ألعاب الرعب هي المُفضلة بالنسبة ليّ، ودائمًا ما أقضي وقت فراغي في البحث عن العناوين المختلفة والمبهمة من الاستوديوهات الصغيرة والكبيرة، وبعد تجربة عشرات ألعاب الرعب في السنوات الماضية، بدأت أشعر بأن الكثير من الألعاب تفتقر للإبداع والإبتكار، مع وجود الكثير من التجارب المتشابهة. عام 2023 بدأ بألعاب رعب قوية مع Dead Space و RE4 و Outlast Trials، وها هي Amnesia: The Bunker تُكمل الرحلة بتقديم تجربة رعب مُبعدة لتصبح من أكثر ألعاب استوديو Frictional Games إبتكارًا وقوة، مع وجود الكثير من الميكانيكيات والأفكار الجديدة على السلسلة. إنها تجربة صعبة، مخيفة، مميتة، ولا تصلح للقلوب الضعيفة. إليكم مراجعتنا الكاملة للجزء الجديد من سلسلة الرعب المحبوبة Amnesia.

محبوس وحيدًا في قبو أثناء الحرب العالمية الأولى

تقع أحداث لعبة Amnesia: The Bunker خلال عام 1916 وسط الحرب العالمية الأولى. أنت تلعب بشخصية هنرى، جندي فرنسي يُصاب أثناء معركة ضد الجيش الألماني في منطقة No Man's Land ويأخذه صديقه في الجيش إلى الـ Bunker (منطقة مُحصنة تحت الأرض). تمر أيام ليصحو البطل من الغيبوبة التي كان فيها وهو يُعاني من فقدان في الذاكرة، والصادم أنه يجد أن كل زملائه في الجيش قد تم قتلهم، ولكن ليس على يد الجيش الألماني، بل على يد مخلوق غريب يسكن الحوائط ويتنقل في الظلام ليقضي عليهم واحدًا تلو الآخر.

الآن يجب عليك استكشاف هذه المنطقة المُحصنة ومحاولة الحصول على مختلف الموارد التي تُساعدك في الخروج للسطح مرةً أخرى، وكل هذا يحدث أثناء مطاردة الوحش لك في محاولة منه لاستغلال الوقت المناسب حتى ينقض عليك في الظلام ويسحبك معه داخل حفرة ليتغذى على جسدك مثلما فعل مع زملائك السابقين. هذه وبدون شك هي أكثر تجربة مُخيفة في سلسلة Amnesia، واستوديو Frictional Games عمل على بناء وتقديم عالم وأحداث قصة شيقة ومختلفة عما قدمه سابقًا في الأجزاء القديمة من السلسلة.

القصة ليست طويلة، فيمكنك الانتهاء من اللعبة في غضون 5 ساعات لعب تقريبًا، ومن المحتمل أن يجد البعض هذه المدة قصيرة نسبيًا مقابل المبلغ المطلوب (25 دولار)، ولكن نُذكركم أنها متوفرة على خدمة Xbox Game Pass أيضًا للحاسب الشخصي وأجهزة Xbox. يمكنك فهم القصة ومحاولة التعرف على أحداث القبو أثناء فقدان البطل وعيه من خلال البحث واستكشاف المناطق من حولك للعثور على ملاحظات ومذكرات تركها الجنود الآخرين قبل أن يلقوا حتفهم على أيدي هذا الوحش المخيف!

يجب على الحفاظ على الأنوار مُضاءة دائمًا وأبدًا!

هدفك الرئيسي في لعبة Amnesia: The Bunker هو الخروج من القبو على قيد الحياة، ولفعل ذلك سيتوجب عليك استكشاف كل منطقة في القبو مثل السجن وخزنة الأسلحة والأنفاق وغيرهم من الأماكن المخيفة لحل مختلف الألغاز والحصول على كل العتاد والعناصر التي تحتاجها حتى تُفجر النفق وتتمكن من الخروج منه. أثناء فعل ذلك، تتم مطاردتك من قبل هذا المخلوق المريب الذي يخاف من الأنوار!

وبذلك تضم اللعبة ميكانيكية لعب جديدة ومختلفة، وهي أنه يجب عليك الحفاظ على الإضاءة في القبو دائمًا حتى تتمكن من تفادي الوحش لأطول فترة ممكنة. لفعل ذلك، يتوجب عليك البحث عن الوقود لملء المولد الخاص بالقبو والذي يحافظ على الأنوار مضاءة لفترة مُعينة، مما يعني أنه يجب عليك تنسيق أسلوب اللعب بين حل الألغاز ومحاولة إنهاء اللعبة في نفس الوقت الذي تبحث فيه عن الوقود لإبقاء المولد يعمل ويُنير طريقك.

إذا توغلت كثيرًا في منطقة بعيدة عن المولد، فعاجلاً أم آجلاً سينتهي الوقود مما سيؤدي إلى إنطفاء الأنوار، وهنا سيبدأ الكابوس الفعلي حيث ستجد الوحش يخرج من جحره كثيرًا لأن المكان بأكمله أصبح في ظلامٍ دامس، ويمكنه الآن التجول بكل أريحية نظرًا لعدم وجود إضاءة. بالطبع يمكنك تفادي الوحش أو إخافته بإطلاق النيران عليه أو رمي القنابل، ولكن كل الموارد هنا نادرة للغاية ويجب الحفاظ عليها من أجل اللحظات المناسبة بدلاً من إهدارها بدون داعٍ في مختلف المواقف.

أعجبني في اللعبة أن حل الألغاز له أكثر من طريقة معظم الوقت. بالطبع توجد ألغاز يجب حلها بطريقة مُعينة للتقدم في القصة، ولكن معظم العناصر في البيئة قابلة للتفاعل بأكثر من شكل مما يجعل تجربتك تعتمد على عقلك وتفكيرك، فإذا كنت تعتقد أنه يمكنك فعل شيء مُعين لحل اللغز، فبنسبة كبيرة هذا الشيء الذي في عقلك سيعمل بالشكل المطلوب فعلاً، والأمر كله متوقف على مخيلتك والتجارب التي تقوم بها في بيئة اللعبة. ضفّ على ذلك أن اللعبة ليس بها مؤشر يوضح لك الطريق الذي من المفترض أن تسير فيه، بل توجد خريطة موجودة في الغرف الرئيسية التي ستعود لها مرارًا وتكرارًا طوال أحداث اللعبة، ويجب عليك معرفة وحفظ الطريق من خلالها.

الوحش الذي أمامك هنا يمكن اعتباره مثل Mr.X من Resident Evil 2، فهو دائمًا يطاردك في كل مكان ويريد القضاء عليك بأي وسيلة، ولذلك فإن الحفاظ على الإضاءة هو هدفك الرئيسي في ذلك القبو الملعون، وفي نفس الوقت تُقدم لك اللعبة أيضًا بعض العناصر التي يمكنك الإستفادة منها لتفادي الوحش والهروب منه لمكان آخر سريعًا قبل أن يلاحقك. تصميم الوحش كميكانيكية أسلوب لعب كان رائعًا معظم الوقت، ولكن وجدته غريبًا في بعض الأحيان مع ذكاء اصطناعي غير منطقي وتنقلات في البيئة غير عقلانية، ولذلك شعرت أنه يختفي ويظهر في مكانٍ آخر فجأة ويقتلني رغم أنه كان من المفترض أن يكون بعيدًا عني للغاية!

مشكلة أخرى واجهتني مع ميكانيكيات اللعبة هي أن بعض الأمور أو العناصر كانت لا تعمل بالشكل المطلوب في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال، أردت أن أستخدم قطعة لحم من أجل إلهاء بعض الفئران عن جثة أريد تفتيشها، وعندما ألقيت بقطعة اللحم تلك بعيدًا، تحرك جزء بسيط من الفئران، وظلّ الآخرين ينهشون في لحم الجثة المُراد الوصول إليها مما جعل من المستحيل محاولة أخذ ما أريده منها فاضطررت إلى إهدار قنبلة من أجل قتل الفئران لأنها كانت المورد الوحيد الآخر الذي أمتلكه وقتها. لحسن الحظ لم تتكرر مثل تلك الأمور كثيرًا، ولكنها أزعجتني في بعض الأحيان.


تجربة Amnesia: The Bunker التقنية كادت أن تكون ممتازة…

اللعبة مبنية بالكامل على محرك HPL Engine 3 التابع لاستوديو Frictional Games، وهو نفس المحرك الذي استخدموه في ألعابهم منذ سنواتٍ طويلة، ورغم أنه لا يُقدم أفضل تجربة بصرية، إلا أن لعبة The Bunker بالتحديد تتمتع بطابع رسومي (Art Style) مميز وجميل ومريح للعين في نفس الوقت، مع التركيز بالطبع على الدموية والتصاميم الرائعة للبيئات المختلفة. الوحش الرئيسي كان شكله أفضل قليلاً في العروض، ولكنه لا يزال شيئًا مُخيفًا وستجد نفسك تلقائيًا تهرب وتشعر بالهلع والذعر في أي وقت تراه.

لا يوجد تمثيل صوتي كثير في اللعبة، وسنسمع البطل الرئيسي وصديقه يتحدثان في بعض الأوقات عندما تقرأ ملاحظات أو مذكرات، والتمثيل الصوتي عمومًا جيد لا يوجد تعليق عليه خاصةً وأنه إنجليزي بلكنة فرنسية (لأن بطلنا متواجد ضمن كتيبة الجيش الفرنسي). الموسيقى التصويرية كانت جميلة ومُخيفة في أوقاتٍ مُعينة خلال أحداث اللعبة، لكن هي الأخرى لا يوجد تركيز عليها.

التركيز الصوتي كله هنا يكمن في المؤثرات الصوتية وكل ما تسمعه في البيئة من حولك. دائمًا ستكون خائفًا من أي حركة تفعلها خاصةً عندما تسمع الوحش وهو يتنقل داخل الحوائط من حولك ويقترب منك أكثر مما كنت تتوقع. ظهوره في البيئة وخروجه للتنقل في الأرجاء يكون أكثر رعبًا وإثارةً خاصةً إذا بدأت في الركض وسمعت أنفاسه وأصوات قدمه تتسارع وتقترب من خلفك. إنها تجربة صوتية جميلة والمؤثرات الصوتية في حد ذاتها تُزيد من الرعب والخوف المستمر.

دعونا نتحدث قليلاً عن الأداء التقني والذي كان من الممكن ألا يكون هنالك غبارًا عليه. تجربتي للعبة كانت على حاسوب متوسط بمعالج Core I3 10100F و 16 جيجا بايت من الرام مع بطاقة Nvidia GeForce RTX 3050، وتمكنت من تشغيل اللعبة على أعلى إعدادات بدقة 1080p وحصلت في المقابل على 60 إطار في الثانية. المشكلة هنا أن اللعبة كانت تستهلك فقط 30 أو 40% من قوة البطاقة الرسومية!

هذا يعني أن البطاقة الرسومية قادرة بدون أي شك على تشغيل اللعبة بنفس الإعدادات ونفس الدقة على إطارات تتخطى الـ 120 إطار في الثانية بكل سهولة، ولكن للأسف اللعبة نفسها مُغلقة على 60 إطار في الثانية فقط بقرار غريب من استوديو Frictional Games. نحن لسنا في 2010، ومن الغريب أن نجد لعبة على الحاسب الشخصي مُغلقة على 60 إطار في الثانية فقط في عام 2023. هذه المشكلة يجب أن يتم حلها عاجلاً أم آجلاً بتحديث مستقبلي يفتح الإطارات على المنصة.

في النهاية

رغم بعض المشاكل التقنية وسعر اللعبة المرتفع قليلاً مقابل ما تُقدمه لك، إلا أن Amnesia: The Bunker يمكن اعتبارها واحدة من أكثر ألعاب الرعب إبتكارًا وإبداعًا في الآونة الأخيرة. استوديو Frictional Games قرر أخذ نهج جديد مع عالم Amnesia مع الحفاظ على بعض الأساسيات التي طالما أحببناها، والنتيجة هي تجربة مُستقلة وقائمة بذاتها تُقدم لنا مجموعة من الأفكار الرائعة التي تجعلها من أكثر ألعاب الرعب تشويقًا وإثارة حيث تشعر دائمًا أن الوقت هو خصيمك الرئيسي، وأي غلطة من الممكن أن تؤدي إلى موتك. إذا كنت تمتلك خدمة Xbox Game Pass، فنُرشح لك اللعبة فورًا وبدون أي تفكير!