بالنسبة للكثيرين، تُعد السيارات الكهربائية في الوقت الحالي هي الحل المثالي لمشاكل الطاقة الغير مُتجددة كمُشتقّات البترول. فالبعض يرى أنها قد تنتهي في أي وقت -وهي معلومة ليست صحيحة بالكامل-، في حين يرى آخرين أنها تتسبب في العديد من المشاكل البيئية ولذلك يجب تبديلها بحلول أُخرى صديقة للبيئة بشكل أكبر. وأيّا كانت الأسباب الحقيقية وراء توجّه الكثيرين نحو هذا النوع من السيّارات، إلا أن الواقع يقول أننا على أعتاب ثورة في عالم السيّارات عموماً، وتحوّل كبير في عالم السيّارات الكهربائية وشعبيّتها خصوصاً. لذا فدعني -صديقي القارئ العزيز- آخذك في جولة سريعة نتعرّف فيها إلى مُميّزات وعيوب السيّارات الكهربائية، فهلّا بدأنا؟

إيلون ماسك مؤسس تيسلا للسيارات الكهربائية

مع وصول السيد إيلون ماسك Elon Musk إلى عرش أغنى رجل في العالم (حيث تُقدّر ثروته وقت كتابة هذه السطور بمبلغ 262.9 مليار دولار)، بات الكثير من المُتابعين والمُتحمّسين يتسائلون عن السبب الذي جعله يصل إلى هذه المكانة المالية بين الكثيرين ممّن سبقوه في مضمار الأعمال والبيزنس -من ناحية الزمن-. ولعل الكثير يعلم أن أحد أسباب هذه الشُهرة الواسعة هي إنعكافه على سوق السيّارات الكهربائية، التي لا تزال تتقدّم يوماً بعد يوم. فنحن اليوم نرى تحسينات على صعيد هذا النوع من السيارات بوتيرة أكبر من أي وقت مضى، هذه التحسينات  تظهر لنا في تطوّر بطاريات السيارات الكهربائية، وانخفاض أسعارها شيئاً فشيئاً مع توسّع سوقها وإقبال المزيد من الناس عليها، وتوسيع شبكات الشحن في المُدن الجديدة بشكل خاص.

 ومع ذلك، وبالرغم من وجود الكثير من المُميزات التي قد نقوم بعمل مجموعة من المواضيع للحديث عنها وتحليل الوضع الراهن للسوق، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من العقبات التي تحول دون توجّه البعض إلى السيارات الكهربائية EV. لذلك قمنا بتجميع هذا الدليل لمعرفة ما إذا كانت السيارات الكهربائية EV هي الخيار المناسب لك أم لا.  

قد لا يعلم الكثير أن التاريخ الحقيقي لظهور أول سيارة كهربائية يعود إلى بداية القرن العشرين. ومع ذلك، سرعان ما أخذ محرك الاحتراق الداخلي زمام المبادرة في تشغيل وسائل النقل المُختلفة. وفي أثناء ذلك، أصبحت EV خيارًا محدوداً لعقود عديدة، حيث كان يُستخدم عادة في تشغيل بعض السيّارات التجريبية على مر السنين.

 سيارات تيسلا الكهربائية

والآن، دعنا نتقدّم بالزمن قليلاً -أو بالأحرى كثيراً- إلى القرن الحادي والعشرين، لتكتسب الكهرباء زخمًا كمصدر رئيسي للطاقة، وتتحوّل تدريجيّاً ليتم إستخدامها كمصدر طاقة رئيسي في السيارات والشاحنات من جميع الأحجام. وقد حدث ذلك لأن التشريعات الإقليمية تجعل من الصعب على صانعي السيارات تحقيق أهداف انبعاثات أقل باستخدام البنزين الخالص أو موديلات الديزل وحدها. ونتيجة لذلك، بدأ المصنعون في البحث عن مصادر وقود بديلة، بهدف تقليل انبعاثات العادم الضارة مع الاستمرار في تقديم الأداء الشامل والمسافات الطويلة المدى التي اعتاد عليها مشتروا السيارات من محركات الاحتراق الداخلي. ومن هُنا بدأت فكرة السيّارات الكهربائية الهجينة ومن ثم التي تعمل بالكهرباء بالكامل في التوسّع شيئاً فشيئاً.

 

أقرأ يضا: سيارات طائرة وحواسيب خارقة وقطارات فائقة السرعة، هل وصلنا للمستقبل؟

 

أهم مميزات السيارات الكهربائية

  1. صفر انبعاثات
  2. حوافز الشراء
  3. تكاليف تشغيل منخفضة
  4. راحة أكبر
  5. التسارع

1. صفر انبعاثات

لعل عامل الجذب الأكبر للمركبات أو السيّارات الكهربائية هو حقيقة أنك تقطع مسافة ميل بعد ميل من القيادة الخالية من الانبعاثات المُلوّثة للبيئة. فأنت عندما تكون في حالة الحركة، تعمل السيارة الكهربائية EV بنظام "الحلقة المُغلقة"، مما يعني أن البطارية تقوم بتشغيل المحرك الكهربائي وتشغيل جميع الأجهزة الكهربائية الموجودة على متن السيّارة ،ولكنها لا تنتج أي نواتج ضارّة أو انبعاثات كربونية. ولعل الوقت الوحيد الذي تلوث فيه السيارة الكهربائية البيئة -بخلاف الوقت الذي ستتخلصّ فيه من السيّارة نفسها- هي عندما يتم شحنها، وحتى عند حدوث ذلك، فإن الانبعاثات تكون ناتجة بشكل رئيسي من الشبكة الوطنية وبين مصدر الطاقة الذي يمدّها بالطاقة. لذا فإن كان هذا المصدر متجددًا (الألواح الشمسية/ مولّدات الرياح/ طاقة الأمواج)، فيمكنك حقًا المساهمة في تقليل الانبعاثات الضارة في البيئة. وحتى إذا تم الحصول على الطاقة من مصادر نووية أو غازية أو فحم، فإن المستويات من التلوّث التي يتم إنتاجها لتوفير الطاقة اللازمة لشحن سيارتك ستكون مجرد جزء بسيط من ناتج التلوث الإجمالي لمحطة الطاقة.

سيارة كهربائية صفر انبعاثات كربونية

2. حوافز الشراء

على الرغم من أن السيارات الكهربائية باهظة الثمن نسبيًا عند مقارنتها بسيارات البنزين والديزل ذات الحجم المماثل، إلا أن هناك الكثير من الحوافز التي قد تجعلك تتّجه إلى هذه السيّارات. حيث تقوم الدول حول العالم بتحفيز مُشتري السيّارات الكهربائية من خلال منح تحفيزيّة لدعم وتشجيع التحوّل لهذا النوع من الوقود، وبالتالي حفظ البيئة. وهذا الأمر سنجده موجود بكثرة في الدول الأوروبيّة، حيث تقوم العديد من الدول مثل بريطانيا مثلاً بتوفير هذا النوع من الدعم. حيث تُقدّم الحكومة هُناك مُبادرة PICG التي تُساعد بقيمة 5000 جنيه إسترليني لكل مركبة منخفضة الانبعاثات، لكنها اليوم تنطبق فقط على السيارات الكهربائية النقية.

هذا بالطبع إلى جانب العديد من المنح التي توفّرها لك شركات تصنيع السيّارات نفسها، وكذلك شركات تركيب الأجهزة المُساعدة، مثل تركيبات شاحن الحائط المجاني لمساعدتك في طريقك إلى تجربة القيادة الكهربائية. هناك أيضًا منحة متاحة للمساعدة في تكلفة تركيب نقطة شحن لمنزلك.

3. تكاليف تشغيل منخفضة

بالرغم من أن السيّارات الكهربائية في حد ذاتها أعلى في السعر كما أشرنا سابقاً من نظيراتها، إلا أنه وبمُجرّد شراء سيارة كهربائية، تكون تكاليف التشغيل اليومية أقل بكثير مما هي عليه بالنسبة لطراز البنزين أو الديزل. فكل ما ستحتاج لفعله في يومك هو أن تقوم بوضع سيّارتك في الشاحن طوال الليل لتكون جاهزة للاستخدام في اليوم التالي. تشير التقديرات إلى أن شحن الكثير من موديلات السيارات الكهربائية بالكامل في المنزل سيكلف بضعة جنيهات فقط، وهو أقل بكثير من تكلفة ملء الكثير من السيارات بالبنزين لتغطية نفس الأميال. ستختلف هذه التكلفة اعتمادًا على كيف ومتى وأين تشحن، تمامًا مثل ملء سيارة بالبنزين بأنواع الوقود المُختلفة، لكنها ستظل أقل مما ستدفعه مقابل البنزين أو الديزل في نهاية المطاف.

تكلفة شحن السيارات الكهربائية

4. راحة أكبر

نظراً لأن المحرك الكهربائي لا يصدر سوى ضوضاء طنين خافتة، فإن راحة المقصورة تعد من أهم مزايا السيارات الكهربائية. ما عليك سوى التعامل مع ضجيج الإطارات والرياح والطرق أثناء التنقل، وإذا كنت تتنقّل داخل المدينة، فسيكون كل الضجيج الناتج عن كُل ذلك ضئيلًا للغاية. في الواقع، تتميز السيّارات الكهربائية بالهدوء الشديد لدرجة أن بعض صانعي السيارات يقومون بتركيب مولدات الصوت لضمان أن المشاة ومستخدمي الطريق الآخرين على دراية بوجود هذه السيّارات أثناء القيادة. ونظرًا لأن البطاريات يتم تركيبها عادةً في مكان منخفض في جسم السيارة، ويشغل المحرك الكهربائي مساحة أقل من المحرك التقليدي، فإن مقصورة الرُكّاب ستوفر مساحة أكبر من سيارة البنزين ذات الحجم المماثل.

الراحة في تجربة استخدام السيارة الكهربائية

5. التسارع

بالرغم من أن هذه النُقطة في السابق كانت مصدر قلق بالنسبة للبعض، إلا أنه وبفضل التوصيل الفوري لعزم الدوران لمحرك كهربائي، ستُشعرك معظم المركبات الكهربائية بسرعة كبيرة عندج الإنطلاق. ما عليك سوى الضغط على دواسة الوقود بقوّة، وسوف تنطلق السيارة للأمام بموجة من العزم المهيب. ولكن للأسف، فهذا العزم يأتي بأثر رجعي، حيث أن إستخدام هذا العزم القوي سيُسرّع عملية نفاذ معظم الطاقة التي قُمت بشحنها بمجرد وصولك إلى الحد الأقصى للسرعة - وسيتأثر نطاق القيادة أيضًا -. غير أن بعض السيارات مثل Tesla Model S يمكنها تقديم أقل من 3 ثوانٍ من 0 إلى 60 مرة بدون التأثّر بهذا الأمر .

أبرز عيوب السيارات الكهربائية

1. نقاط الشحن

بسبب كونها لا تزال أمراً جديداً، فإن السيّارات الكهربائية لا تزال تُعاني من الكثير من المُشكلات التي تعود بشكل أساسي إلى عدم إنتشارها أكثر من أي شئ آخر. ويُعد أكبر عيب لامتلاك سيارة كهربائية هو الحاجة لشحنها. تتوفر كل مركبة كهربائية معروضة للبيع مع قابس محلي ثلاثي الرؤوس بحيث يمكنك شحنها عبر مقبس التيار الكهربائي التقليدي، بينما توفّر العديد من الشركات صندوق شحن سريع الشحن مجانًا عند شراء سيارة كهربائية. سيتم توصيل صندوق الشحن مباشرة بمصدر الطاقة الرئيسي الخاص بك، بحيث يمكنه شحن سيارتك الكهربائية بمعدل أعلى من الإمداد الذي يتم تغذية منزلك به.

محطات شحن السيارات الكهربائية 

بالطبع، للقيام بذلك، تحتاج إلى مكان لإيقاف سيارتك بالقرب من مصدر كهربائي. وفي الحقيقة، لا تزال نقاط الشحن شحيحة للغاية في الوقت الحالي، خاصّة في مصر، وستحتاج لبذل المزيد من الجُهد للوصول إلى محطّة شحن، وخصوصاً في حال نفذ منك الشحن في وسط طريق ما، لا يُوجد به محطّات شحن. بالطبع، تبذل الحكومات وصانعو السيارات دورهم للمساعدة في توفير أماكن شحن المركبات الكهربائية، ولكن الأمر في مصر لا يزال في بدايته، وسيحتاج المزيد من الوقت حتى تتوفر أعداد كافية من محطّات الشحن تجعلك تتحرّك بدون قلق.

2. وقت الشحن

اعتاد السائقون على عادة ملء السيارة بالوقود عند الحاجة، وفي دقائق معدودة للغاية. ومع ذلك، لا يمكنك تطبيق نفس النظام على السيارات الكهربائية. إذا فعلت ذلك، فستعاني من الرحلات الطويلة جدًا حيث تتوقف لشحن مركبتك الكهربائية لفترات طويلة، وهو ما سيُكلّفك المزيد من الوقت طبعاً. هذا بالطبع إلى جانب الوقت الذي قد تستغرقه في إنتظار دورك للشحن! ونظرًا لأن السيارات الكهربائية تُعد تجربة جديدة، فهي تتطلب منك التعود على عادة جديدة، وقد تكون على دراية بها إذا كنت تمتلك هاتفًا ذكيًا. فبشكل أساسي، ستحتاج إلى بعض التخطيط المسبق، وطالما أنك تحافظ على توصيل السيارة الكهربائية في كل مرة تقف فيها السيارة، خاصة بين عشية وضحاها، يجب أن تتمتع بعمر بطارية كافٍ لتوصلك إلى وجهتك.

3. نطاق البطارية

وكما هو الحال مع الهواتف المحمولة، هُناك عامل مقيد آخر من شأنه أن يمنع العديد من الأشخاص من التفكير في التحوّل إلى السيارات الكهربائية بالكامل، وهو القلق من المدى - أي الخوف من أنك لن تصل إلى وجهتك دون الحاجة إلى شحن سيارتك-، أو أنك لن تكون قادرًا على شحن سيارتك عندما تصل هناك، أو تقف بك السيّارة، وهو ما نوهنا إليه في النُقطتين السابقتين. ففي الوقت الحالي، تستطيع مُعظم السيارات الكهربائية الحديثة أن تتحرك في نطاق عملي يتراوح بين 150 و 200 ميل، لكن صانعي السيارات يعلقون آمالهم على قدرة الجيل التالي من المركبات الكهربائية على تغطية 300 ميل بين الشحنات (حاليا تستطيع الموديلات الفارهة الوصول إلى ذلك)، وهي بالمناسبة المسافة التي تستطيع غالبية السيارات التقليدية تغطيتها بدون مُشكلة.

مدى ومقدرة بطاريات السيارات الكهربائية

4. سعر الشراء، وإعادة البيع، والصيّانة!

كما أشرنا أكثر من مرة الآن، لا تزال السيارات الكهربائية باهظة الثمن نسبيًا، فبالرغم من أي شيء يُمكننا قوله بالنسبة لتكاليف هذه السيارات وصيانتها الأقل، إلا أنها لا تزال باهظة الثمن نسبيًا عندما تفكر في نطاقها المحدود. كما أن سعر إعادة البيع قد لا يكون قيّماً كما هو الحال مع السيارات التقليدية، على الأقل في الوقت الحالي بالطبع.

الأمر الآخر المُقلق في السيارات الكهربائية في مصر هو أنها جديدة للغاية. وهو ما يعني أن نقاط الصيانة، والأشخاص الذين يفهمون في صيانة مثل هذه السيارات يُمكن عدّهم على الأصابع. كما أن تكاليف الشحن وتغيير البطارية -في حالة دعت الحاجة لذلك- قد تجعلك تندم على اليوم الذي سمعت فيه عن السيارات الكهربائية. لذلك فإدراك مثل هذه النقاط قد يوفّر عليك الكثير من الوقت في التفكير.

هل لا زلت مُتحمّساً لشراء سيارتك الكهربائية؟

حسنأً،ـ قد يبدو للبعض أن هذا المقال يحمل في طيّاته الكثير من الإحباط لمن يُخطط لشراء سيّارة كهربائية في القريب العاجل، أو في الخطّة الألفية القادمة. ولكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك إطلاقاً. فبعيداً عن كل المميزات والعيوب في السيارات الكهربائية السابق ذكرها، نحن لازلنا أمام تجربة جديدة في العالم، وفي مصر أيضاً بشكل أكثر خصوصية. ولا أظن أن الكثير منا يُريد المُخاطرة بخوض تجربة كتلك بدون العلم بجميع الجوانب والنواحي العلمية والعملية التي يجب عليه معرفتها قبل خوض مثل تلك التجربة. على الأقل ليكون مُدركاً لما هو مُقدم عليه. فأنت في نهاية المطاف ستدفع مبلغاً باهظاً من المال مُقابل -المُفترض- رفاهية وراحة أكثر، غير أن عدم معرفتك بكل هذه العوامل قد تجعلها التجربة الأسوأ في حياتك -إن لم تكن على حذر- ففكّر جيداً!