على مدار الأيام القليلة الماضية، أصبح تطبيق تيك توك الشبكة الاجتماعية الأكثر رعبًا في العالم. الأسبوع الماضي، صرّح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لشبكة فوكس نيوز إن الإدارة الأمريكية تبحث بالتأكيد في حظر التطبيق داخل الولايات المتحدة، وهي خطوة غير مسبوقة لدرجة أنه من الصعب حتى معرفة مدى تهديد تطبيق تيك توك للحكومة الأمريكية.

في حين اتخذت الهند بالفعل إجراءً مماثلًا وحظرت تطبيق تيك توك بجانب 58 تطبيقًا صينيًا آخرين، كما صدرت رسالة بريد إلكتروني من شركة أمازون تخبر موظفيها أنه يجب عليهم إلغاء تثبيت التطبيق من هواتف الشركة بسبب مخاوف أمنية، بالرغم من أن مسؤولي الشركة تراجعوا لاحقًا وذكروا أنه تم إرسال البريد الإلكتروني عن طريق الخطأ!

ربما هو نفس نوع المخاوف التي تتوقعها من مشاكل الخصوصية والأمان على نطاق فضائح Cambridge Analytica أو تسرب بيانات Yahoo مثلًا، ولكن من الصعب تحديد ما ارتكبه تطبيق تيك توك بالفعل لفقدان ثقة أمريكا بهذا الشكل.

حظر تطبيق تيك توك.. أكثر من مجرد مشاكل خصوصية!

حظر تطبيق تيك توك

كانت أحدث فضائح التطبيق عندما عُرف أنه يتجسس على بيانات حافظة المستخدمين لأجهزة أبل، وهي فضيحة ظهرت فجأة بسبب ميزة الخصوصية الجديدة في نظام iOS 14، ولكن لم يكن تطبيق تيك توك وحده المتهم، بل شاركه في هذا أكثر من 50 تطبيقًا آخر يفعل نفس الشيء، بما في ذلك تطبيق خدمة LinkedIn ولعبة PUBG Mobile وتطبيق القارئ الرسمي لصحيفة نيويورك تايمز، وهو تجاوز أمني تم تجاهله إلى حد كبير ولم يحدث ضجة كبيرة مقارنةً بفضائح بنفس الحجم.

إذا كان تطبيق تيك توك مختلفًا، فذلك بسبب واحد ظاهر وهو انتمائه للصين. وبالرغم من أن تيك توك يتم تشغيله من داخل الولايات المتحدة، إلا أنه مملوك للشركة الصينية الشهيرة ByteDance والتي يقع مقرها في بكين، ويأتي معظم القلق من الشكوك بشأن مدى سيطرة ByteDance على عمليات تطبيق تيك توك اليومية بالضبط.

ومثل شركة هواوي قبله، أصبح تطبيق تيك توك تجسيدًا لقلق الولايات المتحدة بشأن تجسس الحكومة الصينية، مدفوعًا بالقرصنة العدوانية المتزايدة وسرقة الملكية الفكرية التي قامت بها شركة هواوي سابقًا. هذه المخاوف تعني أن العديد من المستخدمين لن يقبلوا ببساطة شبكة اجتماعية مدعومة من الصين على الهواتف الأمريكية.

من حيث جمع بيانات المستخدمين الشخصية، ليس من الواضح أن تطبيق تيك توك يفعل أي شيء خارج عن المألوف، حيث يجمع التطبيق بالفعل كثير من البيانات، والكثير منها بدون غرض واضح، سواءً كانت بيانات ضغط المفاتيح أو تتبع الموقع في الخلفية أو معرفة التطبيقات الأخرى المثبتة على هاتفك. لكن هذا النوع من جمع البيانات شائع بشكل كبير على كل الأحوال، وقد حاول باحثو الأمن إظهار أن تطبيق تيك توك لا يفعل أي شيء خارج المعتاد بتلك البيانات.

لذلك، في حين أن المشاكل التي حدثت الأسابيع الماضية قد تبدو كفضيحة تخص الخصوصية والأمان فقط، إلا أنها جزء من أمر أكثر تعقيدًا وصعوبةً في حله، مع آثار محتملة أكثر على الإنترنت بشكل عام.

مشكلة تطبيق تيك توك في علاقته مع الصين!

حظر تطبيق تيك توك.. الخوف من شبكة اجتماعية صينية!

من جانبه، أكد تطبيق تيك توك على أساسه في الولايات المتحدة، ونفى تمامًا تقديم أي بيانات للحكومة الصينية، عندما صرّح متحدث باسم الشركة: "يقود تطبيق تيك توك رئيس تنفيذي أمريكي، مع مئات من الموظفين والقادة الرئيسيين في مجالات السلامة والأمن والمنتجات والسياسة العامة هنا في الولايات المتحدة. ليس لدينا أولوية أعلى من تعزيز تجربة تطبيق آمنة لمستخدمينا. لم نقدم أبدًا بيانات المستخدم للحكومة الصينية، ولن نفعل حتى إذا طُلب منا ذلك".

ولكن حتى إذا لم يفعل تطبيق تيك توك أي شيء مختلف، فربما ترى الإدارة الأمريكية أنه أكثر خطورة بسبب علاقات الشركة الأم ByteDance السياسية مع بكين. حيث يخضع الإنترنت الصيني للرقابة والمراقبة بشدة، وأي شبكة اجتماعية ذات روابط صينية قد تحمل خطرًا من حيث تصدير هذه الرقابة والمراقبة إلى دول أخرى. وهو ما يحدث بالفعل وبشكل ملموس تمامًا مع النسخة الصينية من التطبيق Douyin، والذي يغلق أي بث بشكل منتظم في منتصف عرضه إذا اكتشف المشرفون وجهًا أجنبيًا غير مصرح به، أو انتهاكًا لقواعد المنصة.

ووفقًا لتحقيق أجراه مختبر The Citizen Lab في شهر مايو، تبين أن تطبيق WeChat لا يراقب المواطنين الصينيين فحسب، ولكن يمتد هذا النشاط أيضًا إلى مستخدمي التطبيق في جميع أنحاء العالم. ويقوم التطبيق بفرض هذه الرقابة من أجل تغذية خوارزميات الرقابة التي تساعد على تصفية محتوى معين بشكل استباقي.

وحتى إذا كانت النسخة العالمية من تطبيق تيك توك لديها سجل خصوصية مثالي، فهناك أسباب هيكلية للقلق بشأن الهواتف وبيانات المستخدمين، كما أوضح تقرير Lawfare في شهر أبريل الماضي.

بالنسبة للخبراء، لا يمثل جمع بيانات المستخدمين على نطاق واسع مصدرًا للقلق، ولكنهم يركّزون أكثر على العمليات التي يمكن أن تستهدف شخصًا محددًا والتي يصعب اكتشافها بالطبع، نظرًا لأن تطبيق تيك توك يملك مستوى كبير للوصول إلى البيانات فيمكن أن تستخدمه المخابرات الصينية كبوابة لمراقبة مستخدمين محددين، أو في جمع معلومات حساسة تساعد في الاختراق.

وقد أثار مكتب التحقيقات الفدرالي FBI بالفعل ناقوس الخطر بشأن قيام الجواسيس الصينيين بسرقة الأسرار التجارية الأمريكية، بحيث يكون وصول التطبيق نفسه أكثر رعبًا بالنسبة إلى شركات مثل أمازون، والتي قد تحتوي على تقنية جديدة تريد الصين سرقتها مثلًا.

طالما أن الحكومة الصينية يمكنها الضغط على تطبيق تيك توك من خلال الشركة الأم، فستكون هناك طرق للتجسس على المستخدمين دون إثارة أي شبهات أو إنذارات تحذيرية. وهذا ما يجعل من الصعب على المستخدمين المعرضين لمخاطر عالية الشعور بالأمان التام، بغض النظر عمّا يفعله التطبيق.

ربما يكون الحل هو انفصال التطبيق عن الشركة الأم في الصين!

تطبيق تيك توك

القلق من التدخل الأجنبي قد ظهر من قبل في الفترة الأخيرة، وفي أبريل الماضي، تم الكشف بأن تطبيق Zoom يعيد توجيه مكالمات الفيديو الخارجية عبر مخدمات في الصين، وهو سلوك أكثر خطورة من أي شيء رأيناه من تطبيق تيك توك.

ولكن هناك شيء ما في تشابك ملكية التطبيق يجعل من الصعب مسامحته، فحتى لو كان تطبيق Zoom مهملًا، فهناك اعتقاد بأنه ما زال يقاتل على الجانب الصحيح، في النهاية شركة Zoom أمريكية. لكن إذا قررت الحكومة الصينية الضغط السياسي على شركة ByteDance، وإذا كنت تعتقد أن تطبيقها يتعاون مع أجهزة المخابرات الصينية، فلا يوجد شيء يمكن للشركة فعله لتطمئن المستخدمين في الولايات المتحدة.

لسنوات تصرّ الشركة على أنها تعمل بشكل مستقل عن ملاكها الصينيين، وحتى الآن لا يوجد دليل علني يناقضهم. يمكن أن يخضعوا لتحقيقات أمنية ومحاولة إعادة بناء الثقة، لكن لا يمكنهم التوقف عن كونهم ضمن ممتلكات الشركة الصينية ByteDance، وكل فضيحة تخيف المزيد من المستخدمين وبالتالي المعلنين.

ولهذا قد يكون الحل الدائم هو فصل النسخة العالمية من التطبيق، ومقرها الولايات المتحدة، عن الشركة الأم الصينية ByteDance. سيكون هذا علاجًا صعبًا، ولكن إذا رأى المستخدم أن امتلاك شركة صينية لشبكة اجتماعية أمريكية بمثل هذا الحجم أنها مشكلة، فربما سيكون هذا هو الحل الوحيد المقبول حتى لا تتحول إلى شركة هواوي أخرى.

ليس واضحًا كيف ستبدو صناعة التقنية الأمريكية بدون الصين أو التطبيقات الصينية. وقد حاولت كل منصة إنترنت رئيسية الوصول إلى المستخدمين داخل الصين واحدة تلو الأخرى وجميعها فشلت، حيث وجدت أنه ببساطة لا توجد طريقة للعمل خلف سور الصين العظيم للحماية، دون تقديم تنازلات لن تكون مقبولة بالنسبة للمستخدمين الأمريكيين.