يالهذا الفيروس القاتل والمدمر على أرواح البشر! كورونا ما زال يضرب بقوة في جمهورية الصين الشعبية موقعاً أكثر من 1500 وفاة وأكثر من 66 ألف مصاب. لكن المشكلة الاكبر في الوقت الحالي ليس فقط في قدرة هذا الفيروس على قتل البشر والفتك بهم في ظل غياب العلاج الفعال له, بل المشكلة هي في ضرب هذا الفيروس للقطاعات الاقتصادية حول العالم!

لن نبالغ ونقول أن الاقتصادي الصيني سينهار بسبب هذا الفيروس, لأنك لو فكرت بذلك فسيكون الامر ناتج عن قلة إلمامك بقوة الاقتصاد الصيني العظيم. نعم هناك ضربات قاسية يتلقاها الاقتصاد الصيني خاصة مع توقف مدن صناعية بأكملها وتوقف حركة البيع والشراء التي كانت لا تهدأ سابقاً, ولكنها ليست الوحيدة من يدفع الثمن, فلقد أكدت أحدث التقارير الاقتصادية من DigiTimes عن تضرر قطاعات اقتصادية بالكامل بسبب هذا الفيروس, لتدخل كبار الشركات المصنعة في داومة ضعف الإنتاج وضعف الطلب عليها مما يؤدي إلى انخفاض الارباح بشكل كبير خاصة مع توقعات دقيقة بأن يكون الربع الأول من هذا العام هو الأسوء لأغلب الشركات المصنعة في عالم الهاردوير.

تحدثناً سابقاً عن الضرر الذي بدأ يلحق بكل من ASUS و Acer ونقتبس من خبرنا السابق

الإيرادات التي ذكرها Digitimes لمجموعة شهر يناير لشركة Acer تؤكد بأنها انخفضت بنسبة 41.8% في الشهر و18.6% في السنة لتصل إلى 13.55 مليار دولار تايواني فقط بسبب ساعات العمل الأقل خلال أعياد السنة القمرية الجديدة لشهر يناير، والأثر السلبي من وراء تفشي الفيروس.

ASUS التي لديها إيرادات بحوالي 50% فقط من سوق آسيا, قد أوردت بأن إيراداتها قد بلغت 23.2 مليار دولار تايواني في شهر يناير، وعند مقارنته بنفس الشهر من العام الماضي أظهر لنا انخفاضاً بنسبة 29.1% وبنسبة 11.3% في السنة, ليكون سبب هذا الانخفاض عائد كذلك بشكل رئيسي لأعياد السنة القمرية الجديدة, وبسبب تفشي فيروس كورونا.

شاشات؟ صناعة الرقاقات؟ هواتف ذكية؟ أجهزة محمولة؟

للأسف, يبدو أن الامور بدأت تذهب نحو الهاوية إن صح التعبير, فلقد اظهرت أخر الدراسات التي أقامها موقع Digitimes المختص في متابعة مبيعات, أرباح وحالة السوق، أن شركات التصميم والتصنيع المختلفة في كل من الصين وتايوان سوف تشهد تراجعاً سلبياً هائلاً على إيراداتها للربع الأول من عام 2020 مع توقعات دقيقة تؤكد أن فيروس كورونا سوف يضرب بعرض الحائط مصالح صناعة أشباه الموصلات "الرقاقات" صناعة الاجهزة المحمولة, صناعة الهواتف الذكية, وصناعة الشاشات وذلك في بداية الربع الثاني من هذا العام ليكون ناتج النصف الاول من عام 2020 عنوانه العريض....ماذا فعلت بنا يا كورونا!!

بلغة الأرقام نحن أمام ضربات قوية في عالم صناعة الهاردوير!

كيف يؤثر كورونا على سوق صناعة الرقاقات/اللابتوب/الشاشات

 لربما عدد الوفيات التي تراها وعدد المصابين قد تشعرك نوعاً ما أن الأضرار الحاصلة على تلك الأسواق فيها نوع من المبالغة, ولكن ياعزيزي لو نظرت إلى مناطق انتشار الفيروس سوف تعرف فوراً بأن تلك المناطق أصبحت تحت الحجز الصحي, فهناك منطقة صناعية كبرى في الصين تعرف بـ Suzhou، وهي مدينة غرب شنغهاي التي تعتبر من ضمن أكبر المناطق الصناعية  في العالم قد تعرضت إلى توقف عن العمل لمدة أسبوعين, ليعود لها مؤخراً جزء بسيط من العمال.

ما يصدم أكثر أن 90 % من صناعة الأجهزة المحمولة تتم في الصين! هذا القطاع لوحده في الوقت الحالي تأثر من حيث إمداد المكونات والطلب الاستهلاكي عليه مما جعله يتراجع بشكل واضح بناء على الأرقام التي تم رصدها خلال شهر يناير فقط. صدق أو لاتصدق, تقرير Digitimes يؤكد على أن كبار الشركات المصنعة التايوانية مثل Compal Electronics, Quanta Computer , Wistron قد عادت من جديد وتابعت عمليات التصنيع في مصانعها في عدة مناطق من الصين ولكن المفاجئ هو عودة الإنتاج فقط باستطاعة تبلغ 20%!

مع ذلك يتوقع للمصانع أن تزيد من الطاقة الانتاجية بدء من 24 فبراير وذلك لأن الحجر الصحي البالغ 14 يوم على مزودي المكونات لديها سينتهي في ذلك اليوم. لكن وفقا لما يرد على لسان الشركات المصنعة التايوانية القريبة من Digitimes, فهي تؤكد حاجتها إلى توظيف عاملين جدد لأن مُعدلات الموظفين العائدين منخفض للغاية بعد ترك العمال العمل في المصانع والتوجه نحو بيئة عمل أكثر أمان من الناحية الطبية.

هذا هو وضع كبار الشركات المصنعة خلال الأشهر القادمة

كيف يؤثر كورونا على سوق صناعة الرقاقات/اللابتوب/الشاشات

سأتحدث بداية عن وضع سوق تصنيع شاشات العرض, ضمن تقرير Digitimes هناك ثلاث من كبار الشركات الصينية المصنعة للوحة شاشات LCD التي تشمل BOE, Tianma Microelectronics , COT حيث تقع مصانعها في مدينة ووهان "مركز انتشار فيروس كورونا".

CSOT هي أكثر شركة ستتأثر بسبب هذا الفيروس، حيث تشير الأرقام والنسب بأن العمل ضمن تلك المصانع هو عند استطاعة 30% فقط من النسبة الإجمالية للعاملين, حيث أن العديد من العمال قد تم وضعهم بالحجر الصحي أو إرسالهم لمنازلهم للوقاية من انتشار الوباء بشكل أكبر. في غضون ذلك، الشركات الصينية المصنعة للوحات AMOLED مثل EverDisplay Optronics, Visionox لن تكون متأثرة بعملية التصنيع لأنها بالمعظم تستورد مكوناتها من الخارج, لذلك نسبة الضرر تعتبر أقل بكثير من لوحة شاشات LCD. أما مصنع CEC Panda LCD Technology ومصانع BOE بجانب مصنع Century Technology فهي مغلقة منذ بداية الحجر الصحي وهو مستمر حتى 17 فبراير القادم، بالتالي يتوقع لشحناتها أن تكون متأثرة نوعا ما, لكن المؤكد أن الجميع تلقى صفعة موجعه بهذا الانخفاض في المبيعات والإيرادات المالية.

Foxconn تعاني أيضاً من مشكلة أكبر, فبعد إغلاق مصانعها لمدة تجاوزت الأسبوعين, تعرضت الشركة لمشكلة حالما بدأ العمال يعودون للعمل, المشكلة أن من عاد للعمل لم يكن بالعدد الكلي, فلقد تبين أن هناك نقص في العدد الكلي من العاملين ضمن مصانعها المتواجدة في Suzhou. على الرغم من أن وضع شركة أبل أفضل من الشركات الاخرى بسبب تصنيع منتجاتها بنسب كثيفة في الهند وفيتنام, إلا أن ما حدث مع Foxconn يتوقع له أن يؤثر على انخفاض شحنات هواتف iPhone الجديدة من فئة entry-level بنسبة 10% في فترة الربيع.

نأتي للهواتف والضربة التي ستتلقاها, حيث يتوقع لهذه الشركات الصينية الكبيرة في صناعة الهواتف الذكية مثل Huawei, Oppo, Vivo , Xiaomi أن تخسر 15.2% من إجمالي شحناتها الفصلية، والتي سوف تنخفض بقدر 84 مليون قطعة! بعض مزودي قطع الهواتف الذكية يتوقع لها أن تعمل عند استطاعة إنتاج بنسبة 50% فقط حتى منتصف شهر مارس, دون وجود توقعات تتحدث عن تحسن وضعها خلال بداية الربع الثاني.

أخيراً تطرق تقرير DigiTimes المطول أن مسابك أشباه الموصلات التي تنتج في الصين ستكون نسبة الضرر عليها الأقل من بين الجميع, لكن من ناحية إيراداتها المالية فهي سوف تتعرض لضعف في عملية الإنتاج خلال الربع الثاني, وذلك بسبب انخفاض الطلب الاستهلاكي والتأخر في إصدارات المنتج التي يتوقع لها أن تبطئ من كمية المخزون المنتجه لتلك الرقاقات المختلفة. علاوة على ذلك، شحنات رقاقات 5G على الأغلب لن ترى زيادة كبيرة في كمية إنتاجها حتى الربع الرابع من هذا العام.

في الختام, نحن نرى بأن ما يحدث الأن في الصين أضر بشكل واضح في عالم الإنتاج والتصنيع التقني بمختلف انواعه بجانب الضرر الكبير في اقتصاد الصين نفسه, والأرقام التي نشاهدها هي خير دليل على ذلك. صحيح أن نسبة الضرر تختلف بين شركة واخرى وذلك بحسب موقعها وحجمها, إلا أن الضرر ضرب الجميع دون استثناء. لربما عملاق أشباه الموصلات TSMC ينظر لنفسه الأن بأنه الأقل ضرر بسبب اعتماده الكبير على مصانعه في تايوان, ونفس الأمر مع بعض الشركات الاخرى التي تعمل في هذا المجال, إلا ان التوقعات شملت كذلك تايوان مما ينبئ بتضرر TSMC في وقت ما من الأشهر القادمة. الاكيد ان المتضررين الاكبر هم من يعتمدون في عائداتهم المالية على سوق أسيا وبالذات سوق الصين كما هو الحال مع ASUS عملاق تصنيع اللوحات الأم.

برأيكم هل سيستمر فيروس كورونا بحصد المزيد من الخسائر المالية للشركات المصنعة بجانب حصده لأرواح مئات البشر خلال الفترة القادمة؟