[quote "لقد فتحنا أسواقاً في مناطق لم يكن لديها أي ثقافة عن الألعاب مثل الشرق الأوسط..اللاعبون هناك لم يعرفوا معنى الألعاب قط قبل مجيء بلايستيشن في المنطقة"]

تلك كانت كلمات السيد جيم رايان، المدير التنفيذي لسوني بلايستيشن في حديثه عن توسعات أسواق سوني خلال الفترة الماضية أثناء مقابلة مطولة مع Gamesindustry.biz، المقابلة والرد الذي أشعل فتيل قنبلة ضخمة من الإنتقادات التي أطلقها لاعبو الشرق الأوسط في وجه جيم عبر وسائل التواصل وكيف لا ومن الواضح أن السيد جيم يهذي تقريباً أو لا يعي ما يقول بأدلة منطقية تثبت صحة قوله..

[quote "الأمر كما ولو أننا كنا نعيش في غمامة سوداء من الجهل حتى أتت سوني بلايستيشن كالفارس الأبيض على حصانها الأبيض المجنح لتنقذنا مما نحن فيه، صدقتي يا جيم رايان، حياتنا قبل مجيء بلايستيشن لعلها كانت أفضل بكثير مما آلت له حالياً في زمننا الحالي بل وأمتع بمراحل"]

ولهذا قررت أن أكتب تلك الكلمات لأني تعبت بكل صراحة، تعبت من مبدأ العجرفة الذي تتبعه سوني مؤخراً والذي نوهت عنه سلفاً في مقالة ماضية وللسيد جيم رايان، أحب أن أوجه لك رسالة إن كنت ستقرأ تلك المقالة بشكل أو بآخر..

جيم رايان - Jim Ryan PlayStation PS5 - سوني بلايستيشن

"صدقني..سوني بلايستيشن ليست هي محور الكون"!

حسناً، قبل البدء، دعوني أُعرفكم بنفسي، أنا أحمد الصايغ، محرر في الألعاب وجيمر منذ ما يقرب من الـ 20 عاماً الآن، عاشرت تقريباً كل الأجهزة المنزلية وأفضل أيام الحاسب الشخصي ولكني تحولت بالفعل بعد دخول بلايستيشن المنطقة لفان بوي ولكن مع نضوجي أكثر وتحليل السوق وصناعة الألعاب بُحكم المهنة، تأكدت من شيء واحد مهم وأن سوني بلايستيشن ليست بمحور الكون الذي تصنف نفسها فيه وهذا الكلام ينبع من فان بوي منعاً لأي تعليقات هجومية ستكون بدون داع.

منذ أن تولى Jim Ryan زمام الأمور في سوني بلايستيشن وسياسات الشركة بدأت تختلف جذرياً عن أيام Shawn Layden، أنا لا أقلل من جيم رايان لأنه رجل موهوب وذكي تسويقياً فيما يخص عالم الأعمال وهذه حقيقة لا جدال عليها، ولكن لا يمكننا إنكار تحول سوني بلايستيشن الجذري الذي حدث لها تحت رايته، حيث صارت العجرفة سمة غالبة فيها بشكل بات ملحوظاً.

العجرفة تأتي من عدم إحترام المنافسين، من إنعدام الشفافية والمصداقية مع الجمهور في أشد الأوقات التي كانت تحتاج لذلك خلال مراحل إصدار PS5 والتحجج بكورونا برغم أن المنافس لم يتبع نفس النهج، ناهيكم عن إتباع طرق تسويقية مضللة في بعض الأحيان.

ولكن صدقاً، سوني بلايستيشن يجب أن تتوقف عن التفكير في نفسها على أنها محور كل شيء في صناعة الألعاب والكون، أينعم جماهيرها غفيرة للغاية ولا جدال على أنها استطاعت بالفعل خلق ظاهرة من العدم تمكنت من إكتساح الأخضر واليابس ولكن هذا لا يعني بأنها كانت سبّاقة أو أنها قادت شعلة ثورة التغيير بل كان هناك من قبلهم من حملوا على عاتقهم تلك المهمة بل واستطاعوا النجاح بشكل منقطع النظير حتى وصلوا لمرحلة العجرفة أيضاً والتي سطرت بداية فترات إضمحلالهم والتاريخ يبدو أنه يعيد نفسه.

جيم رايان - Jim Ryan PlayStation PS5 - سوني بلايستيشن

التاريخ سيعيد نفسه قريباً يا سوني، لذا لا تنسي بداياتك!

قبل مجيء سوني بلايستيشن للسوق العالمية، كانت هناك قوتان تتنازعان في صناعة الألعاب وهما SEGA و Nintendo، شركتان هيمنتا على السوق الياباني ومن ثم السوق العالمي وتربعتا على عرش تلك الصناعة لسنوات وسنوات كانت لها الأثر في حفر ذكريات معظم أو غالبية لاعبي الوقت الحاضر، لم تهز عرش تلك الشركات سوى العجرفة والغرور والزائد وإتخاذ قرارات لا تحترم المنافس، من ناحية لم تؤمن نينتندو بسوني ومبدأ البلايستيشن عندما عُرض عليها لأول مرة في قالب شراكة ومن ناحية أخرى، فعلت SEGA الشيء ذاته بل وتفككت داخلياً بينها وبين نفسها فقط لأن إدارة اليابان كانت تغير من تلك الموجودة في أمريكا والأمثلة كثيرة ولكن النتيجة كانت واحدة.

العجرفة، الغرور وعدم إحترام المنافسة من أي نوع سيكون له بكل تأكيد تداعيات على صاحبه ويبدو بأن سوني لم تتعلم الدرس أو تتخذ من سابقيها عبرة لذا من المهم للغاية عدم نسيان البدايات وكيف وصلت الشركة لما هي عليه بعد مشوار عصيب، هذا هو الفارق بين الشخص الناجح الذي يعمل في صمت والشخص الذي يحاول تجميل الأمور بدون أن يتقدم خطوة، أينعم بلايستيشن لم تصل لهذه المرحلة بعد نهائياً ولكني أتخوف عليها من إتباع نفس النهج.

nintendo switch

على سوني أن تفهم أنها ليست وحدها في صناعة الألعاب!

صناعة الألعاب الآن تشهد على نمو غير عادي في مختلف مجالاتها بدءاً من الـ eSports مروراً بالخدمات السحابية ووصولاً لخدمات البث، الأمر أصبح متشعباً بكثير عن الماضي وإن أردت البقاء على عرش تلك الصناعة فعليك بالإستمرارية وأن تنافس بكل وقتك وشراهتك على هذا المنصب لتكون الأجدر به وإلا ستستيقظ في يوم من الأيام لتجد نفسك فجأة مجرد صفر على الشمال.

لذا إن كانت تظن سوني أنها وحدها في تلك الصناعة والوحيدة التي تترأس عملية التطوير والإستمرارية تلك والوحيدة التي تُمن على اللاعبين بإنجازاتها الرائعة فعليها أيضاً إعادة النظر في تلك النقطة، فهناك Xbox وهناك Steam وهناك Amazon وهناك ألعاب الهواتف حتى وهناك Stadia وحتى نتفلكس دخلت على الخط لذا الساحة الآن صارت أشرس من قبل والكعكة التي كان يتم توزيعها على طرفين أو ثلاثة صارت تُوزع على خمسة وستة.

Xbox - أكس بوكس

ولكن بالعودة للشرق الأوسط هنا وإحقاقاً للحق..

سوني بلايستيشن كان لها تأثير كبير فعلاً في المنطقة!

لنتحدث ببعض من الحق، سوني بلايستيشن كان لها الأثر الكبير في نقل ثقافة الألعاب في الشرق الأوسط أو عساي أقول نقل محتواها للمستوى التالي، لا خلاف على أنها تمكنت من خلق ظاهرة من الصفر يكن لها عشاقها كل الحب بل وابتكرت مبدأ الفان بويز بدون قصد بل نجحت في الحصول على ولاء غير عادياً للعلامة التجارية وهي علاقة متطورة للغاية بين أي شركة ومستهلك.

لن ننسى أن بلايستيشن هي من كان لها الفضل في حصولنا على تجارب ألعاب وحصريات لا يمكن نسيانها، بدءاً من جيل PS2 الأسطوري مروراً بـ PS3 وحتى PS4 الذي يشق طريقه ليصبح من أفضل منصات الشركة في التاريخ وها نحن ذا مع PS5.

ولكن..

طفولتنا كانت رائعة حتى قبل مجيء بلايستيشن!

أعتقد بأني لن أقولها أفضل مما قالها زميلي، الرائع: "مُفضل فخر الدين" في مقالته المذهلة التي نشرها البارحة عبر IGN Middle East والتي تطرق فيها لمفهوم الألعاب بالنسبة لنا في المنطقة حتى قبل مجيء بلايستيشن للساحة.

[quote "وكما ذكرت في أول المقالة: سوني بلايستيشن ليست هي الفارس على الحصان الأبيض كما تظن"]

أتذكر شخصياً بأن ألعاب الحاسب الشخصي كانت هي المسيطرة في فترة فعلاً ازدهر فيها مبدأ مقاهي الإنترنت والتي اجتمع حولها اللاعبين من كل حدب وصوب فقط لأجل جولة واحدة في Counter Strike، لن أنسى حفلات الـ LAN على لعبة Medal of Honor كما وبالتأكيد لن أنسى وأنتم أيضاً بالتبعية لم تنسوا ألعاب مثل Silkroad و Conquer وغيرها ممن كانت لهم نصيب كبير من وقتنا معها، عندما عُدت بالذاكرة، تذكرت فعلاً الخلطة التي كوّنت ثقافتي في الألعاب.

وطبعاً لا يجب أن ننسى الجيل الذي تربى على ألعاب نينتندو و SEGA بمنصاتهم، من يمكن أن ينسى Famicom أو NES أو الـ Gameboy بكل أنواعه ووصولاً للـ SEGA Genesis والـ Nintendo 64، ألعاب خرافية ومبيعات قوية حتى مع قلة إنتشار الألعاب التي كانت متواجدة قبلها.

لعل ما أتذكره بشكل واضح هو القرص الذي كان يحتوي على أكثر من لعبة ديمو وكنت في قمة سعادتي عندما أتحصل على واحد، كانت الحياة سهلة والأمور يسيرة.

جيم رايان - Jim Ryan PlayStation PS5 - سوني بلايستيشن

ومن ثم جاءت بلايستيشن، بعد كل ذلك، لتنصب نفسها هي المنقذة أو المسؤولة عن ترسيخ ثقافة الألعاب في وطننا العربي أو هذا هو ما تظنه، لأن الأسواق قديماً بالنسبة لتلك الشركات لم تكن سوى اليابان، أوروبا وأمريكا في نظرهم، أما البقية فهم كالعادة دون المستوى، مهمشون طوال عمرهم والآن يدعون أنهم منقذوها وهو ما ينقلني لنقطة أخرى هامة..

إلى متى سيتم النظر للشرق الأوسط بتلك الطريقة الدونية؟!

إلى متى سيستمر مسلسل إظهار منطقة الشرق الأوسط في 2021 على أنهم مجموعة من البدو (مع كامل إحترامي وإعزازي لهم) الغير متحضرين والمتأخرين وعلى أنهم رجعيين عموماً؟ لا يزال البعض يفكر بأن العرب لا زالوا يتنقلون على الجمال مثلاً وهو أمر غير صحيح مطلقاً والحقيقة أن تلك الزاوية سيسلط زميل لي عليها الضوء قريباً جداً في مقال عاجل آخر لذا سأكتفي فقط بإستنكار الحالة أو النظرة التي يتم النظر بها لمجتمع الشرق الأوسط عموماً.

كلمات جيم رايان لا تنم إلا على مصائب مهولة بين إدارات بلايستيشن المفككة!

بعودة لكلمات جيم رايان نفسه، لا زلت لا أفهم الظروف التي مكنته من التحدث بكل هذه الثقة عن الشرق الأوسط، من الواضح أن جيم غير مُلم نهائياً بما يدور من حوله كما أن ما تفوه به لا يدل إلا على واحد من إحتمالين: إما أن جيم يتحدث بدون أي دراسة أو دلائل على كلامه وبدون أي إحصائيات تدعم زعمه وهو ما يُعتبر في الحقيقة مصيبة أكبر في أن يتحدث رئيس شركة مرموقة مثل سوني عن منطقة ما بدون أية أدلة تدعم وجهة نظره أو دراسة مسبقة لحالة المنطقة في الماضي سواء من الناحية الإقتصادية أو الديموغرافية.

ولكن يعتبر هذا الإحتمال ضعيفاً لأن سوني من المفترض أنها لا تتوسع في أي منطقة قبل دراستها بشكل كثيف من ناحية المبيعات بل وتدرس طبيعة وتصرفات شعبها من الناحية الإستهلاكية ومدى الولاء للعلامة التجارية بين اللاعبين قبل الشروع في أي خطوة.

جيم رايان - Jim Ryan PlayStation PS5 - سوني بلايستيشن

الإحتمال الثاني والذي أرجحه أن نظام إدارات سوني بلايستيشن مُفكك بشكل غير عادي وهو ما نعلمه أصلاً منذ زمن إذ أن فرع بلايستيشن الأمريكي مثلاً مختلف عن الياباني وهكذا، كل منهم بإدارة مختلفة تماماً بتوجهاتها ورؤيتها وهو ما يعني بالتبعية تشتت إداري لذا وإن كان جيم رايان قد تحدث بهذه الشاكلة عن منطقة الشرق الأوسط فهذا يعني بأنه لم يحصل على القدر الكافي من المعلومات من جانب إدارة بلايستيشن الشرق الأوسط بشكل أو بآخر عند دراستها أول مرة والتي تكون مهمتها تمثيل المنطقة عموماً وعمل دراسات مستمرة وتقارير لإرسالها لفرع الشركة الرئيسي بكل المستجدات.

طبعاً يظل هذا إحتمال ولن نعرف أبداً مربط الفرس إلا إن تحصلنا على تقارير وإحصائيات رسمية من سوني بلايستيشن ودراسة الجدوى التي قامت بها للمنطقة وتاريخها في الجيمنج قبل الشروع في خطوة التوغل في السوق العربي.

عموماً، منطقة الشرق الأوسط لطالما كانت غنية في ثقافتها عن الألعاب ومنذ الثمانينات حتى، لا تقلق يا جيم، نحن كنا على دراية كاملة بالجيمنج قبل أن تولد شركتك حتى!