ميتا تغلق دراسة داخلية تربط بين استخدام فيسبوك وتدهور الصحة النفسية!
- أظهرت دراسة Project Mercury أن استخدام فيسبوك يزيد الضغط النفسي لدى المراهقين
- ميتا أغلقت الدراسة ولم تنشر النتائج أو تُطلع الجهات التشريعية.
- الخوارزميات عززت محتوى ضار نفسيًا والمخاطر تم تجاهلها أحيانًا.
- المقارنة مع TikTok وSnapchat أظهرت ممارسات مماثلة تجاه الأطفال.
أطلقت شركة ميتا في عام 2020 دراسة داخلية حملت اسم Project Mercury بالتعاون مع شركة Nielsen للأبحاث السوقية، بهدف تقييم الأثر النفسي لاستخدام منصة فيسبوك على المستخدمين. اعتمدت الدراسة على تجربة استقصائية، حيث طُلب من مجموعة محددة من المستخدمين إلغاء تنشيط حساباتهم لمدة أسبوع كامل.
بعد هذه الفترة، قام الباحثون بقياس مستويات الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة، إضافة إلى مؤشرات المقارنة الاجتماعية السلبية، والتي تعكس كيفية تأثير المحتوى على تقدير الذات.
أظهرت النتائج انخفاضًا واضحًا في معدلات الاكتئاب والقلق والوحدة، وتحسنًا في مؤشرات المقارنة الاجتماعية السلبية. وأشار بعض الباحثين إلى أن هذه البيانات تدل على وجود علاقة سببية بين استخدام فيسبوك وزيادة الضغط النفسي والمقارنة الاجتماعية بين المستخدمين، خاصة بين المراهقين.
قرار إغلاق المشروع
رغم النتائج الملفتة، قررت قيادة ميتا إغلاق المشروع وعدم نشر النتائج أو إجراء أبحاث إضافية. أشارت الشركة إلى أن نتائج الدراسة قد تكون متأثرة بالسياق الإعلامي السلبي السائد حول منصات التواصل الاجتماعي، معتبرة أن الدراسة لا توفر دليلًا قاطعًا على تأثير المنصة على الصحة النفسية.
أعرب بعض الباحثين المشاركين عن قلقهم من أن تجاهل النتائج يعكس نهجًا مشابهًا للسياسات السابقة لشركات التبغ، التي حاولت إخفاء الأضرار الصحية لمنتجاتها. كما أظهرت المراسلات الداخلية جدلًا واسعًا حول مصداقية النتائج، ومناقشة احتمالات نشرها أو تطوير برامج تدعم المستخدمين الشباب.
عدم مشاركة النتائج مع الجهات التشريعية
كشفت وثائق المحكمة أن ميتا لم تُطلع الكونجرس الأمريكي على نتائج الدراسة. كما استمرت الشركة في موقفها القائل بعدم وجود دليل قاطع على ضرر فيسبوك على المراهقات، وهو موقف يتعارض مع نتائج الدراسة الداخلية. وتضمنت الوثائق شرحًا مفصلًا حول تصميم أدوات حماية المستخدمين الشباب، مبينًا أن العديد من هذه الأدوات صُممت بطريقة تقلل من احتمالية استخدامها فعليًا.
أشارت المراسلات أيضًا إلى أن محاولات اختبار ميزات أكثر صرامة قد تم إجهاضها أحيانًا بسبب القلق من تأثيرها على نمو قاعدة المستخدمين، وهو ما يوضح التوازن بين الأمان والتوسع التجاري الذي اعتمدته الشركة.
خوارزميات التفاعل على فيسبوك
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الوثائق أن خوارزميات تعزيز التفاعل لدى المراهقين على فيسبوك ساهمت في زيادة انتشار محتوى ضار نفسيًا، بما في ذلك المواد المتعلقة بمشكلات صورة الجسد واضطرابات الأكل. كما أظهرت أن الشركة حافظت على «عتبة إنذار» عالية للانتهاكات الخطيرة مثل الاستغلال غير الأخلاقي، وهو ما تطلب تكرار المخالفة أكثر من اثني عشر مرة قبل إزالة الحساب.
ذكر التقرير كذلك أن محاولات مهندسي السلامة لتقليل هذه المخاطر تم تجاهلها في بعض الحالات، واعتُبرت إهمالًا تجاريًا لتفادي التأثير على معدلات النمو والمشاركة على المنصة.

مقارنة فيسبوك مع منصات أخرى
لم تقتصر الممارسات على فيسبوك وحده؛ إذ كشفت الوثائق الداخلية لمنصات مثل TikTok وSnapchat عن ممارسات مماثلة. في TikTok، وُصفت العروض الموجهة للأطفال الصينيين بـ «السبانخ»، في إشارة إلى المحتوى الصحي والتعليمي، بينما تلقى الأطفال الأمريكيون محتوى شديد التفاعل قد يكون ضارًا نفسيًا. كما أقرت Snapchat بأن خصائص مثل Snapstreaks، التي تشجع المستخدمين على التفاعل اليومي، ساهمت في تطوير سلوكيات إدمانية بين المراهقين.
أشارت الوثائق أيضًا إلى أن بعض الشركات كانت تمول جماعات حماية الطفل في الوقت ذاته الذي كانت الجماعات تقدم فيه تقييمات إيجابية لسياسات السلامة الخاصة بالمنصات، الأمر الذي أثار تساؤلات حول استقلالية هذه التقييمات.
الموقف الرسمي والتحديات المستقبلية
نفى متحدث باسم ميتا أن تكون الشركة أخفت النتائج عمدًا، موضحًا أن المشروع تم إيقافه بسبب عيوب منهجية. وأكد أن الشركة استثمرت سنوات في تطوير أدوات الرقابة وإجراءات حماية المراهقين على فيسبوك، واعتبر أن المستندات تم إخراجها من سياقها.
مع تصاعد الضغوط التشريعية، يواجه فيسبوك وغيره من المنصات تحديات تنظيمية جديدة، خصوصًا في ولاية كاليفورنيا التي تسعى لتقييد التوصيات الخوارزمية للأطفال دون موافقة الوالدين. وقد تحدد نتائج هذه القضايا معايير جديدة لإفصاح الشركات عن أبحاثها الداخلية وتنظيم سلامة المستخدمين، بما قد يؤثر على صناعة التكنولوجيا بشكل واسع خلال السنوات القادمة.
رأي شخصي: أرى أن الوضع الحالي يوضح الحاجة الملحة لوضع تشريعات تنظم استخدام المراهقين لمنصات التواصل الاجتماعي بشكل عام؛ إذ أن تجاهل المخاطر النفسية المحتملة أو ترك الخوارزميات تعمل بلا ضوابط قد يؤدي إلى تضخم المشاكل النفسية لتتحول لاحقًا إلى قضايا اجتماعية أو حتى جرائم. لذلك، يصبح من الضروري أن تضع الجهات التشريعية معايير واضحة لحماية الشباب، مع مراقبة فعالية أدوات السلامة التي توفرها الشركات، لضمان أن تكون تجربة المراهقين على الإنترنت صحية وآمنة.