ميكروسوفت وكوالكوم.. هل تهزمان آبل في معركة الرقائق والأجهزة المحمولة؟
قبل 4 أعوام تقريبًا؛ أعلنت أبل انتقالها من معالجات إنتل x64 إلى رقائقها الخاصة المعروفة باسم Apple M. خطوة مثلت نقلة كبيرة في أداء أجهزة الشركة الأمريكية دفعتها في بعض الأحيان للتفوق على جميع المنافسين.
أبل لم تأت بهذه الرقائق من العدم، بل طورت رقائقها المبنية على معمارية ARM والمُستخدمة في هواتف الآيفون وبعض أجهزة الآيباد اللوحية حتى وصلت لِما وصلت إليه اليوم. أغلب الأجهزة الذكية الأخرى تعتمد على رقائق مبنية على معمارية ARM مثل رقائق كوالكوم، سامسونج و MediaTek المستخدمة في أغلب الهواتف الذكية والأجهزة الذكية بشكل عام.
لا أُريد بالتأكيد التقليل من مجهود الشركة المهول فأجهزتها التي تعتمد على رقائق Apple M مثلت طفرة لا مثيل لها حتى الآن وستقود الصناعة تجاه هذه الخطوة لا محالة ولكن أبل ليست أول من اتخذ قرار مشابه، مايكروسوفت كانت تعمل قبل سنوات على انتقال الويندوز إلى ARM ونجحت بالفعل في عام 2017 بإطلاق Windows 10 for ARM الذي طُرح في عدد من الأجهزة قبل إطلاق النسخة الجديدة مع Windows 11 (كان هناك مشروع في عام 2012 عبر Windows RT ولكنه كان أقرب لـ Windows phone من كونه نسخة كاملة من الويندوز).
وبرغم أن مايكروسوفت كانت سباقة في الانتقال إلى ARM ولكنها واجهت مشاكل عدّة مقارنة بآبل التي انتقلت بصورة شبه كاملة في غضون 3 أعوام تقريبًا. هذه المشاكل ترى مايكروسوفت أنها قادرة على تخطيها هذه المرة مع أجهزتها الجديدة المنتظر إطلاقها الشهر المقبل بالتعاون مع كوالكوم بل أن مايكروسوفت تراهن بكل ما تملك على نجاحها وتفوقها على أجهزة أبل.
فما الذي يميز الأجهزة المرتقبة؟ وما هي المشاكل السابقة؟ وهل تنجح مايكروسوفت في التفوق على أبل بالتعاون مع كوالكوم؟ ولماذا كل هذا التنافس للانتقال إلى الرقائق المبنية على معمارية ARM؟
أسئلة كثيرة نجيب عليها اليوم في سباق جديد قد يكون الشاغل الأول في سوق الأجهزة الذكية والأجهزة المحمولة خلال الأعوام القادمة.
ما الفرق بين معمارية x86 معمارية ARM؟
بدون الدخول في تفاصيل تقنية دعني ألخص لك الفرق في عدة نقاط بسيطة. أولًا تستهلك الرقائق المبنية على معمارية ARM طاقة أقل بكثير من المعالجات المبنية على معمارية x86 أو نسختها الأحدث x64. هذا الفرق الكبير في استهلاك الطاقة يُوفِّر عمرًا أطول لبطارية الأجهزة المحمولة، احتياجًا أقل لشحن البطارية، وانبعاث حراري أقل. يُقلِّل كل هذا بدوره الحاجة إلى مُشتتات الحرارة والمراوح ومن ثم يجعل الأجهزة أخف وأرفع.
ثانيًا تتفوق الرقائق المبنية على معمارية ARM في كونها أكثر من مجرد وحدة معالجة مركزية. الرقاقة الواحدة تحتوي على وحدة مُعالجة مركزية، وحدة معالجة رسومية، وحدة NPU لمُعالجة عمليات الذكاء الاصطناعي، وحدة للشبكات والاتصال عبر Wi-Fi والشبكات الخلوية ووحدة مخصصة للأمان. كل هذا في جسم بحجم عقلة الإصبع. على النقيض؛ فإن المعالجات التقليدية تأتي بضعفي إلى ثلاثة أضعاف هذا الحجم ولا تحتوي إلا على وحدة المعالجة المركزية ووحدة رسومية محدودة الأداء مع وحدة مخصصة للأمان.
ثالثًا؛ يكمن التفوق الوحيد للمعالجات المبنية على معمارية x86 في أنها ما زالت توفر أداء أقوى في المطلق، أي أن أفضل معالج من معمارية x86 مازال أقوى بفارق ملحوظ عن أقوى رقاقة مبنية على معمارية ARM.
الرقائق المبنية على معمارية ARM أكثر كفاءة من كافة النواحي إذا ما قارنها من مثيلاتها المبنية على معمارية x86 وستكون مستقبل الأجهزة المحمولة لا محالة، لذا هي محل تنافس كبير خلال الفترة المقبلة.
أقرأ أيضا: إتفاقية CHIPS ... ناقوس خطر جديد لصناعة أشباه الموصلات ... ما القصة؟
ما العقبة أمام انتقال مايكروسوفت إلى رقائق ARM؟
منذ ظهور أجهزة الكمبيوتر بالشكل الذي نعرفه وحتى هذه اللحظة وأغلب المعالجات المستخدمة بصورة تجارية مبنية على معمارية x86 ونسختها الأحدث x64. هذا بالتأكيد دفع مطوري البرامج إلى تهيئة برامجهم ومنتجاتهم للعمل بأقصى كفاءة ممكنة على هذا العتاد.
الانتقال إلى نوع جديد من المعالجات يعني أن المطورين سيضطرون إلى بناء برامجهم من البداية لتكون مناسبة لهذه المعالجات أو الاعتماد على "مترجم" مسؤول عن تشغيل برامجهم المبنية لمعالجات تعمل على معمارية مختلفة.
في حالة مايكروسوفت الوضع أكثر تعقيدًا من أبل. هناك مئات الآلاف من البرامج المصممة للويندوز، إعادة بناء كل هذه البرامج أمر مستحيل لأن أغلبها توقف الدعم عنه. أما الاعتماد على مترجم فسيُقلِّل من الأداء. هناك أمر أخر غاية في الأهمية وهو أن مايكروسوفت لا تتحكم في الأجهزة التي تعمل بالويندوز فحتى إذا قررت الشركة فرض الانتقال إلى رقائق مبنية على ARM فسيظل هناك ملايين بل مليارات الأجهزة التي تعمل بمعالجات x86 والتي لن يتخلى عنهم المطورون لأنها تمثل القاعدة الأكبر من المستخدمين.
على الجهة الأخرى الأمر كان أسهل بكثير بالنسبة لأبل. الشركة هي المتحكم الأول والأخير في كافة الأجهزة التي تعمل بـ macOS. هذا التحكم سمح لها بفرض الانتقال إلى Apple M مع إعطاء مهلة للمطورين للحاق بالتغيرات الجديدة. من يتخلف عن عملية الانتقال سيموت تطبيقه أو برنامجه لا محالة.
امتلاك أبل لنظام تشغيل خاص بالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية واعتماد تلك الأجهزة على نفس المعمارية بل نفس الرقائق في بعض الأحيان ساعد الشركة في تسهيل الأمر على بعض المطورين بل وعلى الكثير من المستخدمين في إيجاد بدائل فورية بسبب إمكانية تشغيل تطبيقات تلك الأنظمة على macOS مباشرة بدون مترجم أو برمجيات وسيطة.
أقرأ أيضا: سامسونج تُعلن حالة الطوارئ: ستة أيام عمل للمديرين التفيذيين
ما الذي يميز الأجهزة المرتقبة يجعل مايكروسوفت تتفوق على أبل؟
كما ذكرنا تخطط مايكروسوفت لإطلاق أجهزة جديدة الشهر المقبل وبالتحديد في يوم 20 مايو قبل ساعات من مؤتمر Microsoft Build. هذه الأجهزة ستكون تحديث لبعض أجهزة Microsoft Surface من أجهزة اللابتوب والأجهزة اللوحية ولكن على عكس الكثير من أجهزة هذه السلسلة ستكون الأجهزة الجديدة برقائق مبنية على معمارية ARM وبالتحديد رقاقة Snapdragon X Elite الجديدة.
مايكروسوفت وبحسب المستندات الداخلية التي حصلت عليها The Verge واثقة من تفوق أجهزتها التي تعمل برقاقة Snapdragon X Elite على أجهزة أبل التي تعمل برقاقة M3، بل أن المستندات المسربة كشفت أن مايكروسوفت تخطط لمقارنة حية بين أجهزتها الجديدة وأجهزة MacBook من أبل لإثبات تفوقها.
السبب في هذه الثقة يرجع لسببين، الأول هو قوة المترجم الذي تعتمد عليه مايكروسوفت والذي يعد أقوى من مترجم أبل Rosetta 2 والثاني هو التطور الكبير لرقاقة Snapdragon X Elite مقارنة بالأجيال السابقة من رقائق كوالكوم. كوالكوم تقول أن أي لعبة متاحة على الويندوز قد تعمل على الأجهزة التي تعمل برقاقاتها وبـ Windows for ARM دون أي مشاكل.
اختبارات الأداء التي أجريت عند إطلاق هذه الرقاقة أظهرت تفوقها أكثر من مرة على رقاقة Apple M2 (لم تكن رقاقات M3 قد تم إطلاقها بعد). لم نتمكن في عرب هاردوير من إجراء الاختبارات بأنفسنا ولكن يمكنك مثلًا إلقاء نظرة على اختبار Notebookcheck الذي أظهر تفوق Snapdragon X Elite حتى على معالجات من إنتل و AMD.
هل تنجح مايكروسوفت في التفوق على أبل بالتعاون مع كوالكوم؟
قد تنجح مايكروسوفت في التغلب على أبل إذا ما صدقت التسريبات ولكن في رأيي نجاح مايكروسوفت الحقيقي هو في إقناع المستخدمين للانتقال إلى الأجهزة التي تعتمد على رقائق ARM بدلًا من معالجات x86. هذا الإقناع سيقف وراءه مجهود كبير في تهيئة المترجم المستخدم حتى يحصل أغلب المستخدمون على أداء وتجربة مشابهة لأجهزتهم الحالية مع الاستمتاع بوزن أخف واستهلاك طاقة أقل في الأجهزة المحمولة الجديدة.
فما هو رأيك أنت، هل تنجح مايكروسوفت أم تظل أبل وحيدة في هذا السباق؟
?xml>