[quote قريباً قد نسمع خبر وفاة مساعد جوجل، حيث تشير التقارير وتاريخ الشركة في قتل مشاريعها إلى ذلك، ولكن نعتقد أن هذا القرار غير موفق، وأنه يجب الدمج مع بارد بدلاً من إهمال مشروع ناجح!]

تحدثنا سابقاً عن نية عملاق محرك البحث جوجل التركيز على تطوير روبوت دردشة بارد ليتفوق على منافسه الشرس ChatGPT خصوصاً بعد تحالفه مع محرك بحث بينج ما سبب تهديداً لم تتعرض له جوجل من قبل. حيث بدأ القلق يتسرب تدريجياً إلى الشركة محطماً بذلك كبريائها، وثقتها بنفسها التي جعلتها تطبخ نموذجها من الذكاء الاصطناعي على نار هادئة جداً. فرفعت الشركة درجة الحرارة لأقصى مستوياتها، وبدأت في اتخاذ قرارات غير مدروسة للانتهاء سريعاً من بارد وإطلاقه رسمياً.

ومن بين تلك القرارات، تفاجئ الفريق المسئول عن مساعد جوجل الصوتي (جوجل أسيستانت) بمذكرة تطلب منهم التركيز على تطوير بارد، مع إعلان خبر استقالة نائب رئيس الفريق "لظروف شخصية".

جعلنا ذلك نتسائل، هل تخطط جوجل لإطلاق رصاصة الرحمة على مساعدها الصوتي وتقديمه كقربان لتطوير بارد؟ وإذا كانت تلك هي الخطة بالفعل فنعتقد أنها غير موفقة بالمرة، بل وتضيع استغلال موارد الشركة الأمريكية، وتلقي بها في سباق المنافسة التقليدية دون تجديد، ويبين لنا أن بارد سيكون مشروعاً فاشلاً قبل حتى أن يبدأ!

فبدلاً من إهمال جوجل أسيستانت الذي عملت عليه الشركة لسنين طويلة، لماذا لا تدمجه مع روبوت بارد؟ ففي النهاية، كلا المشروعين مبنيان على الذكاء الاصطناعي ولكن بمستويات مختلفة، فالمساعدات الصوتية وروبوتات الدردشة وجهان لعملة واحدة.

تاريخ مساعد جوجل وحرب المساعدات الصوتية

في فبراير عام 2010 قام مركز SRI الدولي للذكاء الاصطناعي بإطلاق تطبيق باسم "Siri Personal Assistant" على متجر تطبيقات آبل، والذي كان المساعد الصوتي الأول الذي يتم طرحه للمستخدمين، وفي العام الذي يليه، استحوذت آبل رسمياً على ذلك المشروع بأمر من ستيف جوبز شخصياً، وحذفت التطبيق من متجرهم وجعلوا سيري ميزة رئيسية في هاتف iPhone 4S.

[quote ومن هنا اشتعل فتيل حرب المساعدات الصوتية بين جوجل وآبل وآخرون]

في عام 2012، أعلنت جوجل عن خاصية "Google Now" ضمن إصدار أندرويد 4.1 والذي كان يمثل رد الشركة على مساعد سيري، مع المزيد من الخصائص، حيث كان يُمكن سؤاله -صوتياً أو نصياً- عن حالة الطقس وغيره. دعم جوجل ناو كذلك القيام بوظائف متعددة كالاتصال بصديقك أو إنشاء مذكرة أو غيره بطريقة مماثلة تماماً لما تقوم به سيري.

تاريخ مساعد جوجل الشخصي - Google Now

ولكي تسبق جوجل بخطوة، أتاحت ميزة أن يقوم تطبيقها بمعرفة اهتمامات المستخدم، كفريقه المفضل على سبيل المثال، ثم تعرض نتائج المباريات بشكل افتراضي في الواجهة الرئيسية، يتبعه الأخبار التي قد تهمك وغيره (وهو الأمر الذي مازال موجوداً حتى اليوم عبر تطبيق جوجل أو إذا كنت مفعلاً للصفحة الجانبية لجوجل في المُشغِّل - Launcher الخاص بك).

لم تنجح جوجل في هزيمة آبل في حرب المساعدات الصوتية، ولكن الخصائص الإضافية التي قدمتها كانت مفيدة، خصوصاً خاصية "Now on Tap" التي أطلقتها في إصدار أندرويد 6.0 (مارشميلو - Marshmallow) والتي كانت تقوم بمسح جميع المحتويات الموجودة في لقطة الشاشة وجمع بيانات عنها (بطريقة مشابهة لخدمة Google Lens المتاحة اليوم).

”هاي جوجل“.. الإعلان عن مساعد جوجل

في عام 2016، أعلنت جوجل عن هاتفها الأول من سلسلة جوجل بكسل، وأعلنت معه عن خاصية حصرية، ألا وهي مساعد جوجل الصوتي (جوجل أسيستانت). ليكون بذلك الظهور الأول لبديل سيري المباشر، اضغط على زر غلق الشاشة بشكل مطول ليظهر لك نافذة منبثقة تنتظر سؤالك، أو قُل "هاي جوجل" مباشرةً حتى لو كان الجهاز مغلقاً، تماماً مثل آيفون. ولاحقاً في نفس السنة أعلنت جوجل عن مكبر الصوت الأول المدعوم بمساعد جوجل الصوتي.

لاحقاً أطلقت جوجل مساعدها الصوتي لجميع هواتف أندرويد (بدايةً من أندرويد مارشميلو) وحتى هواتف آيفون نفسها دعمت بجوجل أسيستانت عبر رفع التطبيق على متجر آبل. ساعد ذلك الشركة في تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي المُستخدم، ما أدى إلى تحسينه مع الوقت.

استطاعت جوجل بالفعل تقديم منتج ينافس بديله الأول من آبل، حيث يدعم 30 لغة مقابل 17 فقط في سيري، مع إمكانية اختيار أصوات عدد من المشاهير ليكونوا صوت مساعد جوجل (إذا كنت مقيماً في الولايات المتحدة الأمريكية)، بجانب ذلك تفوقت جوجل أيضاً في تقديم مجموعة متنوعة من الأوامر الصوتية التي يمكن القيام بها، والمهام التي يؤديها جوجل أسيستانت بشكل عام.

[quote لم تتفوق جوجل على آبل وحسب، وإنما فجرت ثورة المكبرات الذكية والمساعدات الصوتية!]

صحيح أن المصدر الأساسي لبداية المساعدات الصوتية كانت آبل، إلا أن الشركات الأخرى خشت مجابهتها خصوصاً بعد المحاولات الفاشلة التي قامت بها بعض الشركات مثل سامسونج ومساعدها الذي لم ينجح (S Voice)، ولكن عندما استطاعت جوجل تقديم بديل ناجح، بدأت الشركات الأخرى في المحاولة من جديد.

وكانت الأولى سامسونج، عبر الكشف عن مساعد جديد كلياً باسم "Bixby" في عام 2018، ضمن سلسلة جلاكسي S8، مع تخصيص زر إضافي في الهاتف فقط للوصول لمساعدها الجديد. وفي الثاني من أبريل من نفس السنة، كشفت شاومي عن مساعدها الشخصي "Xiao Ai" وتبعتهم هواوي في السنة التالية بالكشف عن "Celia".

على الرغم من تهديد مساعد جوجل عرش سيري.. جوجل لم تهتم

[quote آبل كان تعاني من نزيف في عدد مستخدمي سيري حتى قبل الإعلان عن جوجل أسيستانت]

في عام 2017 وحسب أحد الإحصائيات الموثوقة، تعرض مساعد سيري لانخفاض بنسبة 15% في عدد مستخدميه مقارنةً بعام 2016 بجانب انخفاض التفاعل مع سيري أيضًا بمقدار النصف تقريبًا خلال هذه الفترة (من 21% إلى 11%).

ومن ناحية أخرى، شهد جوجل أسيستانت صعوداً مستمراً في عدد المستخدمين، وحسب آخر الإحصائيات، تساوي جوجل أسيستانت وسيري في إجمالي عدد مستخدمي المساعدات الصوتية، حيث حقق كلاهما 36%، بينما أوضح تقرير من جوجل عام 2020 يشير أن عدد مستخدمي جوجل أسيستانت يصل إلى 500 مليون مستخدم شهرياً، وهو نفس الرقم الذي أعلنت عنه آبل فيما يتعلق بمستخدمي سيري عام 2018.

كانت جوجل على أعتاب السيطرة على عرش المساعدات الصوتية بعد أن ترمي آبل من فوقه، ولكن يبدو أن فقدان الشغف يصل للشركات أيضاً، حيث بدأت جوجل تدريجياً في إهمال تطوير مشروعها، تحديداً منذ أن أعلنت عن التركيز على تطوير عتاد هواتف بكسل في مقابل التضحية بمساعدها الشخصي، جدير بالذكر أن الشركة لم تطرح أي منتجات مدعومة بجوجل أسيستانت منذ أكثر من سنتين؛ بل وحذفته من منتجات مثل ساعات Fitbit وأجهزة استقبال Nest Wi-Fi، بجانب غلق عدد من الخصائص التي كان كانت تقدمها.

مساعد جوجل لم يصل للنضوج بعد

النجاح الذي حققه مساعد جوجل الصوتي قد يُخّيل للشركة أن مشروعها أصبح كاملاً ولا يحتاج للمزيد من التطويرات، ولكن في الحقيقة فمازال جوجل أسيستانت يعاني من بضع مشاكل، أبرزها صعوبة التعرف على الصوت، مهما كانت إنجليزيتك جيدة، سيفشل مساعد جوجل في ترجمة أجزاء من كلامك. وهي مشكلة يعانها منها عدد من المستخدمين لسنين دون أي حل رسمي من جوجل، كذلك بعض الخدمات المصحوبة بمساعد جوجل مثل خاصية الروتين لا تعمل بالشكل الصحيح.

جوجل تملك ميولاً انتحارية: مساعد جوجل في خطر!

إذا كنت لا تعلم، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال فصلت جوجل المقبس عن أكثر من 200 مشروع حتى الآن تحت ما يُعرف باسم مقبرة جوجل، أبرزهم منصة التواصل الإجتماعي جوجل بلس، تطبيق الدردشة هانج آوتس، منصة الواقع الافتراضي داي دريم (وعدد من المنصات الأخرى للواقع الافتراضي والمعزز) وآخرهم كان منصة ستاديا للألعاب السحابية.

وبالتالي فمن غير المستبعد أن يكون الدور على مساعد جوجل الشخصي، خصوصاً بعد إهمال الشركة تطويره لأكثر من سنة، ومع قدوم ثورة الذكاء الاصطناعي الجديدة، نست جوجل أنها تملك واحداً بالفعل، وبدأت تعمل على عجلة في تجهيز روبوت بارد، والتضحية بجوجل أسيستانت للمرة الثانية!

جدير بالذكر أن جوجل أنهت كذلك دعم مساعدها الصوتي داخل عدد من الشاشات الذكية المصنعة بواسطة شركات الطرف الثالث مثل LG و JBL و Lenovo؛ على الرغم من أن البعض منهم طرح في الأسواق في فترة قريبة (2018 إلى 2019).

”هاي بارد“: جوجل قد تضيع فرصة ذهبية مع مساعد جوجل

[quote روبوتات الدردشة والمساعدات الصوتية وجهان لعملة واحدة]

نعتقد أن تركيز جوجل على تطوير بارد وإهمال جوجل أسيستانت هي حركة غير موفقة، فلا ننسى حقيقة أن مساعد جوجل مبني بدوره على نموذج ذكاء اصطناعي، وتم تدريبه على عدد مهول من البيانات التي جٌمعت من مستخدمي آندرويد و iOS لسنين طويلة، كذلك يدعم التواصل النصي تماماً مثل أي روبوت دردشة متاح اليوم.

وعليه، إذا دمجت جوجل نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم في بارد (نموذج LaMDA) مع إمكانات جوجل أسيستانت، نعتقد أن ذلك سيعطيها الأسبقية في تقديم منتج ينافس الجميع، وكما يُقال "عصفورين بحجر واحد"، حيث سيتفوق ذلك على مساعد سيري ويهزمه للمرة الأخيرة، كما سيشكل تهديداً لمايكروسوفت بينج، و ChatGPT باعتباره نموذج الذكاء الاصطناعي الأول الذي يدعم الدردشة الصوتية ولا يقتصر على المحادثات النصية وحسب.

أما من ناحيتنا نحن المستخدمون، فمن مصلحتنا أيضاً أن تتم عملية الدمج تلك، فجميعنا نملك مساعد جوجل الصوتي مثبت على هواتفنا بالفعل، وبالتالي لا يوجد داعٍ لتثبيت تطبيق منفصل ليصبح لدينا تطبيقين بلا هدف، هل ذكرت كذلك أن بارد قد يقتل جوجل أسيستانت؟ فمن سيحتاج إلى التحدث مع مساعد صوتي في حين يملك النسخة الأكثر تطوراً منه.

جدير بالذكر أن هذه الفكرة ليست مستحيلة التنفيذ، حيث رأينا شركة علي بابا تعلن بالفعل عن دمج نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها داخل مساعدها الصوتي.

بدلاً من قول "هاي جوجل" لتفعيل المساعد الصوتي، فلتصبح "هاي بارد"، ونبدأ في الدردشة العملية مع الذكاء الاصطناعي في محادثات مستمرة لا تنتهي، نعتقد أن هذا هو التطور التقني الذي يجب أن تعمل جوجل عليه، بدلاً من تقديم منتج لا يقدم أي نقاط قوة أم ميزات تفصله عن بديله من OpenAI.