«جنرال موتورز» و«منصور»: ما الجديد في مشروع السيارة الكهربائية بمصر؟
مع التطور السريع والواسع لعالم التقنية، يقف المُراقبون في العالم العربي وحول العالم بشكل كبير وراء عملية تطبيق هذه التقنيات بشكل أوسع في النطاق المحلّي ولكن وكما نعلم جميعاً، فالتطور التقني لا يأتي فقط بالمُميّزات والرفاهية فحسب، ولكنه يجلب معه دائماً تبعات قد لا تُسعد الجميع وخاصّة البيئة.
ولعل المشاكل البيئية التي صحبت التطوّر الصناعي والتقني في العقود الماضية هي ما دفعت العالم أجمع بالبحث بشكل دؤوب عن حلول الطاقة البديلة، ومُحاولة التخلّص من الاعتمادية على مُحرّكات الوقود الأُحفوري بشكل أكبر في الفترة القادمة. وقد ظهر ذلك في عِدة أشكال، لعل أحد أبرزها الانتشار الواسع لمفهوم السيارات الكهربائية، التي ستكون بلا شك السمة السائدة للمُستقبل.
كما أن هذا التحرّك هو أيضاً ما دفع العديد من الدول لحمل عاتق تطوير السيارات الكهربائية لمواكبة التطوّر والحد من التلوّث البيئي التي تُعاني منه.
طالع أولاً : "حلم" التحول إلى السيارات الكهربائية "واقع" بحلول العام 2030!
وقد كانت جمهورية مصر العربية هي أحد الدول التي تبنّت هذه الفكرة بشكل جديّ في الفترة الأخيرة وذلك عن طريق نشر محطّات شحن في العديد من الأماكن في الدولة. كما أنها قد قامت بالتعاون الذي تم بين شركة النصر لتصنيع السيارات بالتعاون مع الشركة الصينية دونج فينج Dongfeng Motor بالعمل لفترة على تصنيع سيّارة مُشتركة باسم E70، والتي كان يتم تصنيعها في الصين، ليتم تصنيعها وبيعها في مصر وهو ما لم يتم بسبب إندلاع بعض المشاكل، حيث علمنا أن سبب الخلافات الرئيسي أن الشركة الصينية قد طلبت في أكثر من مُناسبة تهيئة المصنع بعدد من الأعمال الإنشائية، وتحديث بعض آلات الإنتاج الغير مرتبطة بطراز السيارة للشروع في إنتاجها.
وبالرغم من جهود وزارة قطاع الأعمال في هذا الأمر، ولكن يبدو انها لم ترضي طموح الشركة الصينية خصوصاً أيضاً مع وجود خلافات مُستمرة على تسعير المكونات الخاصة بالسيارة وكذلك تغيير إدارة الشركة الصينية في نفس الفترة، الأمر الذي أدى في نهاية الأمر لإنهاء العقد بين الطرفين، ولكن هل هذه النهاية؟ الإجابة هي لا، إذن ما الجديد؟
اتفاق بين منصور للسيارات وجنرال موتورز
وقد أعلن محمد منصور رئيس مجلس إدارة شركة "المنصور" المصرية للسيارات عن إبرام اتفاق مع شركة "جنرال موتورز" الأمريكية حول دراسة التصنيع المشترك للسيارات الكهربائية في مصر وفي هذا الصدد قال منصور في تصريح له إنه بموجب مُذكّرة جرى توقيعها مع بداية الشهر الحالي، ستقوم الشركتين بدراسة متطلبات الإنتاج وأحجامه والحوافز التي ربما يتم طلبها من الحكومة، دون أن يتم تحديد الشكل الذي قد تتخذه تلك الحوافز وأوضح أنه سيكون "دعما حكوميا من نوع ما لنرى كيف يمكننا العمل معا وسيكون ذلك استثمارا رأسماليا جديدا من جانبنا، وبالطبع نأمل أن تكون مصر مركزا للتصدير إلى إفريقيا".
تعاون الحكومة سيكون مُفيداً ومُحفّزاً للغاية
كما وقد تابع: "سنبدأ بفريق ونأمل في غضون الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة، في أن نخرج بدراسة عملية لتقديمها إلى الحكومة المصرية"، ومن جهته قال ستيف كيفر رئيس "جنرال موتورز" في بيان حول هذا الاتفاق أن "الشراكة مع شركة المنصور بالغة الأهمية لاستراتيجية النمو العالمي لشركة صناعة السيارات الأمريكية"، حيث قالت وزارة قطاع الأعمال العام المصرية الشهر الماضي إن الحكومة مستعدة لدفع دعم بقيمة 50 ألف جنيه مصري (3190 دولارا) لمن يشتري سيارة كهربائية محلية الصنع.
هذا وكما أشرنا في مقال سابق لنا، فإن الحكومة لا زالت تعمل في الوقت الحالي بنفس الوتيرة وتُخطط لبناء شبكة تتكون من 3000 محطة لشحن السيارات الكهربائية في أنحاء القاهرة والإسكندرية خلال العامين المقبلين. حيث أننا وصلنا بالفعل في الوقت الحالي لحوالي 100 محطة شحن قائمة بالفعل في جمهورية مصر العربية، في حين أنه من المُقرر مع نهاية العام الجاري أن نكون قد وصلنا إلى عدد 400 محطة شحن، ومن ثم 3000 مع نهاية العام المقبل وهى تكفي لشحن حوالي 60 الف عربية تقريباً.
الحكومة تتفقد خط سير الأمور، وتدعوا الشركتين لعمل دراسة وافية للخطة الخاصة بهم
وتعقيباً على هذا التعاون الذي ذكرناه بين الشركتين، فقد عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء منذ يومين، اجتماعاً مع "أنكوش أرورا"، الرئيس التنفيذي لمجموعة منصور للسيارات، والمهندس طارق عطا، رئيس شركة جنرال موتورز مصر، ومحمد الغزالي حرب، رئيس إدارة تطوير الأعمال بمجموعة منصور للسيارات وقد حضر الاجتماع مجموعة من الوزراء لمُناقشة مشروع البديل الجديد للشركة الصينية.
وقد سلّط "أنكوش أرورا"، الرئيس التنفيذي لمجموعة منصور للسيارات الضوء على مؤشرات حجم مبيعات المركبات الكهربائية في السوق العالمية، حيث شهد عام 2021 وصول شركة Tesla لبيع ما يقترب من 2 مليون مركبة كهربائية جديدة، وذلك بزيادة تخطت نسبة 168٪ مقارنة بعام 2020، وتضاعف حصة المركبات الكهربائية عالمياً لتصل إلى 14٪ مقارنةً بنسبة 7٪ عام 2020.
ولعل هذا النمو الواضح لفكرة المركبات الكهربائية بشكل عام وإنتشارها في أوروبا بشكل خاص هو نتيجة عدد من العوامل أبرزها الحوافز التي تقدمها الحكومات للمُستخدمين، بجانب فرضها العديد من القوانين التي تُساعد على الحد من الانبعاثات الضارة، والتوسع في بدائل من الطاقة المُتجددة والخضراء. وهذا بالطبع بسبب المشاكل البيئية الأخيرة التي عانا العالم منها بسبب الإفراط في استخدام الطاقة الأُحفورية وهو ما يجعل النمو السنوي يصل إلى نحو 27٪ بحلول عام 2030.
عقب هذا الاجتماع، تفقد الدكتور مصطفى مدبولي نموذج سيارة ركاب صغيرة كهربائية من إنتاج شركة جنرال موتورز، حيث شرح ممثلو شركتي جنرال موتورز ومنصور للسيارات مواصفات وإمكانات السيارة، ومواصفات السيارة الأخرى الأكثر تحديثاً، والتي يعتزمون طرحها في السوق المصرية العام القادم. كما وقد أثنى مدبولي على نموذج السيارة الكهربائية الجديدة، حيث يرى أنها من المُمكن أن يتم طرحها في مصر عبر مجموعة من البرامج والمُبادرات المُختلفة، قد تتضمن حوافز وإعفاءات لمن يشترون السيارات الكهربائية كما هو الحال في أوروبا.
كما وقد ودعا رئيس الوزراء ممثلي الشركتين لإعداد دراسة وافية حول خطتهم لتصنيع السيارة الكهربائية المقترحة في مصر، بما يدعم خطة الدولة في تنفيذ سياسة التنقل الأخضر.
هذا وقد علّقت الوزارة إن شركة النصر للسيارات المملوكة للدولة علّقت خطة لصنع سيارات كهربائية بالشراكة مع شركة صناعة السيارات الصينية "دونغ فينغ"، لكنها تدرس إيجاد شركاء آخرين. والمنصور للسيارات هي وكيل "جنرال موتورز" في مصر منذ عام 1975، وتصنّع سيارات جنرال موتورز منذ عام 1983 من خلال شركتهما المشتركة "جنرال موتورز مصر".. وقال منصور في تصريح لوكالة "رويترز" قبل حفل التوقيع اليوم الأربعاء "يجب أن نكون في الطليعة.. وهذا ما نفعله".
طالع أيضاً : مقابلة عرب هاردوير مع مسؤولي ’كاديلاك‘ وجنرال موتورز ومُستقبل السيارات الكهربائية!
ما الذي ستجلبه صناعة السيارات الكهربائية في مصر؟
وهُنا نأتي لسؤال مُهم للغاية. وهو السبب أو الفائدة الحقيقية التي ستعود على الدولة من عملية تصنيع السيارات الكهربائية. وفي الحقيقة فالإجابة عن هذا السؤال يُمكن تلخيصها في مجموعة من النقاط التي تعود بالنفع على البيئة أولاً وعلى الاقتصاد ثانياً.
فمن ناحية الفائدة البيئية، ستُساهم هذه الخطوات في الوصول إلى مُعدّلات تلوث أقل بفضل التخلي ولو حتى عن جزء من نواتج الوقود البترولي. كما أنها ستُساهم في التقليل من النواتج الحرارية التي تؤثر على البيئة وتُساعد في تفاقم مُشكلة الاحتباس الحراري.
أما من الناحية الاقتصادية، فهذا التحوّل سيُساهم بشكل كبير في توفير فُرص عمل للعديد من العمالة كبداية. كما أنها ستُخفف عن الدولة بضع تكاليف استيراد المواد البترولية، بجانب ما ستجذبه هذه الخطوة من الاستثمارات الأجنبية لتوطين هذه الصناعة محليًا.
?xml>