يُعتبر شهر أكتوبر بالنسبة للكثيرين هو بمثابة إذعان بقرب نهاية العام. ولكن بالنسبة لشركة Intel هذا العام، فشهر أكتوبر كان بمثابة بداية. ليست بالطبع بداية لعام جديد، وإنما بداية لنهج جديد في تصميم المُعالجات المركزية؛ ليس فقط على صعيد البنية الأساسية التي تأتي بها، وإنما حتى على صعيد التسمية والعلامة التُجارية.

منذ وقتٍ قصير للغاية، وبينما أنا غارقٌ في كتابة مُراجعات الأجيال الجديدة من مُعالجات Intel والشرائح الجديدة التي تُقدّمها سلسلة 800 من اللوحات الأم؛ إذ بصديقٍ لي يسألني عن الوقت الذي سنرى فيه مُعالجات Core i من الجيل الخامس عشر من Intel. هُنا عزيزي القارئ اعتدلت في جلستي، وواجهت هذا الصديق لأُخبره -بكل حسرة- بالحقيقة المُرّة؛ وهي أنه لا يوجد جيل خامس عشر من مُعالجات Intel Core I. فشهر أكتوبر هذا العام كان الشهر الذي أعلنت فيه إنتل عن وفاة سلسلة مُعالجات Core I...إلى الأبد.

لا نعرف إن كنت قد جئت للحفلة متأخرًا أم ماذا. ولكن..لا، إن كنت تبحث عن معالج Core i9-15900K، فلن تجده في أي مكان. ولكن لو كنت تبحث عن معالج الفلاجشيب (الرائد) الجديد من Intel، فأنت في المكان الصحيح تمامًا، فأنت الآن على وشك أن تُسبح في غياهب الجيل الجديد من مُعالجات Core Ultra 200، وتحديدًا معالج Core Ultra 9 285K الأقوى من Intel!

كيف بدأ الأمر

قبل أن ندخل في صُلب الموضوع، قد تكون هذه المُقدّمة بالنسبة للبعض صادمة، أو مُحيّرة بعض الشيء. ولكنها في الحقيقة ليست كذلك لمن يُتابع صناعة الهاردوير أولًا بأول. حيث تغيرت تسمية معالجات Intel الجديدة من Core i إلى Core Ultra، مع مجموعة من التحسينات والتغييرات التي تُبرّر هذا التغيّر، والتي سنذكرها تباعًا خلال هذه المُراجعة.

بالطبع لا يزال هناك الكثير ممن يبحثون عن معالجات الجيل الخامس عشر، وهذا طبيعي لمن لا يتابع الصناعة أولًا بأول. كل ما حدث أن Intel قررت أن تبدأ بداية جديدة، وتستقطب قدرات مُعماريتها المحمولة من مُعالجات Core Ultra 200، مع ما توفّره من ميزات توفير الطاقة ودرجات الحرارة المُنخفضة، وقدرات الذكاء الاصطناعي المُدمجة بفضل مُعالجها العصبي؛ وتضع كل هذا في قالب مكتبي مُتوافق. 

لذا فنحن اليوم أمام جيل جديد كُليًّا من المُعالجات المكتبية، تستطيع توفير مُستويات أداء قويّة، واستهلاك طاقة مُنخفض، مع درجات حرارة أقل. ليس هذا فحسب، بل إنها جلبت قدرات الذكاء الاصطناعي ومنصة Copilot+ لأول مرّة للأجهزة المكتبية. هذه هي البداية، والبقية ستفهمها بمفردك.

نظرة على مُعالج Core Ultra 9 285K

معالج Core Ultra 9 285K من Intel قبل التركيب

اليوم نستقبل أقوى معالج من السلسلة الجديدة، والذي نال حظه من الترقب منذ أن تم الإعلان عنه. Core Ultra 9 285K هو الأقوى هذا العام من Intel، والذي يعتلي قمة هرم الفريق الأزرق الذي يطمح لمنافسة Ryzen 9 9950X الذي أصدرته AMD لتوها كأعلى معالج من سلسلة Ryzen 9000.

لكن قبل أي شيء، يجب أن نتحدث قليلًا عن المعمارية الجديدة والفارق بينها وبين الجيل الماضي، حتى نرسم صورة بسيطة عن التوقعات قبل أن نصل لأهم مرحلة في مراجعتنا.

عن معمارية Arrow Lake نتحدث

فكرة Arrow Lake جديدة بالنسبة لـ Intel، فبصراحة، عودتنا Intel على الضغط على المعالج لأقصى الحدود بكل واط يخرج من مزود الطاقة لنصل إلى أفضل نتيجة أداء ممكنة. لكن لنواجه الواقع، ما رأيناه في الجيل الماضي من استهلاك طاقة لم يكن مريحًا لأحد، لا للمعالج ولا مستخدمه، وفي ظل توجه العالم كله إلى سُبل توفير الطاقة، فمن الطبيعي أن تتبع Intel نفسه الطريق.

فكرة Arrow Lake تتمحور حول تقديم أداء قوي مقابل استهلاك طاقة بسيط، ولحسن حظها تمكنت من أن تحافظ على أداء الجيل الماضي تقريبًا مقابل استهلاك طاقة أقل بنسبة تصل إلى 58% في بعض الظروف، وهذا حسب المواد الإعلانية التي رأيناها من الشركة.

ما أسفل الغطاء

نفس الاستراتيجية التي تتبعها Intel حاضرة؛ أنوية طاقة وأنوية أداء. لكن يجب أن نذكر أن في الناحيتين، تبحث Intel عن أقل استهلاك طاقة مميز بدايةً من أنوية الكفاءة، وهي Skymont الجديدة، فهذه الأنوية تقدم أداءًا أفضل بنسبة 32% مقارنة بأنوية الكفاءة Gracemont من الجيل الماضي.

معالج Intel Core Ultra 9 285K من الخلف

بالنسبة لأنوية الأداء، فالفارق أقل. هناك فارق 9% فقط في صالح أنوية Lion Cove الجديدة مقارنةً بـ Raptor Cove. هذا بالتأكيد يعني أن هذه المعالجات ستظل محافظة على الأداء القوي في الألعاب وصناعة المحتوى، والذي قدمها الجيل الماضي من Intel، التي من الواضح أنها تستهدف الطاقة ثم الطاقة.

من الجدير بالذكر أن جميع معالجات Core Ultra 200 لا تقدم تقنية الـ Hyperthreading، فكل معالج له خيطٌ واحدٌ الآن. تزعم Intel أن هذا لن يشكل مشكلة في الأداء، بل وتزعم أنها ستقدم أداءًا أفضل من Intel Core i9 14900K بـ 15% على صعيد تعدد الخيوط.

شريحة NPU لأول مرة في معالج سطح مكتب من Intel

ولأول مرة تقدم Intel شريحة خاصة لمعالجة الذكاء الاصطناعي، أو ما يسمى بـ "NPU" هذه الأيام ليشير إلى معالجة الشبكات العصبية، والمبني عليها منطق الذكاء الاصطناعي، لتقدم ما يصل إلى 13 ترليون عملية في الثانية الواحدة من عمليات الذكاء الاصطناعي.

ترى Intel أن هذا يستطيع أن يقدم أداءًا يصل إلى 36 ترليون عملية، فمع المعالج المركزي والرسومي المدمجين داخل الشريحة، يمكن الوصول إلى هذا الرقم مع المعالج الذي نستخدمه اليوم. هذا يعني أيضًا أن المعالج بمفرده سيقدم لك مزايا الذكاء الاصطناعي بشكل مقبول جدًا مع التعديل على الصور وما شابهه من وظائف، دون الحاجة إلى كارت شاشة خارجي.

أفضل شريحة رسومية في معالج من Intel

وأخيرًا معمارية Xe-LPG تصل إلى معالجات سطح المكتب. نفس الأنوية الرسومية من سلسلة Intel Arc سنراها داخل معالجات Core Ultra الجديدة، وهذا لتتماشى مع ما تقدمه AMD في الشرائح المدمجة الخاصة بها بأنوية RDNA.

وجود هذه الأنوية يضمن تفعيل تقنيات بصرية صارت مهمة، مثل XeSS التي تنافس DLSS وFSR، وحتى تتبع الأشعة سيكون متاحًا أيضًا، ولكن لنكن واقعيين، لن يقدم الأداء المرجو منه في الألعاب لأننا نتعامل هنا، وفي النهاية، مع شريحة مدمجة.

لكن يمكن أن تستخدم هذه التقنيات مع تطبيقات صناعة المحتوى وما يشابهها، وبالتأكيد من سيشتري معالج مثل هذا لن يحتاج إلى الشريحة الرسومية الداخلية، بل سيعتمد على كارت شاشة مستقل بكل تأكيد.

التوصيلات التي تحتاجها كلها في مكانٍ واحد

من يبحث عن أفضل معالج يبحث بالتأكيد عن أفضل توصيلات، وما تقدمه سلسلة Core Ultra بشكل عام مذهل للغاية. المعالجات الجديدة تدعم حتى 24 خطًا من خطوط الـ PCIe؛ تُقسم إلى 20 خطًا للجيل الخامس وأربعة للجيل الرابع. 

مُعالج Intel Core Ultra 9 285K على لوحة ROG Maximus Z890 HERO

يمكنك تركيب ما يصل إلى ثماني وحدات تخزين تعمل بواجهة الـ SATA III، عشرة مداخل من USB 3.2 ومدخلين من Thunderbolt 4. تدعم المعالجات بطبيعتها شبكات الـ WiFi 6E وBluetooth 5.3، ولكن بالتأكيد لوحات الفئة العليا ستقدم الـ WiFi 7 والـ Bluetooth 5.4.

عن مقبس Intel الجديد

ودع لوحات الجيل الماضي. من الآن ستحتاج إلى لوحة تدعم مقبس LGA 1851، ولكن لحسن حظك، معالجك لن يحتاج إلى مبرد جديد في معظم الأحوال، وهذا لأن معظم المبردات التي توافقت مع مقبس LGA 1700 ستتوافق مع هذا المقبس.


مع الأسف، قد يكون مقبس LGA 1851 أحادي الجيل. أي قد لا تعتمد عليه Intel في الجيل القادم، فالشركة لم تعلق على مدى استدامة هذا المقبس، ولكن لن نستبق الأحداث أكثر من هذا، دعونا نستمتع بما لدينا الآن ونقلق بشأن المستقبل لاحقًا.

مواصفات معالج Intel Core Ultra 9 285K

المعالج الجديد من Arrow Lake، والذي من المفترض أن يقدم أداءًا أفضل من الجيل الماضي بـ 26% في بعض الظروف، يأتي بهذه المواصفات:

  • عدد أنوية الأداء: 8 أنوية
  • عدد أنوية الكفاءة: 16 نواة
  • التردد الأقصى لأنوية الأداء: 5.7 جيجاهرتز
  • التردد الأقصى لأنوية الكفاءة: 4.3 جيجاهرتز
  • سعة ذاكرة L3 المخفية: 36 ميجابايت
  • الشريحة الرسومية المدمجة: Xe-LPG
  • سعة استهلاك الطاقة: 150 واط

اختبارات أداء معالج Intel Core Ultra 9 285K

عندما تحدّثت Intel عن جيلها الجديد للأجهزة المكتبيّة، كان تركيزها على عاملين مُهمّين للغاية؛ ألا وهما الحرارة واستهلاك الطاقة. وذلك لأن الجيل الجديد الذي بين يدينا اليوم لا يُركّز على تقديم مُستويات أعلى في الأداء كما هو الحال مع الأجيال الماضية، وإنما على استهلاك الطاقة ودرجات الحرارة الأقل، مع إضافة تجربة الذكاء الاصطناعي المحلّي. 

هذا التوجّه الجديد يعني ببساطة أننا لن نرى دفعة أداء مهولة مُقابل مُعالجات الجيل الماضي، أو حتى أمام المُعسكر الأحمر. ولكنّه بالتأكيد سيُقدّم الكثير من ناحية توفير الطاقة ودرجات الحرارة الأقل. 

ستتكوّن النتائج -كالعادة- من قسمين رئيسين، قسم البرامج والتطبيقات، نختبر فيه أداء النواة الواحدة، والأنوية المُتعدّدة. ثم قسم الألعاب؛ وأخيرًا درجات الحرارة واستهلاك الطاقة، والذي ننتقل منه مباشرةً إلى المُقارنة النهائية مع المُعالجات المُنافسة والسابقة من AMD في نفس الفئة السعرية.

بالنسبة لاختبارات استهلاك الطاقة ودرجات الحرارة، وكما هي العادة، سنستعرض درجات حرارة المعالج في ثلاث سيناريوهات تشغيل مُختلفة هي: 

  1. مع برنامج Blender Rendering لمعرفة قدرات الريندر التي يستطيع المعالج توفيرها.
  2. الضغط الشديد على المُعالج باستخدام برنامج AIDA64.
  3. وأخيراً في سيناريوهات الألعاب المُختلفة.

منصة الاختبار وظروف التشغيل

حتى نقوم بتوحيد النتائج، نقوم عادةً باستخدام مُنصة اختبار، وإعدادات ثابتة مع تغير القطعة المُراد تجربتها أو مُراجعتها، ولكن بما أن معالجات Core Ultra هي معالجات جديدة بالكامل، فالمنصة التي نستخدمها هذه المرة تعتبر جديدة. والتي تأتي هذه المرة بقيادة اللوحة الأم الفذّة ROG Maximus Z890 HERO، وستكون منصة كالتالي :

فيما يتعلق بظروف التشغيل الخاصة باختبارات المعالجة المركزية للمعالجات مثل برامج الرندر والتعديل وتحويل الترميز، واختبارات الذواكر، فنستعرضها بالشكل التالي:

  • نظام التشغيل: استخدمنا أحدث نسخة من نظام التشغيل الأحدث Windows 11.
  • مستوى التشغيل Power Plan: نقوم هنا باختبار المعالجات في وضعية الأداء القصوى High Performance مع ترك خيارات حفظ الطاقة من البايوس على الوضع التلقائي أو Auto.
  • تردد التشغيل للمعالج: المعالجات المستخدمة جميعها تعمل بتردداتها المصنعيّة في تجربتنا.

وبما أننا في عصر الذكاء الاصطناعي، فله دوره بالتأكيد مع هذه اللوحة. بدايةً من الشبكة، والتي تستطيع أن تضبط أداء الـ WiFi لتحصل على توصيلات سريعة وثابتة، وتدعم شبكة الـ WiFi 7، أي أعلى من معالج Intel نفسه.

اللوحة الأم ROG Maximus Z890 HERO


كسر السرعة يتم أيضًا بالذكاء الاصطناعي، والذي يغنيك عن الدخول في تفاصيل كثيرة لا تريد الدخول فيها. نظام ASUS يعتمد على تحليل الجهد، الطاقة والأداء للوصول إلى أعلى مستوى من كسر السرعة دون وضع أي قطعة من تجميعتك في خطر، ونفس الأمر ينطبق على نظام التبريد، والذي يتحكم في المراوح والقطع المرفقة باللوحة بنفس الأسلوب لتضمن أقل صوت وحرارة مع أفضل أداء أيضًا.
بالحديث عن التبريد، دعونا نذكركم بأن كل قطعة في هذه اللوحة لها تبريدها. فمثلًا وحدة الـ VRM مرتبطة بمشتت معدني تم وضعه على وحدات الـ MOSFET ويتصل بغطاء التوصيلات الخلفية، وتوجد ماسورة حرارية داخلية تمتص الحرارة داخل هذا الجزء.
وحدات الـ M.2 لها غرفة البخار الخاصة بها أيضًا لزيادة قوة التخلص من الحرارة، وهذا لوحدات الـ PCIe 5.0 التي تُعرف بحرارتها المرتفعة. حتى وحدات الـ PCIe 4.0 لها تبريدها الخاص من خلال لوحة خلفية لكل وحدة والمشتت المعدني الأكبر الذي يغطيهم كلهم، لضمان أفضل درجة حرارة ممكنة.
شريحة Z890 لها مشتتها الخاص بها ليحافظ على محرك اللوحة، ومن الجدير بالذكر أن كل مشتت حراري على هذه اللوحة له وساداته الحرارية التي تنقل الحرارة بأسرع شكلٍ ممكن. يمكنكم تفقد مراجعة هذه اللوحة من خلال هذا الرابط، والتي ستبهركم أكثر وأكثر عندما تتعرفون على تفاصيلها.



 

النتائج مع برامج الإنتاجية وصناعة المحتوى

لدينا في البداية الأداء مع برنامج Cinebench R20، وهنا تظهر أولى الدلائل على صحّة ادّعاء Intel عن الجيل الجديد، وأنه لن يُقدّم زيادة كبيرة على صعيد الأداء. نحن هنا نتكلّم عن نتيجة 610 نقطة للنواة الواحدة، وما يصل إلى 16083 في أداء الأنوية المُتعدّدة، وهو أداء أقل من مُعالجات الجيل الماضي، بل وحتّى ما قبله على صعيد النواة الواحدة. ولكن من ناحية تعدد الأنوية، فتعدّد الأنوية هُنا يوفّر زيادة جيدة.

قررنا بعد ذلك الانتقال إلى نسخة عام 23 من نفس البرنامج، لنجد أن المعالج يُحقّق مرّة أُخرى نتائج أقل من الأجيال الماضية والمنافسين على صعيد النواة الواحدة (1579). ولكن بالنسبة للأنوية المُتعدّدة (41266)، فنحن أمام أداء ممتاز، يستطيع حتى منافسة الجيل الأحدث من AMD في تعدد الأنوية.

الأمر نفسه تكرر مرّة أُخرى أيضًا مع باقي إختبارات الأداء مع البرامج، والتي حقّق المعالج فيها فروق أداء متفاوتة، ولكنها للأسف لا تُنافس المُعالج الأفضل من الجيل الماضي 14900K، ولا حتى Ryzen 9 9950X في أداء النواة الواحدة في أغلب الأحيان؛ ولكنها تحاول اللحاق بالركب في أداء تعدد الأنوية، حسب طبيعة البرنامج. وهو ما يعني أن المُعالج للأسف لا يستطيع حتّى تقديم أداء معالج الجيل الماضي. ولكن كل هذا قد لا يُهم كثيرًا عند النظر إلى استهلاك الطاقة ودرجات الحرارة.

الجدير بالذكر أيضًا أننا واجهنا بعض المشكلات مع بعض البرامج، مثل 3D Mark، حيث لم نستطع الحصول على نتائج من المُعالج، وكان الاختبار يفشل بدون أن يتم. هناك أيضًا تذبذب واضح مع بعض البرامج والاختبارات الأُخرى التي قمنا بها. مما أدّى في النهاية إلى تجربة مُحيّرة بعض الشيء بالنسبة لنا. ولكن يبدو أن Intel لديها بعض العمل على تحديثات البيوس في الفترة القادمة على صعيد ثبات الأداء.

النتائج مع الألعاب

لا أعرف ماذا أقول هُنا في الحقيقة. فبالرغم من أنني كنت أتوقّع تراجع بقيمة 10% كحد أقصى عند التعامل مع الألعاب؛ إلا أن الفارق في الأداء مع بعض الألعاب أكثر من ذلك بكثير، خاصّة عند المُقارنة مع مُعالجات AMD الأخيرة. فبنظرة سريعة للغاية على النتائج، سنجد أن الجيل الجديد من Intel لا يستطيع تقديم مستويات أداء مُنافسة على الإطلاق، خاصّة بالنسبة لدقّات العرض الأقل. كما أن هناك تذبذب واضح وعنق زجاجة واضح وغير مُبرّر مع بعض العناوين.

ولكن مع زيادة دقّة العرض، نجد مستويات الأداء تبدأ في الارتفاع بشكل جيد، يقترب من حدود المُنافسة مع الأجيال الماضية من Intel، أو حتى من AMD. وهذا إن دلّ على شيء، فإنه يدل على أن تقليل استهلاك الطاقة ودرجات الحرارة جاء على حساب تراجع واضح في الأداء. بالطبع هذا لن يكون الحال مع كل دقّات العرض وجميع عناوين الألعاب، حيث لاحظنا أداءً مُنافسًا مع بعض العناوين. ولكننا نتحدّث هُنا عن الأداء العام، مُقابل مُعالجات الجيل الماضي والمُعالجات المُنافسة في نفس الفئة السعرية.

المُعالج العصبي NPU

بالطبع لا نستطيع الآن الحكم على نتائج المُعالج العصبي بشكل قاطع، خاصّة وأننا أمام أول جيل من المُعالجات المكتبية بهذه التقنية. ولكن بالنظر إلى الأداء بشكلٍ عام يُمكننا القول أنها بداية مُتواضعة بعض الشيء. نعم هذه الأرقام أفضل كثيرًا من عدد لا بأس به من المُعالجات المحمولة، ولكننا نتحدّث هنا عن مُعالجات مكتبية مع قيود طاقة أعلى بكثير من نظائرها المحمولة، وبالرغم من ذلك فالفوارق ليست كبيرة بنفس الدرجة كما كُنّا نأمل.

لكن في نهاية المطاف، ستحصل على تجربة Copilot+ على جهازك المكتبي أخيرًا، أليس كذلك؟! 

درجات الحرارة واستهلاك الطاقة

مرّة أُخرى نعود لاختبارات درجات الحرارة واستهلاك الطاقة، وهنا يبرز هذا المُعالج بشكل كبير وواضح بالفعل. فمع مستويات استهلاك طاقة ودرجات حرارة هي الأقل تقريبًا، حتى أمام معالجات AMD الأخيرة؛ يُمكننا القول أن هذه المُعالجات هي الحل المثالي لمن يبحث عن منصّة موفّرة للطاقة.

أداء مُعالج Intel Core Ultra 9 285K

بالطبع هذه الزيادة كما نرى جاءت على حساب الأداء العام الأقل، ولكنها في نهاية المطاف تُحقّق أهداف التصميم الجديد للمعالجات.

خلال هذا الاختبار سنقوم بقياس درجات الحرارة على ثلاثة مراحل مختلفة وهي:

  • AIDA64: البرنامج الأول للاختبار الذي يقوم بالضغط على المعالج بشكل مُكثف لفترة كافية (حددتها بعشر دقائق لكل المعالجات الموجودة في الرسم البياني).
  • الرندرة على Blender: سيكون الوضع الثاني هو اختبار الحرارة مع عملية الرندر مع برنامج Blender التي تستهلك كل انوية المعالج بدرجة كبيرة .
  • الألعاب: الاختبار الثالث سيكون حرارة المعالج مع الألعاب على دقة العرض 4K مع البطاقة RX 7900 XTX.

كما نرى في النتائج الموجودة في الرسم البياني السابق، يُقدّم المعالج قفزة كبيرة للغاية في الأداء الحراري واستهلاك الطاقة. فبالرغم من أننا نتحدّث عن معالج يحمل 24 نواة، ومعالج رسومي مُدمج ومعالج عصبي، إلا أن درجات الحرارة لم تصل إلى 60 درجة مع الألعاب، و 64 درجة مع برامج الريندر التي تضغط بشكل كبير على المُعالج مثل Blender. أمّا عند الضغط الأقصى على المُعالج -كما هو الحال مع برنامج AIDA64، فدرجات الحرارة لم تتجاوز 75 درجة مئوية!

الأمر نفسه ينطبق على استهلاك طاقة، حيث سجل المعالج مع برنامج AIDA64 نتيجة 200 واط، وهي أقل كثيرًا من معالجات الجيل الماضي (بنسبة تصل إلى 30%)، ويقترب كثيرًا من مُعالجات AMD الأخيرة التي تأتي بالمُناسبة مع عدد أكبر من الأنوية. لذا وبالنظر إلى درجات الحرارة واستهلاك الطاقة الأقصى الذي يُحقّقه هذا المُعالج، يُمكننا القول بسهولة أن معالجات الجيل الجديد أفضل بشكل واضح من هذه الناحية. نعم، للأسف لا تزال هذه المُعالجات تستهلك أكثر من المُعالجات المُنافسة من معمارية Ryzen الأخيرة، لكنها قفزة جيدة بالنسبة لإنتل!

كل هذا يدل على ماذا؟ أن Intel استطاعت بالفعل تقديم مُستويات استهلاك طاقة (أقل بنسبة تصل إلى 30% وأكثر) ودرجات حرارة (أقل بنسبة تصل إلى 35% وأكثر) أقل كثيرًا من الجيل الماضي، حسب طبيعة الاستخدام. وفي المُقابل تتراجع في مُستويات الأداء بنسبة تصل إلى 20% في بعض الأحيان.

التقييم والحكم النهائي على معالج Intel Core Ultra 9 285K

لا شك أن جميع من كانوا ينتظرون معالجات الجيل الخامس عشر من Intel كانوا يتوقّعون المزيد من الأداء مقارنةً بمعالجات الجيل الماضي، خاصّة وأنها تُنافس جيلًا جديدًا من AMD. ولكن يبدو أن Intel ترى أن الجيل الرابع عشر قادر على المُنافسة في هذه المساحة في الوقت الحالي. وهو ما جعلها تُركّز على المُنافسة في سوق مُختلفة بتوجّه جديد كُلّيًّا.

حيث تأتي مُعالجات Core Ultra 200 الجديدة لتُقدّم مستويات استهلاك طاقة، ودرجات حرارة أقل، مع جلب تجربة المعالجات العصبية والذكاء الاصطناعي للحواسيب المكتبية. نعم، كان ذلك على حساب الأداء العام مع الألعاب وبعض التطبيقات الإبداعية، والريندر، والتطبيقات الصناعية ومجال الخوادم؛ ولكنها في المُجمل تظل تجربة مقبولة. كما أنها لا تستطيع في نهاية المطاف التفوّق على معالجات Ryzen الأخيرة في أيًّا من هذه الجوانب بالشكل الذي يُبرّر لها وجودها في نفس فئاتها السعرية.

لكن إن كُنت سأقوم هُنا بترشيح هذه المُعالجات لفئة مُعيّنة من المُستخدمين، فالفئة ستكون...حسنًا في الحقيقة لا أعرف. 

بالطبع لا يُمكنني ترشيح هذه المُعالجات للاعبين. نعم، أداء الألعاب إجمالًا ليس سيئًا، ولكنه في نفس الوقت أضعف بشكلٍ واضح من معالجات الجيل الماضي في الكثير من الأحيان. أمّا لمن يُريد العمل على هذه المعالجات مع البرامج الإبداعية، فهناك مُعالجات الجيل الماضي الأفضل في هذا الجانب. وهذا يتركنا أمام من يُريد الحصول على تجربة جديدة، ومزيج فريد من قُدرات المُعالجة. أو لعل الرؤية تتشكّل بعد إطلاق تحديثات البيوس والتحديثات الدقيقة القادمة من Intel. يأتي المُعالج الجديد أيضًا بسعر يصل إلى 589$ دولار أمريكي، وهو ما يعني أنه أمام مُنافسة صعبة قليلًا أمام منافسه من AMD.

كل هذا لا يعني إلا أمرًا واحدًا فقط، وهو أنك القرار عائد إليك. إذا أردت أن تحصل على معالج يستطيع تقديم استهلاك طاقة ودرجات حرارة أقل، والحصول في نفس الوقت على أداء ممتاز في البرامج الإبداعية والإنتاجية، مع تجربة Copilot+ على جهازك المكتبي؛ فلا شك أن الجيل الجديد من Intel و معالج Intel Core Ultra 9 285K سيُقدّمان لك هذه التجربة. 

لكن إن كان الأداء مع الألعاب هو النقطة الأكثر أهميّة، أو كنت تبحث عن أداء مُتكامل مع درجات حرارة معقولة؛ فلا شك أن مُعالجات الجيل الماضي، أو معالجات Ryzen المُنافسة هي الأفضل بالنسبة لك.