فعلتها تيك توك وأعلنت عن نيتها إضافة ألعاب على تطبيقها العالمي، في خطوة تعكس مدى أهمية صناعة الألعاب الإلكترونية في الوقت الحالي، هذه الخطوة لها الكثير من الأبعاد فمنصة تيك توك تهدف من وراء هذا الأمر مضاعفة أرباحها وزيادة عدد متابعيها، واليوم سنغوص في أعماق القضية لنتعرف على تفاصيلها.

تيك توك هو بلا شك أهم منصات التواصل الاجتماعي الموجودة في الوقت الحالي، في عام 2016 قامت الشركة الصينية  ByteDance بإطلاق منصة التيك توك، ولكنها لم تلقى رواج كبير، لكن في عام 2017 تم إعادة تصميم المنصة تجاريًا وإطلاقها عالميًا لـ تنتشر وتحقق نجاح عالمي غير متوقع.

منصة تيك توك تحظى الآن بأكثر من مليار مستخدم نشط شهريًا والمنصة نافست في وقت ما موقع جوجل على لقب الموقع الأكثر رواجًا في عالم الإنترنت!

حاليًا منصة تيك توك تعتبر واحدة من بين أهم منصات التواصل الاجتماعي العالمي مع أرباح تصل إلى مليارات الدولارات، وكما نعلم جميعًا فإن التيك توك يعتمد على المقاطع المصورة الصغيرة لتكوين قاعدته الجماهيرية، كما أنه يتميز بخوارزمية فريدة من نوعها تجذب المتابعين بفضل المقترحات المستمرة التي تُعرض عليهم.

الآن تيك توك يحاول اقتحام عالم الألعاب الإلكترونية، بالطبع إلى جانب جوهره الأساسي وهو مقاطع الفيديوهات، المنصة تُريد اقتحام عالم الألعاب من أكثر من زاوية وهو ما يعكس أهمية صناعة الألعاب في عصرنا الحالي.

كيف ينوي تيك توك اقتحام عالم الألعاب؟

تيك توك والألعاب

في البداية لاحظنا اهتمام تيك توك بتقديم بثوث مخصصة للألعاب كما يحدث على منصات فيس بوك و تويتش، حتى الآن لم يتم تقديم الأمر بشكل واسع ولكن نحن أمام خطوات تعكس اهتمام المنصة بهذه الفكرة.

مؤخرًا تقوم القناة الأساسية لتيك توك ببث شهري يدعى The Game Room وفي نوفمبر الماضي كان البث يضم الممثل Noah Schnapp أحد أبطال مسلسل Stranger Things إلى جانب عدد من صناع المحتوى المشهورين، وأثناء البث تم لعب لعبة Among US!

الآن تعود تيك توك لتُعلن عن نيتها دعم الألعاب في تطبيقها وأن الأمر بدأ حيز التجربة بالفعل في فيتنام، والمفاجأة فإن النسخة الصينية من التطبيق تدعم بالفعل الألعاب مُنذ فترة، ولكن التطبيق الصيني من المنصة له مسمى أخر وتحديثات مختلفة قليلًا.

حسب التصريحات فإن المنصة تنوي تجربة الأمر في فيتنام أولًا ثم بعد ذلك في باقي دول جنوب شرق آسيا ثم بعد ذلك الانطلاق في جميع بقاع العالم.

لماذا صناعة الألعاب بالتحديد؟

حتى الآن تحقق منصة تيك توك نجاح كبير جدًا فلماذا تتجه إلى صناعة الألعاب البعيدة قليلًا عن فكرة المنصة، في الحقيقة صناعة الألعاب قد تساعد على دعم خوارزمية التطبيق القوية أصلًا عبر تقديم عدد كبير من مقاطع الألعاب مثلما يحدث على يوتيوب وتويتش، فعلى هذه المنصات الألعاب تعتبر أحد أبرز العناصر الدافعة لهذه المنصات.

الأهم هو أن الألعاب قد تكون أحد الطُرق التي تُساعد المنصة على الاستمرار والحياة، لأن الألعاب قادرة على جذب عدد كبير من المتابعين وربطهم بالتطبيق أكثر وأكثر.

لا ننسى أيضًا أن الألعاب قد توفر قدر كبير من الأموال بفضل الإعلانات التي سيتم عرضها بالتزامن مع تجربة الألعاب على التطبيق أو حتى تقديم ألعاب تحتوي على مدفوعات مصغرة داخلها.

صناعة الألعاب عمومًا تحقق أموال كبيرة جدًا وأرباح بالمليارات، ولكن لننظر أولًا إلى طبيعة التيك توك، التيك توك يعتمد على المقاطع المصورة الصغيرة فهو يركز على جذب العديد من المستخدمين الذين لا يريدون تمضية وقت طويل في متابعة شيء واحد، يريدون التنقل بين مقطع لأخر ومشاهدة أكبر قدر من الأشياء في أقصر وقت.

لذلك فإن المنصة بكل تأكيد ستتجه إلى الألعاب الصغيرة وألعاب الهواتف، والحقيقة الأمر منطقي جدًا لأن ألعاب الهواتف بالتحديد تحقق نجاح لا يمكن استيعابه، يكفي القول بأن الشهر الماضي تمكنت ألعاب الهواتف من تحقيق عائدات بلغت ضعف عائدات ألعاب المنصات المنزلية مجتمعة!

الشراكة مع Zynga

تيك توك والألعاب

في الحقيقة توجد شراكة بين تيك توك وشركة Zynga حيث عمل الثنائي على لعبة تدعى  Disco Loco 3D وتم إطلاقها بالفعل على المنصة داخل الصين العام الماضي، لعبة  Disco Loco 3D تعتمد على برمجة HTML5 وهي لعبة متصفح مثل ألعاب الفيس بوك.

فكرة اللعبة متوافقة جدًا مع توجه المنصة فهي لعبة موسيقية خفيفة ولا تحتاج إلى تحميل أو أمور معقدة فهي مجرد لعبة متصفح، ولكنها كانت مجرد لعبة تجريبية فنحن لا نعلم خطة المنصة المستقبلية في التعامل مع هذه الألعاب من الناحية المادية، هل تنوي وضع إعلانات حولها أو وضع مشتريات مُصغرة داخلها؟

لن تكتفي بألعاب HTML5

بالعودة إلى الشركة الأم ByteDance نجد أنها استحوذت على فريق التطوير Moonton Games وهو فريق التطوير الذي أصدر لعبة Mobile Legends عام 2016 وهي لعبة MOBA مستوحاة من لعبة League of Legends الشهيرة.

هذا يعني أن الشركة الأم تمتلك يد تطويرية ماهرة في مجال صناعة ألعاب الهواتف وبالتالي فإن تيك توك لن يكتفي بالعاب HTML5 الصغيرة وسنرى العاب كبيرة تنضم إلى المنصة.

حسب آراء الخبراء هنا فإن التحدي الأكبر لمنصة تيك توك ليس توفير ألعاب على تطبيقها بل تقديم عنوان هام يجذب انتباه المتابعين، أما الاستمرارية فهي مضمونة قليلًا بالنسبة لمنصة بهذا الحجم.

هل نحن أمام سيناريو Netflix؟

netflix games

كما نعلم فإن منصة البث الشهيرة Netflix بدأت مؤخرًا التوجه نحو صناعة الألعاب، والآن يوجد بعض العناوين الموجودة بالفعل عليها، فهل نحن أمام نفس السيناريو؟

في الحقيقة الأمر مختلف قليلًا هنا، الألعاب الموجودة على Netflix هي ألعاب تأتي في صورة خدمة تكميلية للمشتركين، كما أن الألعاب موجودة على هيئة روابط فقط وعند الضغط عليها يقوم الهاتف بتحميلها قبل لعبها.

الأمر مختلف تمامًا مع توجه تيك توك الذي ينوي إضافة ألعاب حية على التطبيق نفسه، وربما لاحقًا سيتم وضع ألعاب أخرى قابلة للتحميل، لا ننسى أيضًا أن تطبيق  تيك توك هو تطبيق مجاني عكس منصة Netflix التي تحتاج إلى اشتراك شهري، وبالتالي فإن تيك توك سيكون لديه جمهور أكبر سهل الوصول إليه والنظام يسهل تقبله بكثير على التيك توك بالمقارنة مع منصات بث أخرى مثل يوتيوب وNetflix.

متى سيتم إطلاق الألعاب على تيك توك؟

كما ذكرنا النسخة الصينية من المنصة تحتوي بالفعل على الألعاب مُنذ عام تقريبًا، ولكن النسخة الصينية لها إسم مختلف وتحديثات مختلفة تمامًا، أما النسخة العالمية التي نستخدمها فيتم الآن تجربة الألعاب عليها داخل حدود دولة فيتنام، وحسب المخططات فإن تيك توك تنوي إطلاق الألعاب على تطبيقها في منطقة جنوب شرق آسيا بحلول فصل الخريف القادم، أي أنه من المتوقع أن يشهد عام 2023 إطلاق الألعاب على المنصة في جميع أنحاء العالم!

الخلاصة

منصة تيك توك ليست منصة هاوية لا تعرف خطواتها، بل هي منصة احترافية تفكر في انتهاز أفضل الفرص، ومن الواضح أن الألعاب أصبحت أفضل المجالات الترفيهية التي يمكن الاستثمار فيها.

تيك توك تمكن من تثبيت أقدامه على مدار التحديثات المتعاقبة ومن الواضح أن تحديث جلب الألعاب إلى التطبيق سيساعد التطبيق على مخاطبة شرائح أكبر وربطهم بالتطبيق، وبالتالي تعظيم الأرباح وبالطبع الأرباح هي المحرك الرئيسي الذي يدفع الصناعة.

الأهم من كل هذا هو أن خطوات تيك توك تعكس مدى أهمية صناعة الألعاب عالميًا، هذه الصناعة التي أصبحت تتربع الآن على عرش الصناعات الترفيهية متجاوزة السينما والمسرح والموسيقى.