حسنًا، الأمر غريب بعض الشيء؛ فما علاقة شبكة نتفليكس بتطبيق مشاركة الفيديو تيك توك؟ ولماذا يجب أن تفكر نتفليكس في شراء التطبيق أصلًا؟

في البداية، سنؤكد أن هناك مشاكل واضحة تواجه شبكة نتفليكس في حال فكرت في دخول الصفقة، مثلًا الشركة لا تتمتع بأي خبرة في عقد صفقات استحواذ ضخمة مثل هذه الصفقة.

المشكلة الثانية أن شبكة نتفليكس تركز بشكل مكثف على إنتاج المحتوى الاحترافي كالمسلسلات والأفلام وتعتمد على الاشتراكات لبناء أعمالها الاقتصادية على مستوى العالم، بينما يعتمد تطبيق تيك توك غالبًا على مقاطع الفيديو القصيرة التي يقدمها المستخدم بشكل مجاني، وتعتمد الشركة بشكل أساسي على الإعلانات، وهو المجال الذي لا تملك فيه نتفليكس أي خبرة أيضًا. ببساطة لا يوجد أي أوجه توافق أو تشابه بين نظامي عمل الشركتين.

عملاق التقنية شركة مايكروسوفت تُجري بالفعل مفاوضات في صفقة معقدة لشراء عمليات تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة وتحظى بمباركة الحكومة الأمريكية، وهي صفقة قد تكلفها حتى 30 مليار دولار. بينما تقترض شبكة نتفليكس مليارات الدولارات لإنشاء المحتوى، ولهذا فإن شراء تطبيق تيك توك بمثل هذا المبلغ سيعني ديونًا أكبر بمليارات أكثر على عاتقها.

الآن بعد كل هذه المشاكل، كيف يمكن أن تكون صفقة شراء تطبيق تيك توك منطقية بالنسبة لشبكة نتفليكس؟

شركة ByteDance مضطرة لبيع تطبيق تيك توك

zhang bytedance

الآن بعد هذه الحرب الأخيرة على تطبيق تيك توك، وإصدار الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا بحظر التطبيق إذا لم يتم بيعه حتى منتصف شهر سبتمبر المقبل لشركة أمريكية، أصبحت شركة ByteDance، المالكة للتطبيق، مضطرة لبيع عمليات تيك توك في الولايات المتحدة.

أو ربما الخيار الآخر أن تقبل شركة ByteDance بحظر التطبيق وتجرب حظها مع إدارة المرشح الديمقراطي جو بايدن في حال نجح في الانتخابات الأمريكية القادمة، لكن هذا الأمر يمثل مخاطرة كبيرة، نظرًا لأن جو بايدن نفسه قد أخبر موظفي حملته أيضًا بإزالة تطبيق تيك توك من هواتفهم.

وفي هذه الأثناء، سوف يبحث صناع المحتوى ونجوم تطبيق تيك توك على بدائل ومنافذ جديدة، ربما مثل ميزة إنستجرام الجديدة Reels، وهي تقليد لما يقدمه تيك توك من مقاطع الفيديو القصيرة، والتي بدأت في نشرها عالميًا بالفعل منذ أسبوع تقريبًا في محاولة لجذب جمهور تطبيق تيك توك.

كانت قد ذكرت شركة ByteDance بالفعل إنها مستعدة لبيع أعمال تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، كما تشمل الصفقة التي بدأت في التفاوض بشأنها مع مايكروسوفت أعمالها في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا. الشركة لا تريد البيع، لكنها مضطرة لذلك، لأن إمكانات نمو قطاع الإعلانات داخل التطبيق هائلة للغاية، حيث كما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن التوقعات الداخلية تشير إلى أن الشركة تتوقع مليار دولار هذا العام وستة مليارات دولار العام المقبل.

والآن تُجبر شركة ByteDance على بيع أصل يتمتع بإمكانات نمو هائلة، كما يملك التطبيق نموذج إعلاني أفضل بالنسبة لجيل الشباب، لأنه يدفع العلامات التجارية لتطوير إعلانات تيك توك الإبداعية الخاصة بهم، حيث تبدو الإعلانات التجارية أكثر حداثة وإبداعًا، لذلك قد لا يتجاهلها الناس كثيرًا على التطبيق.

بمعنى آخر، تطبيق تيك توك يعتبر أحد الأصول المهمة التي قد يتمكن المشتري من الحصول عليها بسعر منافس، نظرًا للظروف التي تتعرض لها الشركة حاليًا، وكانت قد أشارت شبكة CNBC أن مايكروسوفت قد تدفع ما يصل إلى 30 مليار دولار لأعمال الشركة في أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.

مايكروسوفت، التي تقدر قيمتها السوقية بـ 1.6 تريليون دولار، لديها قوة كافية لتشتري التطبيق، بينما شركة نتفليكس ليست بنفس الحجم بالتأكيد، ولكن بقيمة سوقية تصل إلى 220 مليار دولار، يمكن للشركة تحمل مبلغ شراء تطبيق تيك توك مقابل 30 مليار دولار. كما يمكنها دعوة المستثمرين الخارجيين لشراء حصص أقلية لخفض السعر عليها، مع الاحتفاظ بالسيطرة الأكبر على الشركة.

اقرأ أيضًا: حظر تطبيق تيك توك.. الخوف من شبكة اجتماعية صينية!

الدخول لسوق الإعلانات من تطبيق تيك توك

لماذا يجب أن تفكر شبكة نتفليكس في شراء تطبيق تيك توك؟

لسنوات، قالت نتفليكس إن خدمة الاشتراك الخاصة بها لن تشمل الإعلانات، لكن صناعة الإعلانات حاليًا هي الأضخم والأكثر ربحًا. وإذا فكرت شركة نتفليكس في مزيد من النمو، فسوف تحتاج إلى دخول صناعة الإعلانات.

يمكن أن يحافظ تطبيق تيك توك على شبكة نتفليكس خالية من الإعلانات حتى إذا انخفضت أعداد المشتركين العالمية. لأن شراء شركة قائمة على الإعلانات، وتملك إمكانات نمو هائلة، من شأنه أن يمنح نتفليكس منفذًا للاستفادة من هذا السوق الضخم، دون التأثير على نظام الاشتراكات الناجح لديها.

اقرأ أيضًا: 2 مليار مرة تحميل.. ما هي قصة تطبيق تيك توك المثير للجدل؟

محتوى تطبيق تيك توك هو أكبر منافس لشبكة نتفليكس

نتفليكس

قال ريد هاستينجز، الرئيس التنفيذي لشركة نتفليكس، ذات مرة إن أكبر منافس لشركته هو النوم. ولكن في الفترة الأخيرة، وبشكل أقل وضوحًا، ركز هاستينجز على تهديدين وهما: ألعاب الفيديو ومقاطع الفيديو القصيرة التي ينتجها المستخدم، حتى أنه ذكر تحديدًا اسم تطبيق تيك توك كمنافس جديد لشركته.

لا يخفي هاستينجز مخاوفه بشأن ما يمكن أن يعرقل مسيرة نتفليكس الناجحة، فهي ليست الخدمات المنافسة، مثل Disney+ أوHBO Max، أو إحدى خدمات الاشتراك الجديدة في الولايات المتحدة، لكنه ما يسميه "تهديدات الاستبدال".

حيث ذكر سابقًا: "يحب العديد من الأشخاص ألعاب الفيديو بدلًا من مشاهدة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، أو يعيشون على يوتيوب بدلاً من مشاهدة الأفلام. هدفنا هو أن نصبح الأفضل في العالم في مجال صناعة الأفلام والمسلسلات، ولكن الخطر الذي يواجهنا هو أن هذه الأشياء الأخرى أصبحت أكثر صلة بالناس. يمكنك التفكير في الأمر على أنه قبل 100 عام، ربما نحاول أن نكون الأفضل في الأوبرا والرواية، ثم تتحول هذه الأشكال إلى أشكال فنية صغيرة جدًا اليوم، لأن التلفزيون أصبح أكثر إقناعًا. لذلك علينا أن نحترس من تهديدات الاستبدال".

لهذا سيؤدي شراء تطبيق تيك توك إلى التخلص من أحد تهديدات الاستبدال التي قد تواجهها شبكة نتفليكس.

اقرأ أيضًا: 4 أسباب تدفع مايكروسوفت للاستحواذ على TikTok

بجانب أن شبكة نتفليكس استثمرت مليارات الدولارات في توصيات المحتوى والذكاء الاصطناعي الذي يفهم تفضيلات المشاهدة للمستخدم، لذا يمكنها الاستفادة من خوارزمية تطبيق تيك توك المثيرة للاهتمام لتحسين توصيات المشاهدة بشكل أفضل.

في النهاية، ربما ستنجح مايكروسوفت في صفقة شراء عمليات تطبيق تيك توك في أمريكا، لكن في حال فشلت تلك الصفقة، يجب أن تفكر شبكة نتفليكس جديًا في شراء التطبيق.