[quote هذا شيء خاص بحطام الثلج - هل هو فيروس، أم عقار، أم دين؟ - نيل ستيفنسون من رواية "حطام الثلج".]

شركة ميتا، أو الشركة المعروفة سابقًا باسم فيسبوك، تريد إقناعك بشدة أنها ستضع المستقبل على وجهك، وذلك جوهر ما أعلنه مارك زوكربيرج، مع إعلانه أن أكبر شركة تواصل اجتماعي في العالم ستغير علامتها التجارية، وتوجه تركيزها بالكامل نحو الميتافيرس "Metaverse".

الأخبار كانت قوية، ولكنها لم تمثل أي مفاجآت؛ بالنسبة لشركة فيسبوك، كان عام 2021 هو عام محاولة تحقيق عالم الميتافيرس. أولًا، كان هناك الإعلان المثير، عبر موقع The Verge في يوليو الماضي، ومن خلال زوكربيرج نفسه، أن فيسبوك لن تكون شركة تواصل اجتماعي بعد الآن. ولكنها سوف تتحول إلى "شركة ميتافيرس"، وبكلمات زوكربيرج نفسه أن هذا يعني: "صنع وبناء إنترنت مُجسّد، وبدلًا من مجرد عرض المحتوى أمامك، فسوف تكون أنت نفسك داخل هذا المحتوى".

سعي فيسبوك المحموم وراء الميتافيرس!

باختصار، ظهر مارك في برنامج CBS Morning Show لشرح ميزة غرف العمل الافتراضية الجديدة Horizon Workrooms، حيث يمكن تجسيد المستخدم في "آفاتار" أثناء الاجتماعات داخل العمل، دون الاكتفاء بعرض غرفة برنامج Zoom الافتراضية المملة.

ثم أطلقت شركة فيسبوك شراكتها مع شركة Ray-Ban للنظارات بهدف بيع النظارات الشمسية بتقنية الواقع المعزز. ثم ظهرت الأخبار بأن فيسبوك ستوظف 10 آلاف شخص في أوروبا للعمل على بناء هذا العالم الافتراضي على الإنترنت. بعد ذلك، جاءت تسريبات بأن فيسبوك تعمل على تغيير علامتها التجارية لتعكس تطلعاتها الضخمة للعالم الافتراضي الجديد، وهو الاسم الذي نعرفه الآن Meta.

نادرًا ما تجد شركة بهذا الحجم تحاول بنشاط محموم أن تبيع رؤية لمنتج، أو بتحديد أكثر، تبيع إطارًا لمنتج مستقبلي، ولكنه فكرة مجردة خافتة وواهية للغاية. مثلًا، عندما ذكرت جوجل أنها تريد تنظيم معلومات العالم، فقد كانت على الأقل تشير إلى محرك بحث يعمل فعلًا.

وبالرغم من العرض التقديمي المطول لمارك زوكربيرج، فإن الأمر لا يزال غامضًا لأي شخص ما سوف تكونه نسخة "ميتافيرس فيسبوك" في الواقع، عند الممارسة العملية، بخلاف مجموعة مترابطة من تكنولوجيا الواقع الافتراضي، مثل غرفة العمل وتطبيقات Oculus الموجودة فعلًا في مساحة غامضة ثلاثية الأبعاد!

ومن غير الواضح أيضًا من سيرغب أن يقضي وقته هناك، لكن فكرة الـ "ميتافيرس - Metaverse" يمكنها أن تولد زخمًا كافيًا، واهتمامًا كافيًا، لدرجة أن تجلب هذا الإطار الخيالي الغريب إلى الحياة. وهذا تحديدًا السبب في أن تلك الجهود الضخمة، نصف الحقيقية، التي تقودها شركات التقنية الكبرى لتصميم الميتافيرس تستحق السخرية منها وأخذها على محمل الجد بنفس القدر!

إن وضعنا جانبًا حقيقة أن فكرة الميتافيرس كانت دائمًا فكرة صريحة وواضحة تقدم عالمًا ديستويوبيًا، من داخل الرواية الشهيرة "حطام الثلج" التي صاغ بها الروائي الأمريكي نيل ستيفينسون المصطلح أول مرة. وفي تلك الرواية، كما هو الحال في قصص عالم السايبربانك الأخرى، فإن الميتافيرس شيئًا خطيرًا في جوهره، حتى أن عنوان الرواية نفسه، "حطام الثلج"، يشير إلى عقار رقمي لسكانه، بآثار ضارة على الجهاز العصبي تمتد خارج هذا العالم الافتراضي.

لكن فيسبوك تتعامل مع الأمر بجدية كافية لدرجة للاستثمار الثقيل في التوظيف وتطوير المنتجات، بما يعادل إنفاق 10 مليارات دولار على مشاريع الميتافيرس هذا العام فحسب، وهي أيضًا ليست الشركة الكبرى الوحيدة التي تسعى وراء تنفيذ وتطوير ذلك المفهوم. لذا، فإن الأمر يستحق بعض التساؤل المنطقي: لماذا بالضبط تسعى فيسبوك، وغيرها من الشركات، لتنفيذ فكرة الميتافيرس؟

ثلاثة دوافع للهروب إلى الميتافيرس!

توجد على الأقل ثلاثة دوافع قوية، بعضها واضح والآخر خفي، تحفز شركة فيسبوك، ومايكروسوفت وغيرها من الشركات الكبرى، للسعي المحموم والهروب إلى عالم الميتافيرس، وربما مواصلة ذلك السعي المحموم إلى الحد الذي يجعل أحد أكبر عمالقة التقنية في العالم يعيد تسمية الشركة بأكملها: أولها يخص صورة الشركة وعلاقاتها العامة، ثانيها هي غرور الملياردير المؤسس، وثالثها، وهو الدافع الخفي، هي ضرورة حتمية خاصة بمجال الأعمال على مستوى الصناعة بأكملها.. لنرى!

الدافع الأول: صورة فيسبوك الممزقة أمام العالم!

عالم الميتافيرس

السبب الأول يدور بالكامل حول صورة شركة فيسبوك الحالية أمام العالم بأكمله، هذه العلامة التجارية الزرقاء الجديدة تأتي في وقت تتعرض فيه سمعة الشركة إلى ضربات مبرحة للغاية، بمجموعة من التسريبات لمخالفات داخلية، وبعض التقارير القوية، بجانب جلسات الاستماع والتحقيقات من الكونجرس، والآن أوراق فيسبوك.

إن كان عام 2021 هو عام محاولة إحياء مفهوم الميتافيرس بالنسبة للشركة، إلا أنه أيضًا عام تطغى عليه الفضائح، وبأوراق فيسبوك وحدها، تقف الشركة في موضع الاتهام بأنها تدفن بيانات، جمعها الباحثون داخلها، تظهر أن منتجاتها تضر المستخدمين، بجانب فشلها في إيقاف المجموعات التي تعزز العنف والاتجار بالجنس، وغيرها من المصائب!

لذا، من المنطقي، ومن المتوقع أيضًا، أن تفكر الشركة ومؤسسها في تحويل انتباه العالم عن شبكتها الاجتماعية الأشهر التي أثقلتها الفضائح، وفي ذلك السبيل حاولت البحث عن شيء مبهر وملهم وبرّاق، بكثير من الألوان والابتكارات الرائعة.

يقارن الكثيرون جهود فيسبوك في تغيير علامتها التجارية بما فعلته جوجل عام 2015 لإعادة تنظيم نفسها كشركة تحت مظلة الشركة الأم التي أطلقت عليها "ألفابت"، ولكن هنا الأمر مختلف بعض الشيء؛ صحيح أن جوجل كانت تحاول إعادة الهيكلة وتحاول تجنب شكاوى مكافحة الاحتكار التي واجهتها في الطريق، إلا أنه في حالة فيسبوك تشعر كأنه قرار رجعي، قرار تقوده متطلبات العلاقات العامة.

مارك زوكربيرج نفسه يدرك جيدًا كيف يمكن أن تظهر مناورة الهروب إلى الميتافيرس، حتى أنه افتتح حديثه قائلًا: "أعلم أن بعض الناس سيقولون إن هذا ليس وقتًا مناسبًا للتركيز على المستقبل، وأعترف بأن هناك قضايا مهمة نعمل عليها في الوقت الحاضر. ولكن دائمًا ما ستكون هناك تلك القضايا"!

أعمال فنية وألعاب سبقت فيسبوك في تطبيق الميتافيرس

الأمر ليس بجديدٍ على الإطلاق، فكثير من الشركات عملت بنشاط محموم لإبعاد نفسها والتهرب من المنتجات التي تعدّ العمود الفقري للشركة، بالرغم من أن قليل منها كانت قيمته السوقية تزيد عن 1 تريليون دولار. مثلًا، في عام 2003، شركة فيليب موريس، الأشهر في إنتاج سجائر "مارلبورو"، غيّرت علامتها التجارية وأطلقت على نفسها اسم مجموعة "Altria"، بعد أن أصبح من الواضح تمامًا أن منتجها يتقن عمله للغاية في قتل مستخدميه، ليتحول شعارها الآن إلى "تجاوز ما بعد التدخين"!

بينما قبل ذلك بثلاثة أعوام، في عام 2000، وبعد أن أصبح من الواضح أيضًا أن الوقود الأحفوري يؤثر على مناخ كوكب الأرض، غيّرت شركة البترول البريطانية "بريتيش بتروليوم" لقبها واختصار الاسم (British Petroleum) BP إلى (Beyond Petroleum) أو ما هو "أبعد من البترول"، في إشارة إلى نيتها بدء الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة.

ولكن فشلت الشركة في الحفاظ على ذلك الوعد بالطبع؛ في مارس عام 2006، تسبب خط أنابيب للنفط تابع لها في واحدة من أكبر حوادث تسرب النفط في تاريخ ألاسكا. بينما في عام 2010، أطلق انفجار منصة الحفر التابعة لها Deepwater Horizon في خليج المكسيك أكبر تسرب نفطي بحري في التاريخ. وتحت وطأة الضغوط المالية، باعت BP في النهاية عديد من أصولها الخاصة بالطاقة النظيفة، كالطاقة الشمسية والرياح، وتخلت بهدوء عن إعادة تغيير علامتها التجارية.

ربما يتوقع زوكربيرج أن مناورة فيسبوك تؤدي دورًا مماثلًا، وهي خطوة مصممة تحديدًا لتوضيح أهمية توسع الشركة والتركيز على آفاق جديدة للمستقبل، بعيدًا عن التواصل الاجتماعي، وأنها تتبنى صنع وتشكيل الإنترنت القادم. ولكن تلك المناورة، بالنظر إلى مدى ضخامة ومركزية الشبكة الاجتماعية، من المرجح أن تُسحب للخلف بالقصور الذاتي للمؤسسة الهائلة وينتهي بها المطاف على هامش تاريخ الشركة، كما حدث مع الشركات السابقة.

اقرأ أيضًا: بعيدًا عن التهويل.. ما هو الـ "ميتافيرس" وهل سيتحقق فعلًا؟

الدافع الثاني: غرور الملياردير الشاب!

مستقبل ميتا لا يتفق مع مارك

لكن على كل الأحوال، وبغض النظر عن أي شيء، يبدو أن مارك زوكربيرج يعني ما يقوله فعلًا، ويأخذ الأمر بجدية. فيسبوك، أو ميتا، لا تواجه الآن اتهامات مستمرة بأنها تعزز السُمَّية وتنشر المعلومات الكاذبة فحسب، ولكن بصورة أكثر أهمية، ربما بالنسبة إلى عملاق تقني بهذا الحجم العالمي، الأمر ممل!

فهي المكان الذي يذهب إليه الناس ليحصلوا على آخر الأخبار من أصدقائهم حول أشياء لا تهم أحد، بينما إن فكرت من وجهة نظر مارك زوكربيرج، فهو ملياردير تقني، ألا ينبغي أن يطمح لشيء أكبر من مجرد منصة تواصل اجتماعي، شيء أعظم للبشرية؟

في الغالب مناورة الهروب إلى الميتافيرس يدفعها غرور الملياردير المؤسس، بقدر ما تدفعها حركة العلاقات العامة وتجميل صورة الشركة أمام العالم. وراء الانتهازية، ستجد رغبة زوكربيرج في اتخاذ خطوة هائلة، كأصدقائه المليارديرات، إلى أراضي المجهول، وما عليك سوى النظر إلى جيف بيزوس أو إيلون ماسك، وصنع شيئًا يمكنه أن يحدث تأثيرًا في المستقبل ويُنسب إليه، بدلًا من تشغيل وإدارة شبكة اجتماعية إعلامية تزدحم بالإعلانات، التي لم تعد تمثل فكرة أي شخص عن المستقبل الجريء الشجاع!

وقد تحدث زوكربيرج عن كيف ألهمه الخيال العلمي لعالم الميتافيرس عندما كان أصغر سنًا، وأشار إلى حبه الواضح لرواية "جاهز أيها اللاعب الأول - Ready Player One"؛ حتى أن الموظفين الجدد في قسم Oculus استلموا نسخًا من الرواية عند بداية توظيفهم. أن يتحول إلى بطلٍ لصنع هذا العالم الافتراضي يُغذي طموحات زوكربيرج بنفس الطريقة التي يغذي بها السفر إلى الفضاء طموحات جيف بيزوس وإيلون ماسك. لكن الأهم أنه يوجد دافعًا ثالثًا خفي وراء كل هذا، والأهم أنه يخص كل شركات وادي السيليكون حاليًا!

الدافع الثالث: الميتافيرس والبحث اليائس عن فكرة تقنية عظيمة!

ميتافيرس فيسبوك الواقع الافتراضي

في بداية العقد الماضي، عام 2011، أعلن مارك آندرسن، المستثمر ورائد الأعمال الأمريكي، عن تنبؤه بأن "البرمجيات سوف تلتهم العالم"، وهذا ما حدث فعلًا، على الأقل إلى لدرجة ما، ولكن لا يزال هناك الكثير من العالم المادي للبرمجيات كي تلتهمه، خاصةً إن بقيت بوابات الوصول الأولى محصورة على الشاشات المستطيلة التي يمكن الدخول إليها في أوقاتٍ محددة من اليوم، وأحيانا قد يُثبت العالم المادي أنه "عسير على الهضم".

مشاريع المدن الذكية لم تعد بتلك الأهمية وبدأت الشركات تتخلى عنها. وقد أثبت حلم البيانات الضخمة أنه ليس بتلك السهولة، وربما انتهى الاهتمام به من حيث بدأ. كما أن نماذج الشركات الناشئة التي تعتمد على التطبيقات، مثل Uber، وأثناء كتابة هذه الكلمات، في طريقها للانهيار تحت وطأة عدم الوصول إلى الربحية، واعتمادها على استغلال العمالة. أما إن وصلنا إلى وسائل التواصل الاجتماعية، ونجومها المعروفين في المجال، فسوف تجد ركودًا عامًا، النمو لم يتوقف بالنسبة لتطبيق فيسبوك فحسب، ولكنه توقف حتى بالنسبة لإنستاجرام وتويتر أيضًا. الأجيال الجديدة بدأت ترى تلك الشبكات على أنها من الماضي!

وفي ذات الوقت، سقط الجزء الأكثر أهمية في سوق الأجهزة، لأن منحنى مبيعات الهواتف الذكية بدأ في الثبات ثم الانحدار على مدار السنوات القليلة الماضية. في عام 2016، شحنت شركات أبل وسامسونج، وغيرها من العلامات التجارية المماثلة، ما يقدر بنحو 1.473 مليار وحدة، لتمثل تلك السنة أعلى معدل لشحن الهواتف الذكية حتى الآن. ولكن بحلول عام 2020، انخفضت الشحنات إلى 1.292 مليار وحدة، وهو أقل إجمالي لشحن الوحدات منذ عام 2013.

أرقام مبيعات وحدات الهواتف الذكية

الصناعة بأكملها الآن أصبحت في حاجة إلى إطار جديد، ربما جهاز جديد بالكامل، ليس مجرد منتج أو خدمة أو قطاع جديد تبحث فيه عن عقود التمويل والاستثمار. الصناعة تحتاج الآن إلى فكرة جديدة، وفكرة الـ "ميتافيرس" تناسب هذا الاحتياج.

هذا الوعد، كما تراه شركات التقنية الكبرى، من السهل ربطه بشعور المستخدم، فربما يصيبنا شعور دائم بأننا نلتصق بهواتفنا أكثر من اللازم، وبأننا نكرّس فعلًا وقتًا هائلًا لشاشاتنا، لكن الحقيقة، كما ترى تلك الشركات، هي أننا نملك مزيدًا من الوقت يمكنها الاستفادة منه!

وإن كانت تلك الشاشات فوق أعيننا، فحينها يمكن أن نصبح مستهلكين أسرى للمحتوى والإعلانات حرفيًا طوال الوقت. لا يتوقف الأمر عند هذا فحسب، ولكن إن أصبح العالم الافتراضي هو الأساس، والبديل عن منصات التواصل الاجتماعي، فإنه سيتطلب صناعةً كاملةً جديدةً لشركات الأجهزة والهاردوير، بالإضافة إلى البرمجيات والتطبيقات الجديدة وأنظمة التشغيل بالطبع. سوق جديدة كاملة وأرباح هائلة في الطريق!

هذا هو السبب في أن معظم الناس مستمرون في الحديث عن الميتافيرس، برغم كل العقبات وبغض النظر عن مدى سخافة العروض التي قدمها مارك ومدى غرابة وسخافة الفكرة. لماذا تستمر شركات العلاقات العامة بتكرار كلمات "ميتافيرس" و"عالم افتراضي كامل" و"الواقع الافتراضي"؟ لماذا عادت للحياة فجأة فكرة الاهتمام بنظارات الواقع المعزز والافتراضي وباستثمارات ضخمة؟

يصرخ فيك المسوقون ورؤساء الشركات الكبرى، مكررين تلك الكلمات في كل مكان من حولك، حتى تأتي لحظة استسلام وتقول: حسنًا، الميتافيرس فكرة رائعة وحقيقية جدًا، هيا بنا ندخل إلى ذلك العالم الافتراضي الآن!

الهروب إلى الميتافيرس مارك زوكربيرج فيسبوك

ببساطة، تحتاج الصناعة إلى هذا الإطار حاليًا، في لحظة من "السيولة غير المسبوقة لصناديق رأس المال المجازف VC"، كما يذكر المستثمر مات كوهين في Crunchbase، يبحث المستثمرون حاليًا عن شيء جديد مثل "الميتافيرس" ليضخو به رؤوس أموالهم.

ربما كانت فكرة الميتافيرس "Metaverse" وتقنيات مثل الواقع الافتراضي VR بمثابة "الطفل الأبيض الغني للتكنولوجيا"، كما يذكر ديفيد كاربف في Wired. تفشل باستمرار ولكن مع ذلك تُمنح الفرصة بعد الفرصة في محاولة لتحقيق النجاح. وبنفس المبدأ، ربما إلى حد أقل، مع تقنية الواقع المعزز AR، التي حاولت جوجل أن تنفذها بنظاراتها ولكنها فشلت قبل 10 سنوات.

المشكلة هنا، حتى إن طلبنا من تلك الشركات التوقف عن محاولة وضع نظارات افتراضية على أعيننا، فلن يستمع أحد. ببساطة أيضًا، لأنه مع لحظة الجنون الحالية قد لا يهم أي شيء، الأمر مستمر في الحدوث، مع ما يكفي من أموال الاستثمار على الطاولة، ومع صناعة التقنية بأكملها توحد صفوفها وتقف خلف تلك الفكرة، فسنحصل على عالم الميتافيرس رغمًا عنّا، شئنا أم أبينا، أحببنا ذلك أو كرهناه، بشكل أو بآخر.

وكما ذكرت من قبل، أنا لا أحب أو أكره، لا أقبل أو أرفض، أي تقنيات جديدة، بمبدأ دعنا نرى ما الذي تقدمه تلك التقنية. لكن توقعي الشخصي هو ربما أن جهود فيسبوك تحديدًا لخلق هذا العالم سوف تفشل، ليس لأن التقنية أو الفكرة ليست جاهزة، لكن ببساطة لأن شركة فيسبوك لم تقدم أي شيء جديد، أو فكرة مبتكرة، منذ أن ظهرت المنصة عام 2004، ناهيك عن كل مشاكلها الحالية بالطبع، فما بالك بأن تخلق مشروعًا بهذا التصور وهذه الضخامة من العدم؟

في نهاية المطاف، السماح لهذه الشركة، أو للصناعة، بالاندفاع المتهور نحو بناء أو صنع أي شيء يشبه فكرة الميتافيرس ربما يكون مجرد إعادة إنتاج، إن لم يكن تفاقم، للمشاكل التي ظهرت عندما أطلقت وسائل التواصل الاجتماعي فجأة، التي أصبحت تحدد الآن الحياة على شبكة الإنترنت.