تهيمن السوق الصينية على مشهد الهواتف الذكية العالمية، متميزة بحجمها الضخم وبيئتها التنافسية الشديدة. بدأت شركة آبل باستهداف هذه السوق منذ عام 2010 محققة نموًا هائلًا في مبيعاتها. خلال الفترة من 2010 إلى 2015، شهدت مبيعات آبل في الصين نموًا استثنائيًا، متضاعفة بأكثر من 20 مرة.

ووصلت ذروة مبيعات آبل في عام 2015 إلى 58.7 مليار دولار؛ وشهدت السنوات التالية انخفاضًا تدريجيًا، متأثرةً بعوامل مختلفة، أبرزها جائحة كوفيد-19، لتصل إلى 40.3 مليار دولار في عام 2020. ورغم هذا التراجع، أصبحت الصين خلال عقد واحد من أهم الأسواق لآبل، مستحوذة على أكثر من 20% من إجمالي مبيعات الشركة العالمية. جعل النجاح الكبير السوق الصينية ركيزة أساسية في استراتيجية آبل التوسعية، ومحط اهتمام المستثمرين.

رسم بياني بعنوان: أهمية السوق الصينية بالنسبة لآبل

وتواجه آبل أيضًا منافسة شرسة من شركات محلية صينية قوية مثل فيفو وهونر وأوبو، بالإضافة إلى العملاق التكنولوجي هواوي. وتتمتع تلك الشركات بميزة تنافسية قوية؛ وهي فهم السوق المحلية وقدرتها على تقديم منتجات مصممة خصيصًا للمستهلك الصيني. ويُعد المُستهلك الصيني ذا نزعة قومية وطنية؛ أي أنه يفضل المنتج المحلي على المنتج الأجنبي.

في مؤتمر آبل للمطورين 2024 WWDC؛ أعلنت الشركة عن شراكة جديدة ومفاجئة مع OpenAI الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ إذ ستزود سيري – Siri بتقنيات نموذج OpenAI الرائد GPT-4o؛ ما سيجعل سيري مساعدًا شخصيًا ذكيًا بحق. ونتيجةً لتلك الشراكة؛ واجهت آبل مأزقًا صعبًا للغاية؛ إذ تفرض الصين حظرًا صارمًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي الأمريكي داخل حدودها.

وعلى الرغم من التوترات السياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، والتي تؤثر سلبًا على شركات التكنولوجيا الأمريكية، تدرك آبل أهمية الحفاظ على مكانتها في السوق الصينية. لذا؛ تبذل الشركة جهودًا كبيرة للتكيف مع المتطلبات المحلية والحفاظ على حصتها السوقية.

ولكن يضع هذا الوضع آبل أمام تحدٍ كبير في موازنة طموحاتها التكنولوجية مع متطلبات أحد أهم أسواقها العالمية. فكيف ستتمكن آبل من الحفاظ على نموها وتعزيز مكانتها في هذه السوق الحيوية في المستقبل؟ لنناقش معًا الاحتمالات والحلول الممكنة للعملاق الأمريكي Apple.

الولايات المتحدة ترفض وجود الذكاء الاصطناعي الخاص بها في الصين والعكس صحيح!

تسعى الولايات المتحدة إلى فرض قيود على تصدير نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية الصنع. تهدف تلك الخطوة بشكل رئيسي إلى منع وصول التكنولوجيا المتقدمة للدول التي تعتبرها واشنطن خطرًا على أمنها القومي، مثل الصين وروسيا. تركز الخطط الأمريكية بشكل خاص على تقييد النماذج مغلقة المصدر، وذلك لمنع الصين من استخدامها في تطوير تقنياتها الخاصة.

من جانبها، اتخذت الصين خطوات استباقية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ إذ طورت صناعتها الخاصة في هذا المجال، وشجعت الشركات المحلية على الابتعاد عن التكنولوجيا الأجنبية. كما فرضت قواعد جديدة تتطلب موافقة الحكومة على خدمات الذكاء الاصطناعي قبل إطلاقها للجمهور.

وفي يناير 2024؛ بدأت الصين في تطبيق هذه القواعد الجديدة. وحتى الآن، وافقت على نحو 100 نموذج ذكاء اصطناعي، جميعها من إنتاج محلي؛ ما يعكس الجهود الصينية المكثفة لبناء قدراتها الذاتية في مجال الذكاء الاصطناعي.

الصراع الصيني الأمريكي

ماذا يمكن لآبل أن تفعل لتخطي ذلك المأزق؟

الاستعانة بالنماذج الصينية

ستوفر النماذج الصينية لآبل راحة بال هائلة من التعقيدات السياسية بين البلدين؛ إذ تخضع تلك النماذج للوائح وقوانين الحكومة الصينية؛ ما يجعلها توفر درجة أكبر من السيطرة والشفاقية من وجهة نظر الحكومة.

في إبريل 2024؛ أعلنت شركة بايدو في مؤتمر للمطورين عن نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها "Ernie". إرني هو نموذج لغوي كبير (LLM) وأداة ذكاء اصطناعي توليدي مثل ChatGPT، ويتفاعل مع المستخدمين من خلال النصوص لإنشاء محتوى. ولكن بدلًا من اللغة الإنجليزية؛ إرني يفهم اللغة الصينية بجميع لهجاتها، ووفقًا لبايدو فإن ردود Ernie تقترب من مستوى الردود البشرية.

وقالت بايدو عبر مدونتها أن إرني نموذج توليدي متعدد الوسائط؛ ما يعني أنه يمكنه إنشاء أنواع مختلفة من المحتوى مثل النصوص والصور والفيديوهات، والذي يشمل كل من الكتابة الأدبية والتجارية والترجمة بالطبع، كما أنه يستطيع إجراء العمليات الحسابية.

إرني علامة فارقة رئيسية في تطوير الذكاء الاصطناعي الصيني، والذي يوضح التزام البلاد بمنافسة عمالقة التكنولوجيا الغربية في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي. (آلان سنايدر، المدير التنفيذي للتكنولوجيا العالمية في Momentum Worldwide )

تدعي شركة بايدو أن نموذج ERNIE 3.5 يتفوق على GPT-4 في المهام التي تتطلب فهمًا عميقًا للغة الصينية؛ مثل المصطلحات العامية أو اللهجات الصينية أو السياقات الثقافية؛ ما يجعل إرني قادرًا على إنتاج نصوص صينية أكثر سلاسة وتماسكًا وبشرية أيضًا بالنسبة للمستخدم الصيني أكثر من نموذج GPT-4. وسيكون ERNIE أفضل في فهم الأسئلة الصينية المعقدة وسيتمكن من تقديم إجابات أكثر دقة من نموذج GPT-4. لذا فإن ERNIE قد يكون خيارًا أفضل للمستخدمين الذين يحتاجون إلى بوت محادثة يتفوق في اللغة الصينية. 

استراتيجية الذكاء الاصطناعي الهجينة

تتبع سامسونج استراتيجية الذكاء الاصطناعي الهجينة في الصين؛ إذ تستخدم نموذج الذكاء الاصطناعي ERNIE من بايدو إلى جانب قدراتها الخاصة على الجهاز. رُغم أن سامسونج تُمثل أقل من 1٪ من إجمالي السوق في الصين، وفقًا لـ .Counterpoint Research ويمكن لآبل أن تتبع نهج سامسونج أيضًا من خلال استخدام نموذج أو نماذج ذكاء اصطناعي صينية بالإضافة إلى Apple Intelligence.

وطورت الشركات الصينية العديد من النماذج، والتي تُعد من أبرز وأقوى نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة في الصين حاليًا:

  • نموذج Kimi من شركة Moonshot AI
  • نموذج Qwen من شركة Alibaba
  • نموذج GLM-4 من شركة Zhipu AI
  • نموذج Yi من شركة AI.01

يتميز كل نموذج من نماذج الذكاء الاصطناعي أعلاه بنقاط قوة تميزه عن باقي النماذج؛ فهل يمكن لآبل دمج تلك النماذج بالتركيز على مزايا كل منهم لتعويض ChatGPT في Siri؟ فعلى سبيل المثال؛ يمكن استخدام Kimi لقدراته العامة في معالجة اللغة الطبيعية، وQwen للترجمة وفهمه العميق للسياق الصيني "الثقافة الصينية"، وGLM-4 لقدارته المتقدمة في فهم وإنتاج النصوص، وYi لقدراته التوليدية الواعدة متعددة الوسائط. أي يمكن تخصيص كل نموذج لمهام مُحددة بناءً على نقاط قوته.

الذكاء الاصطناعي الصيني

يمكن أن تقدم تلك الاستراتيجية متعددة النماذج حلًا قويًا ومتكاملًا يعوض عن عدم توفر ChatGPT في الصين؛ بالإضافة إلى تجربة مخصصة للمستخدمين الصينيين. ويمكن لآبل العمل مع مطوري هذه النماذج لتحسينها وتكييفها مع احتياجات الشركة. ومن ناحية أخرى قد يعزز ذلك التعاون مع الشركات الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مكانة آبل في السوق الصينية.

ولكن سيتطلب التنفيذ الناجح تخطيطًا دقيقًا وتعاونًا وثيقًا مع الشركاء الصينيين؛ كما قد تواجه آبل تحديات في دمج هذه النماذج المختلفة بسلاسة، لضمان اتساق الأداء والجودة. وستحتاج آبل تكيفًا مستمرًا من خلال الاستمرار في تحديث وتكييف هذه النماذج مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.

إنشاء مراكز بيانات لـOpenAI داخل الصين

يبدو إنشاء مراكز بيانات لـ OpenAI داخل الصين حلًا شبه مستحيل إذا كنت تضعه في الاعتبار؛ إذ لم تُطلق خدمات OpenAI الرئيسية للذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT و DALL-E رسميًا في جمهورية الصين. وصرح متحدث باسم OpenAI لرويترز، في عام 2023، أن الشركة لم تتمكن من إطلاق خدماتها في الصين بسبب العوامل والسياسات والقوانين، لكن لم تفصح الشركة عن تلك العوائق بالتحديد.

وفي خطوة غريبة نوعًا ما؛ أغلقت OpenAI وصول الشركات الصينية إلى خدماتها في ديسمبر 2023. كما علقت OpenAI حساب شركة ByteDance، وهي الشركة الصينية المالكة لـTikTok، بعد أن أفاد موقع The Verge أن بايت دانس استخدمت تقنيات OpenAI لتطوير نظام ذكاء اصطناعي خاص بها.

ورُغم أن هونج كونج تتمتع بحكم ذاتي داخل الصين؛ فإن OpenAI اختارت عدم إتاحة خدماتها هناك كباقي أنحاء جمهورية الصين. لكن توفر ميكروسوفت خدمات OpenAI في هونج كونج من خلال Copilot والذي يعمل على تقنيات OpenAI بالطبع. لذا؛ فإن الشركة المُطورة لـChatGPT يبدو أن لا رغبة لديها بالتواجد في السوق الصينية؛ لكن لا نعلم ما الأسباب وراء ذلك.

فهل ترفض OpenAI أن تقحم نفسها في وسط الصراع الأمريكي الصيني؟ أم لديها المخاوف الأمريكية ذاتها؛ والتي تدعي بتطوير الصين أسلحة بيولوجية من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي أمريكية الصنع!

دعم آبل لشركة صينية واعدة في مجال الذكاء الاصطناعي

يبدو دعم آبل لشركة صينية واعدة للوهلة الأولى حلًا جيدًا. فوفقًا لمسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية؛ رفض الإفصاح عن هويته، فإن هناك مسودة جديدة مُقترحة ستحظر المستثمرين الأمريكيين من تمويل أنظمة الذكاء الاصطناعي في الصين. وحددت المسودة الأنظمة التي يمكن استخدامها في استهداف الأسلحة، والقتال، وتتبع المواقع، والعديد من التطبيقات العسكرية الأخرى.

ولكن بشكلٍ عام تتسبب صناعة الذكاء الاصطناعي الصينية بقلق في البيت الأبيض؛ ما يعني أن المسودة تشمل كل شيء وليس فقط الأمور العسكرية.

وبناءً على هذا الوضع؛ فلن يتمكن أي مستثمر أمريكي بالاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي في جمهورية الصين. والذي بدوره ينطبق على آبل. فلو اختارت آبل على سبيل المثال أن تبني شراكة مع شركة بايدو لاستخدام نموذجها للذكاء الاصطناعي؛ فلا يمكن لآبل تقديم أي دعم حتى إذا كان يخدم مصالحها كشركة أمريكية في الحفاظ على مكانتها في السوق الصينية.

آبل تحطم جدارًا ثلجيًا – تعاون جديد مع شركة بايدو الصينية

أشارت العديد من التقارير الإعلامية أن آبل تناقش صفقة للذكاء الاصطناعي التوليدي مع شركة بايدو الصينية الرائدة. وأكدت بعض المصادر الصينية مثل China Star Market و Cailian Press، أن الصفقة قد تمت بالفعل؛ لكن لم تُدلي أيًا من الشركتين بتصريح رسمي حول تلك الصفقة. وأشارت إلى أن آبل ستستخدم Ernie Bot من بايدو، وهو منتج ذكاء اصطناعي توليدي لأجهزة iPhone 16 وMac OS وiOS 18 في الصين.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن آبل أجرت محادثات أولية مع بايدو حول استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية للشركة الصينية في أجهزتها في الصين، ولكن وُصفت مناقشات آبل مع بايدو بأنها لا تزال استكشافية، حسب ذكر التقرير نقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر.

شراكة بايدو الصينية مع آبل

وشهد نموذج بايدو نجاحًا رائعًا في الصين؛ فبعد أن أعلنت الشركة عن تطبيق نموذجها ERNIE في أغسطس 2023، صعد تطبيق النموذج إلى قمة تصنيفات التطبيقات المجانية في آبل ستور. وأصبح ERNIE بذلك أول منتج صيني أصلي للذكاء الاصطناعي يتصدر تصنيفات متجر التطبيقات في الصين.

لا توجد سلسلة توريد في العالم أكثر أهمية بالنسبة لنا من الصين (الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، في زيارته الأخيرة للصين)

قال بان هيلين، عضو لجنة الخبراء لاقتصاد المعلومات والاتصالات التابعة لوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الأمريكية، أن اختيار حل ذكاء اصطناعي متوافق وآمن سيساعد آبل على فهم وتلبية المتطلبات التنظيمية والقانونية المختلفة في الصين بشكلٍ أفضل. وأضاف الخبير أن لجوء آبل إلى تلك الشراكة يُظهر تقديرها للسوق الصينية والالتزام بلوائحها.

وأشار الخبراء الصينيين إلى أن قرار شركة آبل بالتعاون مع الشركات الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي هو استراتيجية ذكية لمواجهة المنافسة المتزايدة في هذا المجال. فمن خلال التعاون مع الشركات الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن لشركة آبل الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الصينية لتطوير منتجات وخدمات ذكاء اصطناعي متقدمة بسرعة أكبر؛ ما يعزز مكانتها التنافسية في السوق العالمية والأهم السوق الصينية.

سلوك المستخدم الصيني وتفضيله للمنتج المحلي

حققت عودة هواوي القوية بسلسلة Mate 60 وسلسلة هواتف Pura قفزة هائلة في سوق الهواتف الذكية في الصين؛ إذ حققت العملاقة الصينية نموًا بنحو 70% في الربع الأول من عام 2024، فيما انخفضت مبيعات آبل بنحو 19%. ووفقًا لشركة Counterpoint Research قال إيفان لام، كبير محللي الأبحاث في الشركة، أن عودة هواوي أثرت بشكل مباشر على آبل في قطاع الهواتف الرائدة.

تراجع صانع الآيفون إلى المركز الثالث في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، بينما كان يتصدر سوق الهواتف الذكية في الصين بحصة تقارب 20٪ في الربع الأول من عام 2023، وفقًا لـ Counterpoint تبلغ حصة آبل في السوق الآن 15.7٪، وقفزت حصة هواوي إلى 15.5٪ من 9.3٪ العام الماضي.

الحصة السوقية للشركات لسوق الهواتف الذكية في الصين خلال الربع الأول من عامي 2023 و2024، سامسونج تغيب عن القائمة - المصدر: Counterpoint

ووفقًا لدراسة استقصائية أجريت بين المستهلكين الصينيين في عام 2022، قال نحو 85 في المائة من المشاركين إنهم يفضلون العلامات التجارية الصينية الفاخرة على العلامات التجارية الأجنبية إذا كان السعر والجودة متماثلين. وكان السبب الرئيسي لاختيار المستهلكين الصينيين للعلامات التجارية المحلية الفاخرة هو أنها تجسد الأسلوب الصيني؛ ما يبعث على تنامي الشعور بالفخر الوطني والثقة بالمنتجات المحلية.

وأشارت شركة Counterpoint إلى أنها تتوقع أن تؤدي مميزات الذكاء الاصطناعي المضمنة في هواتف صانعي الهواتف الذكية الصينيين إلى زيادة الطلب على الهواتف المحمولة الجديدة؛ إذ دمجت كل من Xiaomi و Oppo معالج Snapdragon 8 Gen 3 من كوالكوم، المصمم لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، في أحدث هواتفهم الرئيسية.

وعرضت شركة هونر ميزة تتبع العين التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في أحدث هواتفها الذكية الرائدة، Magic 6 Pro، والتي تسمح للمستخدم بالتحكم في السيارة باستخدام عينيه. وأضافت Counterpoint إن شركات الهواتف الذكية الصينية ستبدأ على الأرجح في تضمين تطورات الذكاء الاصطناعي الجديدة في هواتفها ذات الأسعار المتوسطة في المستقبل.

ووفقًا لتلك التطورات في أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم؛ فإن آبل تواجه المزيد من التحديات المحلية والعالمية من ناحية الذكاء الاصطناعي الصيني؛ الذي يبدو أن اندماجه مع أجهزة صينية سيكون أكثر تناغمًا. بالإضافة إلى الشركات الصينية التي تنافس في ذلك السوق بشراسة.

إن الوضع الذي تواجهه آبل في السوق الصينية يعكس تعقيدات أكبر في المشهد التكنولوجي العالمي. فالتحديات التي تواجهها الشركة ليست مجرد صراع تجاري، بل هي نتيجة لتقاطع عوامل جيوسياسية وتكنولوجية واقتصادية متعددة. ويبرز الذكاء الاصطناعي الجديد في المساعد الشخصي سيري كمثال واضح على التوتر بين الابتكار التكنولوجي والقيود التنظيمية؛ فبينما تسعى آبل لتقديم أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لعملائها، تجد نفسها مقيدة بسياسات حكومية بين الولايات المتحدة والصين.

وفي الختام، تمثل تجربة آبل في الصين انعكاسًا لتحديات أكبر تواجه صناعة التكنولوجيا العالمية. فالنجاح في هذا السياق المعقد سيعتمد على القدرة على الموازنة بين الابتكار التكنولوجي، والامتثال التنظيمي، ومراعاة الاختلافات الثقافية، والقيود السياسية. وستكون استجابة آبل لهذه التحديات مؤشرًا مهمًا لمستقبل التكنولوجيا؛ إذ يبدو أن الموازين على وشك التغير في العالم التقني. ووحده الذي يمتلك المرونة والتكيف الكافيين هو من سيصمد على كلا الكفتين.