[quote استجواب رئيس تيك توك أمام الكونغرس الأمريكي لمناقشة المخاوف المتعلقة بوصول الحكومة الصينية لبيانات التطبيق، والتي تلخصت في توجيه التهم والإنتقاد ومنعه حتى من الرد]

الرئيس التنفيذي لتطبيق تيك توك، شو تشيو في موقف لا يحسد عليه، فبعد شهور من انتشار التقارير والأخبار عن انتهاك بيانات المستخدمين من قبل الحكومة الصينية، قرر الرئيس التنفيذي للشركة الإدلاء بشهادته أمام لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب الأمريكي.

مثول تشيو أمام الكونغرس الأمريكي يعتبر ظهوراً نادراً له، فهو لا يجري الكثير من المقابلات ولم يطلق أي تصريحات سابقة، كان الهدف من هذا الاستجواب إقناع المشككين بأن تيك توك يحمي بيانات المستخدمين الأمريكيين الذين يقدروا بحوالي 150 مليون مستخدم، وأن الحكومة الصينية لا تتجسس عليهم.

استجواب رئيس تيك توك أمام الكونغرس كان أقرب إلى رميه بالطماطم الفاسدة

[quote يجب حظر منصتك!]

كان هذا تصريح عضوه مجلس نواب واشنطن، كاثي مكموريس عندما افتتحت جلسة الاستجواب التي استمرت لأكثر من خمس ساعات، وبالتالي فلم يكن لتشيو الفرصة حقاً للدفاع عن شركته، فقد وجد نفسه محاطاً بضغوطات وسط حالة من الاستنكار والرفض من المشرعين الرئيسيين في اللجنة الذين اتخذوا قرارهم بالفعل حول التطبيق الصيني الذي تصدر وسائل التواصل الإجتماعي ووضع فيسبوك وإنستغرام في موقف حرج.

أخذ تشيو فرصته مع ذلك في الإدلاء بتصريحاته في الكونغرس، فاستشهد أن تيك توك نفسه غير متوافر في بر الصين الرئيسي، وأن مقر الشركة الرئيسي يقع في لوس أنجلوس وسنغافورة، مع وجود 7000 موظفي أمريكي، أوضح تشيو كذلك أنه على علم بالمخاوف المنتشرة فيما يتعلق بإمكانية وصول الحكومة الصينية إلى البيانات الأمريكية، وأكد أن شركته لم تتجاهل أبداً تلك المخاوف وقامت بإتخاذ إجراءات صارمة تجاهها.

استجواب رئيس تيك توك

أما عن رد أعضاء الكونجرس لهذه التصريحات، فقد قاطعوا شهادة رئيس تيك توك ليخبروه بشكل مباشر أنهم لا يصدقوا كلامه المتمثل في أن تيك توك لا تدار بواسطة الحكومة الصينية. وبالتالي فإن استجواب تشيو كان كان أقرب إلى توجيه التهم بدلاً من إعطاؤه الفرصة للدفاع عن نفسه.

[quote إلى الشعب الأمريكي الذي يشاهد اليوم، تيك توك هو سلاح من قبل الحزب الشيوعي الصيني للتجسس عليك، والتلاعب بما تراه واستغلاله للأجيال القادمة - كاثي مكموريس]

صرح تشيو أنه لا يوجد دليل واحد يثبت أن الحكومة الصينية لديها إمكانية الوصول إلى بيانات تيك توك: "لم يطلبوا منا ولم نوفر إمكانية الوصول"، التصريح الذي قاطعه سياسي أمريكي قائلاً: "أجد هذا غير معقول في الواقع"، ليرد تشيو عليه بأنه "بحث ولم بجد أي دليل على ذلك"، أكد تشيو كذلك أنه تم نقل بيانات تيك توك إلى الولايات المتحدة؛ ليتم تخزينها على الأراضي الأمريكية من قبل شركة أمريكية، يشرف عليها موظفون أمريكيون وبالتالي فإن مخاطر تسريب البيانات لن تختلف عن أي شركة أمريكية يطلب منها منح البيانات لأي جهة أو حكومة خارجية.

وكان الرد على ذلك ببساطة: "نحن غير مقتنعين بما تقوله".

تيك توك لا تختلف عن أي شركة أخرى في ممارساتها

كان هذه نقطة حاول تشيو توضيحها لأعضاء الكونغرس بعدما بدأت الأسئلة تتوجه إلى سبب جمع تيك توك لبيانات المستخدمين في المقام الأول، وكما يقال "باع صديقه من أول قلم" ولكن في هذا الموقف فهو ليس صديقه حقاً. أوضح تشيو أن البيانات التي تجمعها تيك توك هي نفس البيانات التي تجمعها الشركات الأخرى في المجال.

[quote نحن نلتزم بأن نكون شفافين للغاية مع مستخدمينا بشأن ما نجمعه من بيانات، لا أعتقد أن ما نجمعه هو أكثر من أي شركة أخرى]

وفي الحقيقة فإن تصريح تشيو مدعوم بعدد من الأبحاث التي كانت تنقب داخل تطبيق تيك توك في السنين الماضية، والتي أكدت بالفعل أن البيانات التي يتم جمعها من المنصة لا تختلف عن فيسبوك أو انستغرام، وكما نعلم بالفعل فجميع ما نشاهده أو نكتبه من تعليقات أو رسائل هي بيانات لتلك الشركات تتغذى عليها لتقدم لنا الإعلانات التي تتناسب مع ما يدور في أذهاننا، بجانب معرفة الموقع الجغرافي للمستخدم.

وبمناسبة الموقع الجغرافي، أكد تشيو أن التحديث الأخير لتيك توك أصبح يمنع التطبيق من معرفة الموقع الجغرافي للمستخدمين الأمريكيين (ماذا عن بقية المستخدمين من أنحاء العالم؟).

الحل الوحيد هو بيع التطبيق أو حظره نهائياً من الولايات المتحدة الأمريكية

تتلخص مخاوف الكونغرس الأمريكي من حقيقة أن تيك توك مملوك من شركة صينية «ByteDance»، ما يجعل الأمر شبه مستحيل لتشيو أن يتمكن من إقناع اللجنة بأن الشركة الصينية المالكة للتطبيق لا تملك صلاحيات الوصول إليه، حتى مع حقيقة أن تيك توك يخزن بيانات المستخدمين الأمريكيين داخلي أمريكا بالفعل (في شراكة مع شركة Orcale).

وبالتالي فمن المرجح أن يتم إجبار ملاك التطبيق الصيني على بيعه لشركة أمريكية، وهي الخطوة التي تحذر منها الحكومة الصينية بالفعل "سنعارض بقوة أي خطوة أميركية لإجبار ملاك تيك توك على بيعه".

وفي حالة رفض البيع، فإن تيك توك سيكون معرضاً للحظر من داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني المجازفة بـ 150 مليون مستخدم، وهو الإجراء الذي بدأت الحكومة الأمريكية في العمل على تطبيقه بالفعل، وذلك وفقاً لمشروع قانون التقييد، الذي يمنح الحكومة الفيدرالية سلطة تقييد التطبيق أو حظره.

وبالتالي فإن الرئيس التنفيذي لتيك توك في موقف لا يحسد عليه، إما أن يبيع تطبيقه لشركة أمريكية، أو يتحمل الحظر من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بالمناسبة تمثل أكثر مستخدمي المنصة نشاطًا.

تشبيه تشيو بمارك زوكربيرج من حيث الإجابات الدبلوماسية

[quote لقد كنت أحد الأشخاص القلائل الذين وجدوا هذه اللجنة، أنت تذكرني كثيرًا بمارك زوكربيرج. عندما جاء إلى هنا، قلت لموظفيي، "إنه يذكرني بفريد أستير، راقص جيد بالكلمات" وأنت تفعل الشيء نفسه اليوم. الكثير من إجاباتك غامضة بعض الشيء؛ إنهم ليسوا نعم أو لا.]

كانت هذه كلمات النائب توني كارديناس الذي انتقد بها ردود تشيو غير المباشرة، والذي جعلته يتذكر فوراً الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ الذي مثل أمام نفس لجنة مجلس النواب لساعات في عام 2018 في أعقاب فضيحة بيانات كامبريدج أناليتيكا.

 

وفي الحقيقة، فإن تشيو قضى الأسبوع الماضي في تجهيزات لحضور تلك الجلسة بمساعدة من الفريق القانوني في تيك توك، الذين لعبوا أدوار المشرعين بأساليب استجواب مختلفة لمحاكاة تلك الجلسة وتزويد تشيو بجميع الإجابات التي يمكن الإدلاء بها بجانب الاستفسارات والسيناريوهات العملية لإعداده لساعات من الاستجواب المستمر.

ولكن ببساطة، الكونغرس لم يكن مهتماً بسماع إجابات تشيو، وذلك وفقاً لتصريحات أدلت بها المتحدثة بإسم تيك توك، بروك اوبرويتر بعد انتهاء الجلسة، "جاء تشيو مستعداً للإجابة على أسئلة الكونجرس؛ ولكن ، لسوء الحظ، هيمن على ذلك اليوم المبالغة السياسية التي فشلت في الاعتراف بالحلول الحقيقية الجارية بالفعل."

ولعل هذا ما لاحظناه بالفعل، حيث لم تكن تلك الجلسة مخصصة للاستماع إلى أقوال الرئيس التنفيذي، وإنما أقرب إلى توجيه التهم والإنتقادات إليه، بل ومنعه من الرد أيضاً على بعض تلك الاتهامات.

وفي النهاية، يبدو أن تيك توك يواجه تحدياً حقيقياً مع الحكومة الأمريكية، وسط "فوبيا" واضحة من الحكومة الصينية ما تجعل المفاوضة شبه مستحيلة، نتوقع أن يتم حظر التطبيق داخل الأراضي الأمريكية في الفترة القادمة، وسيكون على الجيل زي تعلم طريقة استخدام VPN.