في ظل وباء الكورونا: هل ستنهار شبكات الإنترنت؟
لا نعلم كيف حدث هذا الأمر. نستطيع أن نقول أن هذه الكارثة البشرية جائت على غفلة كما نقول. لكن لحسن حظنا، نحن في عالم متقدم يعطينا بعض الصلاحيات التي لم تتواجد عند حدوث بعض الكوارث في الماضي. على الأقل تمتلك منزلاً وجهاز كمبيوتر أو هاتف محمول يبقيك على إرتباط بشبكات الانترنت في كل مكان في جميع أنحاء العالم. أي نعم فيروس الكورونا قام بوضعك في البيت، لكنه أفضل من أن يضعك في حجر بداخل أحد المستشفيات، أليس كذلك؟
أصبحت في منزلك لا تخرج ولا تذهب إلى أي مكان، إن كنت طالباً فصرت ملزم بالدراسة من المنزل وإن كنت عاملاً فستقوم بإنهاء أعمالك من المنزل أيضاً. لكنك لست وحيداً في هذا الأمر، العالم كله الآن في هذه الأزمة سواء كنت في دول المحيط أو دول الخليج، لا يوجد أي فارق.
عندما فكرنا أكثر في هذه المعطيات وما يحدث حولنا، كان علينا السؤال عن مدى تحمل شبكات الانترنت لكل هذه المشاكل في الوقت الحالي. هل ستغدر بنا كثيراً أم ستتحمل معنا الصعاب، وهل المشكلة في العالم أجمع أم معنا نحن فقط؟ لنأخذ نظرة سريعة على كل هذا سوياً!
ما الذي يحدث لشبكات الانترنت في الوقت الحالي؟
الزيادة في "الكثافة السكانية" على الانترنت في نفس الوقت ظهرت في الأسابيع الأخيرة. السبب ليس العمل من المنزل فقط، هناك من يقوم بمشاهدة مسلسله المفضل على Netflix أو ممارسة ألعاب الفيديو المفضلة له. هناك أيضاً من يقوم بالمذاكرة من خلال مواقع الانترنت مثل Coursera وما شابهها أيضاً. هناك الكثير من الوقت ولا يوجد شيء لفعله إلا البحث عن ما يستطيع أن يقتل هذا الوقت كله. هذه ليست بالخيارات السيئة في النهاية.
الانترنت نفسه شبكة تم تصميمها لكي تؤمن نفسها. بالطبع كان يجب على كل من يقوم بالعمل على هذه الشبكات بتوقع حدوث مشكلة ما في العالم قد تؤدي إلى وجود إرتفاع شديد في إستخدام الشبكة في نفس الوقت، فلا يوجد قلق في هذا الأمر بالنسبة للعديد من الدول. إن نظرت للأمر، فإن المنصات الإجتماعية أو مواقع التحميل بشكل خاص لم تصمم لكي تتحمل كل هذا في نفس الوقت. هذا من أحد الأسباب التي ترى فيها تطبيقات مثل الـ Facebook أو الـ Instagram تأخذ أكثر من وقتها من أجل التحميل.
في الوطن العربي نجد أن إستهلاك الانترنت يزداد فقط في أيام الخميس، الجمعة والسبت. نظراً لأن الخميس أخر يوم في أسابيع العمل والجمعة والسبت عطل رسمية. حتى في هذه الأيام لا يصل الإستهلاك إلا ما نراه في هذه الأيام العصيبة مع فيروس الكورونا الجديد، بل كان يفضل العديد الخروج من منازلهم عوضاً عن إستهلاك شبكات الانترنت بهذا الشكل.
أما في الوقت الحالي، أصبحت جميع أيامنا جمعة وسبت بداخل منازلنا. لا مفر من هذا إلا الانترنت الذي يوفر سبل ترفيهية كثيرة من ألعاب، مسلسلات وأفلام تقتل الوقت حتى تذهب الكورونا بعيداً عننا.
المعاناة مع دول شمال أفريقيا وبعض دول الخليج تظهر في الآتي….
الكارثة الشبكية ليست عند دول العالم كلها، لكن مع الأسف، لنا نصيب الأسد فيها. إستهلاك الانترنت زاد منذ بداية العام، نفس الفترة التي ظهر فيها فيروس الكورونا بشكل أكثر جدية. إستخدام الانترنت زاد للغاية، حتى عندما تأتي ساعات الفجر التي يكون المعظم فيها نائم، فهي لازالت أعلى من معدلات الإستهلاك في العام الماضي.
دولنا العربية ليست مستعدة، على الأقل معظمها، لكارثة مثل تلك. نحن نتحدث هنا عن بنية تحتية تتحمل -بالكاد- إيصال سرعات الانترنت المعلن عنها لمستخدميها، قد تكون الشبكة سيئة في العديد من الأحيان في اليوم الواحد ولكننا إعتدنا الأمر. على سبيل المثال، بالنسبة لي، لم أعتد أن أخذ كل هذا الوقت في رفع الصور أثناء نشر مقالاتي لكم، لكن هذا هو حال الدنيا؟ ماذا نحن بفاعلين؟
كل ما يجب أن نفعله هو اللعب على Ping يصل إلى 500 والتمتع بـ Packet Loss تصل إلى 40%. مشاكل لا نستطيع إلا أن نتذمر منها. لسنا لوحدنا على الأقل. عندما ننظر إلى دول أوروبا ونجد أن YouTube و Netflix قاما بتقليل جودة البث لأن هذه البنيات لا تتحمل كل هذا الضغط، فنحن في نعمة مقارنةً بهم.
إقرأ أيضاً: كيف تستخدم هاتفك لزيادة نطاق شبكة الـWiFi ؟
دعني أذكرك حتى أن هناك بعض الدول التي لا زالت تستخدم الكابلات النحاسية ولم يصلها الـ Fiber Optics بعد. هناك أيضاً بعد الدول العربية التي ستجدها في القائمة الخاصة بسرعات الانترنت في الأسفل، هذه الدول لا حول لها ولا قوة في الأساس عندما نتحدث عن السرعات والأداء، فما بالك مع فيروس الكورونا الجديد.
هل ستتوسع شبكات الانترنت فيما بعد الكورونا لكي تتحملنا جميعاً في حالة حدوث أزمة قادمة؟
نعم ولا. أريدك أن تنظر إلى الانترنت وكأنه دولة. هناك مشاريع سكنية جديدة يتم بنائها من أجل الشباب. هل كل مشروع جديد سيتم حرمانه من الشبكة العنكبوتية لعدم وجود مكان؟ بالطبع لا. هذه الشبكات هي الأكثر توسع في جميع الحالات ويمكنها أن تمتد بشكل واسع للغاية في فترة قصيرة من الزمن.
تقوم شبكات الانترنت بنقل البيانات من خلال "طرق" مختلفة لكي تناسب الجميع وتصل لهم سرعتهم في النهاية. الأمر مثل أخذ طريق مختلف لكن لنفس النهاية. لكن مع وجود شركات ضعيفة إدارياً، سوقياً وتفتقر إلى تقديم خدماتها، فنشك أن هذا سيحدث بشكل سليم.
أعني...لك أن تتخيل أن هناك شركات إنترنت تزود مستخدميها بجيجابايتس وتنتهي من العدم. لك أن تتخيل أيضاً أن هناك شركات كل ما تمتلكه من حلول هو إعادة تشغيل الراوتر. حل رائع للغاية، لم نجربه من قبل! حياتنا أصبحت أفضل!
الماضي، الحاضر والمستقبل المشرق يتلخص في…
نتذكر أيام يناير 2011 عندما زاد إستخدام الشبكة العنكبوتية في مصر وأدى هذا إلى توقفها في العديد من المناطق بداخل المحروسة، خصوصاً بعد أن إنقطعت في وقت الثورة من خلال الحكومة المصرية وقتها. كان الأمر مشابه لوضع الملايين من الناس الذين يريدون سحب أموالهم من آلة صرافة كانت معطلة في أخر الأسبوع.
نتذكر أيضاً Prime Day في عام 2018 بعدما بدأت Amazon في خصوماتها لهذا اليوم والتي أسفرت عن سقوط الموقع بالكامل وبطء الشبكة عامةً في العديد من الولايات وقتها بسبب الضغط على المخدمات الخاصة بموزعي الخدمات الخاصة بالانترنت. كل هذه ما هي إلا أمور واردة قد تحدث، مع أن كل هذه الشبكات والمواقع تم تصميمها لكي تتحمل الأوقات العصيبة.
هذه كانت معطياتنا للحدث وتحليلنا له، والتي أعطن الفكرة النهائية وهي...
شبكة الإنترنت مصممة لكي تعمل مهما حدث. بكلمة تعمل نقصد أن تدخلك على ما تريد، لكن الوقت….ليست مسؤولية أي شخص في الكوارث التي تحدث في العالم. يقول البعض أن شبكات الانترنت ستعمل حتى لو حدثت كارثة نووية -والعياذ بالله- وهذا يعتبر تعبير زائد قليلاً. أعني..دول العالم المتقدمة في بنيتها التحتية قد تصمد أمام قنبلة نووية، لكن الإنترنت في شمال أفريقيا والوطن العربي؟ أنت تمزح قليلاً هنا. في الأغلب ستتحمل معنا هذه الأزمة، نعم. لكن ستتحملها بأعطال ومشاكل، لكنها لن تقع في الأغلب إلا لو حدثت مشكلة في مراكز البيانات ومخدمات مزودي الخدمات بالأصح.
تذكر دائماً أنه في الوقت الحالي لا يصح أن تشتكي من السرعات أو الضغط، مكالمتك لخدمة العملاء من أجل الصياح في أذن مندوبهم لن تأتي بأي نفع. إصبر، لا تملك إلا الصبر يا صديقي. إن كانت الشبكة الخاصة بك تسمح لك بقراءة المقال بالكامل إلى هذه الجزئية، فأرجوك أن تقوم بتعقيم يديك وغسيل وجهك بالصابون المطهر لكي تحمي نفسك من أي فيروس جديد أو قديم!
?xml>