إنه العام 2035، أنت جالس في غرفتك الفارغة مرتدياً الجيل الثاني عشر من نظارة أبل للواقع المختلط التي تُظهر لك خمس شاشات تراها أنت فقط، لا تتذكر آخر مرة خرجت فيها إلى نور الشمس، فحتى وظيفتك تقوم بها من المنزل مباشرةَ وتحضر الاجتماعات في الميتافيرس، جميع تطبيقات الدردشة تضم بوتات مبنية على الذكاء الاصطناعي، وتحاول أن تقنعك بالتحدث إليها بدلاً من أصدقائك، وفجأة تتسائل.. متى أصبحت حياتك منعزلة إلى هذا الحد، كيف وصلت بنا وسائل التواصل الاجتماعي إلى هذه العزلة الاجتماعية، على الرغم من أن هدفها الأصلي كان تسهيل التواصل وتقريب المسافات؟!

في الحقيقة، يبدو أن الشركات ضلّت هدفها الرئيسي، أو أصبحت ببساطة لا تهتم بلعب دور السوبر هيرو، وبدأت تُركز على تقديم تقنيات تُحوّلنا إلى كائنات منعزلة، مثل الميتافيرس وبوتات الدردشة. إذا كنت تعتقد أنني أبالغ في تخيلاتي أو شاهدت حلقات عديدة من «بلاك ميرور» قبل كتابة هذا المقال، فأسمح لي أن آخذك في جولة سريعة أسرد فيها بعض العوامل التي تجعلني أشعر بثقة كبيرة تجاه تخيلاتي السوداوية.

العامل الأول: وسائل التواصل الاجتماعي

قاعدة بيانات شبكية تحتوي على عدد كبير من السجلات لأفراد مختلفين، يرتبط أولئك الأفراد ببعضهم البعض في قاعدة البيانات تلك من خلال علاقات محددة.

كان هذا الوصف الأول لشبكات التواصل الاجتماعي الذي دُوّن ضمن براءة الاختراع التي سجلها الأب الروحي لمواقع التواصل الاجتماعي «أندرو وينريتش» -وليس مارك زوكربيرج-، وهو مؤسس موقع «Six Degrees» الذي يُعتبر النموذج الأول لمواقع التواصل الاجتماعي، كان هذا في عام 1997. وكما يظهر بالوصف، فإن تعريف وينريتش لمواقع التواصل الاجتماعي يتمثل في ربط أفراد ببعضهم البعض في علاقات محددة، المثير للاهتمام هنا أن أولئك الأفراد يلتقون للمرة الأولى على تلك الشبكات، ما يعني أنه سيكون من الغريب في نظر مخترع التواصل الاجتماعي أن تتحدث مع صديقك الذي تقابله في الجامعة عبر تلك الشبكات، وبالتالي فإن مفهومه كان أقرب إلى تطبيقات المواعدة، أو تسخير لتلك الوسائل للتعرف على أصدقاء جديدة.

انتشرت الفكرة تدريجياً في السنين اللاحقة وظهرت مواقع شبيهة لم تسمع عنها من قبل ولكن ساهمت في تشكيل مواقع التواصل الاجتماعي التي نستخدمها اليوم، مثل «Open Diary» الذي كان النموذج الأول لكتابة الخواطر والتعليقات ومشاركتها مع الأفراد والذي بالمناسبة مازال يعمل حتى اليوم. وفي عام 2002، انطلق موقع «Friendster» الذي كان تمهيداً لظهور مواقع أخرى أكثر شهرة مثل «MySpace» ولاحقاً فيسبوك. والذي استطاع حصد 3 ملايين مستخدم بنهاية عام 2003؛ ليصبح بذلك منصة التواصل الاجتماعي الأولى التي تنتشر بهذا الشكل.

مجتمع عبر الإنترنت يربط الأشخاص من خلال شبكات الأصدقاء للتعارف أو تكوين صداقات جديدة

- وصف موقع فريندستر

طل علينا بعد ذلك مارك زوكربيرج، بموقعه الشهير فيسبوك، كان بدايته عندما أراد مارك في سنته الثانية في جامعة هارفارد تطوير موقع لتقييم فتيات هارفارد وفقاً لجمالهم، وهو ما كان منتشراً في هذه الفترة عندما ظهر موقع المواعدة الأول (HotorNot)، والذي يُعتبر نقطة هامة أخرى في تشكيل مواقع التواصل الاجتماعي. كان فيسبوك وقتها يٌسمى «FaceMash»، ثم اكتشف مارك أن هناك شئ أهم من الفتيات، فحوّل موقعه إلى ما يشبه دليل للطلاب يضم وجوههم ومعلومات عنهم، وهو سبب تسميته بفيسبوك أو «كتاب الوجوه».

منصات التواصل الاجتماعي تُدمر التواصل الاجتماعي!

من وسيلة ثانوية للتعرف على أشخاص جديدة خارج علاقاتك إلى الوسيلة الوحيدة تقريباً التي نعتمد عليها للتواصل مع أصدقائنا المقيمين معنا في نفس المدينة، لم يكن الغرض من هذه المنصات أن نستخدمها بهذا الشكل، خصوصاً إذا راجعنا تعريف وينريتش الذي تحدثنا عنه في بداية الفقرة السابقة. ما ساعد على وصولنا إلى هذه المرحلة من إدمان تجربة التواصل الاجتماعي الرقمية هو انتشار الهواتف الذكية. 

ومن هذه النقطة وحتى اليوم، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من أساسيات الحياة. أصبح من الغريب أن تجد شخصاً لا يملك حساباً على فيسبوك أو انستغرام.

ساعدت منصات التواصل الاجتماعي بجانب الهواتف الذكية إلى زيادة العزلة الاجتماعية بشكل لم نره من قبل، على الرغم من أن الهدف من ظهورها كان العكس تماماً.

- عرب هاردوير

السوشيال ميديا تتحول إلى مضخات دوبامين

بجانب حقيقة أننا نعتمد على السوشيال ميديا للوصول إلى أصدقائنا رقمياً، ضلت تلك المنصات الهدف الأساسي من وجودها، فبدلاً من أن يظهر لك خواطر أصدقائك والجديد في حيواتهم، انتشرت صناعة المحتوى، خصوصاً بعد تفشي تيك توك، أصبحت حساباتنا على فيسبوك أو انستغرام عبارةً عن شلالات من الفيديوهات الغير منتهية، ما أدى إلى محق تجربة التواصل الاجتماعية البديلة كذلك.

ولا أقصد هنا أن صناعة المحتوى آفة، فمن الممتع بالتأكيد أن تشاهد المقاطع التي تهتم بها أو تقرأ منشور يزيد من معرفتك أو حتى تجد ميم مضحك، وإذا تخيلنا أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم خالية من الترفيه، فستكون تجربة مملة لأبعد حد. ولكن المشكلة تتمثل في سعي الشركات بشكل رئيسي إلى التمركز حول صناعة المحتوى، وتعديل خوارزمياتها لتروج لنا المقاطع القصيرة.

أدى ذلك إلى تحويل تلك المنصات إلى أدوات تضح الدوبامين في عقولنا، وهو ناقل عصبي مسؤول عن الشعور بالسعادة وتحسين المزاج، ففي كل مرة تشاهد فيها مقطعاً على تيك توك يثير اهتمامك، يبدأ عقلك في إفراز هذا الناقل العصبي، ومع تطوير خوارزميات تقوم باقتراح عدد لا نهائي من المقاطع التي تثير اهتمامك، يتم تحفيز الدوبامين كل 15 ثانية إلى دقيقة -وفقاً لمقال نُشر على مجلة فوربس-، نتيجة ذلك أن مصطلح «إدمان السوشيال ميديا» أصبح حقيقة، وبدلاً من استخدام التواصل الاجتماعي للـ "تواصل الاجتماعي"، أصبحنا نستخدمها لتصفح عشرات الفيديوهات يومياً.

قبل التيك توك، كنت تكتب منشوراً وتحصل على إعجابات أو تعليقات، وهو ما اعتُبِر نِظامًا للمكافئات .. كل ذلك كان يحفز الدوبامين لديك.

- عرب هاردوير

أصدقائك سيصبحون من صُنع الذكاء الاصطناعي

وهي الخطوة القادمة التي تتجه إليها منصات التواصل الاجتماعي، والتي بدأتها شركة سناب عندما أعلنت عن إضافة الذكاء الاصطناعي في سناب شات عبر بوت دردشة يُمكنك التحدث معه تماماً مثل أصدقائك، وعلى الرغم من أن مستخدمي التطبيق كرهوا تلك الإضافة، إلا أن الشركة مازلت متمسكة بها، تبعها بعد ذلك انستغرام، والتسريب الذي أكد عمل ميتا على خاصية مشابهة، وفي الحقيقة وحسب تصريحات مارك زوكربيرغ نفسه، فإن جميع منتجات ميتا ستدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي في المستقبل، ما يعني أننا سنجد بوت دردشة في واتساب وماسنجر.

لا يوجد مانع من وجود بوتات دردشة، ولكن ما الهدف من إضافتها في تطبيقات الدردشة في حين يُمكن الوصول إليها من أدوات منفصلة مثل ChatGPT و Bard، أو حتى من محركات البحث التي بدأت تتبنى تلك الموضة كذلك؟ لا أعتقد أننا نريد التحدث إلى أنظمة ذكاء اصطناعي تحاول أن تقنعنها بأنهم أشخاص حقيقيون يستخدمون تطبيقات الدردشة مثلنا، الأمر الذي سيجعل تجربة التواصل الإجتماعي أكثر عُزلةً من أو وقت مضى، وإذا كنت تعتقد أنني أبالغ في تخيلاتي السوداوية، فدعني أعرض لك تصريح المدير التنفيذي لشركة سناب شات عن رأيه في اضافة بوت دردشة داخل تطبيقاته ونظرته لهذا الأمر:

الفكرة الكبيرة هنا أنه بجانب التحدث إلى أصدقائنا وعائلتنا كل يوم، سنتحدث كذلك إلى الذكاء الاصطناعي كل يوم.

- ايفان شبيجل، المدير التنفيذي لشركة سناب

العامل الثاني: الميتافيرس

في عام 2014 استحوذت فيسبوك على شركة «Oculus» المتخصصة في تكنولوجيا الواقع الافتراضي مقابل 2 مليار دولار، وكانت تلك الخطوة الأولى التي اتخذتها الشركة الرائدة في وسائل التواصل الاجتماعي للعمل على ما يُسمى «الميتافيرس» وهو ببساطة ارتداء نظارة ضخمة تنقلك إلى عالم افتراضي يفتح لك مستويات من العزلة لن تتوقع أن تصل إليها!

وفي أواخر عام 2020، أعلن مارك زوكربيرغ عن تغيير اسم شركته من فيسبوك إلى «ميتا»؛ ليؤكد أن شركته تٌركز بشكل رئيسي على الميتافيرس، وليس موقع فيسبوك كما يظن الأغلبية، ومنذ تغيير اسم الشركة وحتى اليوم، يبذل زوكربيرغ قصارى جهده ليقنعنا بأن هذا هو المستقبل، الذي لم يطلبه أحد.

استعرض مارك في الشهور الأخيرة ما يبدو عليه الميتافيرس الذي يروج إليه، وهو ببساطة عالم افتراضي يُحاكي الواقع، تقوم فيه بصناعة شخصيتك الكارتونية الخاصة، وتتجول في هذا العالم مع أصدقائك، الهدف الرئيسي هنا هو تقريب المسافات، فيمكنك أن تظل في الغرفة متأكاً على الأريكة، بينما تقابل أصدقائك وتحضران حفلة لكايروكي في العالم الافتراضي، يُمكن كذلك الاستفادة من هذه التقنية للسياحة، كما رأينا في صورة زوكربيرغ الشهيرة عندما زار فرنسا وأسبانيا في نفس الوقت.

نعم.. أعرف أن مستوى الرسومات بشع، ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم.

لماذا نحاكي حياتنا التي نملكها بالفعل؟

ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية كان مبرراً، من المهم أن نتمكن من التواصل مع أصدقائنا وعائلاتنا في لحظات، ولكن ما المنطق وراء ارتداء نظارة تحاكي حياتك في العالم الافتراضي؟ خصوصاً عند تطوير الشركة لتقنيات تحاكي اللمس والإمساك بالأشياء في العالم الافتراضي، من الناحية التقنية فنحن نتحدث عن إعجاز بكل المقاييس، ولكن من الناحية العملية، لا أجد الدافع المُقنع لتبني هذا العالم. فبلا شك سيكون من الممتع (والأكثر صحية) أن نقابل أصدقائنا في الحقيقة ونتسكع معهم في الشوارع والطُرق.

بالتالي وجود الميتافيرس لن يكون مفيداً سوى في حال كان أصدقائك يبعدون عنك بآلاف الكيلومترات، ففي هذه الحالة من المستبعد أن تتمكن من مقابلتهم وسيكون من الممتع على الأقل التسكع معهم بشكل افتراضي، وبالتالي سيكون استخدام تلك المنتجات ثانوياً جداً، وهو عكس ما يرغب به مارك زوكربيرغ الذي يؤمن تماماً بأن هذه هي الثورة التقنية القادمة التي ستكون بنفس تأثير الهواتف الذكية!

كان الحلم أن نشعر بأننا حاضرون مع الأشخاص الذين نهتم بهم. أليس هذا ما تعد به التكنولوجيا؟ أن تكون مع أي شخص، أن تكون قادرا على النقل الفوري (التيليبورت) في أي مكان، وإنشاء أو تجربة أي شيء؟

- مارك زوكربيرغ عن رأيه في الميتافيرس

الجيل الجديد من السوشيال ميديا الأكثر وحدة

لا يمكنني التفكير في الميتافيرس سوى بشكل سلبي وكئيب، فحصولك على نظارة واقع افتراضي تُجبرك على البقاء ساكناً في مكانك، فلماذا قد أرغب في البقاء وحيداً في غرفتك لتتحدث مع صديقك بشخصيته الكارتونية وتمارس الأنشطة المختلفة بشكل افتراضي؟ ونظراً لأن وسائل التواصل الاجتماعي الحالية جرّدتنا بشكل كبير من الحياة الاجتماعية، فإن الميتافيرس -في حال نجح زوكربيرغ في فرضها علينا- سيكون تأثيرها السلبي أعلى الضعف، حيث سنبقى جميعنا في منازلنا نرتدي نظاراتنا ونبدو أشبه بالروبوتات.

سيكون العالم أشبه بما كان عليه خلال وباء كورونا، الشوارع فارغة وجميعنا في منازلنا، ولكن هذه المرة بكامل إرادتنا.

- عرب هاردوير

لحسن الحظ.. لا أحد يهتم

على الرغم من تكريس زوكربيرغ شركته لتطوير الميتافيرس، ومنشوراته المتعددة التي يتحدث فيها عن مدى روعة الميتافيرس وكيف يعتقد أنه سيغير حياتنا للأفضل، فشل مؤسس فيسبوك في بيع منتجه -حتى الآن- وذلك لعدة أسباب، يمكن تلخيصها في مستوى الرسومات المتدني، ارتفاع سعر النظارات المخصصة لذلك، وحقيقة أن المستخدمين غير مستعدين لارتداء تلك المنتجات الضخمة على رؤوسهم، وحتى الآن ل يقدم زوكربيرغ أسباب مغرية تجعل تجربة الميتافيرس واعدة.

وما يؤكد احتضار الميتافيرس هو التقارير المالية التي أظهرت أن قسم الميتافيرس في ميتا خسر 4.3 مليار دولار في الربع الرابع، كما بدأ بتراجع عدد من الشركات التي كانت تستثمر في الميتافيرس، مثل ديزني. بجانب انهيار قيمة «العقارات الافتراضية» لتصل إلى 10% فقط من قيمتها الأصلية. جدير بالذكر أن الاتحاد الاوروبي أنفق ما يقارب 400 ألف دولار لإقامة حفلة افتراضية في الميتافيرس، وتفاجئ بحضور 6 أشخاص فقط.

على الرغم من فشل الميتافيرس، إلا أنها مجرد البداية.. ومن المحتمل أن تنجح في المستقبل خصوصاً عند الأخذ في الاعتبار أن مارك قد راهن بكل ما يملك على نجاح فكرته المجنونة، وفي حال نجحت بالفعل.. فإن مستقبلك المتمثل في البقاء وحيداً في غرفتك سيصبح أكثر واقعية.

- عرب هاردوير

العامل الثالث: نظارة Apple Vision Pro

أعلنت أبل في حدث WWDC23 عن منتجها الأول الموجّه إلى الواقع المختلط، وهي نظارة «Vision Pro» باهظة الثمن، والتي ترتديها للدمج بين الحياة الافتراضية والواقعية، فيمكنك أن تضع شاشة ضخمة على حائط غرفتك داخلها، أو إضافة ثلاث شاشات على مكتبك الفارغ. يختلف ذلك عن الميتافيرس في أنه "تحسين الواقع" وليس محاولة لاستبداله، ومع ذلك فقد يكون تأثير نظارة أبل أكثر عُزلة حتى من تقنية زوكربيرغ المجنونة!  

تلك الشاشات تظهر لك فقط

يُمكن لنظارة أبل أن تكون بديلاً ممتازاً للحصول على العدد الذي ترغب بها من الشاشات وبالحجم الذي تريده، وهو ما كانت تستخدمه التفاحة الامريكية للترويج لنظارتها، ولكنها نست شيئاً مهماً، هذه الشاشات لن يتمكن أحد من رؤيتها سواك. ما يجعل منتج أبل مخصصاً لأولئك الذي يعيشون وحدهم تماماً، بدون عائلة، أما في حال كنت غير وحيداً فإن استخدام نظارة أبل يجعلها أشبه بالصديق الخيالي الذي لا يراه أحد غيرك.

في حال كنت تملك حياة اجتماعية.. لا تخلع النظارة!

وهي نقطة أخرى هامة اوضحتها أبل، حيث تريد أن تبقى نظارة Vision Pro ملتصقة بوجوهنا لأكبر فترة ممكنة، وهو من الأسباب التي جعلتها تهتم باضافة 12 كاميرا داخلها، فإذا شاهدت الإعلانات الرسمية للنظارة، ستجد بعض المشاهد التي تقوم فيها مرتدية النظارة بالتجول داخل المنزل والقيام بأنشطة متعددة دون الحاجة لخلعها، مثل فتح الثلاجة وإحضار مشروب. 

كذلك أضافت أبل شاشة خارجية في نظارتها، لكي تتمكن من عرض ملامح وجهك للآخرين، وهو ما استعرضته أبل أيضاً في اعلانها الترويجي، حيث تجلس أحدى مستخدمي نظارة أبل على الأريكة، وتتبادل أطراف الحديث مع صديقتها التي تحاول جاهدة أن لا تسخر من شكلها الغريب بنظارة أبل.


تتخيل أبل أننا لن نخلع نظارة أبل لأي سبب، ما جعلنا نشك أن هذه كذبة إبريل (في يونيو) أو حلقة مريبة جداً من مسلسل بلاك ميرور.

- عرب هاردوير

مستويات جديدة من الإدمان الرقمي

أغلبنا يعاني من إدمان الهواتف الذكية، فذلك الجهاز الصغير الذي لا يتجاوز الستة إنشات أصبح جزءاً أساسياً من حياتنا، فماذا لو تحول هذا الجهاز إلى نظارة ضخمة تضعها على رأسك مع استخدام عينيك لتصفح نوافذها، يجعل ذلك الوصول لمقاطع تيك توك ووسائل التواصل الاجتماعي في نفس سهولة التنفس. ما يعني أنه إذا كنت تواجه صعوبة في التخلص من إدمان هاتفك الذكي، فإن هذا سيتضاعف عند اقتنائك لنظارة Apple Vision Pro، ما يعني المزيد من العزلة الإجتماعية، وتجنب لأي نوع من التواصل.

زوكربيرغ نفسه يعتقد أن نظارة أبل تعزل مستخدميها

جميع العروض التي قدمتها أبل لنظارتها يظهر فيها شخص يجلس على الأريكة بمفرده

- مارك زوكربيرغ

 زوكربيرغ بنفسه الذي يحاول أن يقنعك بالتواصل مع أصدقائك عبر نظارات ضخمة يعتقد أن نظارة أبل لا تقدم تجربة التواصل التي يسعى إليها، وعلى الرغم من سخرية هذه الفقرة، إلا أن مخترع فيسبوك قد يبدو محقاً بعض الشئ، فعلاً لم تفكر أبل في طرق لاستخدام نظارتها السحرية سوى في حالة كنت وحيداً، حتى عندما أرادت أن تدخل العنصر العائلي في دعايتها، أظهرت أب يُصوّر أبناؤه باستخدام النظارة، ثم يجلس في آخر اليوم وحيداً على الأريكة يتصفح في تلك الصور.. وهو بالطبع سيناريو غير منطقي، وغير عملي يغلبه الحُزن والوحدة.

ومع ذلك، لم ينكر زوكربيرغ أن نظارة أبل قد تكون مستقبل الحوسبة؛ ولكن أوضح أن ما يحاول تقديمه يختلف بشكل كبير، حيث يسعى مخترع فيسبوك إلى تقديم أساليب جديدة «للتفاعل» وهو ما تتجاهله أبل حالياً.

الخلاصة: استمتع بحياتك الاجتماعية قبل أن تُسلب منك

المستقبل التقني الذي ينتظرنا ملئ بالعزلة بلا شك، هذا ما أثبته التاريخ إذا قارنا شكل الحياة قبل وبعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، تتبع جميع الشركات الآن موضة الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي الذي يُحاكي كلا منهما العقل البشري والواقع على الترتيب. ومهما حاولت أن تقاوم تلك التوجهات وتحافظ على أسلوب حياتك الحالي. فستكون مجبرأً على الانغماس في هذا المستقبل عاجلاً أم أجلاً، أو على الأقل ستفقد عدد من أصدقائك الذين يتبعون الموضة. للأسف فإن مسلسل بلاك ميرور كان حقيقياً أكثر من اللازم. ولهذا ننصحك بأن تحاول الاستمتاع بحياتك الاجتماعية الحالية قدر الإمكان، حيث تتفاعل مع أشخاص حقيقيين في أماكن حقيقية، بدون نظارات أو ذكاء اصطناعي متغلغل في جميع تفاصيل حياتك.