مما لا شك فيه أن فيروس كورونا التاجي والمعروف باسم COVID-19 الجديد هو حديث الساعة ، فلن تجد أي مجال من المجالات بشكل عام والا وتأثر بشكل أو بآخر بتوابع الفيروس ، الكثير من الخسائر في كل مكان والعديد من الضحايا وفوضى عارمة في شتى ربوع المعمورة . ولعل من أهم القطاعات التي تتأثر بهذه الجائرة العالمية هو قطاع التكنولوجيا بشكل عام ، وهنا أقول أهم ولا أقول أكثر حيث ان قطاع التكنولوجيا (لحسن الحظ) يتمتع بالكثير من الليونة في التلاعب حول مشاكل الحظر المنزلي لأن الكثير منهم يمكنهم العمل من المنازل وعمليات التصنيع التي تكون الغالبية العظمى منها اوتوماتيكية .

ولكن هنا تكمن مشكلة أخرى مرتبطة بخط سير العالم بشكل أجمع وهي مشكلة سلاسل التوريد وعمليات الشحن والتوريد للخامات والمنتجات على حد سواء ، لذا فهي في النهاية أيضاً معضلة تستطيع وحدها شل الحركة التجارية في ذلك القطاع ، لذا دعونا نأخذ جولة سريعة نستعرض فيها معاً كيف يؤثر الفيروس على شركات التقنية والهاردوير بشكل عام .

سلاسل التوريد تتأثر وسوق الهواتف الذكية أيضاً

في البداية سنقوم باستعراض المشاكل التي وردت على السنة بعض المؤسسات البحثية ، فعلى سبيل المثال مؤسسة مثل TrendForce قامت بعمل إحصائية أو لنقل تقرير خاص بهذا الشأن ، والذي يتحدث عن النتائج أو الخسائر المالية لبعض الشركات بهذا الصدد ، تحدث التقرير عن خسائر لشركات الهواتف بشكل عام تصل الى نحو 12% على أساس سنوي . تحدث التقرير أيضاً عن أن هناك العديد من الشركات المصنعة للألياف البصرية الموجودة في وهان والتي تقدر بنحو 25% من القدرة الإنتاجية العالمية من الأساس .

 كما أن مثل هذه المشكلة قد تؤثر على الناتج الإجمالي لسرعة انتشار شبكات الجيل الخامس في الصين ، بيد أن الصين في الحقيقة هي الدولة الوحيدة التي استطاعت السيطرة على المرض ، ولكن المشكلة لا تقف عند ذلك الحد فالعديد من الشركات الأخرى المصنعة الكبيرة والموجودة في بقاع مختلفة حول العالم والتي تثمر هي الأخرى في عمليات الإنتاج أيضاً ، لذلك فمن الناحية الأكبر ماتزال هناك مشكلة في عمليات التوريد .

وتعتبر سوق الذواكر بشكل عام مثل ذواكر NAND و DRAM هي الأقل تأثّراً من ناحية عمليات التصنيع على الأقل ، فمصانعها تعمل بشكل أوتوماتيكي أو تلقائي بشكل كبير ، كما أنها تقوم بتخزين كميات كبيرة من الخامات لعمليات التصنيع من الأساس ، لذا فهي أقل المتضررين من هذه الناحية في شركات مثل Samsung و  SK Hynixعلى سبيل المثال .

سوق الهواتف !

ومن هذا المنطلق أطلقت شركة أخرى مثل CCS Insight تحليلها الخاص هي الأخرى والذي تحدث عن أن سوق الهواتف المحمولة هو الأخر سوف يتأثر بشكل كبير ، فوفقا لشركة تحليل السوق فإن الطلب العالمي على الهواتف الذكية في عام 2020 سوف يكون أقل من عام 2019 بما يقرب من ربع مليار وحدة.

كورونا هاردوير Coronavirus Covid-19

وكان الطلب على الهواتف الذكية في عام 2019 قد وصل إلى 1.81 مليار وحدة ولكن يتوقع أن ينخفض الطلب بنسبة 13% على أساس سنوي ليصل الطلب خلال 2020 إلى 1.57 مليار جهاز فقط وهذا الرقم هو الأدني منذ عشر سنوات. ومن المتوقع أيضاً أن تنخفض المبيعات العالمية بنسبة 29% خلال الربع الثاني مقارنة بنفس الربع من عام 2019.

ويتضح ذلك في الكثير من الشركات التي قامت بإغلاق متاجرها في أماكن مختلفة ، فعلى سبيل المثال قامت سامسونج بإغلاق متاجرها للبيع بالتجزئة في أمريكا وكندا ، أو اغلاق أبل متاجرها بشكل كامل ، أو دراسة شركة Apple تأجيل هاتفها القادم iPhone 12 . حيث أن Foxconn وهو المزود الأساسي لأبل عانى لفترة من الانقطاع في التوريد بسبب تفشي الوباء في الصين وهو ما أدى لنقص في الشحنات في الربع الأول تقدر بحوالي 10% لأجهزة iPhone .

أخيرا، قد يكون عام 2020 قاتما بالنسبة لشركات الهواتف، ومع ذلك، من المتوقع نمو الطلب بنسبة 12% خلال عام 2021 مع توقع تعافي الاقتصاد من فيروس كورونا وعام 2022 سوف يكون الأفضل مع نمو يصل إلى 13% أي حوالي 2 مليار هاتف.

سوق منصات الألعاب المنزلية

منصات الألعاب المنزلية الجديدة من كل من سوني و مايكروسوفت هي الأخرى قد تعاني من التأجيل ، فبالرغم من أن سوني تؤكد أن منصتها سترى النور في وقتها المحدد لها ، حيث كانت Sony قد أعلنت في بيان سابق عن حالتها منذ انتشار فيروس كورونا وكيف يؤثر على مُجريات صناعتها بالضبط وتحدثت الشركة عن أنها تدرس خطط أو قرارات لتأجيل ألعابها المقبلة بالأخص هؤلاء التابعين لاستوديوهاتهم المملوكة وهي الحصريات كما ناقشت الخطوات التي اتخذتها لأجل الوقاية من الفيروس وكشفت عن حالة مصانعها خلال الفترة الماضية مُصرحةً بأن هناك مصانع تم إغلاقها بالفعل وهناك مصانع سيتم إغلاقها في القريب العاجل ، يمكنكم معرفة كل تفاصيل البيان من هذا الرابط.

2020 Games and Consoles

فكرة البيان أنه لم يتضمن أي شيء يخص منصات الجيل المقبل والتي بدأت الأقاويل وشائعات تأجيلها تحيط بها من كل جانب بسبب فيروس كورونا ، كما خرج متحدث رسمي من Sony بعد انتشار البيان ليؤكد بأن الـ PS5 سيصدر حتى الآن في موعده الرسمي بشكل تأكيدي إضافي بعد أن كانت الشركة قد أكدت على تلك النقطة من فترة . ولكن من الجانب العملي فمازال الأمر غير مؤكد وذلك لأنه سيعتمد على وضع شركات أشباه الموصلات المزودة للقطع كما سيعتمد أيضاً على وضع AMD نفسها التي تزود سوني بلُب منصتها القادمة من الأساس .

الأمر ذاته يحدث مع Microsoft بالتأكيد وذلك لأنها هي الأخرى مرتبطة بشركة AMD وشركات أشباه الموصلات وسلاسل الموردين أيضاً . وأخيراً لعل أحد أكبر الأسباب في النهاية في اطلاق المنصات من عدمها قد يكون توافر الألعاب ، فما الجدوى من التعجّل واطلاق المنصات الجديدة في حال لم تكن هناك العاب أو عناوين كبيرة تساعد في بيع تلك المنصات أو الدفع بعجلة الإنتاج ؟!.

الغاء أو تأجيل المعارض الكبيرة لشركات التقنية والهاردوير والشركات التقنية

العديد والعديد من المعارض تم تأجيلها بسبب تفشي وباء فيروس كورونا ، سواء كنا نتحدث عن معارض هاردوير مثل Computex 2020 الذي تم الغاءه وتأجيله لوقت لاحق هذا العام ، أو معارض محلية أصغر مثل معرض Expo 2020 Dubai أو حتى معارض للشركات الكبرى مثل معرض Google I/O الشهير  . كما قامت بعض شركات الألعاب بشكل عام بإلغاء معارضها الخاصة بعض الغاء معرض E3 هو الأخر . فشركة Bethesda مثلاً أعلنت عدولها عن تقديم حدث صيفي للإعلان عن مشاريعهم المقبلة مثلما كانت تفعل في صيف كل عام وتحديداً خلال مؤتمرها الخاص في معرض E3. وأيضاً أعلنت Bethesda مرة أخرى عن إلغاء حتى معرض QuakeCon 2020 والذي كان من المقرر انعقاده خلال شهر أغسطس .

مؤتمر الهواتف العالمي أيضاً والمعروف باسم Mobile World Congress (MWC) تم الغاؤه هو الأخر بسبب الجائحة ، ومعرض F8 Developer Conference الخاص بمنصة Facebook وحدث developer's conference الخاص بشركة IBM وغيرها الكثير أيضاً . ودعني أقول لك فقط أن تقدير المؤسسات للخسائر الناجمة عن مثل هذه التأجيلات جميعاً تقدر بحوالي مليار دولار !!...

تأجيل العديد من الاطلاقات للعتاد والأجهزة من الشركات الكبيرة

تسرّب مؤخراً الفترة التي يتوقع فيها إطلاق الجيل الجديد من بطاقات NVIDIA GeForce الموجهة للاعبين. كلنا يعلم أن الفترة التي كان يفترض لهذه البطاقات أن يعلن عنها هي ضمن فعاليات مؤتمر GTC 2020 في شهر مارس, ولكن بعد تأجيله بشكل نهائي قرر المدير التنفيذي جين-سون هوانغ تأجيل الكشف عن هذا الجيل نظراً للأوضاع الراهنة التي لا تبشر بالخير.

من جانب شركة AMD هي الأخرى وبالرغم من عدم اعلانها أي شيء يخص تأجيلات أو ما شابه ، الا أنه من المتوقع أن تؤجل الشركة اطلاق الجيل الجديد من بطاقاتها الرسومية المبنية على معمارية Navi 2 في حال استمر الأمر على ماهو عليه ، وذلك لأن الشركة في الحقيقة تحت ضغط من الأساس بسبب تصنيعها وحدات معالجة مركزية ورسومية لمنصات الألعاب المنزلية ، وهو ما جعل الكثير من التوقعات تشير الى نهاية العام حتى نرى معمارية الشركة الرسومية الجديدة RDNA 2 المنتظرة بشدة من اللاعبين ، حالها كحال NVIDIA .

هذا بجانب العديد من التأجيلات الأخرى بالطبع ولكن لا يسع المقال لذكر كل شيء بكل تأكيد ، ولكن المحزن هنا هو أننا قد لا نستطيع رؤية الجيل القادم من كلاً من AMD و NVIDIA مع منصات الألعاب المنزلية والجيل القادم من الألعاب في الوقت الذي كنا نتوقعه ، وفي الأغلب سننتظر فترة قبل أن نرى أي تطبيق فعلي للجيل القادم من الرسوميات مع مكتبة DX12 Ultimate .

اقرأ أيضاً تحديث مكتبة DirectX 12 Ultimate الجديد ، معيار واحد يحكمهم جميعا !

تأجيل العديد من الألعاب

لم يقف الأمر عند ذلك الحد في الواقع ، فبالرغم من أن هناك جانب مشرق بعض الشيء لشركات الألعاب التي بدأ البعض منها في تعويض بعض الخسائر عن طريق البيع بشكل أكبر للألعاب الأقدم بسبب جولس الكثير من الأشخاص في منازلهم ، الا أن ذلك لا يعوض بشكل كبير الخسائر التي تتكبدها الشركات ، فهناك الكثير من التأجيلات لعناوين ضخمة مثل لعبة The Last of US  على سبيل المثال والتي تعتبر من أكبر العناوين المنتظرة في الفترة القادمة ، الا أنها قد تم تأجيلها ، هذا بجانب العاب أخرى كثيرة مثل Ghost of Tushima و لعبة Wastelands 3 أيضاً ، وغيرها الكثير والكثير .

The Last of Us 2 فيروس كورونا

توابع التأجيلات والتأخيرات والوضع الحالي

كل تلك الأمور أدت بدورها الى مشاكل كبيرة في أسهم الشركات التقنية وشركات الهاردوير بالطبع ، حيث أعلنت AMD عن انخفاض بنسبة 14.64٪ في سعر السهم الخاص بها ليستقر عند 39.01 (والذي وصل بالفعل لأكثر من 48 دولار مباشرة بعد يوم المحللين الماليين 2020 الخاص بالشركة الذي تمت اقامته الشهر الماضي فحسب) . ولكن ان كان وضع AMD يبدو لك صعباً ، فوضع شركة NVIDIA هو الخاسر الأكبر في السوق ، مع انخفاض بنسبة 12.24٪ ، ليصل سعر السهم 216.31 دولار . شركة Intel من جانبها عانت من سقوط كبير هي الأخرى (وكأن وضعها لم يكن كافياً) ، مع انخفاض بنسبة 11.85٪ ، ليصل سعر السهم إلى 45.54 دولار . وقد هبطت أسهم شركة Micron Technology بنسبة 11.23٪ ليستقر سعر السهم عند 38.81 دولار .

لا يقتصر الأمر على ذلك بل وصل الى حد السخرية ، فدول كبرى مثل الصين والولايات المتحدة تتشاجر فيما بينها كذلك الخلاف المعروف بين كلاً من هواوي والولايات المتحدة والذي قد يتضمن الضغط من الصين على الولايات المتحدة من خلال تقييد توريد الكمامات الطبية مثلاً !! .

بيل جيتس

كان للوضع الحالي أيضاً تأثيرات سلبية على شبكة الانترنت مثلاً ، حيث أن الزيادة في “الكثافة السكانية” على الانترنت في نفس الوقت التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة. والسبب فيها ليس العمل من المنزل فقط بالطبع ، فهناك من يقوم بمشاهدة مسلسله المفضل على Netflix أو ممارسة ألعاب الفيديو المفضلة له. هناك أيضاً من يقوم بالمذاكرة من خلال مواقع الانترنت مثل Coursera وما شابهها أيضاً. هناك الكثير من الوقت ولا يوجد شيء لفعله إلا البحث عن ما يستطيع أن يقتل هذا الوقت كله. هذه ليست بالخيارات السيئة في النهاية، ولكنها تظل بظلالها على البعض تبعاً للضغط المرتفع في فترات معينة من اليوم وفي دول بحد ذاتها (التي تحتوي على شبكات ضعيفة من الأساس).

الخاتمة

بالتأكيد الوضع الحالي يتّسم بصعوبة كبيرة بسبب كل تلك التأجيلات والاغلاقات للمؤتمرات والأحداث التقنية المختلفة ، ولكن هناك شعاع أمل يظهر من بعيد حيث أن الوضع الحالي جعل الكل يتآزر لحل المشكلة وهو ما سلّط الضوء على بعض الأمور والحلول التي لم يكن الكثير يلقى لها بالاً مثل تشغيل المصانع بشكل آلي بالكامل ، وتوفير مؤتمرات باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ، أو زيادة وتيرة نشر شبكة الجيل الخامس 5G لتوفير شبكات اتصال أسرع للعمل والدراسة عن بعد ، وغيرها الكثير من التدابير التي سنتحدث عنها مفصلاًّ في موضوع أخر قريب بإن الله . ولكن المهم في كل ذلك أن ندرك أمراً واحداً هاماً للغاية ، فالعالم قبل كورونا سيختلف عن العالم بعد كورونا تماماً !!! فهل تتفق ؟!! ...