لعبة Scorn كانت على راداري منذ أن شاهدت أول مقطع لها في عام 2016. استوديو جديد يُسمى Ebb Software ويسعى لتقديم تجربة مختلفة في عالم مميز، غريب، ومقزز في نفس الوقت، مع الاعتماد على حل الألغاز وبعض عناصر الاكشن؟ نعم هذا هو ذوقي. بعد انتظار استمر لسنوات، تأجيلات، والكثير من المشاكل في عملية التطوير، ها نحن نضع أيدينا على لعبة Scorn، وصراحةً اللعبة فاجأتني بما قدمته، لكن هل تلك المفاجأة كانت جيدة أم سيئة، وهل أي شخص سيكون قادرًا على الاستمتاع بلعبة مثل Scorn؟

قصة لعبة Scorn

حسنًا، ما هذا الذي لعبته بالضبط؟

إذا كنت تنتظر مني أي نوع من أنواع الشرح للقصة، فيؤسفني قول أن قصة Scorn عميقة ومُبهمة أكثر حتى من ألعاب استوديو From Software. إنها قصة غير مفهومة من البداية للنهاية، وتعتمد بشكل رئيسي على البيئات لمحاولة شرح القصة للاعب. إذا جربت ألعاب مثل Limbo أو Inside فستكون قادرًا على فهم ما الذي أقصده هنا، لكن الأمر أكثر عُمقًا من تلك الألعاب!

لعبة Scorn مستوحاة بشكل أساسي من أعمال الفنان السويسري H.R. Giger، والذي اشتهر بصوره التي تمزج بين الجسم البشري بالآلات، وهو أسلوب فني يُعرف باسم "الميكانيكا الحيوية". إذا كانت ذاكرتك تحاول إخبارك أنك رأيت مثل تلك الرسومات سابقًا، فنعم أنت بالفعل رأيتها في سلسلة أفلام Alien حيث كان H.R. Giger مسؤولاً عن صُنع وحوش الـ Xenomorph وعالمهم.

استوديو Ebb Software استوحى أيضًا الكثير من الأفكار من أعمال الفنان والنحات البولندي Zdzisław Beksiński والذي كان متخصصًا في مجال السريالية البائسة. رأينا العام الماضي استوديو Bloober Team يستوحي الكثير من الأفكار من أعمال Beksiński في لعبة The Medium، وها هو الأمر يتكرر مع لعبة Scorn 

قصة Scorn ليست طويلة. اللعبة تطلب منك حوالي 6-7 ساعات فقط حتى تتمكن من الإنتهاء منها، وصدقني عندما أقول لك أنك بنهاية أحداث اللعبة ستكون عندك المزيد من الأسئلة بدلاً من الأجوبة المنتظرة. فهل سنرى جزء ثاني، أم أن الاستوديو يترك مخيلتنا لفك شفرة هذا العالم؟ على الرغم من أنني إندمجت مع تلك القصة بشكل كبير، إلا أن مشكلتي الرئيسية معها  هو أن اللعبة للأسف لا تُقدم حتى أي نوع من أنواع المحاولة لشرحها.

عالم لعبة Scorn

عالم Scorn حي، ويجعلك مصدومًا في كل لحظة

إذا كنت هناك شيئًا واحدًا قادرًا على جذبك للعبة Scorn، فسيكون عالمها. أنت تستيقظ في عالم غريب، مخيف، ومُقزز بدون أي معلومات عما جاء بك إلى هذا المكان، ولماذا تبدو الشخصية الرئيسية على تلك الهيئة!

اللعبة لا تشرح لك أي شيء، بل حرفيًا تقذفك في عالم كئيب غير معلوم. لكن الشيء الذي تمكنت من استنتاجه هو أن هذا العالم كان أساس حضارة قوية وعريقة تمكنت من بناء الكثير من المعالم والمناطق الضخمة. لسببٍ ما، فالآن تم دمج كل هذا التقدم التقني مع الأجساد والأشلاء بشكل مُقزز، وشخصيتنا الرئيسية أصبحت جزءًا من هذا الإندماج ويجب علينا محاولة فعل أي شيء للخروج من هذا العالم.

كل لقطة من لقطات Scorn هي لوحة فنية يمكنك وضعها كغلاف لسطح المكتب. فعلى الرغم من أن العالم مُقزز، إلا أنه جميل في نفس الوقت، ولا يسعني إلا الإنبهار بمدى جمال التصاميم التي قدمها استوديو Ebb Software خاصةً وأن رسومات اللعبة واقعية للغاية من ناحية تصميم الدماء والأشلاء المتناثرة حولك في كل مكان.

عتابي الوحيد على لغة تصميم هذا العالم هو التشابه الكبير بين كل منطقة والأخرى. فعلى الرغم من أن العالم جميل رسوميًا والتوجه الإبداعي الذي اتخذه استوديو Ebb Software هو أحد أكثر التوجهات روعة، إلا أن كل منطقة في اللعبة مماثلة للمنطقة التي تسبقها إلى حدٍ ما. حتى عندما تُقدرر اللعبة أن تأخذك إلى مكان جديد كليًا بتفاصيل رسومية مختلفة، ستكون قد اقتربت من نهايتها بالفعل وأمامك حوالي ساعة لتختمها!

الألغاز في لعبة Scorn

يجب أن تدخل إلى عالم Scorn مُقتنعًا بأنها ليست لعبة Shooter!

أظن أن بعض العروض السابقة للعبة كانت تضم الكثير من المواجهات مع الأعداء مما أعطى بعض اللاعبين الفكرة أنها تجربة رعب شوتر أو شيء من هذا القبيل، لكن الحقيقة هي أن Scorn بعيدة كل البُعد عن ذلك.

اللعبة تُركز بشكل رئيسي على حل الألغاز. أنت ستزور العديد من المناطق طوال رحلتك في اللعبة، وكل منطقة بها لغز رئيسي يحتاج الحل حتى تستطيع إكمال مهمتك والانتقال إلى المرحلة التالية. لحل ذلك اللغز الرئيسي، يجب عليك حل مجموعة من الألغاز الفرعية الصغيرة وخلال ذلك الوقت ستجد بعض الأعداء الذين ستواجههم في مختلف أنحاء البيئة.

معظم الألغاز كانت جيدة جدًا وتحتاج تشغيل كبير للعقل وتفكير مُطول حتى تفهم ما الذي تطلبه منك اللعبة، لكن في بعض الأحيان الأخرى شعرت بالملل خاصةً وأن بعض الألغاز كانت مُبهمة للغاية، وفهمها تطلب وقتًا أطول من حلها!

من ناحية الأعداء، فلا يوجد تنوع كبير. يوجد 3 أنواع رئيسية من الأعداء خلال معظم مراحل اللعبة، مع مواجهة زعيم وحيدة في النهاية. على الرغم من مدى اختلاف وجمال تصميم هؤلاء الأعداء، إلا أنني كنت أتوقع أو أريد أكثر من ذلك خاصةً وأن هذا العالم كان من الممكن استغلاله في صنع كمية ضخمة من الأعداء المُنوعة التي تتماشى مع لغة التصميم.

أسلوب اللعب في Scorn

بالحديث عن الأعداء، ففي النصف الثاني من اللعبة يوجد وحش عملاق يتم تقديمه ويجب عليك حل ألغاز من حوله حتى تستطيع إكمال اللعبة. للأسف هذا الوحش لم يتم استغلاله بأي شكل من الأشكال، وكان مجرد مُراقب يرى ما تفعله. نعم أصابني بالفزع أحيانًا، ولكن مستوى الرعب كان من المحتمل أن يزداد بشكل كبير إذا كان له دورًا من خلال الهجوم عليك أو لعب الغميضة معك في تلك المرحلة حيث يجب عليك أن تتفاداه بأي شكل من الأشكال.

اللعبة تُقدم لك 4 أسلحة، أحدهم تحل به بعض الألغاز، والباقي تستخدمهم في قتال الأعداء. تصميم الأسلحة مُروع ويدمج بين اللحم والعظم والتصميم الآلي الغريب. صدقني عندما أقول لك أنك ستشعر بعدم راحة وأنت ترى واحدًا من تلك الأسلحة على الشاشة أمامك.

توجد مشكلة أخرى تواجهها في اللعبة وهي نظام الحفظ. هذا النظام عقيم لدرجة أن اللعبة من الممكن أن تُعيدك 5 لـ 10 دقائق إلى الوراء إذا مُت، مما يعني أنك يجب أن تواجه نفس الأعداء وتحل نفس الألغاز التي حللتها قبل موتك مرةً أخرى. أنا لم أمت إلا مرتين تقريبًا في اللعبة، لكنه نظام حفظ مستفز سيجعل التجربة مملة على الأشخاص الغير مُحترفين في الألعاب أو الذين لا يمتلكون ردة فعل سريعة.

التصميم الرسومي في لعبة Scorn

الجانب التقني يرفع مستوى التجربة بشكلٍ كبير

يجب أن أذكر مرةً أخرى أن Scorn تتمتع بجمال رسومي يجعلها تتفوق على عدد كبير من ألعاب الـ AAA التي صدرت خلال عام 2022. استوديو Ebb Software استطاع أن يستغل كل ذرة في محرك Unreal Engine 4 لصُنع عالم خلاب رسوميًا على الرغم من مدى ظلامه والإحساس الكئيب الذي يُقدمه لك. فما بالك كيف كانت ستبدو اللعبة إذا كانت تستخدم محرك Unreal Engine 5؟

نفس الأمر ينطبق على المؤثرات الصوتية حيث تضم لعبة Scorn أحد أفضل المؤثرات الصوتية التي سمعتها في لعبة من مُطور مستقل. كل شيء في عالم Scorn سيجعلك تشعر بالرعب وضيق النفس. أصوات وحوش تأتي من بعيد، أصوات أشلاء ودماء، أصوات الآلات التي تعمل بدون راحة في عالم ميت. إنها تجربة رائعة من ناحية التصميم الصوتي.

اللعبة لا يوجد بها أي نوع من أنواع الحوارات فلا توجد شخصية واحدة تتكلم طوال أحداثها، لذلك فإن فهمها سهل على أي لاعب سواء كان متمكنًا من اللغة الإنجليزية أم لا. إذا كنت لا تزال تحتاج بعض المساعدة في فهم واجهة المستخدم، فيُسعدني تأكيد أن اللعبة مُترجمة بالكامل من تلك الناحية.

من ناحية الأداء التقني، فتجربتي للعبة كانت على هذا الجهاز:

  • Intel Core I3 10100F
  • 16 جيجا بايت من الرامات DDR4 بتردد 2666 MHz
  • Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
  • NVME M.2 SSD Storage

تمكنت من تشغيل اللعبة على أعلى إعدادات ممكنة مع دقة 1080p وقدمت لي إطارات تتراوح بين 120 و 160 إطار في الثانية. هذا كان مفاجئًا خاصةً وأنها تعمل على منصات Xbox على 60 إطار في الثانية فقط، ولذلك فإن التجربة الأفضل للعبة Scorn ستكون على منصة الحاسب الشخصي. لحسن الحظ، لم أواجه أي مشكلة أو خطأ تقني طوال الساعات التي قضيتها في اللعبة، ويبدو أن استوديو Ebb Software عمل بالفعل على صقل التجربة بأفضل شكل ممكن، فلا تقلق إطلاقًا من تلك الناحية.

عالم لعبة Scorn

في النهاية

[quote عالم Scorn هو أحد أكثر العوالم التي رأيتها غموضًا وإثارة، وسيظل عالقًا في ذهني لفترةٍ طويلة حتى أستطيع تحليل القصة وفهم ما الذي يحدث في هذا المكان المُريب. إذا كنت تشبهني وتحب تجربة الأشياء الجديدة والمختلفة قبل الحكم عليها، فأرشح لك لعبة Scorn وبشدة. لكن إذا كنت تأمل في الحصول على قصة قوية وأسلوب لعب أكشن حماسي، فابتعد عنها حتى لا تُخيب آمالك. على أي حال من الأحوال، أظن أنه يحب أن نرفع القبعة لاستوديو Ebb Software ونحتفل بما أنجزوه مع لعبة Scorn. ففي الوقت الذي تحاول فيه الاستوديوهات جني أكبر قدر ممكن من الأموال بصناعة ألعاب كثيرة متشابهة وتُقدم نفس عناصر اللعب لضمان الأرباح، يأتي استوديو صغير ويفي بوعده الذي استمر أكثر من 6 سنوات بتقديم تجربة مختلفة ومميزة لا يوجد لها مثيل في صناعة الألعاب.]