في الأسبوع السابع والأربعين من 2025، اهتزت ثوابت وادي السيليكون بضربات استراتيجية مباغتة. كسرت جوجل حصار "الحديقة المُسورة" لشركة آبل، فارضةً واقعًا جديدًا لنقل البيانات دون استئذان، بينما غادر الذكاء الاصطناعي شاشات الدردشة ليتحول إلى "وكيل" تجاري يُفاوض ويشتري نيابةً عنا مُعلنًا رسميًا نهاية عصر البحث وبدء عصر التفويض الكامل.

لم يسلم الهاردوير من المُفاجآت؛ إذ أعادت سامسونج شبح "اقتصاديات النُدرة" برفع أسعار الذاكرة، في حين خطفت هونر الأنظار بهاتف يتحدّى قوانين الفيزياء ببطارية ضخمة في هيكل نحيف. أسبوع يُثبت أنّ المُستقبل لا ينتظر وأن القفزات التقنية أصبحت واقعًا يطرق أبوابنا اليوم.

جوجل تخترق حصن آبل

لطالما كانت خدمات مثل AirDrop هي "الغراء" الذي يربط مُستخدمي آبل بنظامهم البيئي (المُتكامل بين أجهزتها)، لكن -هذا الأسبوع- قلبت جوجل الطاولة عبر سلسلة Pixel 10، مُقدمةً ميزة تتيح نقل الملفات إلى آيفون وماك بسلاسة تحاكي AirDrop تمامًا ودون إذن مُسبق من كوبرتينو.

يعتمد AirDrop على بروتوكول AWDL الخاص بآبل لإنشاء شبكات مؤقتة، وما فعله مُهندسو جوجل هو هندسة عكسية دقيقة؛ حيث تطلق هواتف Pixel إشارات (BLE) تحاكي "هوية" جهاز آبل وبمجرد استجابة الآيفون، تنشئ هواتف بكسل اتصال وايفاي مُباشر مشفّر لنقل الملفات.

لتحصين نفسها قانونيًا، كلفت جوجل شركة "NetSPI" بإجراء اختبارات اختراق للميزة لتقديم دليل استباقي على أمان البروتوكول وهذا يضع آبل في مأزق: هل تحظر الميزة وتواجه تهم الاحتكار أم تقبل بالأمر الواقع؟

الميزةAirDrop التقليديحل جوجل (Quick Share)
التقنيةAWDL (مغلق)محاكاة AWDL عبر Wi-Fi Direct
التوافقأجهزة آبل فقطPixel 10 -> أجهزة آبل
الأثرتعزيز الانغلاق (Lock-in)تعزيز الانفتاح (Interoperability)

الوكيل الذكي: نهاية عصر التسوق التقليدي

بينما تحارب جوجل في البنية التحتية، تفتح جبهة جديدة في التجارة عبر منصة "التسوق بالذكاء الاصطناعي الوكيل" والهدف هو التصرف بناءً على المعلومات المُقدمة.

الميزة الأبرز هي قدرة جوجل على "الاتصال بالمتاجر" وحين تكون بيانات المتجر غامضة، يضغط المُستخدم على زر "Let Google call"، هنا لا يتصل موظف بشري، بل "وكيل صوتي" يُحاكي البشر ويسأل عن التوفر والمقاسات ثم يحوّل المحادثة لبيانات نصية تصلك فورًا.

تتجه الأمور نحو الأتمتة الكاملة مع ميزة التفويض بالشراء حين يصل المنتج لسعر مُعين، هذا يغير قواعد الـ SEO تمامًا؛ فالمتاجر الناجحة مُستقبلًا هي التي توفر بيانات مُهيكلة (Structured Data) يُسهّل على "الروبوتات" قراءتها، وهكذا تؤسّس لمجال جديد يمكن تسميته AEO (تحسين محركات الوكلاء).

أزمة السيليكون: ضريبة الذكاء الاصطناعي

رفعت سامسونج أسعار شرائح الذاكرة بنسب لامست 60⁒ في شهرين، نتيجة مُباشرة لـ "فيزياء الندرة" في عصر الذكاء الاصطناعي.

لماذا ارتفعت الأسعار؟ السبب يكمن في تحول خطوط الإنتاج نحو ذواكر (HBM) الضرورية لشرائح معالجات Nvidia، حيث أن تصنيع HBM يستهلك مساحة أكبر من السيليكون مُقارنةً بـ DDR5 التقليدية. كل "ويفر" يخصص للذكاء الاصطناعي يعني "ويفر" أقل للحواسيب والهواتف وهذا خلق فجوة في المعروض مع ثبات الطلب.

قفز سعر ذاكرة 32 جيجابايت DDR5 من 149 دولارًا إلى 239 دولارًا، وحذرت شركات مثل شاومي من ارتفاع تكلفة الهواتف القادمة، بينما بدأت سامسونج في استغلال هيمنتها لتعويض أرباحها عبر رفع الأسعار بنسبة 40-50⁒ إضافية متوقعة بنهاية العام.

هونر تقتنص فرصة آبل

تستعد Honor لإطلاق سلسلة "Honor 500" في 24 نوفمبر، مُستبقةً مشروع آبل المُتعثر "iPhone Air".

تقدم هونر درسًا في استغلال المساحات، دافعة ببطارية ضخمة سعة 8000 مللي أمبير داخل هيكل فائق النحافة، ويكمن السر في تقنية "السيليكون-كربون" للأنود التي تزيد كثافة الطاقة بنسبة 20⁒. لا توجد تضحيات هنا؛ فالجهاز يحمل شريحة معالج Snapdragon 8 Elite مُلحق بها غرف تبريد مبتكرة وشاشة OLED مُتطورة.

تعثر iPhone Air في المُقابل، وأجلت آبل مشروع "Air" حتى 2027 بسبب مشاكل الحرارة لأن مُحاولة وضع شريحة قوية في جسم نحيف أدت لاختناق حراري، مع تخبُّط في قرارات الكاميرا.

Nano Banana Pro: وداعًا للخطوط العربية المشوهة

أطلقت جوجل نموذجها الجديد (بنواة Gemini 3 Pro) الذي حل أخيرًا عقدة "العمى النصي" بعد أن كانت تفشل النماذج السابقة في كتابة النصوص العربية داخل الصور، لكن Nano Banana Pro يكتب نصوصًا عربية وإنجليزية سليمة تمامًا.

الخبر الذي هز مجتمع المصممين فعليًا هو إعلان Adobe عن دمج هذا النموذج فورًا داخل برامجها الرائدة Photoshop وFirefly، هذا يعني أن قدرة "Banana" الفريدة على كتابة النصوص العربية والإنجليزية الصحيحة داخل التصاميم لم تعد مُجرّد تجربة معملية وأصبحت أداة قياسية في يد ملايين المُحترفين حول العالم.

Meta SAM 3D: تصميم ثلاثي الأبعاد للجميع

أعلنت ميتا عن أداة تحول الصور ثنائية الأبعاد إلى مجسمات ثلاثية الأبعاد (3D Models) بدقة مُذهلة. تتخيل التقنية الأجزاء المخفية من الجسم وتبنيها، وهذا يغير قواعد اللعب في التجارة الإلكترونية وتطوير الألعاب، حيث يتحوّل إنشاء مُجسمات 3D من عملية تستغرق ساعات إلى ثوانٍ معدودة.

لم تحتكر ميتا هذه التقنية لنفسها لكنها أتاحت نقاط الفحص (Checkpoints) والأوراق البحثية للمجتمع العلمي، هذا الانفتاح يبشّر بظهور موجة جديدة من تطبيقات التسوق التي تتيح لك "تجربة" الأثاث في غرفتك (View in Room) بدقة سينمائية، حيث يتخيل الذكاء الاصطناعي الأجزاء المخفية من القطعة تلقائيًا وبدقة مُرعبة.

التكنولوجيا المالية: "فلوسي" ضد "ثندر"

يعكس الصراع بين تطبيقي "فلوسي" و"ثندر" نضجًا في السوق المالي المصري، حيث يتنافس نموذجان مختلفان للاستثمار.

  • ثندر (Thndr): يستهدف المغامرين ويتيح شراء الأسهم الفردية مُباشرةً مما يتطلب معرفة ومُتابعة لكنه يوفر فرصًا لعوائد عالية.
  • فلوسي (Floussy): مدعوم من البريد المصري، ويتبنى الاستثمار "السلبي"، فأنت لا تختار أسهمًا بل تضع أموالك في صناديق تُدار بواسطة مُحترفين (ذهب، أسهم، دخل ثابت).
وجه المقارنةتطبيق "فلوسي"تطبيق "ثندر"
الداعمالبريد المصري (حكومي)شركة ناشئة (Startup)
النموذجصناديق استثمار فقط (آمن)أسهم فردية وصناديق (نشط)
الجمهورالمبتدئون والعائلاتالشباب والمُضاربون

دخول مؤسسة بحجم البريد يُضفي شرعية هائلة مشجعًا انتقال المدخرات من "تحت البلاطة" إلى الاقتصاد الرسمي.

وكلاء الذكاء الاصطناعي في شريط مهام ويندوز

تدمج مايكروسوفت "وكلاء AI" في شريط مهام ويندوز 11 مُباشرةً، ولم تعد بحاجة لفتح تطبيق؛ فالوكلاء يعملون في الخلفية، يراقبون السياق، وينفذون المهام عبر التطبيقات المختلفة. وللأمان، يعمل كل وكيل في بيئة معزولة (Sandbox) لتقليل المخاطر.

لتهدئة مخاوف الشركات، لم تكتفِ مايكروسوفت بالدمج وحصنّت هؤلاء "الوكلاء" داخل بيئات معزولة لكل مهمة، كما قدمت للمطورين "بروتوكول سياق النموذج" (Model Context Protocol)، الذي يتيح للوكيل فهم ملفاتك وسياق عملك دون أن يمتلك صلاحية العبث بملفات النظام الحساسة واضعًا حدًا فاصلًا بين المساعدة والتطفل.

Grok 4.1: الروبوت المُتأني

أطلقت xAI نموذج Grok 4.1 بميزة وضع التفكير"Thinking Mode". يأخذ النموذج وقتًا مُستقطعًا لمُراجعة إجابته وتصحيحها داخليًا قبل عرضها لتخفيض مُعدّل الهلوسة في استعلامات الواقع.

تفاخرت xAI بخفض الهلوسة في الاستعلامات الواقعية إلى 4.22⁒ فقط مُقارنةً بـ 12⁒ في الإصدارات السابقة. النموذج الجديد مُتاح الآن لمشتركي X Premium ويمتاز بـ "حساسية عاطفية" أعلى في الردود لجعله أقل آلية وأكثر قربًا للبشر في المُحادثات الطويلة.

حصاد 2025: أفضل تطبيقات وألعاب جوجل بلاي

كشفت جوائز جوجل بلاي عن تحول نحو "الرفاهية الرقمية"، ويعكس فوز تطبيقات مثل "Focus Friend" و"Habit Builder" رغبة المستخدمين في مُحاربة تشتت الانتباه الذي تسببه التكنولوجيا نفسها.

اللافت في جوائز هذا العام هو هيمنة معيار "تعدد الأجهزة" (Multi-device)؛ ففوز لعبة مثل Pokémon TCG Pocket لم يكن فقط بسبب النوستالجيا، بل لأنها رسخّت فكرة أنّ اللعبة الجيدة هي التي تبدأها على هاتفك وتكملها على جهازك اللوحي أو الحاسوب دون انقطاع وهو المعيار الذهبي الجديد للتطبيقات في 2026.

خاتمة الأسبوع التقني

يُظهر هذا الأسبوع أننا نعيش قفزات نوعية لا تدريجية. جوجل تكسر احتكار آبل، والذكاء الاصطناعي يبدأ بالتصرف في أموالنا، وسامسونج تذكرنا بأن العالم الرقمي يعتمد على موارد فيزيائية نادرة. الدرس الأهم هو "المرونة": يجب أن نفهم كيف تعمل هذه الوكلاء وكيف نختار أدوات تحترم خصوصيتنا في عالم يتسابق الجميع فيه لانتزاعها.