سبل الراحة التي تقدمها السيارات الذكية هو أكثر ما يميزها. سبيل الراحة الأفضل، في الخارج، هو القيادة الذاتية. تجلس أنت وتترك معالجك الرسومي يقود سيارتك عوضاً عنك. ثانية؟ هل قلت لتوك معالج رسومي هو من يقود سيارتي؟ 

بالضبط، هذا ما قلته. من يقود سيارتك الذكية عندما تقرر أن تترك عجلة القيادة هو معالجٌ رسومي ينظر مكانك أنت، ولهذا السبب نقول أن المعالج الرسومي ليس بالضرورة أن يكون هو من يعرض المحتوى لك، بل قد يكون عينك أنت في يومٍ من الأيام.

قبل أي شيء، وقبل أن ندخل في تفاصيل تشغيل المعالج الرسومي لسيارتك الذكية، دعنا أولاً نتحدث عن القيادة الأوتوماتيكية ودور المعالج الرسومي فيها.

القيادة الذاتية تعمل بهذه الطريقة

مستويات القيادة الذاتية وطريقة عملها

قبل أي شيء، يجب أن نعرف أن القيادة الذاتية في السيارات تعمل على مستوياتٍ مختلفة، والفارق بين كل مستوى والآخر هو مدى ميكنة القيادة.

هذه المستويات تتلخص في:

  • المستوى 0: لا يوجد أي تحكم في السيارة إلا من خلال السائق.
  • المستوى 1: هناك نظامٌ واحد مساعد مثل تثبيت السرعة.
  • المستوى 2: السيارة تستطيع أن ترفع من سرعتها بنفسها أو تأخذ منعطفات في الطريق ويمكن للسائق السيطرة عليها في أي وقت.
  • المستوى 3: تستطيع السيارة أن تقود نفسها بنفسها على حسب البيئة المحيطة.
  • المستوى 4: تستطيع السيارة أن تقود نفسها في كل الظروف بالاستعانة بالمستشعرات والتدخل البشري خيارٌ متاح في أي وقت.
  • المستوى 5: تقوم السيارة بكل شيء وقد لا تكون هناك أي حاجة للتدخل البشري.

المستوى الرابع هو ما وصلت له السيارات الذكية ونحن نكتب هذه المقالة. المستوى الثالث هو الوحيد الذي يمكن استخدامه في بعض الدول، وهذا لأن القيادة الأوتوماتيكية مقبولة في حالات الطرق السريعة وما شابهها من طرق طويلة غير مزدحمة، وفي نفس الوقت تطلب من مستخدمها أن يمسك عجلة القيادة في أي وقت. 
لكن إن كان المستوى الرابع هو ما وصلت له الصناعة، فكيف يعمل المستوى الرابع من الأساس؟
 



أقرأ أكثر: كيف تعمل سيارات جوجل ذاتية القيادة؟

 

طريقة عمل القيادة الذاتية!

سيارات تعمل باستخدام القيادة الذاتية

فكر في السيارة وكأنها صندوق متحرك مليء بالمستشعرات من كل النواحي. السيارة تحيط بها الكثير من المستشعرات التي تقوم بأخذ البيانات التي تخرج منها، ومن ثم تدخلها في خوارزميات وأنظمة تعمل بنظام تعلم الآلة من خلال المعالجات الرسومية والمركزية الموضوعة بداخلها.

من ثم تأخذ هذه البيانات وتحولها إلى خريطة. ليست الخريطة التي تراها في GTA V في أسفل اليسار، لا. بل خريطة ثلاثية الأبعاد مركزها هو السيارة. يبدأ تركيب هذه الخريطة بالعنصر الأهم، ولا ليس الطريق، بل كل ما هو متحرك وثابت من سيارات، بشر، لوحات مرور وكل شيء غير الطريق.

هذه الأشياء تظهر بشكل ثلاثي الأبعاد بالنسبة للخريطة وكأنها ما يمكن أن تلتحم به السيارة. كيف تعرف الخريطة هذه الأشياء، هذا سؤالٌ آخر!

هناك مستشعرات حول السيارة تقوم بضرب الأشعة، وهي مستشعرات الـ Lidar التي تقيس المسافة من شيءٍ للآخر من خلال حساب المسافة الخاصة برد هذه الأشعة للمستشعر مرةً أخرى. مستشعرات Lidar تستطيع أن تقوم بالتعرف على أي شيء حولك طالما له سطح، ولهذا تعتبر ثاني أهم عنصر.

هذا لأن العنصر الأول هو الكاميرات الموضوعة حول السيارة والتي تنقل صورة حية أثناء تحركها في الطريق، والتي تتعرف الآن أيضاً على المارة وعلى ما حول السيارة. هذا لا يعني أن مستشعر الـ Lidar ليس له قيمة، لكنه يعزز من صحة البيانات التي تصل للسيارة بشكلٍ عام.

كل هذه البيانات التي تأخذها السيارة تصل إلى نظامٍ محدد من قبل لنظام السيارة نفسه. هذه البيانات تدخل في أنظمة تعلم الآلة وفي الخوارزميات التي تساعد على أخذ القرار، لكن من الذي يأخذ هذه البيانات ويتعامل معها المعاملة الصحيحة.

الإجابة ببساطة: المعالج الرسومي.


أقرأ أكثر: رحلة السيارات ذاتية القيادة: من محض جنون إلى أرض الواقع!

 

دور المعالج الرسومي في القيادة الذاتية

المعالج الرسومي gpu-z-bios

المعالج الرسومي في هذه الحالة يعمل على وضعية تسمى الرؤية بالحاسب، أو بالاسم المتعارف عليه: Computer Vision.

إن كنت لا تعرف، فهذا مجال دراسي في مجال الذكاء الإصطناعي. هذا المجال يعمل على معالجة كل ما هو صورة أو فيديو للخروج بقرار، وفي حالة القيادة الذاتية، فهو يركز على معالجة المعلومات التي يتم تحديثها كل ملي ثانية من الكاميرات والمستشعرات وأخذ القرار في وقتها.

هذا يعني دقة + سرعة، والمعالجات الرسومية هي أفضل من يقدم هذا. تحدثنا مسبقاً عن قوة المعالجات الرسومية من ناحية حساب ملايين المعادلات في وقتٍ قصيرٍ للغاية إن كانت معادلات تختص بالرسوم، وكل ما تتعامل معه السيارات الذكية ما هو إلا رسوم بالنسبة لها.

مع طفرات الذكاء الإصطناعي التي نراها حالياً، فالمعالجات التي تستطيع أن تقدم الحلول صارت موجودة. حتى الشركات التي تصنع المعالجات الرسومية تركز في هذه الجزئية بشكلٍ كبير، وهذا واضح مع شركة مثل NVIDIA لها منصتها الخاصة للسيارات الذكية.

إذا أردنا أن نرى كيف تطور الأمر، فلنأخذ نظرة على أحدث الأنظمة المتاحة للشركات لتبنيها في سياراتها.

أفضل مثال على أنظمة القيادة الذاتية NVIDIA DRIVE

أفضل مثال على أنظمة القيادة الذاتية NVIDIA DRIVE

بما أننا نتحدث عن المعالجات الرسومية ودورها في السيارات ذاتية القيادة، فمنصة NVIDIA DRIVE جديرة بالذكر. المنصة التي تقدم حلولاً جاهزة لصناع السيارات الذكية، والتي تتبناها الكثير من الشركات مثل مرسيدس، تعتبر خير مثال على دور المعالجات الرسومية.

منصة NVIDIA DRIVE هي منصة بعتادها الخاص وبرمجياتها الخاصة الجاهزة للدمج في أي سيارة ذكية. سنترك كل شيءٍ هنا ونركز على عناصر المعالجة.

نظام NVIDIA DRIVE للقيادة الذاتية

المنصة تعمل على شريحة NVIDIA Orin التي تقدم معمارية Ampere من الجيل الماضي، وهي نفس الأنوية التي نراها في بطاقات RTX-30. هذه الشريحة قادرة على التعامل مع كل مستشعرات وتوصيلات السيارات الذكية الجديدة، والميزة فيها أنها تأتي على شكل بطاقة رسومية يتم وضعها داخل السيارة وشكراً.

المنصة المبنية على هذه الشريحة تتميز بأنها تستطيع أن تدمج بين كل مزايا الذكاء الإصطناعي والمعالجة الرسومية. حتى لا ندخل في تفاصيلٍ كثيرة، تتصل هذه المنصة بالمستشعرات التي تغذيها بالصورة المحيطة للسيارة وتقوم بمعالجتها لكي تتأكد من صحتها باستخدام مستشعراتٍ أخرى.

من هنا تدخل هذه البيانات في خوارزمية تأخذ القرار داخل السيارة، وكل هذا في مساحة الملي ثانية حتى يؤخذ القرار الصحيح في أسرع شكلٍ ممكن لتفادي حدوث أي مشكلة. كل هذا باستخدام نظام الرؤية بالحاسب الخاص بالشركة مع أنوية Tensor التي تقوم بتعزيز السرعة والأداء للمعالج ككل.

يظل المعالج الرسومي بنية أساسية للكثير من التطبيقات


في البداية صممت المعالجات الرسومية للرسوم ثلاثية الأبعاد، والتي تضمنت الألعاب ومزارع رندرة الأفلام، لكن الآن يجب أن نعلم أن دور هذه الشرائح صار أكبر بكثير مما سبق. صار لها دورٌ مهم في حياة البعض كما صار لها دورٌ حتى في الحروب. نرجو في ختام هذا المقال أن نكون قد أجبنا عن سؤالك عزيزي القارئ عن دورالمعالجات الرسومية في القيادة الذاتية. وننتظر آرئكم و توقعاتكم في التعليقات!