
هل تكتب ليبرا نهاية سوق العملات الرقمية؟!
شهدت العملات الرقمية في الأيام القليلة الماضية هبوطًا مفاجئًا في نسب التداول العالمية، وذلك بعد تحقيقها للكثير من المكاسب الخرافية في فترة قصيرة جدًا، ولكن مكاسبها تلك تحولت في يوم وليلة فقط إلى خسائر كبيرة ومفزعة، وتتعرض العملات الرقمية لهذه الهزة القوية الآن في شكل عمليات بيع عشوائية كبيرة بقيادة عملة البيتكوين الأكثر تداولًا وقوة وشهرة واسعة، فما هو سبب هذا الهبوط العنيف؟
أعلن موقع Coin Market Cap الرائد في مجال العملات الرقمية يوم الخميس الماضي عن هبوط قيمة العملات الرقمية في خلال 24 ساعة فقط بشكل مفاجئ، وجاء هذا الهبوط في القيمة السوقية للعملات بنسبة 12.8%، مما جعلها تفقد حوالي 46 مليار دولار من إجمالي عملات التداول التي بدأت في يوم الأربعاء من 360 مليار دولار، لتهبط في صباح يوم الخميس إلى 314 مليار دولار.
تُعتبر شهادة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، السيد جيروم باول، يوم الأربعاء الماضي أمام الكونجرس الأمريكي، هي المحرك الرئيسي لعمليات هبوط العملات الرقمية، وذلك بعد تحذيره الشديد من عملة الفيس بوك الجديدة ليبرا، فقد أشار السيد جيروم في شهادته إلى 4 مخاوف شديدة تجاه هذه العملة الجديدة.
تتمحور النقاط الأربعة التي تحدث عنها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بأزمة العملات الرقمية حول مشكلات الأمان والاستقرار المالي، وأزمة الخصوصية وحماية المستهلك وغسيل الأموال، وأكد على أهمية التعامل مع هذه المخاطر بجدية وشفافية أمام الجميع.
اقرأ أيضًا: ما هي العملات الرقمية وكيف يتم تعدينها؟
عملة ليبرا من فيس بوك تثير المخاوف الدولية
تواجه العملات الرقمية قلقًا كبيرًا من البنوك الوطنية والبنوك المركزية التي تخشى من مستقبلها المبهم، فقد تسيطر هذه العملات على التعاملات المالية بشكل يهدد مصالح أكبر المؤسسات المالية العالمية، وتزايدت هذه المخاوف بشكل خاص بعد إعلان فيس بوك مؤخرًا دخوله في هذا السباق بعملته الجديدة ليبرا، والتي من المقرر طرحها بشكل رسمي في الربع الأول من عام 2020.
وفي محاولة منه للإجابة عن التساؤلات حول الإجراءات التي تنوي الولايات المتحدة اتخاذها بصدد الرقابة التنفيذية على سوق العملات الرقمية الجديد، فقد أكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن النهج الذي ستتعامل من خلاله الولايات المتحدة لا بد أن يكون شديد الدقة، ولا يمكن لفيس بوك أن يطلق عملته الجديدة دون الإجابة عن كل الأسئلة أولًا لطمأنة المجتمع المالي والتشريعي.
وكان البنك المركزي كان قد التقى بالفعل مع عدد من مندوبي فيس بوك في الأشهر القليلة الماضية بشأن العملة الرقمية الجديدة، فأنشأ معهم مجموعة مختصة بالإجابة على جميع الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها بعد، ويتم ذلك أيضًا وفقًا لاتصالات البنك الاحتياطي الفيدرالي التنسيقية مع عدد من المؤسسات المالية والبنوك الدولية والمركزية في جميع أنحاء العالم.
ويؤكد السيد جيروم باول على دعمه للأفكار الجديدة والمبتكرة لتطوير السوق المالية، طالما أن مخاطرها محسوبة ويمكن إدارتها والتعامل معها بشكل مدروس.
بتكوين تتصدر الخسائر
تكبدت بتكوين الخسارة الأكبر في هذا الهبوط، وتقدر الإحصائيات خسارتها بنسبة 10.71% من إجمالي قيمتها السوقية، لتهبط إلى 11550 دولار أمريكي، فاقدة بذلك حوالي 2000 دولار أمريكي، لتسجل قيمتها السوقية الإجمالية 205.7 مليار دولار أمريكي في جلسة الخميس الماضي.
أما عملة إيثريوم فقد جاءت في المركز الثاني، مسجلة خسارة بنسبة 11.8%، بما يوازي مبلغ 272 دولار أمريكي، وبالتالي هبطت قيمتها السوقية الإجمالية إلى 29.1 مليار دولار.
وفي المركز الثالث جاءت عملة ريبل، التي سجلت خسارة بنسبة 15.2%، بما يوازي 0.3345 دولار أمريكي، لتثل قيمتها الإجمالية في الأسواق إلى 14.2 مليار دولار.
وخلال الساعات الماضية، سجلت أيضًا عملة لتكوين خسارة بنسبة 14.5%، والتي تقدر بـ 101 دولار أمريكي، لتتراجع فيمتها الإجمالية في الأسواق إلى 14.2 مليار دولار.
في المركز الأخير جاءت عملة بتكوين كاش مع تراجع بنسبة 18.2%، يصل إلى 340 دولار أمريكي، لتتراجع قيمتها الإجمالية في الأسواق وتصل إلى 6 مليارات دولار.
انتقادات متكررة ومستقبل مجهول
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول عملة الفيس بوك الجديدة، فقد أكّد بعد الإعلان عنها بأيام قليلة أن البنك المركزي الأمريكي يبحث في شأن هذه العملة بشكل دقيق، ويعتزم إلزام فيس بوك بعدد من المعايير الصارمة لحماية المستهلكين والتصدي لعمليات غسيل الأموال التي قد تجد ملاذها الآمن في سوق العملات الرقمية.
ذكر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي هذه التصريحات في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، حيث لم يقف أمام صعود العملة بشكل نهائي، ولكنه صرح بأن الولايات المتحدة تعتزم النظر إليها بحرص شديد، مع خلق سلطة مختصة بالإشراف على هذه العملة في عدد من الأماكن.
ومن جهتها طالبت بعض البنوك المركزية والمؤسسات الدولية الأوروبية بمعرفة المزيد من التفاصيل والمعلومات حول إطلاق عملة ليبرا من فيس بوك، وكيف تضمن مصالحها المالية، خصوصًا أن هذه المؤسسات هي من تتصدر قائمة الضحايا لصعود العملات الرقمية.
?xml>