بعد 10 سنوات من الانتظار، ها هي لعبة The Last of Us تتوفر على منصة الحاسب الشخصي، وقد جاء أخيرًا الوقت الذي سيتمكن فيه لاعبين المنصة الأفضل من الاستمتاع بتجربة واحدة من أفضل القصص في تاريخ صناعة الألعاب. لكن للأسف الفرحة لم تكتمل، حيث تعاون استوديو Naughty Dog مع Iron Galaxy لتقديم أحد أسوأ نسخ الـ PC التي رأيتها في حياتي، وعلى الرغم من مرور أسبوعين على إطلاق اللعبة، إلا أن كل التحديثات التي صدرت حتى الآن لم تُحسن منها بالشكل المطلوب والمنتظر.

في البداية، لنتحدث عن الحاسوب الذي جربت عليه اللعبة

تجربتي للعبة كانت على حاسوب متوسط، وهو نفس الحاسوب الذي لم يواجه أي مشاكل في تجربة ألعاب مثل Resident Evil 4 Remake و Dead Space Remake و Returnal وغيرهم من ألعاب الجيل الجديد القوية التي عملت بسلاسة على 60 إطار في الثانية بدون أي تقطيع أو مشاكل تقنية، مواصفات الحاسوب كالآتي:

  • معالج Intel Core I3 10100F
  • 16 جيجا بايت من الرامات DDR4 بتردد 2666 MHz
  • بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
  • ووضعت اللعبة على قرص تخزين M.2 NVMe SSD

تلك المواصفات من المفترض أن تكون أكثر من كافية لتشغيل اللعبة خاصةً وأنها تتفوق على أقل المواصفات المطلوبة لتشغيل The Last of Us Part 1 على منصة الحاسب الشخصي، وكان من المفترض ألا أواجه أي مشاكل في الاستمتاع باللعبة على اعدادات بين متوسطة وعليا على 60 إطار في الثانية.

إذًا ما المشاكل التي تواجه نسخة الحاسب الشخصي؟

بناء الـ Shaders استغرق ساعتين!

حسنًا فلنبدأ في عدّ كمية المشاكل الضخمة والتي واجهتني من مجرد الدخول على القائمة الرئيسية. مثل أي لعبة حديثة، فإن The Last of Us Part 1 تنصحك بالانتظار حتى تنتهي من عمل Loading Shaders، وبالطبع من المفترض أن تنتظر حتى لا تواجه أي مشاكل عند الدخول في اللعبة نفسها، لكن المشكلة هنا أن اللعبة أخذت ساعتين (حرفيًا وبدون مبالغة) في عمل بناء للـ Shaders على حاسوبي!

لعبة مثل Hogwarts Legacy والتي هي لعبة عالم مفتوح بالكامل لم تأخذ أكثر من 10 دقائق للانتهاء من بناء الـ Shaders، وفي المقابل لعبة The Last of Us Part 1 جعلتني أنتظر بجانبها لفترة وصلت إلى ساعتين حتى أتمكن من الاستمتاع بها. بالطبع كلما تكون مواصفات حاسوبك أعلى، كلما سيتم بناء الـ Shaders في وقتٍ أقل، لكن حتى إذا كنت تمتلك Core I9 و RTX 4090، فاللعبة ستأخذ ما لا يقل عن 15-20 دقيقة في بناء الـ Shaders، وهذا وقت عملاق وغير منطقي.

المشكلة لم تقف عند ذلك الحد، بل اللعبة كان يحدث بها الكثير من الـ Crashes في القائمة الرئيسية وهي تقوم بعمل بناء للـ Shaders، وإذا قررت الدخول إلى اللعبة بدون الانتهاء من عملية الـ Shaders، فستجد اللعبة تستقبلك كل بضعة دقائق برسالة (Please Wait)، وخلال ذلك الوقت استمرت اللعبة في عمل Crash أيضًا. لكن المفاجئ والسيء هنا أن مشكلة الـ Crash ظلت مستمرة حتى بعد الانتهاء من بناء الـ Shaders!

استهلاك أكثر من الطبيعي للمعالج والـ VRAM

فلنقل أنه أخيرًا توقفت اللعبة عن عمل Crash، فهل انتهت المشاكل؟ للأسف لا، حيث توجد مشاكل أخرى تتمثل في استهلاك أكثر من الطبيعي لقوة المعالج تصل لـ 100% في بعض الأحيان، وهذا ليس على المعالج المتوسط الخاص بيّ فقط، بل توجد نفس المشكلة على معالجات عملاقة مما يؤدي إلى تقطيع مستمر أثناء أسلوب اللعب يجعل التجربة غير مقبولة.

ولعل المشكلة الأكثر غرابة هي استهلاك الـ VRAM من البطاقة الرسومية حيث تجد اللعبة تحجز حوالي 20% من الـ VRAM لنظام التشغيل والبرامج الأخرى، والنقطة هنا أن نظام التشغيل والبرامج التي تعمل في الخلفية لا تحتاج لحجز هذا الكم من الـ VRAM، لكن استوديو Naughty Dog و Iron Galaxy قاما بنقل كود اللعبة من الـ PS5 (الذي يحجز هذا الكم من الذاكرة العشوائية جانبًا) إلى الحاسب الشخصي بدون تعديله أو تغييره!

لقد تم تحسين مشكلة الـ VRAM في التحديثات الأخيرة التي صدرت للعبة خلال الأسبوعين الماضيين، ولكن اللعبة لا تزال تجربة سيئة للغاية على منصة الحاسب الشخصي مقارنةً بـ PlayStation 5، وإذا كنت تريد تجربة اللعبة فأنصحك بالاستمتاع بها على PS5 أو حتى يمكنك تجربة النسخة القديمة منها على PlayStation 4 وستحظى بتجربة رائعة.

مشكلة الـ Textures الغريبة

هذه المقالة لا يمكن اعتبارها تحليل تقني كامل، ولكن بالنظر إلى قائمة الإعدادات على منصة الحاسب الشخصي، سنجدها قائمة رائعة مليئة بالاعدادات القابلة للتغيير والتعديل بما يتناسب مع مواصفات الحاسب الشخصي خاصتك حتى تحصل على أفضل أداء ممكن (أو هذا كان من المفترض أن يحدث). لكن توجد مشكلة عجيبة في إعدادات الـ Textures وهي أنه عند وضعها على Low، تستهلك كمية ضخمة من الـ VRAM، وفي نفس الوقت تُقدم لك أحد أسوأ الـ Textures التي رأيتها في صناعة الألعاب لدرجة أن بعض العناصر في البيئة تكون غير مرئية، ونفس الأمر ينطبق على شخصيات اللعبة مع وجود الكثير من الأخطاء التقنية والجليتشات التي تستمر معك طوال التجربة.

كيف يكون أداء اللعبة عندما تعمل بالشكل المطلوب؟

في الوقت البسيط الذي تعمل فيه لعبة The Last of Us بدون مشاكل، تمكنت من تجربة اللعبة بإعدادات مرتفعة على دقة 1080p مع تفعيل تقنية Nvidia DLSS على وضع الجودة، وفي المقابل حصلت على متوسط إطارات يتراوح بين 50 و 60 إطار في الثانية. بالطبع الإطارات كانت تسقط في بعض الأحيان خاصةً وأن اللعبة غير مستقرة، ولكن التجربة العامة كانت مقبولة عندما كانت تعمل اللعبة (وهذا نادرًا ما يحدث مما يجعلها تجربة غير مقبولة وغير مستقرة بشكل عام).

هل لعبة The Last of Us نفسها سيئة؟

بالتأكيد لا، لعبة The Last of Us هي واحدة من أقوى وأفضل الألعاب التي صدرت خلال العقد الماضي بتقديم قصة من أفضل ما رأينا في الصناعة بشخصيات تأثرنا معها خلال رحلتها في هذا العالم المظلم و الكئيب. رغم أن أسلوب اللعب ليس أفضل شيء، إلا أنه يخدم اللعبة بطريقة ممتازة تجعل التجربة واقعية ومنطقية على عالم مثل ذلك.

مع وجود رسومات خلابة حتى في النسخة الأولية التي صدرت على PlayStation 3، فلعبة The Last of Us تستمر في كونها واحدة من أعظم إبداعات الصناعة رغم مرور 10 سنوات على إطلاقها، واستوديو Naughty Dog وصل إلى أعلى قدراته الإبداعية في السرد القصصي مع تلك اللعبة وهي واحدة من الألعاب القليلة التي تستحق الفوز بجائزة لعبة العام وتقييم مرتفع منا كلاعبين أو حتى كنُقاد.

نتيجة هذا النجاح الساحق تم تحويلها لمسلسل أثبت نفسه بسرعة وأصبح أفضل عمل فني تلفزيوني مقتبس من الألعاب. إنها لعبة لا يوجد لها مثيل، وإذا لم تلعبها حتى الآن فقد فاتك الكثير، لكننا ننصحك بالانتظار قليلاً قبل تجربتها على الحاسب الشخصي حتى تعيش التجربة المثالية، أو بالطبع يمكنك التوجه لمنصة PlayStation 5 حتى تعيش التجربة كما يريدك الاستوديو أن تعيشها.

في النهاية

نسخة الحاسب الشخصي من لعبة The Last of Us هي واحدة من أسوأ الإصدارات التي رأيناها منذ سنوات على المنصة، وهذا كان مفاجئًا خاصةً وأن PlayStation عودتنا على إطلاقات ممتازة لألعاب مثل Spider-Man و God of War و Horizon وغيرهم الكثير، لكن يبدو أن تعاون Naughty Dog مع Iron Galaxy لم يأتي ثماره، والنتيجة هي تجربة من أسوأ من ما يكون. بوجود مشاكل الـ Crash و الـ VRAM والرسومات والأداء العام والتقطيع، فلا يمكننا إطلاقًا أن ننصحك بتجربتها على المنصة، وإذا كنت تنوي شرائها، فمن الأفضل الانتظار قليلاً حتى يعمل الاستوديو على حل مشاكلها، ووقتها ستجد أن اللعبة أصبح عليها خصم منطقي يجعلك تقوم بتوفير بعض أموالك. The Last of Us هي تجربة عبقرية وفريدة من نوعها، وحقيقةً اللعبة لا تستحق أن تحصل على نسخة حاسب شخصي بهذا الشكل الغريب خاصةً بعد انتظار استمر لعشرة سنوات من مُلاك المنصة.