في مقابلة مع مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي لـ Microsoft AI، عبر السيد سليمان عن إعجابه الشديد بالرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان. وأشار إلى أنه يثق بفريق OpenAI ويؤمن بصدق نوايا ألتمان فيما يتعلق بمعضلة سلامة الذكاء الاصطناعي. وهو أمر غريب للتصريح به بعد استقالات فريق التوجيه الفائق، الذي كان مسؤولًا عن سلامة الذكاء الاصطناعي في الشركة، اعتراضًا على سياسات OpenAI في ذلك الشأن. وبعد الاستقالات ازداد الأمر ريبة بقرار حل الفريق بالكامل. ثم كونت OpenAI لجنة سلامة جديدة من أعضاء مجلس الإدارة نفسهم. 

ووصف السيد سليمان علاقة OpenAI بميكروسوفت أنها تتسم بالمنافسة الشرسة، لكن في نفس الوقت تربط الشركتين علاقة شراكة عميقة. ولكن لا تظهر تلك المنافسة في الواقع؛ إذ استنتج الاتحاد الأوروبي أن الشركتين بينهم علاقة استحواذ بسبب استثمار ميكروسوفت الضخم في OpenAI بقيمة 13 مليار دولار. ولكن توصل مسؤولو مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي إلى أن استثمار ميكروسوفت لا يمثل عملية استحواذ.

اقرأ أيضًا: شراكة ميكروسوفت و OpenAI تحت مجهر الاتحاد الأوروبي

أنا صديق جيد جدًا لسام، ولدي احترام كبير وثقة وإيمان بما يفعله فريق OpenAI. وهكذا ستستمر الأمور لسنوات عديدة قادمة - مصطفى سليمان

وبعد تصريحات السيد سليمان عن الشركتين ومدحه لـOpenAI والتي كان يدور حولها الكثير من الجدل؛ صرح الرئيس التنفيذي لـ Microsoft AI تصريحًا جديدًا ومفاجئًا، والذي يبدو مدافعًا بشكلٍ أو بآخر عن سلوك ميكروسوفت وOpenAI أيضًا.

سأل أندرو روس سوركين، مذيع من CNBC، مصطفى سليمان عما إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي قد سرقت الملكية الفكرية للعالم؟ أجاب السيد سليمان أن أي محتوى موجود بالفعل على الويب المفتوح منذ التسعينات، فإنه متاح للاستخدام بشكلٍ تلقائي وفقًا للاستخدام العادل. وأضاف أنه يمكن لأي شخص نسخه وإعادة إنشائه وإعادة إنتاجه دون إذن.

إذا كان الاستخدام العادل صحيح - لماذا يُقاضي مُلاك المحتوى ميكروسوفت وOpenAI؟

يُعرف الاستخدام العادل على أنه مفهوم قانوني يسمح باستخدام مواد محمية بحقوق الطبع والنشر دون إذن من صاحب الحقوق في "حالات معينة". ويعتمد تحديد الاستخدام العادل على طبيعة العمل المحمي بعدة عوامل؛ كحقوق النشر، وكمية ونوعية الجزء المُستخدم، والغرض من الاستخدام، بالإضافة إلى تأثير الاستخدام على القيمة السوقية للعمل الأصلي.

ويُعد تعريف السيد سليمان للاستخدام العادل مُضللًا بعض الشيء؛ فوفقًا للاستخدام العادل يُسمح باستخدام أجزاء محددة من المحتوى المحمي لأغراض معينة؛ مثل النقد أو التعليق أو البحث العلمي. لكن لا يُسمح بنسخ أو إعادة إنتاج أو إنشاء محتوى بالكامل دون إذن الجهة المُصدرة له.

وعلى سبيل المثال؛ يمكن ليوتيوب وفيسبوك حذف أي فيديو يستخدم صور أو موسيقى محمية بحقوق النشر، ولو كان تعريف السيد سليمان صحيح فلما يُحذف المحتوى الذي يستخدم عمل محمي بدون إذن؟

وتواجه ميكروسوفت وOpenAI عدة دعاوى قضائية تزعم بأن الشركتين تسرق المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر على الإنترنت لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي الشهر الماضي، رفعت صحيفة نيويورك تايمز دعوى قضائية ضد OpenAI وميكروسوفت، متهمةً كلا الشركتين بـ "الاستخدام غير القانوني" لمحتواها لتطوير منتجات الذكاء الاصطناعي.

المنطقة الرمادية

أشار مصطفى سليمان أن هناك "منطقة رمادية" قانونية تتعلق باستخدام المحتوى المحمي بحقوق النشر. وأضاف أن هناك بعض الفئات التي تعلن صراحةً عن قيود استخدام محتواها؛ لكن حتى هؤلاء أمرهم غير محسوم قانونيًا في نظر السيد سليمان.

ويبدو أن تصريح الرئيس التنفيذي لـMicrosoft AI يشير ضمنيًا إلى أن المنطقة الرمادية تمثل بابًا مفتوحًا أمام شركات الذكاء الاصطناعي لاستخدام المحتوى المحمي، حتى في الحالات التي عبر فيها أصحاب المواقع عن عدم رغبتهم في ذلك! والذي يوضح أن السيد سليمان يؤيد استغلال الغموض القانوني ليُمهد الطريق لشركات الذكاء الاصطناعي بالسرقة دون قلق من عقوبات قانونية. لكن ماذا عن المسؤولية الأخلاقية؟

يثير موقف مصطفى سليمان تساؤلات أخلاقية؛ إذ يضع سليمان الاعتبارات القانونية فوق الاعتبارات الأخلاقية المُتعلقة باحترام رغبات أصحاب المحتوى! ورغم أن تصريحه في ذلك الشأن يبدو صحيحًا من الناحية التقنية، وأن الغموض القانوني يسمح باستمرار سرقة المحتوى؛ فإنه يتجاهل المسؤولية الأخلاقية المفروضة على الشركات في احترام حقوق وخصوصية أصحاب المحتوى. و يمكن أن يؤدي هذا الموقف إلى مزيد من الجدل والنزاعات القانونية في المستقبل.

ويبقى سؤالًا مهمًا في نظري، ماذا عن تعاقدات مدفوعة لأصحاب المحتوى لاستخدام أعمالهم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي؟ أم أنه طالما يمكن السرقة فلما البذخ!