
دليل المنازل الذكية: ما هي أجهزة Google Nest وخدمة Home Premium؟
في مطلع العقد الثاني من الألفية، كان العالم لا يزال ينظر إلى المنازل كجدران صامتة وأجهزة محدودة الوظائف. لكن خلف الكواليس، كان هناك حلمًا يولد على أيدي مهندسين حملوا في عقولهم شغف التغيير. وهما طوني فاضل ومات روجرز اللذان برز اسمهما في فريق تطوير منتجات آبل.
ومنذ ذلك الحين، تطورت Nest لتصبح علامة تجارية متكاملة تدمج بين الأمان والراحة والذكاء الاصطناعي، وتعيد صياغة مفهوم البيت الحديث العصري لتصل اليوم مع أحدث ابتكاراتها إلى أبعاد غير مسبوقة.
في هذا المقال، نستعرض رحلة Nest منذ الفكرة الأولى وحتى تحولها إلى ركيزة في عالم المنازل الذكية، ونستكشف كيف غيرت هذه التجربة البسيطة مفهوم الراحة والتكنولوجيا داخل المنازل.

كيف بدأت الفكرة
ظهرت شركة Nest Labs عام 2010 في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا على يد اثنين من أبرز المهندسين السابقين في شركة آبل، وهما توني فادل ومات روجرز.
بدأت الحكاية حين كان توني يبني منزله الصيفي، ليصطدم بواقع منظمات الحرارة التقليدية التي بدت عاجزة عن تلبية احتياجاته أو توفير راحته. ومن هنا وُلدت الفكرة:
لماذا لا يتحول هذا الجهاز البسيط إلى أداة ذكية تفهم عادات مستخدمها وتتكيف مع سلوكه وتحقق له التوازن بين الراحة وتوفير الطاقة؟
هكذا انبثقت بذرة Nest Labs، الشركة الناشئة التي أطلقت أول منظم حرارة ذكي في المنازل، حتى استحوذت جوجل عليها في 2014، فأصبحت تنهض بدعم عملاق التكنولوجيا وتدخل عالم المنازل الذكية بثقة متجددة.
جاء تأسيس الشركة من رؤية واضحة تسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والبيت عبر دمج التكنولوجيا الذكية في تفاصيل الحياة اليومية. وقد ركز المؤسسان منذ البداية على ابتكار أجهزة تتعلم من سلوك المستخدم وتتكيف مع عاداته، لتجعل المنزل أكثر راحة وكفاءة.
أول ابتكار
في عام 2011 قدمت Nest أول منتجاتها، وهو منظم الحرارة الذكي Nest Learning Thermostat. يمثل الجهاز قلب أنظمة التدفئة والتبريد داخل المنزل، فهو الذي يحدد درجة الحرارة المطلوبة ويتحكم في تشغيل أجهزة التكييف أو التدفئة أو المراوح وفقًا لتفضيلات المستخدم.
كما تميز الجهاز بقدرته على مراقبة عادات المستخدم اليومية وتعلُم أنماط استخدامه، ثم ضبط درجة الحرارة تلقائيًا ليوفر بيئة مثالية تجمع بين الراحة وترشيد استهلاك الطاقة، ويتيح أيضًا إمكانية التحكم عن بُعد عبر الهاتف الذكي.
وبفضل تصميمه الأنيق وسهولة استخدامه، جذب المنتج اهتمامًا واسعًا وأصبح نقطة تحول في مفهوم المنازل الذكية.

التوسع والابتكار
بعد النجاح اللافت للترموستات، واصلت Nest توسعها عبر إطلاق منتج جديد عام 2013 يحمل اسم Nest Protect. وقد مثَّل هذا الجهاز خطوة مهمة لأنه قدم كاشفًا متطورًا للحرائق وأول أكسيد الكربون، يجمع بين الدقة في الاستشعار وسهولة التفاعل مع المستخدم.
كان الهدف من هذا المنتج هو جعل عنصر الأمان جزءًا متكاملًا من التجربة الذكية داخل المنزل، إلى جانب الراحة التي وفرها الترموستات.
استحواذ جوجل
في عام 2014 دخلت Nest مرحلة جديدة مع إعلان جوجل استحواذها عليها في صفقة ضخمة بلغت 3.2 مليار دولار أمريكي. وقد فتح هذا الاستحواذ الباب أمام دمج منتجات Nest في منظومة أكبر ترتكز على قدرات الذكاء الاصطناعي وخدمات جوجل الرقمية.
ومع مرور الوقت، تطورت العلامة التجارية لتصبح Google Nest، لتشمل أجهزة متنوعة تهدف إلى بناء تجربة منزلية ذكية موحّدة تجمع بين التحكم السهل والتكامل مع المنصات الرقمية.
Gemini for Home يحل محل Google Assistant
أعلنت جوجل أنه ابتداءً من 1 أكتوبر 2025، سيُستبدل Google Assistant بـ «Gemini for Home»، وهو مساعد ذكي أكثر تطورًا يعتمد على نماذج AI متقدمة، ويتيح تفاعلات صوتية طبيعية بلا قيود، مع تحسين في التحكم المتعدد الأجهزة وإمكانية فهم أوامر مركبة.
الارتقاء بخدمة الاشتراك إلى Google Home Premium
إضافة إلى ذلك، تغيير اسم خدمة Nest Aware إلى «Google Home Premium»، مع إطلاق طبقة إضافية «Premium Advanced». تقدم هذه الخطط تخزين فيديو دائم (24/7)، وتنبيهات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتلخيصات ذكية للأنشطة اليومية.

الأجهزة الجديدة ومواصفاتها الأساسية
أول ما يلفت الانتباه في الأجهزة الجديدة من Nest هو الكاميرات، سواء الداخلية أو الخارجية التي حصلت على نقلة نوعية من حيث المواصفات. فقد أصبحت تدعم دقة 2K HDR مع إمكانية تكبير رقمي يصل إلى ست مرات، إضافة إلى ميزة Zoom and Crop التي تسمح بالتركيز على مشاهد محددة مثل سرير الطفل أو مدخل المنزل.
ولضمان استمرار المراقبة حتى عند انقطاع الاتصال بالإنترنت، زُودت الكاميرات بخاصية التخزين المحلي الاحتياطي لمدة ساعة، إلى جانب معاينات قصيرة مدتها عشر ثوانٍ للأحداث التي جرت خلال الساعات الثلاث الماضية. كما تأتي الكاميرات الداخلية بألوان الأبيض والرمادي والأحمر، بينما تتوافر الكاميرات الخارجية باللونين الأبيض والرمادي.
جرس الباب الذكي
يدعم جرس الباب من الجيل الثالث أيضًا دقة 2K HDR ويأتي بثلاثة ألوان: الأبيض والرمادي والبيج. وتمامًا مثل الكاميرات، يقدم تخزينًا محليًا احتياطيًا، ومعاينات للأحداث الأخيرة، إضافة إلى التنبيهات الذكية وتحديد مناطق النشاط.
لكن الميزة الأبرز تبقى خدمة Daily Summaries المدعومة بالذكاء الاصطناعي Gemini، التي تمنح المستخدم ملخصًا يوميًا لما جرى أمام الكاميرا دون الحاجة إلى مشاهدة التسجيلات بالكامل.

خدمة Google Home Premium
في خطوة جريئة لإعادة هيكلة خدمات الاشتراك، تستعد جوجل لاستبدال Nest Aware بخدمة جديدة تحت اسم Google Home Premium، بالإضافة إلى إصدار متميز إضافي يُعرف باسم Google Home Premium Advanced.
تحمل هذه الخطة الجديدة في طياتها طموحًا أكبر؛ إذ تُبنى حول الذكاء الاصطناعي Gemini، ما يرفع مستوى التفاعل السلس والتفاعلي داخل النظام المنزلي. وتشمل كذلك:
- فهم الأوامر الطبيعية
يستطيع النظام استيعاب صياغات طبيعية للأوامر، مثل البحث الصوتي الذكي بسرعة داخل الفيديوهات المسجلة.
- الملخصات اليومية Events Daily Summaries
يولد Gemini ملخصات يومية ذكية لأبرز اللقطات التي التقطتها الكاميرات، بدلًا من مراجعة الفيديو بأكمله، ما يوفر وقتًا وجهدًا كبيرًا.
في هذا السياق، يُتوقع أن يحتوي المستوى الأساسي (Premium) على مزايا مشابهة لـ Nest Aware الحالية، في حين يقدم المستوى المتقدم Premium Advanced ميزات متقدمة مثل التسجيل المستمر (24/7) ومدة أطول لحفظ الفيديوهات، وهو ما كان يميز خطة Nest Aware Plus السابقة.
كما ارتفعت أسعار خطط Nest Aware مؤخرًا، الأمر الذي يجعل التحول إلى Home Premium خطوة متوقعة ضمن استراتيجية إعادة التوازن في التسعير والمزايا.

كيف يغير Gemini تجربة المستخدم مع أجهزة Nest؟
تُعد خطوة إدخال Gemini للمنزل «Gemini for Home» واحدة من أقوى التحولات في المشهد الذكي المنزلي خلال السنوات الأخيرة. ومن المقرر أن تبدأ تجربة هذا المساعد الذكي الجديد، الذي يحل مكان Google Assistant، على الأجهزة المنزلية عبر برنامج الوصول المبكر.
التحول في أسلوب التفاعل
مع Gemini، لم يعد المستخدم بحاجة إلى أوامر صوتية نمطية؛ فالمساعد الحالي أصبح يفهم اللغة الطبيعية والسياق الدقيق، ويستجيب للأوامر المعقدة بسهولة. على سبيل المثال: يمكنك أن تطلب «أطفئ الأنوار جميعها باستثناء غرفة النوم» أو «شغل الأغنية التي كانت في هذا الفيلم».
Gemini Live: محادثة دون حدود
تدعم تقنية Gemini Live الجديدة حوارًا مستمرًا دون الحاجة لتكرار «Hey Google» في كل مرة. سواء لتخطيط أمر معقد أو لإصلاح جهاز منزلي أو حتى لقصة قبل النوم، يمكنك متابعة المحادثة بسلاسة وراحة.
الذكاء في الكاميرات
لم تعد كاميرات Nest محطة تسجيل فقط، بل أصبحت تتحدث! مع Gemini، تصدر الكاميرا تنبيهات تحتوي على وصف دقيق لما رأت، مثل: «ترك الساعي طرداً كبيراً عند الباب»، بدلًا من «شخص ما أمام الباب».

التحكم الذكي والتلقائي المنزلي عبر اللغة الطبيعية
من خلال تطبيق Google Home، يمكنك الآن إنشاء أتمتة ذكية باستخدام العبارات البسيطة فقط، مثل: «افتح الستائر عند الفجر» ليُنفذ ذلك تلقائيًا دون الحاجة إلى خطوات إعدادات يدوية.
مستقبل المنازل الذكية
من وجهة نظري، ما تفعله جوجل مع Nest وHome Premium هو خطوة استراتيجية كبرى لإعادة رسم حدود المنافسة في سوق المنازل الذكية. فالتحول من خدمة تقليدية مثل Nest Aware إلى خدمة مبنية بالكامل على الذكاء الاصطناعي Gemini، يضع جوجل في موقع مختلف عن بقية المنافسين.
إضافة إلى ذلك، تبني جوجل منظومة متكاملة تستبق احتياجات المستخدم وتلخص له حياته اليومية بطريقة ذكية وبسيطة.
أتوقع أن يُحدث هذا النهج ضغطًا على المنافسين مثل Amazon بخدمة Alexa وأجهزة Ring، وApple مع منصة HomeKit، وحتى Samsung SmartThings.

تملك جوجل ميزة قوية وهي الدمج العميق بين الذكاء الاصطناعي وخدماتها السحابية، ما يمنحها مرونة وقدرة على التوسع بسرعة.
لكن في المقابل، لن تكون المنافسة سهلة. فأمازون لديها قاعدة ضخمة من المستخدمين وأجهزة بأسعار تنافسية، وآبل تراهن على خصوصية المستخدم وتجربة الاستخدام المتكاملة مع أجهزتها، وسامسونج تدفع باتجاه التكامل مع الأجهزة المنزلية الإلكترونية الكبرى.
لذا، من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة منافسة شرسة، يتفوق فيها من يستطيع بناء منظومة منزلية أذكى وأكثر أمانًا تمنح المستخدم الثقة والراحة الحقيقية.
?xml>
دليل المنازل الذكية: ما هي أجهزة Google Nest وخدمة Home Premium؟
رؤية جوجل لمستقبل المنازل الذكية ✨