أظهر استطلاع حديث أجرته منصة Stack Overflow أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في البرمجة وصل إلى مستويات غير مسبوقة، لكن في المقابل، تراجعت ثقة المطورين بهذه الأدوات بشكل لافت. وشارك في الاستطلاع أكثر من 49 ألف مطور محترف، ما يمنحه وزنًا كبيرًا كمؤشر على الواقع العملي للمبرمجين في 2025.

كشف الاستطلاع أن أربعة من كل خمسة مطورين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن سير العمل اليومي، لكن المفارقة أن نسبة الثقة بدقة هذه الأدوات انخفضت من 40 بالمئة في السنوات الماضية إلى 29 بالمئة فقط هذا العام. تعكس هذه الفجوة بين الاستخدام والثقة تعقيد الدور الذي تلعبه هذه الأدوات، مثل GitHub Copilot وCursor، في حياة المطورين.

مشكلات تتعلق بجودة النتائج أكثر من فائدتها

لا ينكر المطورون أن أدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة في تسريع بعض المهام، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في النتائج التي تبدو صحيحة لكنها تخفي أخطاء يصعب اكتشافها. إذ عبر 45 بالمئة من المشاركين عن استيائهم من الحلول التي تقدمها أدوات الذكاء الاصطناعي والتي تكون قريبة من الصواب ولكنها غير دقيقة تمامًا. تخلق هذه النوعية من الأخطاء مشكلات يصعب تتبعها، خاصةً لدى المطورين المبتدئين الذين يعتمدون على هذه الأدوات بثقة مفرطة.

وغالبًا ما تؤدي هذه الأخطاء إلى المزيد من عمليات تصحيح الكود، ما يجعل المهام أكثر تعقيدًا. وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن أكثر من ثلث المطورين أوضحوا أن زياراتهم إلى Stack Overflow في بعض الأحيان تكون نتيجة لمشكلات نشأت بسبب استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

الاعتماد الكبير لا يمنع التحفظ

ورغم هذه التحديات، يستمر استخدام الأدوات بشكل واسع. يرجع ذلك جزئيًا إلى ضغط بعض المدراء على المطورين لتبنيها، إلا أن السبب الأكثر شيوعًا هو الفائدة الواضحة التي تقدمها الأدوات في حالات معينة.

كما ينبغي على فرق التطوير أن تتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي بوصفها أدوات مساعدة وليست مصادر حلول نهائية. فعلى سبيل المثال، ينبغي ألا يكتفي المطور بقبول الاقتراحات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، بل يجب التعامل معها كنقطة انطلاق للنقاش أو التحسين، وليس كحل نهائي.

التعلم المستمر أحد الاستخدامات المفيدة

تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي أيضًا كأداة تعليمية مفيدة. إذ يستطيع المطور أن يتعلم من خلالها لغات جديدة أو يطلع على أطر عمل مختلفة بطريقة أسرع، مقارنةً بالبحث التقليدي في الوثائق التقنية المتفرقة.

يعزز هذا الاستخدام من قيمة الذكاء الاصطناعي، خاصةً عندما يتم توظيفه كرفيق تعلم وليس كبديل للعقل.
من ناحية أخرى، تصبح أدوات مثل Copilot أكثر فعالية عندما تُستخدم في بيئة تعلم تفاعلية، حيث تُطرح الأسئلة وتُختبر الحلول، بدلًا من الاعتماد على توليد الشيفرة الجاهزة للاستخدام في بيئة الإنتاج.

دور Stack Overflow في المرحلة المقبلة

على الرغم من أن البعض يظن أن شعبية Stack Overflow تراجعت بسبب انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أن المسؤولين في المنصة يؤكدون أن الواقع مختلف. فقد أشار كبير مسؤولي التقنية في المنصة، جودي بيلي، إلى أن التراجع في الزيارات لم يكن دراماتيكيًا كما يروج البعض.

وتعتزم المنصة توجيه جزء من مواردها نحو تعزيز الثقافة التقنية المتعلقة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى دعم مناقشات المجتمع التي تساعد على تجاوز التحديات المرتبطة بهذه الأدوات ضمن بيئات العمل الواقعية.

أدوات ذكية لكن ليست مثالية

رغم التحسينات التي شهدتها أدوات الذكاء الاصطناعي مؤخرًا، خصوصًا مع النماذج التي تُحسن منطق الاستدلال والتفكير، إلا أن خاصية التوقعات القريبة من الصحة لكنها ليست دقيقة تظل سمة متجذرة في طبيعة هذه التقنية. هذه الحقيقة تدفع المطورين إلى الحذر عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي، خصوصًا عند العمل في مشاريع إنتاجية تحتاج إلى أعلى درجات الدقة.

في نهاية المطاف، يتعين على المطورين والمديرين على حد سواء أن يطوروا فهمًا أعمق لكيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بالشكل الأمثل. فالاعتماد الزائد من دون مراجعة يفتح الباب أمام أخطاء يصعب اكتشافها. أما الحذر الشديد من دون تجربة مدروسة، فيُفقد الفرق فرصة الاستفادة من أدوات قد تكون قوية في حال استخدامها بحكمة.

التحدي الحقيقي هنا لا يكمن في توفر الأدوات أو في قدراتها، بل في كيفية دمجها في سير العمل بشكل ذكي، يجعل منها أداة مساعدة لا عبئًا إضافيًا.