منذ الإعلان عنها في 2016، تبدو لعبة Lost Soul Aside كلعبة أكشن محدودة، ومن اللافت أنها تشبه كثيرًا سلسلة Final Fantasy لدرجة قد تجعلك تظن أنك أمام جزء جديد منه. لكن مع مرور الوقت وزيادة استعراضات اللعبة، اتضح محدوديتها الإنتاجية كونها لعبة تركز فقط على القتال وتأتي بقية عناصرها كعناصر ثانوية ذات وزن أقل واهتمام أضعف، سواء من حيث الحب الذي وضعه المطور فيها، أو الميزانية التي خصصت لها. لكن في النهاية صدرت اللعبة بعد سنوات شقاء من مطورها، فهل تستحق التجربة؟ إليكم مراجعة Lost Soul Aside

القصة بدون حرق

قصة اللعبة تدور حول البطل Kazer، والذي يعيش في إمبراطورية يحكمها القهر التسلط والديكتاتورية، وهو ما يدفعه للإنضمام إلى مجموعة ثورية تحاول الوقوف في وجه الإمبراطورية. لكن غزوًا خارجيًا يحدث في أثناء ذلك من كائنات تبدو وكأنها "فضائية" تدعى "فويدراكس". هنا تضطر المجموعة الثورية إلى مواجهة هذا الغزو، والوقوف في وجه المسؤول عنه وهو الشرير Aramon، بمساعدة شخصية Lord Arena التي تتشكل على هيئة تنين وتمتلك قدرات خاصة يُكسبها لـKazer أيضًا.

شخصية Lord Arena تقدم طابعًا يشبه فكرة "السلاح المتكلم" التي رأيناها في الكثير من الألعاب، مثل Forespoken أو Atomic Heart أو حتى High On Life. الحوارات بين البطل والسلاح (أو المرافق) مكتوبة بشكل جيد، لكن من الواضح جدًا أن ترجمتها من الصينية إلى الإنجليزية أفقدتها الكثير من قيمتها وجعلتها تبدو سطحية أو سيئة في بعض الأحيان. لكن بشكل عام، اللور وبناء السرد في العالم رائعين، وتم استثمار الكثير من الجهد من المطور في بنائهما على الرغم من ضعف الشخصيات. 

شخصيات اللعبة تحاول تقديم ديناميكية فيما بينهم تشبه تلك الموجودة في ريميك فاينال فانتسي 7، ولكنها تفشل في ذلك بسبب عدم وجود دوافع واضحة أو تعمق في الشخصيات التي ترافقك في رحلتك. الشخصيات ظاهريًا فقط تشبه فاينال فانتسي، ولكن من حيث العمق والتطرق للدوافع والأسباب، أو حتى تقديم لحظات تلمع فيها صفات كل شخصية بشكل بارز لتجعلك تتعلق بها، فإن اللعبة تفشل في ذلك بشكل كبير، وخصوصًا مع البطل الذي كان بمثابة Vessel، أو ومجرد وعاء يتم من خلاله ملء فراغ البطولة.

اللعبة طويلة، واستغرقت معي حوالي 20 ساعة لإنهائها بالكامل، وفي لعبة بهذا الطول من الصعب الإبقاء على القصة ممتعة إذا كانت القصة فعلًا ضعيفة، فالكثيرون يستطيعون تقديم قصة قوية في بداياتها، ولكن قلائل هم من يستطيعون ختامها بشكل حماسي وبدون نهايات فضفاضة أو مفتوحة، وللأسف، كُتّاب لعبة Lost Soul Aside يقعون تحت هذا التصنيف. المطور الذي لا يستطيع الإبقاء على قصته حماسية، فسرعان ما تفقد القصة لمعانها وتصبح مملة ومتكررة بحلول نهاية اللعبة، والنهاية نفسها ليست مقنعة كثيرًا أو على الأقل، ليست مرضية.

بشكل عام، اللعبة تقدم قصة متوسطة ومتوقعة  في ذروتها، أهم ما يفسدها هو عدم وجود أي شيء أصلي 100% لم نره من قبل، بل يمكن القول أنها سيئة في بعض جوانبها. ولكن نظرًا لرحلة تطويرها الشاقة، فإن القصة قد تمثل بداية مناسبة لسلسلة ألعاب لديها هامش ضخم جدًا من التحسن في المستقبل، فالمطور أثبت أنه يستطيع القيام بعمل رائع يفوق ما لديه من ميزانية، مع العلم أن ميزانية اللعبة كانت  مليون دولار فقط، فماذا لو تم دعمه حتى 50 مليون مثلًا؟ 

أسلوب اللعب

أسلوب اللعب في Lost Soul Aside يعتبر عماده الأساسي المعارك بوتيرة سريعة تعيد للأذهان ألعاب المطور Platinum Games وألعاب Devil May Cry التي تعتمد على الأكشن سريع الوتيرة والكومبوهات، مع تطوير الشخصية وفتح حركات وقدرات جديدة مع مرور الوقت.

أما عن الاستكشاف والتنقل، فالبيئات خطية بشكل كبير مع حرية محدودة جدًا للاستكشاف، والهدف منها جمع الموارد والعملات ومواجهة الوحوش الجانبية، وهو ما يمكنك من جني نقاط لتطوير الشخصية واكتساب المزيد من القدرات والحركات.جانب الاستكشاف والبيئات كان خطيًا بشكل كبير وبالرغم من أنه ليس لدي انتقادات عليه، إلا أن اللعبة كانت ستستفيد كثيرًا من تنويع البيئات أكثر وتقديم بيئات أقل خطية. ميزانية اللعبة بالطبع تلعب دور الحسم هنا، ولهذا فإن هذا العيب في نظري بالرغم من تأثيره على تجربة لعبي وشعوري بالحماس تجاه اللعب، إلا أنه لن يؤثر على تقييمها في نهاية المراجعة.

تمتلك اللعبة 4 أسلحة رئيسية، وهم السيف Sword، و السيف الكبير Great Sword، و Pole Blade والمنجل Scythe.

هنا يظهر مدى غنى اللعبة في تصميم المعارك والحركة والأسلحة، بالرغم من أنها أسلحة تقليدية نسبيًا ظهرت في الكثير من الألعاب الأخرى، إلا أن التحكم بها لا يعتبر أقل متعةً أبدًا، وهو أشد جوانب اللعبة إتقانًا واحترافية في التصميم. اللعبة تقدم مجموعة من الكومبوهات الرائعة والتي لا تبدأ في التوفر إلا في الثلث الأخير من اللعبة، وهو ما يجعل الصبر على سلبيات اللعبة أمرًا مجزيًا بحلول نهايتها. السيف يقدم ركة سريعة وضرر متوسط، والسيف الكبير يقدم حركة أبطأ مع ضرر أكبر بكثير، أما البولبليد فهو سلاح يشبه الرمح ويستطيع توجيه ضربات عن بعد، مع استخدامه في كومبوهات معقدة، والسلاح الأخير وهو المنجل، سلاح قوي يعطيك شعور كبير بترقية الشخصية لمستوى مختلف تمامًا جدير بإنهاء المهمة الصعبة الي يبدأها البطل في القصة.

بشكل عام، تصميم القتال سريع الوتيرة ونسقه التصاعدي في تنفيذ الحركات وفتح الأسلحة، بجانب شجرة المهارات كان أفضل ما في اللعبة، وأقوى ما تم تقديمه واستثمار الوقت فيه. الحركة والمؤثرات البصرية الناتجة عنها ممتازة، وتنوع الأسلحة كان رائعًا من البداية للنهاية بدون لحظات ملل. أما المشكلة لدى الرئيسية في المعارك فكانت في تنوع الأعداء، الذين افتقدوا التنوع المطلوب فيما عدا الزعماء. الأعداء مكررين في نمط حركتهم وأشكالهم بشكل أفقد متعة المعارك جزءً كبيرًا من أهميتها لأن الأسلحة المتقنة والحركات الجديدة كانت لتكتسب أهمية أكبر بكثير لو أن الأعداء وتنوعهم تجبرك على التنويع في الموارد التي تمتلكها (الأسلحة والكومبوهات) لكن هذا لم يحدث. 

تقدم اللعبة معارك زعماء قوية، ومتنوعة وهو الأهم. معارك الزعماء تستطيع إجبارك على التنويع في أسلوبك واستغلال أدواتك كلها من أسلحة والجرعات ذات التأثيرات المختلفة وهي كالآتي:

جرعات الشفاء الأساسية، والتي تساعدك على استعادة جزء من شريط الحياة خاصتك بعد فقدانه، وتستطيع ترقية الحد الأقصى للكميات التي يمكنك استخدامها، 

 جرعات تعزيز القدرات (Buff Potions)

  • جرعة زيادة الضرر: ترفع من قوة ضرباتك لفترة محدودة، مفيدة جدًا ضد الزعماء أو في لحظات الضغط.
  • جرعة الدفاع: تقلل من الضرر المستلم، وتمنحك فرصة للبقاء أطول في المعركة.
  • جرعة السرعة: تعزز سرعة الحركة أو تنفيذ الضربات، وتساعدك في المراوغة والهجوم المتتالي.

جرعات خاصة للمهارات أو الطاقة

  • جرعة استعادة الطاقة (Stamina/Energy): تعيد ملء شريط الطاقة المستخدم في المراوغة أو تنفيذ المهارات الخاصة، وهي ثاني أهم جرعة بالنسبة لي في اللعبة
  • جرعة التركيز أو المهارة: قد تسمح لك باستخدام قدرات معينة بشكل أسرع أو بدون فترة انتظار Cool Down

جرعات نادرة أو مؤقتة: وتظهر هذه الجرعات قرب نهاية اللعبة أو ضمن سياق محدد، ومن ضمنها:

  • إبطاء الزمن مؤقتًا
  • زيادة معدل سقوط الغنائم
  • تعزيز التفاعل مع شخصية  Lord Arena

إحدى معارك الزعماء قدمت تصميمًا قويًا لدرجة جعلتني أستغل كل ما بحوزتي من جرعات وحركات واسلحة، وأتمنى لو أن للعبة جزءً قادمًا يستطيع التوسع في هذا التصميم وجعل المعارك بهذا العمق الكبير، الذي وللأسف لا يتواجد فيها سوى في معارك الزعماء. 

بجانب القتال والتطويرات الشخصية، هناك نظام تخصيص بصري غريب لكن رائع للأسلحة، بحيث يمكنك من تغيير قطع السلاح بقطع مختلفة ولكن بقدر كونه نظامًا فريدًا من نوعه، إلا أنه لا يمتلك قيمة حقيقية، وأعتقد أنه جاء سعيًا من المطور لتقديم شيئًا كبيرًا يمكننا اعتباره محتوى جانبي وتضخيم لعبته، ولكنه للأسف خطوة لم تكن موفقة. في النهاية، التركيز على أشياء جانبية كثيرة يجعلك تضيع وقت وميزانية التطوير بدلًا من التركيز بهما على أساس التجربة، ومن ضمنها الرسوم والصوتيات!

الرسوم والصوتيات

رسوميًا تبدو لعبة Lost Soul Aside وكأنها نسخة من ريميك FF7، ويبدو أن المطور يفتخر بذلك لأن مخرج اللعبة ذكر في أكثر من مناسبة أنه من محبي سلسلة فاينال فانتسي، لكنه لطالما أراد تقديم أسلوب لعب أكثر تركيزًا على الأكشن من أجزاء فاينال فانتسي الكلاسيكية.

كل شيء هنا يشبه ريميك الجزء السابع، من تصميم الشخصيات، إلى تصميم القوائم والوحوش والبيئات، وحتى النصوص التي تظهر في أثناء المقاطع السينمائية تشبه FF7 و FF15 معًا. لكن هذا لا يعني أنها ليست لعبة جميلة جدًا على الصعيد البصري، ولحسن الحظ فإن البيئات متنوعة نسبيًا وبها بيئات صحراوية وأخرى ثلجية أو غابية، أو صخرية. البيئات رائعة بصريًا ولكن غياب التفاعلية والاستكشاف عنها يفقدها قدر كبير من قيمتها. علمًا بأن اللعبة تعد عنوان UE4 تم ترقيته إلى UE5، وليست لعبة مبنية من البداية على محرك UE5، وهو ما يظهر في بعض تفاصيل اللعبة الجانبية والتي تفتقد للاهتمام بالتفاصيل واللمعان البصري المعتاد من ألعاب UE5. بالرغم من ذلك تتألق البيئات في جعلك تشعر بأنك تسافر عبر العوالم المختلفة للقيام بمهمتك الصعبة.

تعابير الوجوه على الناحية الأخرى، تعد من أسوأ جوانب اللعبة بلا منازع. تعابير خشبية تفتقر للتفاصيل أو المشاعر بشكل كامل، وهو ما أثر سلبًا على استقبالي للقصة، خصوصًا مع الأداء الصوتي الإنجليزي السيء. الأداء الصوتي الإنجليزي سيشعرك أنك بصدد تجربة كتبك بلغة أخرى وترجمت، ولم يهتم من ترجمها أو من أدى الأدوار بالإنجليزية بأن يجعلها واقعية وقابلة للتصديق. أنصحكم جميعًا أن تلعبوها باللغة الصينية الأصلية، أو اليابانية لأن الأداءات باللغات الآسيوية المذكورة أفضل بكثير، لأن الحوارات مكتوبة بطريقة تجعلها واقعية وقابلة للتصديق فقط في حالة سمعتها بلغتها الأم.

أداء اللعبة: كان بالإمكان أفضل مما كان

لعبنا Lost Soul Aside على جهاز PS5 العادي، وكان الأداء جيدًا مع بعض التقطيع والهبوط في الإطارات في طور الأداء والدقة في لحظات المعارك. ننصح باللعب على طور الأداء، مع العلم أن الفرق بين الطورين واضح وملحوظ، ولكن طور الدقة لا يصلح في رأيي لتجربة بهذه الوتيرة السريعة.

تعاني اللعبة من بعض المشاكل في الأداء الصوتي، مثل توقف الأداء الصوتي بشكل مفاجئ في بعض الأحيان، وأيضًا انخفاض أصوات الشخصيات وارتفاع صوت الموسيقى بشكل مفاجئ. كل هذه المشاكل لم تفسد التجربة ولكنها عكرتها، ويمكن إصلاحها بتحديث واحد بسهولة شديدة.

التعريب

للأسف، اللعبة غير معربة بالرغم من أنها من نشر سوني بلايستيشن.

كلمة أخيرة

تعتبر لعبة Lost Soul Aside حلم المطور Yang Bing الصيني، والذي خطى أولى خطواته بمشروع ضخم نسبيًا دخل من خلاله صناعة الألعاب من الباب الكبير، ولكن اللعبة في حد ذاتها ليست ذات فكرة أصلية في كل جوانبها، بل أنها تستعير كل عناصر من شريحة واسعة من الألعاب. التنفيذ عانى من قصور في بعض جوانبه لكن في نهاية المطاف، كانت تجربة ممتعة ويمكن البناء عليها للمستقبل. أما الآن، وبسعر كامل 60$، وفي شهر مزدحم بالإصدارات الضخمة قد يكون الخيار الأمثل هو تأجيلها إلى حين حصولها على تخفيض في السعر. تجربة Lost Soul Aside تكشف عن مهارة مطورها في تقديم ألعاب القتال، وضعفه في جوانب أخرى مثل القصة، وأنا متحمس لرؤية ما يمكنه تقديمه فيما هو قادم بعد العمل على تحسين بقية الجوانب.