد نرى التركيز الكبير من الشركات على إصدار أجهزة قليلة السمك، بل إن التركيز الأكبر كان على إصدار هواتف بحجم بطارية كبير وشاشة كبيرة لتجربة مشاهدة محتوى أفضل و لزيادة وقت استخدام الهواتف.
جالاكسي نوت 7: هاتف سامسونج القنبلة
بالتأكيد، لا يوجد مثال أفضل من جالاكسي نوت 7 لتحديات التصميم التي تواجه المصنعين ومحاولة دمج حجم بطارية كبير وشاشة كبيرة مع تصميم نحيف. من أحد نقاط تسويق الهاتف أنه يأتي بتصميم نحيف إلى حد ما وأنيق، ولكن هذا التصميم أدى إلى اختيارات سيئة في تصميم المكونات الداخلية؛ حيث إنه لم يكن هناك مساحة لبطارية الجهاز التي وضعت في مكان ضيق دون مراعاة التمدد والانكماش مما أدى إلى انفجار الهاتف من المستخدمين واضطرار سامسونج لسحب الهاتف من الأسواق، الأمر الذي حقق لها خسائر مادية ضخمة.
عودة ظهور الهواتف النحيفة
مع مرور الوقت، تطورت التقنيات لتتيح وضع بطاريات أكبر داخل هواتف أصغر حجمًا، كما أصبح بإمكان الشركات المصنعة ابتكار تصاميم مختلفة عمّا كان في السابق، تسمح بتوزيع البطارية على مساحة أوسع مثل الهواتف القابلة للطي، التي تُعد نحافتها عنصرًا محوريًا في تجربة الاستخدام.
الهواتف القابلة للطي
تعد الهواتف القابلة للطي تقنية حديثة وتوجها عاما بدأت شركات التقنية بتبنيه في صناعة الهواتف الذكية أو حتى صناعة الحواسيب المحمولة.
يسمح الحجم الكبير للهواتف القابلة للطي بتوزيع مكونات الجهاز بطريقة أكثر كفاءة، ما يتيح للمصنّعين تصميم هواتف بسمك رفيع للغاية عند فتحها، وبسماكة طبيعية عند طيّها. على سبيل المثال، يُعد Galaxy Z Fold 7 الأنحف بين جميع الهواتف القابلة للطي حتى الآن؛ إذ يبلغ سمكه 4.2 مم عند فتحه و8.9 مم عند طيّه.
هاتف Galaxy S25 Edge
بدأت تعود تلك الموضة للهواتف الذكية التقليدية مع إطلاق سامسونج لهاتف جالاكسي إس 25 إيدج، الذي يأتي بمواصفات جهاز رائد وسمك 5.8 ملم والذي يعد قليلًا جدًا بمقاييس يومنا هذا. ولكن اضطرت الشركة للتضحية ببطارية الهاتف التي تأتي بسعة 3900mAh فقط!
الهاتف المثير للجدل iPhone Air
علم الجميع أن تبنّي آبل لأي اتجاه أو تقنية جديدة يدفع كثيرًا من الشركات إلى تقليدها، لذلك يمكن لمحبي الهواتف النحيفة توقّع مستقبلٍ واعدٍ لهذه الفئة بعد إطلاق iPhone Air الذي جذب الأنظار وحقق ضجةً أكبر من منافسه من سامسونج.
ومع ذلك، يفتقر الهاتف إلى عدد من الميزات التي يملكها منافسه؛ إذ لا يحتوي إلا على كاميرا رئيسية واحدة، ويأتي بسماعات أحادية بدلًا من النظام الستيريو، فضلًا عن بطاريته الصغيرة التي تبلغ سعتها 3149 ملّي أمبير فقط!
ولكن المثير للإعجاب أن آبل استطاعت - حسب زعمها - بفضل كل هذه التضحيات بتقليل سمك الهاتف لـ 5.6 ملم فقط، كما أن الجهاز نجح في اختبار المتانة والثني محققا متانة قوية حسب ما ورد في اختبار المتانة لـ JerryRigEverything.
اقرأ أيضا:
- تحديث iOS 26 الجديد، أبرز التغيرات ✨
- مؤتمر الإعلان عن آيفون 17 ☎️
- تحميل خلفيات آيفون 17 الجديد بدقة عالية 🖌️
وهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا التقرير، حيث استعرضنا تطور تصميم الهواتف النحيفة وتغيّر توجهات الشركات في سباقها نحو إنتاج أنحف هاتف ممكن، مع محاولتها تفادي العيوب التي واجهت هذا النوع من الأجهزة، ثم تطرّقنا إلى مستقبل الهواتف النحيفة في ظل التطور التقني المتسارع.
?xml>